المبتكر الشاب مازن الأغبري: الجهاز يحاكي البشـــري ويتفوق علــى نظيره الأوروبي

حاوره: مارش الحسام / لا ميديا -
لم يستطع العدوان والحصار الكوني على اليمن أن يقف عائقاً أمام طموحات وأحلام وتطلعات المبدعين والعقول الابتكارية اليمنية، بل كانت المعاناة الناتجة عنهما حافزاً ودافعاً لليمنيين لتفجير طاقتهم الإبداعية بابتكارات تلامس احتياجات الواقع.
من بين هؤلاء المخترع الشاب مازن الأغبري الذي استطاع رغم كل الظروف الصعبة أن يبتكر حلولا لمرضى السكري الذين تضاعفت معاناتهم بسبب العدوان والحصار.

جهود الأغبري توجت باختراع بنكرياس صناعي يحاكي البنكرياس البشري ومزود بجهاز لفحص نسبة السكر في الدم دون اللجوء إلى الوخز، كما تم تزويد الجهاز بمضخة طبية متعددة الاستخدامات.
صحيفة «لا» التقت المبدع الشاب صاحب هذا الاختراع الفريد، وأجرت معه حوارا تحدث فيه عن ابتكاره.. كيف بدأت الفكرة وكيف تحولت إلى أرض الواقع، وأهمية هذا الابتكار وطريقة استخدامه.

 بداية حبذا لو تعرف القراء بنفسك؟
- مازن عبدالله عبدالملك الأغبري، حاصل على شهادة بكالوريوس في مجال هندسة الأجهزة الطبية من الجامعة اللبنانية.
 هلا تعطينا نبذة مختصرة عن اختراعك؟
- هو جهاز غير جراحي يحاكي البنكرياس البشري عن طريق قياس وتنظيم ومراقبة مستويات الجلوكوز في الدم بشكل مستمر، وإلى جانب كونه بنكرياساً صناعياً فهو مزود بجهاز فحص السكر ومضخة طبية.

يتفوق على نظيره الأوروبي
 كيف جاءت الفكرة؟
 في البداية كنت بصدد تنفيذ مشروع تخرج، وكان عبارة عن مضخة إنسولين، وهذه المضخة كانت بدائية، إذ يتم برمجتها بشكل يدوي وإدخال أرقام حسابات وما إلى ذلك، وتحتاج إلى أخصائي لبرمجتها، إضافة إلى طبيب أخصائي في مرض السكري.
ثم تطورت الفكرة والدراسة والبحث إلى ما وصلنا إليه في تصنيع جهاز بنكرياس مكتمل لا يحتاج إلى تدخل طبي، مثل الجهاز المصنع من قبل شركة «MIDTRONIC» وغيرها من الشركات الأوروبية التي تقوم بتصنيع جهاز يحتاج إلى تدخل طبي لعمل غرسة تحت الجلد، وتحتاج هذه الغرسة إلى تدخل جراحي واستبدالها خلال فترات متفاوتة حسب الاستخدام، ناهيك عن ارتفاع تكلفة الجهاز وتوابعه من الغرسة والمضخة والمجسات.. الخ.

ثلاثة في واحد والعكس
 فكرة بسيطة عن طريقة عمل هذا الجهاز؟
- بالنسبة للبنكرياس الصناعي فهو جهاز يجمع بين شاشة الجلوكوز الإلكترونية التي تعمل باللمس، ومضخة تصريف لتحرير الإنسولين، ويقوم الجهاز بضخ كميات دقيقة من الإنسولين حسب الحاجة مع مراقبة الجلوكوز بشكل مستمر، كما أنه يقوم بتعليق وتحرير الإنسولين بشكل تلقائي عند انخفاض مستويات الجلوكوز في الدم إلى المستويات المطلوبة.
أما بالنسبة لجهاز فحص السكر فهو جهاز يستخدم لقياس نسبة السكر في الدم عن طريق سطح الجلد بواسطة مجس.
وأما بالنسبة للمضخة الطبية فهي ليست متخصصة فقط لجهاز البنكرياس الصناعي أو لمرضى السكر، بل يمكن استخدامها في جميع الاستخدامات الطبية والكيمائية على حد سواء، كما يمكن أن تستخدم في غرف الإنعاش والعمليات وغيرها.
وتستخدم لحقن وشفط السوائل والمحاليل من وإلى الجسم، وكذلك شفط العلاج إلى الجسم بقيم مختلفة حسب الطلب (مايكرو لتر، نانو لتر.. الخ) بالكميات التي يحتاجها المريض أو الطبيب وبحسب الرغبة.
 هل هو جهاز واحد أم 3 أجهزة منفصلة؟
- يمكن القول إنه جهاز واحد يؤدي 3 وظائف مختلفة، وفي الوقت نفسه يمكن اعتباره 3 أجهزة منفصلة، وكل جهاز يختلف عن الآخر، وكل ذلك حسب الاستخدام.
فإذا تم استخدامه كجهاز بنكرياس اصطناعي فسيكون جهازاً واحداً، ويتكون من 3 أجهزة وليست منفصلة، وما دون ذلك يمكن اعتباره 3 أجهزة منفصلة، وبالاستطاعة أيضاً تصنيع كل جهاز على حدة، مثلا جهاز فحص سكر فقط أو مضخة طبية فقط.

وقاية من الجلطات
 أي أن الجهاز متعدد الاستخدامات، ولكن ما الفائدة التي سيعود بها على مرضى السكري على وجه الخصوص؟
- فائدة الجهاز أنه يمثل وقاية لمرضى السكري من مضاعفات المرض، وقاية من زيادة المعدل التراكمي وارتفاع الكوليسترول الذي يؤدي إلى ضيق وانسداد الشرايين، وبالتالي سيبعدهم عن خطر التعرض للجلطات، وسيخلصهم من الأعراض الأخرى كتضرر الجلد نتيجة الوخز بحقن الإنسولين.
 الجهاز يقوم بفحص السكر دون الوخز أو دون حصول قطرة دم.. ما نوع التقنية التى يستخدمها هذا الجهاز؟
-  فكرة الجهاز مختلفة عن بقية الأجهزة الأخرى الخاصة بفحص السكر، حيث يتم الكشف عن السكر باستخدام أشعة قريبة من الأشعة تحت الحمراء التي تصدر مجسات توضع على إصبع المريض، تقوم بالكشف عن السكر عن طريق سطح الجلد.

سعر تنافسي
 ما الذي يميز البنكرياس الصناعي خاصتك عن الأنواع الأخرى؟
- جهاز البنكرياس أو الإنسولين الصناعي غير متوفر في الأسواق اليمنية، ويتم طلبه من شركات طبية خارجية، وبمبلغ خيالي لا يقل عن 8000 دولار، الأمر الذي لا يستطيع معه الكثير من المرضى شراءه، أما جهاز البنكرياس الذي قمت بابتكاره فسيكون بسعر رمزي جداً، ومن مميزاته أنه ليس بحاجة إلى تدخل جراحي كما هو الحال مع أجهزة البنكرياس المصنعة في أوروبا، كما تحدثت عن ذلك في إجابة سابقة.
أما بالنسبة لمضخة التصريف الطبية فهي متوفرة في الأسواق ويصل سعرها إلى 30 ألف دولار، وهو مبلغ خيالي، مقارنة بالمضخة الخاصة التي ابتكرتها في هذا المشروع، حيث إن سعرها لن يتجاوز الـ1000 دولار، وتؤدي الغرض نفسه.

صعوبات مادية
 هل واجهت صعوبات في تنفيذ هذه الفكرة أو المشروع؟
- نعم واجهت بعضاً منها، وهي تتوزع إلى صعوبات مادية وأخرى تتمثل في الحصول على القطع الإلكترونية.
فعلى سبيل المثال عندما أردت شراء مجسات وبعض القطع من أمريكا احتاج الأمر مني وقتا طويلا وإجراء وإكمال بعض الأوراق التي أعطوها لنا وإثباتات على أننا سنستخدم هذه القطع من أجل تنفيذ مشروع تخرج، كما واجهنا صعوبات مادية خصوصا في ظل الأوضاع الراهنة التي تمر بها بلادنا، ولولا تعاون المهندس حمزة مانع ربما لم يكن سيخرج هذا المشروع إلى النور، 
ومع ذلك فإن هذا المشروع مايزال قابلا للتطوير.

فحص السكر «واي فاي»
 ما هي الإضافات الأخرى التي تنوى بها تطوير مشروعك؟
- في الحقيقة أنا طموح، أريد أن أخدم وطني خصوصا في ظل الأوضاع الراهنة، وأريد أن أطور المشروع بعدد من الإضافات، مثلا أن تكون مجسات فحص السكر تعمل لاسلكياً (واي فاي)، وأن أجعل جهاز البنكرياس حقيقياً يشبه البنكرياس الطبيعي في الكائن البشري لتلبية حاجيات مرضى السكر، وبما يجنبهم المضاعفات الأخرى، وذلك من خلال إضافة مضخة لضخ هرمون جلوكاجون لعلاج نقص السكر الحاد، كما نهدف لرفع كفاءة البرمجة الذكية للجهاز ليعمل كطبيب أخصائي لمرضى السكري.

نفتقر إلى الدعم والرعاية
 كيف تصف واقع المخترعين في اليمن؟
-  المخترعون اليمنيون كثيرون، لكنهم يحتاجون إلى دعم ورعاية واهتمام خاص بهم، ليتمكنوا من إخراج طاقتهم وإبداعاتهم، ويجب أن يتم استثمارهم بشكل صحيح لينتجوا لهذا البلد، لأن الاختراع يأتي عبر سلسلة من التجارب، أي أن المبتكر بحاجة إلى ميزانية ضخمة، ولكن للأسف الكثير من المخترعين والمبتكرين غير قادرين على ترجمة اختراعاتهم وابتكاراتهم عملياً على أرض الواقع بسبب ظروفهم المادية العسيرة.

أنتظر «المبتكر اليمني»
  ماذا عنك هل لاقت ابتكاراتك اهتماما حكوميا؟
- هذا سؤال سابق لأوانه، لأن اختراعي مايزال مولوداً حديث العهد، وهذا ما سأعرفه من خلال المشاركة في مسابقة المبتكر اليمني التي أنتظرها بفارغ الصبر.

  كلمة أخيرة..؟
- أشكر صحيفة «لا» على اهتمامها بالمبدعين اليمنيين، كما أشكر كل من ساعدني في إخراج هذا المشروع إلى أرض الواقع، وبالأخص الدكتور رضي هزيمة والمهندس حمزة مانع وحسين عبدالله، كما أشكر كل الزملاء في الجامعة لتعاونهم معي، فقد مثلوا جزءاً مهماً في إنجاح هذا المشروع الذي يعتبر نجاحاً لكل الزملاء الذين كنت بالنسبة لهم كقائد للفريق.