بشرى الغيلي / لا ميديا -

فوجئ أولياء أمور الطلاب الملتحقين بالتعليم الخاص بقرار دفع رسوم الأشهر التي توقفت الدراسة فيها بسبب جائحة كورونا، وتأثر الطلاب من عدم اكتمال المنهج رغم ارتباطه بالعام الذي يليه، مما سبب امتعاضهم من ذلك القرار، بل إن بعض المدارس طالبت بدفع رسوم الباصات التي لم تنقل الطلاب أساساً، فناقشت «لا» ذلك مع المختصين وخلفية القرار الذي تم تعميمه وما هي مسوغاته؟! الكثير من التفاصيل ضمن السياق الذي وضع النقاط على الحروف.. 

مستقبل عيالك في أيدينا
أبو عبدالواحد (ولي أمر) يقول: «يريدون أن ندفع لهم رسوم الشهرين اللذين لم يدرسوا فيهما مع أجور الباص»، مضيفاً أن المدير المالي هدده قائلاً: «إذا لم تدفع فإن مستقبل عيالك في أيدينا»... ويواصل: «حاولت التواصل مع المديرة لأستفسر منها، ولكنها للأسف مغلقة جوالها، ولا يوجد من يبرر لنا لماذا ندفع رسوم منهج لم يكتمل؟».
وتباينت آراء بعض أولياء الأمور حول ذلك، فأم عبدالواسع (ربة بيت) تقول: «فعلا لا يستحقون كامل المبلغ لأنهم لم يكملوا المنهج، وهناك عقد بين المدرسة وولي الأمر، وتعتبر المدرسة لم تفِ بما جاء في العقد، وهو إكمال المنهج، والمفروض أن يتم إعطاء الطلاب باقي المنهج في بداية العام القادم، هذا أقل شيء يقومون به».
أم عمرو بلال الحبيشي (ربة بيت) تقول: «نظرا للوضع الذي تمر به بلادنا لا بد أن نكون يدا واحدة كإدارة مدرسية وأولياء أمور ومعلمين، فكما أن الإدارات المدرسية تطالب بدفع الرسوم كاملة لا بد أن تتحمل مسؤولياتها ابتداء بدفع رواتب المعلمين كاملة كما تم الاتفاق عليها في العقود الموقعة بينهم، وإكمال المناهج الدراسية، ومن حقها بعد ذلك المطالبة بدفع الرسوم كاملة، بذلك نكون قد أدينا ما علينا من حقوق وواجبات، ولن تجد اعتراضاً من أحد».

هذا ظلم
أم علي (ربة بيت) تقول: «المناهج لم يتم الانتهاء منها رغم أن مقررات التجويد والنحو والرياضيات والإنجليزي والعلوم مرتبطة مع السنة التالية، ولماذا ندفع رسوماً كاملة والمناهج لم تكتمل؟، نقص شهران على نهاية السنة، هذا ظلم».
محمد هادي (ولي أمر ومدرس) يقول: «بناء على قرارات وزارة التربية التعليم بشأن كورونا تم صرف مرتبات المعلمين إلى آخر شهر دراسي»، ويضيف: «من وجهة نظري أن هذه الرواتب تتحملها المدرسة وأولياء الأمور، وبالنسبة لأجرة المواصلات للأشهر التي حدث فيها التوقف عن التعليم فينبغي إرجاعها إلى أولياء الأمور».

لا ألوم المدارس لأن عليها التزامات
مثلما هناك أولياء أمور متضررون من هذه القرارات، هناك الطرف الآخر من يؤيدونها كأم يوسف (ربة بيت) التي تقول: «كلا الطرفين محقان. وأنا لا ألوم مدراء المدارس بالتهديد لأن عليهم التزامات من رواتب وإيجارات لا يمكن تغطيتها بسهولة في وضعنا الراهن، لأن الطاقم الإداري والمدرسين هم أيضا في وضع لا يحسدون عليه»،وتستدرك: «كولية أمر أزعل على عدم إكمال المنهج الذي هو مرتبط بشكل أو بآخر بمنهج العام الدراسي القادم. وأتمنى ألا يخيب ظني أن الوزارة ومدراء المدارس يحلون المشكلة». 
أم سعيد هي الأخرى لا تبتعد برأيها عن الرأي السابق، حيث تقول: «ولو ما خلصوا المنهج لازم دفع الرسوم كون المدارس عليها التزامات والطلاب الأغلب ناجحين».

غير مقبول
بينما يرى عبدالله الزبيدي (ولي أمر) أن هذا أمر غير مقبول نهائيا من أية مدرسة، معتبراً أنه من الظلم أن يسدد الأهالي الرسوم، راجياً من الصحيفة نقل الموضوع لوزارة التربية والتعليم لكي يقوموا باتخاذ الإجراءات اللازمة وضبطهم، حسب قوله.

رسوم الباص سرقة
وتقدم سمية (ربة بيت وولية أمر) مقترحاً بأن يتحمل الجميع المسؤولية، حيث تقول: «أنا برأيي أن المدارس تعمل تخفيضاً أقل شيء 20% للطلاب من الرسوم الأساسية، من ناحية أخرى أولياء أمور الطلاب هم أيضا تضرروا من الجائحة، والمدرسة كذلك عليها التزامات للمدرسين والعاملين، والمنهج المتبقي أكثر من النصف أو الثلثين، يعني على أي أساس أدفع؟ أما رسوم الباص فتعتبر سرقة مع احترامي... كيف أدفع وطفلي في البيت، ولأننا كنا نلتزم بالأقساط متى ما طلبوها نسدد».

اعفونا من الرد
بدورها حاولت صحيفة «لا» أن تتواصل مع أكثر من إدارة مدرسية أهلية لمعرفة مسوغ ومبرر قرار دفع الرسوم من قبل أولياء أمور الطلاب للأشهر التي لم يتم التدريس فيها ودون إكمال المقرر، وتوضيح ذلك للرأي العام، فكانوا يبدون في البداية موافقتهم للتوضيح والرد وبمجرد أن يقرؤوا المحور يعتذرون عن الرد مختوماً بعبارة: «اعفونا من الرد»... لكننا لم نتوقف في البحث عمن يوضح للرأي العام خلفيات هذه القرار.

ملزمون بالسداد أيا كانت الظروف
فاطمة الطيري (مديرة مدرسة أهلية) تجاوبت معنا وأوضحت لـ«لا» والرأي العام عن خلفيةِ ذلك القرار الذي لاقى امتعاضا من قبل أولياء الأمور، حيث تقول: «أولاً عندما يتم توقيع العقود سواءً مع الموظفين أو مع أصحاب العقار ومؤسسات أو شركات كتب المنهج الإضافي، فنحن ملزمون بالسداد أياً كانت الظروف التي تمر بها المؤسسات التعليمية، حتى على مستوى ضريبة المرتبات، فلا تستطيع أية جهة إلزام صاحب العقار مثلاً بعدم تقاضي إيجار المبنى والساحة، كذلك بالنسبة لموظفي المدارس الخاصة لا ذنب لهم بأي ظروف تطرأ على المؤسسة التعليمية، وبالتالي علينا تسليم مستحقاتهم، وخصوصاً أن كثيراً منهم معتمد بشكل أساسي على راتبه من المدرسة».
وتواصل الطيري: «كذلك بالنسبة لرسوم الطلاب على ولي الأمر الوفاء بما عليه من رسوم لكي تستطيع المدارس الوفاء بالتزاماتها، وخصوصاً أن المدرسة هي التي تتحمل القصور الناجم عن عدم استيفاء الدروس أو أي قصور في المنهج، وذلك بعمل حصص تقوية ودروس تكميلية كي يستطيع المعلم البدء في إعطائهم المنهج المقرر لهم في المرحلة الجديدة التي ينتقل إليها الطلاب، وهذا النظام سائد في معظم المدارس الأهلية. ثانياً بالنسبة للمرتبات فقد قمنا بتسليم راتب شهر مارس وجزء من راتب شهر أبريل، والتزمنا للموظفين بسداد الباقي في أقرب فرصة». 

أنجزنا ما يزيد عن 90%
وعن المنهج الذي لم يكتمل في معظم المدارس الأهلية، تقول الطيري: «بمجرد سماعنا بجائحة كورونا وبدء انتشارها في بعض البلدان وجهنا المعلمين بالسير الحثيث في المنهج والتركيز على الأساسيات تحسباً لأي طارئ قد يحدث، وهذا كان في بداية الترم الثاني، وبالفعل أنجزنا ما يزيد عن 90% من المنهج، والحمد لله». 

قرار وزاري
لأهمية الموضوع الذي أثار امتعاضا شديدا لدى أولياء أمور الطلاب كون المنهج لم يكتمل، وتهديد المدارس بعدم توقيع الشهائد في حال عدم دفع الرسوم للأشهر التي لم تتم الدراسة فيها... كل تلك المحاور طرحتها «لا» على مدير التعليم الأهلي بوزارة التربية والتعليم، علي بن علي الدولة، الذي بدأ حديثه بالقول: «مؤخراً أصدرت وزارة التربية والتعليم قرارا وزاريا ينظم آلية إنهاء العام الدراسي 2019/2020، وتضمن آلية احتساب تحصيل الطالب عند ذلك، فجميع المدارس الحكومية والأهلية ملزمة بتنفيذه قبل إنهاء العام الدراسي».

الطالب مطالب بتسديد ما عليه!
يضيف الدولة: «ولكون المدارس الأهلية تعتمد اعتمادا كليا على الرسوم المحصلة من الطالب للإيفاء بالتزاماتها للغير سواء من إيجارات ومرتبات وضرائب وتأمينات وتراخيص.. الخ، وغيرها من الالتزامات المالية، لذا فإن الطالب مطالب بتسديد ما عليه من بقية الرسوم بحسب الاتفاق بين المدرسة وولي الأمر بداية العام الدراسي. وفي الوقت نفسه فإن المدرسة ملزمة بما عليها من إصدار وثائق نجاح أو رسوب للطالب بحسب مستواه التحصيلي خلال الفصل الدراسي الأول والشهور اللاحقة له، أما ما يخص إلزام الطالب برسوم المواصلات فإنه ملزم فقط بأشهر الدراسة مقابل توصيله من وإلى المدرسة، ونطالب المدارس بمراعاة ظروف الأسر الضعيفة وغير القادرة على تسديد جميع الرسوم».
من جانبه، بدأ خالد إبراهيم يحيى، الوكيل المساعد لقطاع التعليم بوزارة التربية والتعليم، حديثه بالثناء على «لا» وتناولها القضايا والموضوعات التي تهم الطلاب والطالبات، مضيفاً أن الوزارة بكافةِ الأجهزة والقائمين عليها تحرص على استمرار العملية التعليمية وحصولهم على التعليم ومجابهة كافة الضغوط والأساليب التي تحاول إفشال العملية التعليمية.
ويستطرد:«وقد اتخذت الوزارة العديد من الإجراءات الاحترازية لمواجهة انتشار وباء كورونا بين أوساط أبنائنا الطلاب والطالبات والسلك التربوي، ومنها القرار بتعليق الدراسة والاختبارات في جميع مراحل التعليم الأساسي والثانوي بمدارس التعليم الحكومي ومدارس التعليم الأهلي ابتداءً من منتصف شهر مارس 2020. كما سعت الوزارة إلى إيجاد حلول للحصول على التحصيل العلمي وعدم تأثير تعليق الدراسة على مستوى التحصيل العلمي للطلاب من خلال تفعيل ودعم القناة التعليمية والعديد من القنوات الفضائية الرسمية لبث الدروس العلمية لمختلف المراحل الدراسية وبحسب خطة منهجية والتعليم عن بعد».

لا ضرر ولا ضرار
وحول القرار الذي تم تعميمه على المدارس الأهلية والخاصة للوفاء بالتزاماتها، علق يحيى قائلاً: «أصدرت الوزارة تعميما للمدارس الأهلية بشأن الالتزام بتسليم كافة الالتزامات التي عليهم، من ضمنها استمرار صرف مرتبات المعلمين وبدون أي خصم، وبناءً عليه فإن أي التزامات للمدرسة يجب تسليمها، لأن الوزارة اتخذت هذا القرار من مبدأ لا ضرر ولا ضرار، والجائحة ليست خاصة، وإنما عامة، وقد تضرر منها الكثيرون من أبناء الشعب اليمني سواء من المواطنين أو المستثمرين وفي كافة المجالات»، داعياً في ختام حديثه إلى ضرورة التزام المدارس الأهلية بتنفيذ القرار الوزاري وعدم حرمان أي طالب ومراعاة ظروف أولياء أمور الطلاب، ومقابل ذلك على أولياء الأمور الإيفاء بالتزاماتهم المالية تجاه المدارس.

العقد شريعة المتعاقدين
ولكي تكون جميع أصوات أصحاب القرار الذي مسّ أفئدة أولياء الأمور حاضرة في هذا التحقيق، حرصت «لا» على معرفة مسوغ المدارس الأهلية والخاصة لاتخاذ القرار، فتحدث رياض الكوكباني، أمين عام الجمعية الوطنية للمدارس الأهلية، قائلاً: «كما يقال كمبدأ قانوني وأخلاقي «العقد شريعة المتعاقدين»، وفي تصوري لا يوجد اتفاق بين مدرسة وولي أمر لا يشمل كل القضايا المتعلقة بالتخفيض والالتزامات على الطرفين، وكذلك ما يتعلق بتوقف الدراسة عموماً، أو توقف الطالب خصوصاً، وعليه فمرجعية العقد هي المرجعية القانونية والأخلاقية، ولا يجوز لولي الأمر أو المدرسة مخالفة ما تم الاتفاق عليه باختيار وبرضا كاملين».

ما تبقى أقل من 10%
ويسرد الكوكباني الأسباب التي استندت عليها المدارس الأهلية لقرارها دفع الرسوم الدراسية: «هناك عدة أسباب منها: العقد الملزم لكلا الطرفين (ولي الأمر والمدرسة)، المدرسة لديها التزامات على مدار العام كرواتب مستحقة وإيجارات وضرائب وواجبات وغيرها من الاستحقاقات التي لا تسقط بسبب توقف الدراسة لأي سبب من الأسباب، كثير من المدارس استوفت المناهج لطلابها بعد الإيقاف وذلك عبر الإنترنت ووسائل التواصل، واستوفت ما عليها تجاه الطالب، والكل ملتزم بإكمال عناوين المنهج السابق مطلع العام المقبل، كثير من الطلاب لا يسجلون في المدارس إلا بتخفيضات مناسبة من الرسوم عند التسجيل، ولو كان يصح تجاوز العقود فمن حق المدرسة إذن الرجوع عن التخفيض، أيضا للأسف الشديد معظم المتهربين من السداد هم أولياء الأمور القادرون على السداد أو الذين يستندون إلى مناصب رفيعة، وهو أمر ملاحظ وبشكل واضح من خلال معظم شكاوى المدارس».
ويعتبر أن وضع المدارس الأهلية ليس وضعاً مثالياً في ظل التردي الاقتصادي والحصار والعدوان، وهي تحاول البقاء والصمود، «وأية محاولات من هذا القبيل (التهرب من سداد الرسوم) معناه انهيار كثير من المدارس التي بالكاد مستمرة أصلاً، حتى جهات الدولة المختلفة لا تقبل بتخفيض أي التزامات مستحقة لها على المدارس الأهلية.. وفقط المدارس التي يستكثر عليها عملاؤها سداد ما عليهم رغم أن الفترة التي كانت متبقية لا تمثل سوى أقل من 10% من العام الدراسي.. كثير من المدارس بدأت العام الدراسي قبل موعد الدراسة الرسمي وخصوصا لطلاب الشهادتين، ولم تطالب ولي الأمر بأي التزامات مقابل ذلك، وكثير من برامج التقوية».
خلاصة ما توصلت إليه «لا» ومن خلال أخذ أكثر من رأي حول القضية من ذوي الاختصاص، أن كل الآراء تلزم أولياء أمور الطلاب بالدفع بحجة أنها عقود موقعة بين أولياء الأمور والمدرسة، وأن المدارس الخاصة عليها التزامات من رواتب وإيجارات و... فالجميع يقولون كمدارس خاصة ومختصين ووزارة التربية والتعليم: لا بد مما ليس منه بُد، وهو (الدفع)... وهنا يتضح جليا المثل القائل: إذا غريمك الدولة بمن تشتكي؟