متابعات  / لا ميديا -

أطلق مقتل جورج فلويد المواطن الأمريكي ذي البشرة السمراء على يد الشرطة بمدينة مينيابوليس، شرارة الاحتجاجات ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يسعى للسيطرة عليها سواء بالقمع أو العنف لضمان عدم خروجه من الحكم، فيما يستغل منافسوه الأحداث لإثبات عدم أهليته لقيادة البلاد.
واتفق باحثون وخبراء سياسيون أن الولايات المتحدة الآن تعيش أوقاتاً صعبة في ظل السياسات العنصرية التي تنتهجها منذ فترة، والتي برزت بشكل أكبر على يد ترامب المعروف بعنصريته، ما اجج الصراع داخل البلاد وأحدث انقساماً. فيما أشار آخرون إلى أن أمريكا مقسمة بالفعل من الداخل على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والصحي والتعليمي، وأن هناك هوة كبيرة بين الفريقين.
وكشف باحثون سياسيون أن الشرطة الأمريكية ينقصها التمرين على كيفية معالجة العنف والتظاهرات والتعامل مع المواطنين حتى لو كانوا متظاهرين سلميين، إذ يتمرن الكثير منهم مع شرطة الكيان الصهيوني، ويتشربون ذات الثقافة المعادية للفلسطينيين، لتصبح لديهم ثقافة معادية لمواطنيهم من ذوي البشرة السوداء.
وقال خبراء سياسيون إن ترامب يستغل الاضطرابات ويحاول السيطرة. وعن آثار تلك الاحتجاجات على مستقبل الانتخابات الأمريكية أشار باحثون مختصون في الشأن الأمريكي إلى أن المعركة الحالية هي على الرئيس دونالد ترامب بغض النظر عن مرشح الحزب الديمقراطي، كما أن المعركة لا تتوقف على الرئاسة الأمريكية، بل أيضا انتزاع الأكثرية في مجلس الشيوخ.
وكشفوا أن هناك احتمالية بأن تكون نتائج الانتخابات ضد الرئيس ترامب، حيث إنه بدأ يخسر جمهوره الذي يعتمد عليه، كما أن هناك تخوفاً لدى فريق ترامب من أن تقوم الأقليات من أصحاب البشرة السمراء أو من أصحاب الأصول اللاتينية والآسيوية بالمشاركة في الانتخابات والتصويت ضد ترامب، بالإضافة إلى التغيير الديموغرافي الذي يمكن أن يؤثر على نتائج الانتخابات، وهو ما سيغير المعادلة.
وبين باحثون أن ترامب في ورطة وغير قادر على وضع أي نوع من السياسة الخارجية في الوقت الحاضر، كما أنه ليس بمقدوره هو وفريقه معالجة أي أزمة سواء كانت داخلية أو خارجية.
وأضافوا أن أمريكا تعاني من عدة أزمات، منها أولاً أزمة كورونا فهي أكبر بلد موبوء وبها أعلى معدلات في الإصابات والوفيات، وبذلك سيبقى ملف كورونا ضاغطا من الداخل، وثانياً ملف العنصرية، وثالثاً ملف الاقتصاد وتبعاته حيث تراجع الدخل القومي الأمريكي بحدود الشهرين الماضيين حوالي 23 إلى 25%، بالإضافة إلى تعطيل المصانع وتراجع نسبة التصنيع والطلبات على السلع الأمريكية وتراجع الواردات المالية وارتفاع نسبة البطالة إلى حوالي %20.

10 آلاف معتقل  
وتجاوزت حصيلة الاعتقالات خلال الاحتجاجات في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأميركية، نحو 10 آلاف شخص.
وكالة "أسوشيتد برس" قالت إن أعداد المعتقلين تتزايد يومياً بالمئات، مشيرة إلى أن مدينة لوس أنجلوس شهدت نحو ربع عدد الاعتقالات، تليها نيويورك، ودالاس، وفيلادلفيا. 
وأضافت الوكالة أن تهمة خرق حظر التجول وجهت إلى عدد من المعتقلين، فيما اعتقل المئات بتهمتي السلب والنهب، مشيرة إلى أن عدد المسجونين ممن اعتقلوا غير معلوم حتى الآن.
بالتوازي، أعلن أعضاء المجلس البلدي في مينيابوليس عن خطط لتفكيك إدارة الشرطة في المدينة.
وأفاد مراسل "الميادين" في واشنطن بتجدد الاحتجاجات ليلاً أمام البيت الأبيض رغم الطقس العاصف، وذلك تنديداً بالعنصرية وبمقتل جورج فلويد الأميركي الأفريقي على يد الشرطة.
وقال المراسل إن التظاهرات مستمرة وبزخم متزايد من مختلف الشرائح الأميركية وبالشعارات نفسها، وأضاف أن الرئيس ترامب ومن خلال تغريداته يؤكد أنه يتجه إلى استخدام القوة ضد المحتجين.
وإذ رأى أن التصعيد العسكري لايزال مستمراً في مواجهة الاحتجاجات، وهو ما لا يعبأ به المتظاهرون، اعتبر أن ترامب يحاول استغلال فكرة الصدام المسلح بين المتظاهرين للترويج لنفسه انتخابياً.

تعزيز الأمن بمحيط البيت الأبيض
وفيما عزز الحرس التدابير الأمنية في محيـط المقـــر الرئاسي، قــدم ديمقراطيون بمجلس الشيوخ مشروع قانون جديداً يحــدّ مــن سلطــة الرئيس، وسيّر عشرات الآلاف مظاهرة في فيينا تنديدا بمقتل فلويد.
ونصب حرس البيت الأبيض حواجز إسمنتية، وبنى سياجا حول مداخل الحديقة المقابلة لمقر الرئاسة الأميركية. وأعلن متحدث باسم جهاز الأمن الرئاسي إغلاق بعض المداخل المؤدية للمقر مع تأكيده السماح للمحتجين بالتظاهر.
وردد المحتجون اسم فلويد وشعار "لا سلام دون عدالة". وكانت قوات الأمن الفدرالية قلّصت نطاق الحزام الأمني الذي فرضته حول البيت الأبيض بطلب من عمدة العاصمة، كما قررت سلطات واشنطن تعليق العمل بحظر التجول الليلي، موضحة أن الاحتجاجات تتسم بالسلمية.

بدء مراسم تأبين لفلويد
من جهة أخرى، شاركَ الآلاف أمس في تأبين فلويد بمدينة منيابوليس، وتستمر مراسم جنازته 6 أيام وتقام في 3 ولايات بمقاطعة هوك في ولاية نورث كارولاينا حيث تعيش شقيقة فلويد، وفي هيوستون بالقرب من المكان الذي كان يعيش فيه، كما ستقام جنازة الثلاثاء المقبل تشمل قداساً خاصاً في موقع لم يعلَن عنه.
وقال بنيامين كرامب، محامي أسرة جورج فلويد، خلال مراسم تأبينه، إن "وباء العنصرية" أدى إلى موت فلويد على يد أفراد من الشرطة الأمريكية الشهر الماضي.
وتعهد كرامب بالعمل من أجل "تحقيق العدالة" لفلويد، وهو أمريكي من أصول أفريقية توفي بعدما ضغط رجل شرطة بركبته على عنقه قرابة 9 دقائق وهو مثبت على الأرض.
وقال كرامب، في كلمته أثناء المراسم: "جائحة فيروس كورونا لم تقتل جورج فلويد. إنها جائحة أخرى. جائحة العنصرية والتمييز".