استطلاع /  مالك الشعراني / لا ميديا -

 تُعد محافظة إب واحدة من محافظات الجمهورية ذات الكثافة السكانية العالية،  إذ تشير تقديرات إلى أن عدد سكانها يتجاوز 4 ملايين نسمة، وفي السنوات الأخيرة شهدت المدينة حركة بناء غير عادية وتوسع عمراني غير مسبوق، خصوصاً في المداخل الشرقية والغربية والجنوبية للمدينة وفي الجبال المطلة عليها.  غير أن تلك الطفرة المعمارية تفتقر للتصميم الهندسي والتخطيط المعماري والحضاري السليم. وبالتالي فإن هذه المشكلات والأخطاء الجسمية  سيترتب عليها نتائج سلبية، وستؤدي إلى حرمان أبنائها وأجيالها القادمة من مشاريع حيوية وهامة مستقبلاً،  وتضع اللواء الأخضر برمته في قائمة البناء العشوائي وغير الحضارية. 

صحيفة «لا»، وضمن سلسلة تقارير واستطلاعات تجريها في إب،
 ناقشت مع المهتمين الأسباب التي أدت إلى تمدد وبروز هذه المشكلة ومخاطرها المستقبلية.

دور غائب!
المقاول المعماري نجيب سعيد الجعمي يرى أن ازدياد البناء العشواني في محافظة إب يعود إلى عدم وجود مخططات (وحدة الجوار) للمناطق الجديدة، والتي تشهد توسعاً عمرانياً كبيراً وسريعاً.
ويعبر الجعمي عن استيائه من قرار اللجنة الفنية إزاحة بعض الشوارع وتقليص عرض الشوارع الأخرى ونقل وحذف الحدائق والمدارس والمتنزهات من المخطط العام، ويؤكد أن هذه القرارات والبناء الذي تم في أحياء أبلان والوزعية وقحزة وشنامة وغيرها، عشوائي وغير مخطط.
وأضاف: «بعض المواطنين طلبوا مني بناء مساكن لهم في بعض الأحياء لكنني رفضت، بسبب أنها عشوائية ولا تخضع لمخطط، وسيكون لها آثار ومخاطر في المستقبل على المستوى الشعبي والرسمي وسينتج عنه اختناقات مرورية دائمة وانعدام شبه تام للخدمات العامة، مما يجعل من إب مدينة غير حضارية».
وأشار إلى قيام بعض المستثمرين مؤخراً بشراء أراضٍ بمنطقة السحول وتقسيمها إلى قطع صغيرة على مداخل صغيرة من 3 إلى 4 أمتار، الأمر الذي سيجعل هذا المنطقة أكبر حي عشوائي، حسب قوله.
وينتقد الجعمي الدور الغائب للهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني عن التخطيط، واقتصار عملها على السجل العقاري والتوثيق فقط، مطالباً الجهات المختصة بالقيام بواجبها وتنفيذ مخططات حضارية والضرب بيد من حديد لكل المتلاعبين، وعلى المواطنين التعاون مع الجهات المختصة واستشعار المسؤولية ومنع أي عبث أو فوضى بمدينة السياحة والسلام.

 المتضرر الأكبر
حسان محمد العواضي (مالك أحد العقارات) يعزو توسع البناء العشوائي في الأحياء الجديدة المتاخمة للمدينة، إلى تقصير جهات الاختصاص وضعف الرقابة، ووجود بعض الموظفين المنتفعين داخل تلك الجهات.
ويشير العواضي إلى المخاطر الناجمة عن البناء غير الحضاري، بالقول: «البناء العشوائي يعيق عمل الدولة في تقديم الخدمات ويؤثر سلباً على البيئة ويضر بالمنظر العام للمدينة وله مشكلات صحية. كما أن المناطق التي بنيت فيها منازل بطريقة عشوائية قد تتعرض لكوارث طبيعية مستقبلاً، مثل تدفق سيول الأمطار وجرفها كما حصل في بعض المحافظات في الأيام الماضية، إضافة إلى أن تلك المنازل تظل مهددة بالإزالة في حال قررت الدولة إنشاء طرق وبناء مشاريع حيوية. وفي نهاية المطاف المواطن هو المتضرر الأكبر».
وناشد العواضي أبناء المحافظة التعاون مع السلطة المحلية وإبلاغ الجهات المختصة عن أي بناء عشوائي يتم في المدينة، لما فيه مصلحة الجميع.

رأس بلا عقل!
من جانبه يرى الشاب عامر الحطباني أن استمرار البناء بتلك الصورة وبدون تخطيط له أضرار سلبية، فالبناء بلا تخطيط كالرأس بلا عقل، حد تعبيره.
ويؤكد الحطباني ضرورة قيام الجهات المختصة بدورها في هذا الأمر والعمل بحسب النظام والقانون وعدم السماح بالبناء إلا وفق المخططات المعدة مسبقاً، وتفعيل الرقابة والمحاسبة وإيقاف الوساطات في هذا الجانب وردع كل من يخالف ذلك. 

التخطيط أولاً
ويؤكد المهندس المعماري عبدالرحمن جباري أن البناء العشوائي من أكبر المعضلات التي تعاني منها المحافظة بشكل عام ومدينة إب بشكل خاص.
وأشار إلى أن ذلك يعود إلى ظاهرة الهجرة من الريف إلى المدينة، الأمر الذي نتج عنه اكتظاظ المدينة بالسكان والتسرع في بناء مساكن عشوائية بسبب جهل البعض وعدم معرفتهم بأضرار البناء العشوائي. 
ويحمل المهندس جباري المجلس المحلي بالمحافظة المسؤولية لتهاونه وعدم إعداد المخططات التي تعد غاية في الأهمية، وأن تشمل تلك المخططات المديريات التي لم تخضع للتخطيط مثل السدة والنادرة والمخادر وحبيش.
وطالب الجهات المعنية بسرعة إيقاف التوسع العمراني العشوائي بمنطقة السحول، فهي أكثر المناطق التي تتعرض للتوسع العمراني العشوائي.
كنا حريصين في هذا الاستطلاع على أخذ آراء المختصين في هذا الجانب، وعلى مدى أسبوعين حاولنا التواصل مع عدد منهم، من أجل مناقشة هذه القضية معهم بشكل أكبر وأوسع، غير أن كل محاولاتنا وجهودنا لم تثمر، فقد ساقوا لنا العديد من الأعذار والمبررات التي تمنعهم من التجاوب معنا والمشاركة في مناقشة هذه المشكلة التي تظل هاجساً مؤرقاً لكل ضمير حي في المحافظة، وستظل قائمة لا يجف حبر الحديث عنها.