حاوره : مارش الحسام / لا ميديا -

يتقاسم المحتلان (السعودي والإماراتي) الأدوار والنفوذ في محافظة حضرموت كبرى 
محافظات اليمن، التي تمثل ثلث مساحة البلاد، وتمتلك شريطا ساحلياً طوله 450 كلم، فضلا عن ثروة نفطية ومعدنية وسمكية, وحتى اليوم مازالت هذه المحافظة بعيدة عن حدة الحرب والاقتتال 
بين فصائل أدوات الاحتلال كالتي عاشتها أغلب المحافظات الجنوبية.

 بداية كيف تلخص الوضع الحالي في حضرموت؟
حضرموت كغيرها من المحافظات الجنوبية الواقعة تحت سيطرة الاحتلال، تعيش حالة من القلق، وينتظرها المصير المجهول للسياسات العدوانية التي تتبعها الدول الكبرى وأدواتها (السعودية والإمارات).

ترابط إداري مع العاصمة
 هناك كثير من التكهنات في ما يخص مستقبل حضرموت، هل تخطط السعودية لضمها لأراضيها أم ستتقاسمها مع الإمارات أم المخطط هو فصلها عن اليمن؟ ما هو السيناريو الأقرب برأيك..؟
صراحة هناك غموض كبير في ما يتعلق بمصير حضرموت، والمحافظة حتى الآن مقسومة إلى قسمين: حضرموت الساحل وتعيش حالة هدوء نسبي، ولكن كما يقول المثل الجمر التي تحت الرماد، أما حضرموت الداخل فتعيش حالة من الفوضى وتعد مسرحا للأعمال الإرهابية وتتكرر فيها حوادث القتل والاغتيالات بصفة مستمرة وغيرها ممن الممارسات الخاطئة التي تقلق السكينة وتنغص معيشة المواطن الحضرمي.
ورغم كل هذا لم تنفصل اتصالات الحضارم بصنعاء، وكثير من الأجهزة الحكومية في حضرموت تمارس عملها وأنشطتها بالاتفاق مع الأجهزة الوطنية المركزية في صنعاء، على سبيل المثال لا الحصر الاتصالات والبريد، وحتى قاعدة البيانات بالنسبة للخدمة المدنية مرتبطة بصنعاء.

الأصوات الشاذة لن تفصل حضرموت
 لماذا تصر حضرموت الواقعة تحت سيطرة الاحتلال على الارتباط بالعاصمة صنعاء بدلا من الارتباط بعدن باعتبارها عاصمة الاحتلال؟
يعتبر الارتباط بين حضرموت وصنعاء قديماً وتاريخياً، ويشعر الحضارم أنه لا يمكن أن يتم الاستقرار والأمن لحضرموت ولغيرها من المحافظات الجنوبية إلا بالاتفاق مع الجوار في صنعاء والمحافظات الشمالية، وفي ظل يمن واحد، لأن كل المصالح مرتبطة من جميع النواحي.
 يمن واحد.. هل هو توجه عام لأبناء حضرموت؟
طبعا لا يعني أن كل أبناء حضرموت مع هذه الاتجاه، لأن هناك عناصر شاذة تنادي بفصل حضرموت ليس عن صنعاء، وإنما حتى عن عدن، لتكون دولة مستقلة، ولكن هذه الأصوات لا يمكن أن تحقق ما تصبو إليه. 

نشر الإرهاب تهيئة لاحتلال المحافظة
 لماذا انحصرت الأنشطة الإرهابية في حضرموت الداخل دون الساحل؟ ما الهدف من هذا المخطط الذي يكرسه الاحتلال؟ 
أولاً حضرموت الداخل من حيث الموقع الجغرافي تعد مفترق طرق تربط بين المديريات، وشرياناً يربط حضرموت مع المحافظات بشكل عام، ثانياً أريد للقاعدة وداعش أن يتركز نشاطهما في هذه المناطق، وأكثر الأنشطة التخريبية هي حيث تتواجد المصالح الحيوية، المصالح الموجودة في هذه المناطق مثلا منفذ الوديعة، وشركات نفطية.
 الاغتيالات التي تشهدها حضرموت هل هي مجرد رسائل تحذيرية لمواجهات قادمة بين الإمارات وقوات هادي والإصلاح، خصوصا مع تكرار ذلك السيناريو في مناطق أخرى كعدن وأبين؟
الاغتيالات في جوهرها تدمير لليمن نفسها، وفي الوقت نفسه خلق نوع من الفتنة بين القبائل الحضرمية، والبعد الآخر هو تصفية العناصر الوطنية، فهي تستهدف في الغالب ضباط الأمن والعناصر الوطنية والشخصيات الاجتماعية، وغالبا القاعدة وداعش هما المتهمان بهذه العمليات، ولكن هناك من يحركهما سواء من مراكز القوى الإقليمية أو قوى محلية.
والآن السعودية والإمارات تراهنان على احتلال حضرموت، وبالتالي لا بد من تهيئة هذه المنطقة لهذا الغرض لتحقيق أهدافهما.

ليس خلافاً وإنما تبادل أدوار
 يقال إن السعودية تقوم بتجنيد مرتزقة في سيئون لأجندتها الخاصة حتى دون التنسيق مع ما تسمى قوات الشرعية؟
ليس في سيئون نفسها، إنما بالقرب منها، وفي معسكر يقع في صحراء ثمود، هو كان تابعاً للإمارات، ولكن انسحبت منه لصالح السعودية، وتقوم السعودية بتجنيد مرتزقة بالتعاون مع مشائخ من العصبة الحضرمية، وتحتفظ بقواتها هناك، ولا تقدم الولاء لمن تسميهم الشرعية. ومن الواضح أن نشاط السعودية في حضرموت أكثر من نشاط الإمارات.
 الصراع الحالي بين أدوات الاحتلال السعودي والإماراتي في الجنوب، الإمارات من البداية موقفها واضح وساندت «الانتقالي» في دحر قوات هادي والإصلاح المحسوبة على السعودية، من عدن وأبين، وبالمقابل هناك خذلان سعودي تجاه مرتزقتها، واقتصرت المساندة عبر الخطاب الإعلامي لقناتي العربية والحدث، والذي لم يستمر طويلا، فهل تخلت السعودية عن مرتزقتها لتتجنب المواجهة مع الإمارات؟
لا يوجد خلاف، السعودية والإمارات متفقتان تماما على أهداف واضحة المعالم، غير الأهداف السرية التي تخفيها السعودية بتوجيهات أكبر من السعوديين أنفسهم، لأنها بتوجيهات غربية.
 ماذا يعني استفراد الإمارات بالسيطرة على الساحل الحضرمي وكذا إحكام سيطرتها على مختلف السواحل اليمنية، بينما السعودية محشورة في الصحراء الحضرمية؟
السواحل مهمة لأي عدوان، وفي الحروب من يسيطر على الساحل يسيطر على الجبل والصحراء، لأن التموين يأتي عن طريق الساحل، وكل معيشة الجبال والمدن والأرياف تأتي عن طريق الساحل.
 جوابك يعني أن الإمارات هي المسيطر وليس السعودية، بينما كان سؤالي حول استفراد الإمارات بالسيطرة على جميع السواحل اليمنية، ألا يثير حفيظة السعودية التي وجدت نفسها محشورة في بعض المناطق الصحراوية ومحرومة من الساحل؟ وهل هناك ما يوحي أن هناك نذر صراع قادم بين الدولتين على تقاسم التركة المحتلة بما فيها السواحل؟ 
هناك اتفاق وتوزيع أدوار، وليس هناك خلاف بين الاثنين، الإمارات لوحدها غير قادرة على حماية السواحل الممتدة من عدن إلى المهرة، هناك هدف مشترك واحد للسعودية والإمارات ومن ورائهما الأمريكيين والبريطانيين الذين يريدون الهيمنة على الساحل اليمني تحت مبرر حماية المياه الدولية.


مشروع السعودية التوسعي
  ما الذي ستجنيه السعودية من تواجدها في الصحراء الحضرمية؟
هذه المناطق تكتسب أهمية كبيرة لدى السعودية في أنها تغطي نصف مساحة الشريط الحدودي بينها وبين اليمن، مع وجود منفذ الوديعة؛ الشريان الوحيد بين اليمن والسعودية، وعند بسط نفوذها على هذه المناطق القريبة من حدودها ستحاول استقطاعها وضمها إليها في إطار مشروعها التوسعي القائم على استقطاع أراضي الدول المجاورة لها، وحاليا السعودية تفرض قيودا على دخول مواد البناء إلى هذه المناطق، ليكون من السهل البسط عليها وضمها إلى أراضيها، وثانيا هذه المناطق الصحراوية غنية بالثروات النفطية والمعدنية، وتتواجد فيها الشركات النفطية، والسعودية تريد أن تكون قريبة من الحنفية.
 بالعودة إلى دعوات انفصال حضرموت عن اليمن، من يدعمها؟
دعوات الانفصال ليست جديدة، وإنما قديمة جدا، حتى بعد الثورة كان هناك مشروع لفصل حضرموت لتكون دولة مستقلة، وبمخطط بريطاني، وبرعاية سعودية، ولكن لم يتحقق، لأن الثوار كانوا مصرين على وحدة الجنوب وتوحيد كل السلطنات والسعي لتحقيق الوحدة اليمنية والتطلع لتحقيق الوحدة العربية.
لكن الآن ظهرت الدعوة مجددا من قبل ما تسمى العصبة الحضرمية، وفيها مجموعة قليلة من أبناء حضرموت ومجنسون بالجنسية السعودية ومدعومون من السعودية، لكنهم جوبهوا بمقاومة كبيرة من غالبية أبناء حضرموت، وأذكر قبل العدوان أتوا إلى صنعاء وعملوا محاضرة لتعزيز هذه الأفكار، وتم رفضها. 

حضرموت لن تنجر إلى الصراع
 تذبذب نشاط القاعدة وداعش في حضرموت ألا يثير أكثر من علامة استفهام، خصوصا ظهورهما العلني وبشكل فجائي في بعض المناطق، ومن ثم اختفاءهما وتلاشيهما فجأة، ما سر اختفاء أو عودة تلك المجاميع الإرهابية؟ 
القاعدة وداعش تابعتان لمراكز قوى تحركهما بالوقت الذي تريد، يختفون تارة من بعض المناطق ويظهرون تارة أخرى في نفس المنطقة أو في منطقة أخرى، وذلك حسب التوجيهات التي تأتيهم من القيادات، حيث تلجأ كثير من الأطراف سواء المحلية أو الإقليمية إلى استخدام تلك الجماعات الإرهابية في مجالات صراعاتها مع الأطراف الأخرى أو لتنفيذ مخططاتها في هذه المناطق، ولكن الآن الحمد لله انكشفت وجوه كثيرة من قيادات داعش والقاعدة ممن يختفون ويظهرون من وقت لآخر، وصاروا معروفين بالاسم، ليس في حضرموت فقط، وإنما في كل المحافظات الجنوبية، وهم منبوذون فكريا من قبل أبناء حضرموت.
 لماذا مازالت حضرموت حتى اليوم مجنبة من الصراع والاحتراب كالذي شهدته عدن وأبين بين المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات هادي والإصلاح؟
في اعتقادي تم تجنيبها لعوامل كثيرة، أولا بالنسبة لأبناء حضرموت كمواطنين لا يرغبون في الدخول في صراع مع أي طرف ضد طرف، لأنهم يحبون الاستقرار، ويكرهون التعصب السياسي والحزبي والطائفي والديني، وثانيا حضرموت منفتحة على الجميع، وفيها من كل المحافظات الجنوبية والشمالية دون مضايقات تذكر. العامل الثالث حضرموت فيها ثروات وموارد نفطية وسمكية، ويوجد فيها كثير من المستثمرين، وبالتالي إذا حصل صراع ستتعطل الأعمال. 
  هل صحيح أن هناك رغبة حضرمية للانضمام إلى السعودية؟
لا، هذا غير صحيح، ولكن هناك فئة قليلة من العصبة الحضرمية تدعو إلى هذا، ولكنهم لا يعدون بأصابع اليد.

الريان سجن عسكري لمعارضي الإمارات
 ما تعليقك على انسحاب الإمارات من الجنوب؟
هي أعلنت الانسحاب من بعض المواقع وفي حضرموت، ولازالت الإمارات متواجدة في الأماكن الرئيسة وفي مطار الريان الذي تستخدمه عسكريا كمطار وسجن لأبناء حضرموت المناهضين للاحتلال.
 لماذا مازال البعض مخدوعا بالمحتل حتى اليوم، ويعتقد أنه جاء من أجل اليمنيين ولإعادة ما تسمى الشرعية التي تم طردها من عدن وأبين ممن يدعون أنهم جاؤوا من أجل إعادتها..؟ ترى كم من الشواهد يحتاجها مثل هؤلاء المخدوعين ليصحوا من غفلتهم؟
أقول لهؤلاء المخدوعين إذا كانت السعودية والإمارات تتعاملان مع المواطنين اليمنيين المغتربين في أراضيهما من عمال أو مغتربين بكل وحشية ودونية، وتحاربانهم في أرزاقهم وفي معيشتهم وتسومانهم سوء العذاب، ومع ذلك فهل يعقل أن تشن السعودية أو الإمارات حروبا من أجل مصلحة المواطنين داخل اليمن، والذين تحتقرهم في أراضيها!