محمد الحسني/ لا ميديا-

ما إن يقترب الشهر الفضيل حتى يكشر تجار المواد الغذائية عن أنيابهم لاستقبال المواطنين الذين يحرصون على اقتناء كل ما يحتاجونه في قوائم أغذيتهم الأساسية قبل دخول أيام الصيام.. في المقابل تسعى حكومة الإنقاذ، عبر عدد من وزاراتها في مقدمتها وزارة التجارة والصناعة، إلى كبح جماح جشع التجار، عن طريق تنفيذها لحملة ميدانية تهدف إلى تفعيل الرقابة على الأسواق وضبط المتلاعبين بالأسعار ومكافحه الغش التجاري.. المواطن يعتبر نفسه في الغالب ضحية نزوات اتفاقات المسؤولين والتجار. عزز عدم الثقة هذه ما خلفته الحكومات اليمنية المتعاقبة من تركة ثقيلة في التواطؤ مع أصحاب المال للتضييق على معايش المواطنين.
تهافت المواطن سبب جشع التجار
"لا" الاقتصادية أجرت استطلاعاً ميدانياً لمعرفة آراء وانطباعات الناس عن أسعار المواد الغذائية وأوضاع أسواقها وعن الحملة الوطنية الرمضانية لحماية المستهلك.
ماجد الغيلي، موظف حكومي، يرى أن الأسعار مرتفعة مقارنة مع أوضاع الناس الاقتصادية الصعبة في ظل العدوان وانقطاع الرواتب. وتحدث عن تفاوت طفيف في الأسعار بين مول وآخر، لكنه أشاد بحملة حماية المستهلك، كونها على الأقل تقلل من لجوء كثير من التجار لعرض سلع تفتقد للجودة، وتمنى أن تكون مستمرة وليست موسمية في رمضان فقط.
محمد إسماعيل الدرب، عامل في مقهى انترنت، شكا من العروض التجارية التي تعلن عنها الهايبرات في العاصمة صنعاء قبيل رمضان، وقال إن معظمها يخدع المستهلك الذي يتوقع أنها مغرية بأسعارها أو بما توفره من هدايا مجانية، لكنها تخضع في الغالب لمزاج التاجر الذي يضطر بعد نفاد السلعة التي يرغب التخلص منها أن يتلاعب ويتحايل على العرض المعلن عنه، داعياً وزارة التجارة إلى مراقبة عروض الهايبرات والسوبرماركات.
أحلام الكوكباني، طالبة جامعية، اعتبرت أن تهافت المواطنين هو ما يدفع التجار للجشع، وأن اندفاعهم لشراء المواد الغذائية وأخرى استهلاكية مع حلول رمضان وكأن كل المحلات ستغلق أبوابها مع دخول الشهر الكريم ومخزون الغذاء سينفد من الأسواق، معتقدة أن الوعي وترشيد الاستهلاك لاسيما في الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها اليمنيون هو أهم سلاح في وجه التجار وجشعهم هذه الأيام.

قضايا المستهلك عاجلة
رئيس جمعية حماية المستهلك، فضل منصور، قال لصفحة "لا" الاقتصادية إن المستهلكين يتطلعون إلى دور نيابة الصناعة والتجارة وبقية النيابات، وأجهزة الضبط القضائي والمحاكم استكمالاً لدور الحملة والتي يمكنها اليوم أن تستند إلى قوانين ولوائح نافذة تحمي المستهلك، وتعتبر قضايا المستهلك من القضايا العاجلة التي ينظرها القضاء المستعجل.
وأعرب منصور عن أمله في أن تحقق الحملة أهدافها المنشودة، وأن تتضمن النقاط القضايا التي طرحتها الجمعية، ونتيجة لاتساع مساحة الغش والتقليد التجاري، مشيراً إلى أنه لو حققت الحملة ٥٠٪ يعتبر ذلك إنجازا.
واستدرك بالقول: "لكن نجاح الحملة وتحقيق هذه النسبة يرتبط بنتائج القضايا التي ستحول إلى النيابات والمحاكم، وسننتظر الأحكام الرادعة تجاه هذه القضايا التي سيتم ضبطها، وفي حالة عدم اتخاذ أي إجراءات رادعة فسيكون مصيرها الأدراج وستستمر المخالفات والانتهاكات لحقوق المستهلك والسوق بدون ضابط او رادع".

نصائح للمستهلكين
وحول ما الذي يجب على المواطن فعله حيال اقتناء سلع رمضان؟ أكد رئيس جمعية حماية المستهلك أن الإشكالية هي الإقبال المتزايد من قبل المستهلكين على شراء السلع الضرورية وغير الضرورية وبكميات تفوق حاجاتهم، وهذا أسلوب خاطئ أو عادة غير سليمة، فالسلع متواجدة وزيادة الشراء يؤدي إلى ارتفاع الأسعار واقتناء سلع مغشوشة ومقلدة 
ونصح منصور المستهلكين بالتروي وعدم شراء السلع إلا الضرورية والتأكد من سلامتها وأنها صالحة للاستهلاك بالتأكد من البيانات الموجودة على السلعة وتاريخ الإنتاج والانتهاء وبلد المنشأ وأنها مخزنة بطريقة سليمة وغير معرضة للشمس والحرارة أو الرطوبة، وعدم شراء السلع التي لا تحمل أي بيانات وعدم الاستعجال بالشراء، والمفاضلة من حيث السعر والجودة.
وعن قوائم الأسعار التي أنزلتها وزارة التجارة ذكر أن التسعيرة التي تضعها الوزارة ليست وفقاً لقوائم التكلفة وإنما هي تعكس الأسعار التي تصل إليها من التجار المنتجين والمستوردين وتقوم بتعميمها على فروعها وعلى السلطة المحلية لتسهيل عملية الرقابة ومعرفة التفاوت في الأسعار ومن يتجاوز التسعيرة المعلنة، مؤكداً أنها خطوة بالاتجاه الصحيح نحو التطبيق التدريجي لقانون حماية المستهلك.

المخابز والغاز المنزلي خارج الرقابة
وشدد رئيس جمعية المستهلك على ضرورة أن تشمل حملة حماية المستهلك الرقابة على المخابز والأفران من حيث الجودة والنظافة والبيع بالوزن والسعر المحدد، إلى جانب الرقابة على أوزان أسطوانات الغاز، مشيراً إلى أنه يتم التلاعب بالوزن ولم يحصل المستهلكون على الغاز المدفوع قيمته والمحدد بالأسطوانة 26,5 كيلوجراماً، وكذلك على مراكز بيع الدواجن واللحوم حيث لم يلتزم أحد بالتسعيرة الصادرة من الوزارة.
وأكد فضل منصور أنه لا بد لحملة الرقابة أن تشمل السلع المغشوشة والمقلدة والمعاد تعبئتها في عبوات لا تحمل أي بيانات خاصة الغذائية، لافتاً إلى أن من الضروري شمولية الرقابة وألا تقتصر على تجار الجملة والمولات والسوبر ماركت وإنما تشمل كل المتعاملين بالمواد الغذائية والاستهلاكية، بالإضافة إلى الرقابة على العروض والتخفيضات الوهمية التي تستدرج المستهلكين بينما بالواقع لا أساس للتخفيض وقد يكون لسلع قريبة الانتهاء أو منتهية بسبب طريقة العرض والتخزين والنقل.
ودشنت وزارة الصناعة والتجارة مطلع الأسبوع العمل بالإصدار الثالث للقائمة السعرية الجديدة في إطار الحملة الوطنية الرمضانية لحماية المستهلك 2019 عقب تدشينها للحملة الوطنية. 
وأقرت قائمة الأسعار الجديدة بعد الاتفاق مع منتجي ومستوردي السلع الغذائية الأساسية والاستهلاكية وتعميم القائمة ونشرها عبر وسائل الإعلام.