خفايا زيارة عضو العموم البريطاني بقلمه
لماذا يجب على المملكة المتحدة قيادة محادثات السلام في اليمن؟


أندرو ميتشل: موقع (ميدل ايست آي) الاخباري

كما رأيت في اليمن.. هناك حاجة لمحادثات يمنية سعودية فورية لوقف إطلاق النار كون الحصار الحالي والاستراتيجية العسكرية المدعومة من المملكة المتحدة تبوء بالفشل.
وجدت أثناء زيارتي لمدينة صعدة شمال غرب اليمن، الأسبوع قبل الماضي، أن الدمار في كل مكان.. فمسجد المدينة القديم الذي يعود تاريخ بنائه لأكثر من 800 عام، تم تدميره، بالإضافة إلى مساجد أخرى سنية وشيعية على حد سواء، وكذلك مبنى الإدارة المحلية الذي كان يحاول المحافظ منه النهوض بالحكم المحلي، تم تحويله إلى أنقاض.
لقد زرت مدرسة ابتدائية في مدينة صعدة، حيث تظهر تناقضات السياسة البريطانية المثيرة للقلق بوضوح تجاه اليمن، حيث عرض عليَّ مدير المدرسة بقايا ذخائر أمريكية وبريطانية الصنع قال إنها دمرت المدرسة.. 
وبينما كنا نشق طريقنا وسط أكوام الدمار والذخائر التي لم تنفجر بعد، كان هناك ضابط سابق في الجيش البريطاني يقود فريق عمل لتفكيك وتأمين هذه الذخائر، وبتمويل من دافعي الضرائب البريطانيين.. وكذلك الخيام التي تم نصبها كصفوف مدرسية، حيث تتواجد الكتب المدرسية التي دفعت المملكة المتحدة الكثير عليها، ويأتي الأطفال بكل حزم وشدة، وينشدون شعارات مناهضة للسعودية وأمريكا، الأمر الذي ينتج جيلاً جديداً ينشأ على الكراهية.
وبعد عناء وحذر اجتزت أكوام دمار منزل تم قصفه بإحدى القنابل، والتقيت بأحد الثلاثة الناجين من أسرة عدد أفرادها 27 شخصاً قتلوا، حيث لم يكونوا نشطاء سياسيين، ولكن كان لديهم عدد من صالونات الحلاقة، حيث تظهر كذلك الملصقات في مناطق مختلفة في المدينة باللغتين العربية والإنجليزية التي تقول: (قنابل أمريكا وبريطانيا تقتل الشعب اليمني).
ولتأكيد تناقض السياسية البريطانية تجاه اليمن، فقد مررت بأسوأ تجربة أثناء زيارتي لأحد المستشفيات القريبة الذي انسحبت منه (أطباء بلا حدود)، خوفاً على موظفيها، وأثناء زيارتي إلى القسم الخاص بمعالجة سوء التغذية كان يعمل أحد الأطباء الذي همس إليَّ قائلاً بأن المستشفى كذلك كان يتلقى التمويل من دافعي الضرائب البريطانيين.

لماذا سيفشل التحالف السعودي؟
إن الواقع المزعج الذي نواجهه نحن البريطانيين هو أن فشل التحالف السعودي أمر حتمي. هناك علاقة احترام متأصلة في اليمن نحو بريطانيا عبر الأجيال، وما يثير الدهشة أنها باقية وقوية. فعلى سبيل المثال الدور الجبار والعمل الإنساني الذي تقوم به منظمة أوكسفام البريطانية والأمم المتحدة، يقوم بتمويله البريطانيون.. باختصار هذا النشاط هو جزء من الإجابة على الحملة السلبية الحالية ضد المساعدات التي تشنها بعض وسائل الإعلام البريطانية، مع أنها مساعدات منقذة للحياة وتعيد الأمل لليمنيين الذين تحاصرهم الظروف البائسة.
إن قرار مجلس الأمن رقم 2216 يساند الحكومة السعودية وحلفاءها لفرض حصار على دولة ذات سيادة، حيث إن الحصار البري والبحري والجوي المفروض على اليمن ينذر بحدوث مجاعة، حيث تتحدث تقارير الأمم المتحدة أن 68% من سكان اليمن البالغ عددهم 27 مليوناً، يحتاجون إلى مساعدات غذائية.
هذه الحقائق غير المريحة بالنسبة للبريطانيين تعد في أوجها، وخصوصاً عندما نعيد النظر حول مدينة الحديدة، حيث تستورد اليمن 90% من المواد الغذائية، 80% منها تدخل عبر ميناء الحديدة. وبهذا الصدد تسعى بريطانيا جاهدة مع خبراء من وزارة التنمية الدولية البريطانية لإدخال أدوية ومواد غذائية إلى الحديدة، ولكن التحالف الذي نشكل جزءاً منه قام بقصف الميناء ودمر 5 رافعات أساسية لتفريغ شحنات السفن التي تصل إلى الميناء.
إن مأساة السعودية تتمثل باتخاذها سياسة ستسبب في خسارتها للأهداف التي تحاول تحقيقها، والدرس الذي تعلمناه هنا في بريطانيا هو أنه من الصعب التحكم بالأرض من الجو.
بينما عزيمة وشهية أعضاء التحالف السعودي للتدخل في اليمن سيتم التفوق عليها من قبل القوات الوطنية الثابتة على الأرض، وعلى الرغم من تفاوتها فقد توحدت بفعل العدوان وتصرفات الرياض، وتتحكم الآن بمعظم أجزاء البلاد.
وفي الحقيقة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي هو الرئيس الوحيد الذي عرفته يقوم بزيارة رسمية إلى بلاده، حيث يتنقل بين الفندق مقر إقامته في الرياض إلى السفينة البحرية التي تبرعت بها الإمارات المتحدة.
وبالنسبة للحوثيين الذين يتحكمون حالياً في العاصمة صنعاء، فقد عملوا على إحلال السلام والاستقرار، وذلك بمساعدة من المؤتمر الشعبي العام حزب الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، مما أكسبهم تأييداً شعبياً، بالإضافة إلى كونهم على الأقل يقومون بمعالجة بعض قضايا الفساد.
يجب أن نكون حذرين حول شيطنة الحوثيين وتصنيفهم كطرف تابع لإيران، لأنهم ليسوا كذلك، أما العنف الذي شاهدته في صنعاء فتسببه الغارات الجوية السعودية كل ليلة قضيتها في صنعاء- لقد كنت هناك - ونتيجة لذلك مهما تكن ماهية الصواب والخطأ في الأمر، فإن التحالف السعودي مقدر له الفشل بكل تأكيد.

بريطانيا لديها دور للقيام به
هناك حاجة إلى مفاوضات لوقف إطلاق النار بشكل فوري وإلغاء قرار مجلس الأمن 2216 بخصوص اليمن، وبريطانيا تمتلك قراراً بهذا الخصوص في مجلس الأمن.. ويفترض أن هذا لن يكون أمراً سهلاً، لكن من خلال مقابلتي ومناقشة الوضع مع صالح والحوثيين والصماد، وكذلك وزير الخارجية اليمني هشام عبدالله شرف، تم التوصل إلى نقطتين رئيستين.
الأولى هي قبول صالح والحوثين لرئاسة بريطانيا وتوسطها المفاوضات اليمنية السعودية في نطاق الأمم المتحدة، بالرغم من مساندتها للسعودية.
الأمر الآخر هو في حال تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، فسيقوم الحوثيون بسحب قواتهم وأسلحتهم من الحدود السعودية، والموافقة على 20 كم كمنطقة خالية من التواجد العسكري.
هل الحوثيون جادون بهذا الصدد؟ فليكن ذلك بمثابة اختبار لجديتهم، ففي حال تم الاتفاق على وقف إطلاق النار فستكون المهمة الأصعب بعد ذلك هي محادثات شاملة تجمع كل الأطراف اليمنية.
إن عملية كهذه يجب أن تراعي وتعترف بالكيانات القبلية والحكومية الضرورية لفهم السياسة اليمنية.
بالطبع قد تنشغل بريطانيا بقرار خروجها من الاتحاد الأوروبي عن لعب دور في اليمن، لكن مكانتها التاريخية تمكنها من ذلك.. والاستمرار في الفشل وعدم إحلال السلام في اليمن سيفسد ويهدم حياة وإمكانات بلد أبي يسكنه 27 مليون شخص.. أي أن عدم عمل أي شيء إزاء ما يجري في اليمن يعني تطرف جيل من الشبان الذين يفترض أن يكونوا في المدارس لتعلم المهارات الحياتية بدلا عن تشرب الكراهية لجيرانهم في المملكة والولايات المتحدة وبريطانيا.