بشرى الغيلي/ لا ميديا

وضعت إجاباتها على ورقةِ الأسئلة ووطن كبير ماثلٌ أمامها، وطموح لا حدود له، وخرجت لتوها 
من قاعةِ امتحان القبول بكليةِ الإعلام، أملا بتحديدِ وجهة مستقبلها الذي برمجت دماغها الصغير على الوصول لتلك اللحظةِ 
المصيرية. استوقفتها صحيفة (لا) وسألتها عن سبب اختيارها مجال الإعلام، فأجابت سارة السقاف: (دخلتُ كلية الإعلام بقناعةٍ شخصية، وحددتُ تخصصي من المرحلةِ الابتدائية، وفكر عقلي الصغير برسالةِ كل تخصصٍ من تخصصاتِ جامعةِ صنعاء،
 فوجدتُ نفسي أكثر في المجالِ الإعلامي، لأنه في رأيي الشخصي اختزل جميع الرسالاتِ في رسالةٍ واحدة).

أوراق المصير المنتظر
كان الجو غائماً، ورذاذ المطر الخفيف يصافح وجوه الواقفين لدخولِ قاعاتِ الامتحان. كل واحد منهم يتأبط أوراقه التي سيُحدد بها مصيره. 425 طالبا وطالبة تقدموا لامتحانات القبول للعام الجاري 2018/ 2019، وذلك حسب أيمن قائد ـ مندوب ملتقى الطالب الجامعي بكليةِ الإعلام، الذي أوضح لصحيفة (لا) أثناء تواجدها لتغطيةِ الحدث أنه سيتم اعتماد 150 طالبا وطالبة في المستوى العام، و150 طالبا وطالبة في المستوى الموازي. وعن معايير قبول الطلاب بالكلية قال قائد: (بعد تجاوز الطالب لورقةِ الأسئلة المباشرة، بعدها يخضع للمقابلة الشخصية، واعتماد 10% نسبة الثانوية العامة؛ المفاضلة).

العدوان قلّص نسبة الملتحقين
لوحظ هذا العام أن نسبة الملتحقين أقل بكثير منها العام الماضي الذي بلغ العدد فيه 500 ـ 600 طالب وطالبة. وقد أرجع قائد ذلك إلى عدة أسباب، منها: العدوان الغاشم على بلادنا الذي دخل عامه الرابع، وتأثير الوضع الاقتصادي الذي يضطر الطلاب للبحثِ عن مصدر رزق لعائلاتهم ويؤجلون التحاقهم بالجامعة. وختم بمعلومة مهمة مفادها أن كلية الإعلام هي الكلية الوحيدة التي استقبلت هذا العام 15 طالبا وطالبة من المكفوفين.
 
مظلومية شعبنا
وللإعلام في الوقتِ الراهن دور ورسالة ذات أهمية كبيرة، خاصة في ظل التعتيم الدولي الذي يمارسه العدوان الأمريكي السعودي، مما جعل البعض يفكر في حمل رسالة وطنية بدراسةِ الإعلام. تقول كوثر شرف الدين ـ مستوى أول: (دخلت كلية الإعلام كرغبة، ثم كهواية، وثالثا وهو الأهم إظهار مظلومية الشعب اليمني، لأن وسائل الإعلام الدولية تعتّم على قضيتنا وما يواجهه وطننا من عدوان أحمق).
وتتفق معها رقية سرحان - مستوى رابع إذاعة وتلفزيون، التي تقول: (درست الإعلام عن رغبة، وتخصصت إذاعة وتلفزيون لأكون من قادة الرأي).
إخلاص الجمرة -إحدى المتقدمات هذا العام للالتحاق بكلية الإعلام- تقول: (تقدمت للالتحاق بكلية الإعلام باقتناع، وكون أخي وزيراً في حكومة الأطفال، كذلك تقدمت لاختبارات قبول في إحدى الكليات أربع مرات ولم يتم قبولي، فاخترت الإعلام، وإن شاء الله أوفق).    

أهداف اجتماعية
بعض الطلاب القادمين من الريف اختاروا مجال الإعلام كهدفٍ لمواجهةِ بعض القضايا الوطنية والاجتماعية، كحال الحسين اليزيدي ـ محافظة حجة (كشر)، الذي قال: (دخلتُ كلية الإعلام لأوصل قضية وطني إلى العالم). وعن هدفه الاجتماعي يضيف اليزيدي: (قريتي تعاني من غلاء المهور، وقد حملتُ على عاتقي أن أوصل رسائلي الإعلامية بهذا الشأن، كوننا كشباب نعاني من هذه الظاهرة، وسأحاول مستقبلا بكل ما أوتيت من جهد أن أؤسس جمعية متخصصة بمكافحةِ هذه الظاهرة، عبر رسائل توعوية للآباء في مختلف تجمعاتهم).

مواجهةِ الحرب الإعلامية
حين يكون الوطن كقضيةٍ ماثلة نصب عيني دارس الإعلام، فإنه سيبذل جهداً بالغاً، ويدفعه الطموح لأن يكون أحد قادة الرأي، ومن يحدثون تغييراً في مجتمعاتهم، كما تقول وفاء عبدالفتاح الدكاك، إحدى المتقدمات للالتحاق بكلية الإعلام، التي قالت: "في ظل الأوضاع الراهنة التي نعيشها يجب أن نتكاتف جميعاً ضد عدوان غاشم يحاول زعزعة أمن الوطن، فرجالنا في جبهات العزة والشرف رفعوا وشرفوا بلدنا، ونحن سنكون يد العون لهم، فالحرب حرب عسكرية وحرب إعلامية، وأنا من هنا سأقوم بواجبي تجاه الوطن، وأشارك في الحرب الإعلامية ضد كل معتدٍ، سواء من الداخل أو من الخارج، ليوقنوا أننا شعب لا يقهر، وسأحاول جاهدة أن أكون إحدى الأيادي التي قال عنها رئيسنا الصماد رحمة الله تغشاه: يد تبني ويد تحمي".

صوت الفقراء
في ظل طغيان السياسة على الحياةِ الاجتماعية وقضاياها الإنسانية، يتخصص البعض في صحافة القضايا المجتمعية، والقضايا الإنسانية، كما تقول علياء الشامي ـ مستوى ثالث صحافة: (اخترتُ الإعلام لأكون صوت الفقراء والمظلومين).

أكملت الطب والتحقتْ بالإعلام
الطموح لا حدود له، فقد يسبق لطالبٍ أن تخرج في كليةٍ كــ(الطب)، ثم يلتحق بكليةِ السلطة الرابعة، كونها الصوت الذي يمكنه من بلوغ غايته وإيصال رسالته، أيا كانت، وفي مختلف المجالات. أمل علي إحدى المتقدمات للالتحاق بكلية الإعلام هذا العام، قالت إن دراسة الإعلام بالنسبة لها "هواية، وأحببتُ تنمية موهبتي بطرقٍ أكاديمية، رغم أنني تخرجت في كليةِ الطب بناءً على رغبةِ الأهل، وحاليا أتمنى أن أكون إحدى الإعلاميات).
وفاء نعمان لها وجهة نظر أخرى في اختيار مجال الإعلام، حيث تقول إن (العلاقات العامة تجعلك تلتقي بمجتمعاتٍ جديدة، وتقابل أشخاصاً جدداً، وسأدرس علاقات عامة).

منعطف
أخيراً نقول إن الإعلامي الحقيقي هو من يضعُ هدفاً سامياً نصب عينيه، يسعى للوصولِ إليه، ويحرص على تطويرِ أدواته الإعلامية، ومواكبة العصر، لأن الإعلام متجدد ولا يسير على وتيرة واحدة، ولا وفق نظرياتٍ بعينها. يبقى أن هناك من يأتون إلى بوابةِ الإعلام لا حباً في المهنة، وإنما لشهرةٍ يبتغونها، وهؤلاء سرعان ما يسقطون في وحلِ ما رسموه من أهدافٍ هشة، لأن ما بني على باطل فهو باطل. والأجمل في الموضوع أن القائمين على كليةِ الإعلام أعادوا هيبتها من خلالِ بعض الإجراءات التي تميز المستحق لدراسةِ المجال الإعلامي من سواه.