في الآونة الأخيرة، باتت العملات الرقمية محل اهتمام شرائح أوسع عالمياً، على الرغم من التحذيرات التي تُصدرها بعض الحكومات والمصارف الوطنية، وعلى الرغم من عدم وجود مُعطيات وافية تضمن استقرار هذه العملات.

في العام 2009، حدث في إيران ما عُرف في الإعلام الغربي بـ"الثورة الخضراء" التي أعقبت انتخابات الرئاسة آنذاك.

يومها، كانت التقديرات تشير إلى وجود مليون هاتف ذكي في إيران، مع نسبة بطالة تُناهِز 11.9% و17 مليون إيراني ممن لم يتخطّوا الخمسة عشر عاماً.

في العام 2018، صار عدد الهواتف الذكية في إيران يفوق الـ 48 مليون هاتف، مع نسبة بطالة تُناهِز 12.6% و 19 مليون إيراني ما دون الخمسة عشر عاماً.

هذه الأرقام تعكس جانباً بسيطاً من نموّ المجتمع الإيراني وطبيعة التحدّيات التي تواجهه بسرعة، فضلاً عن الإمكانات التي يكتنزها.

في الآونة الأخيرة، باتت العملات الرقمية محل اهتمام شرائح أوسع عالمياً، على الرغم من التحذيرات التي تُصدرها بعض الحكومات والمصارف الوطنية، وعلى الرغم من عدم وجود مُعطيات وافية تضمن استقرار هذه العملات.

وبطبيعة الحال كان متوقّعاً أن تنظر دول الشرق الأوسط بعين الريبة إلى موضوع العملات الرقمية المُشفّرة، لما واكبها من غموضٍ لناحية الإصدار والعوامل المؤثّرة بها، لكن إيران في طريقها لاختراق هذا الغموض عبر دراسة هذا السوق بتمعّن.

وفي حين لم يتّضح بعد ما إذا كان المسار الإيراني في هذا المجال سيتّخذ من التجربة الفنزويلية مثالاً بعد أن أصدرت عملة رقمية مُشفّرة خاصة بها، فإن الأكيد أن البنك المركزي الإيراني يدرس ويناقش حالياً آلية عمل العملات الرقمية المُشفّرة الحالية وهو مُدرِك لمخاطرها، بحسب ما يدلّ عليه بيان المصرف المركزي الذي يُحذّر المواطنين الإيرانيين من التداول بهذه العملات.

التجربة الفنزويلية، التي تُوّجِت بإصدار عملة "بترو" استهدفت "الالتفاف" على العقوبات الأميركية، لا تنفي "تهمة" التهرّب من العقوبات كأحد أسباب الإصدار، في حين أن طهران تؤكّد عبر بيانات مصرفها رفض التعامل بالعملات الرقمية المُشفّرة وسط ترقّب أميركي لحقيقة هذا الأمر.

وبغضّ النظر عن حقيقة الموقف الإيراني، فإن طبيعة العملات الرقمية المُشفّرة وآليات التداول بها تشكلّ فرصة للحكومات لمواجهة العقوبات الدولية، من دون أن يعني ذلك أن للمواطنين مصلحة مباشرة في التداول بشكل فردي.

هذه الفرصة تشكّل محل اهتمام لوزارة الخزانة الأميركية التي تسعى إلى إصدار تشريعات دولية جديدة تُدرج من خلالها تعامل الحكومات - التي تعاقبها  - بالعملات الرقمية المُشفّرة ضمن خانة خرق العقوبات المفروضة. وبالتالي فإن أية خطوة إيرانية رسمية في أسواق "البيتكوين" وأخواتها لن تكون علنية بالتأكيد، بل ستتّخذ أطراً ومسارات غير رسمية، ولن يكون من السهل على واشنطن رصدها.
عبد الله محمّد