صارت اليمن جزءًا أصيلاً من محور المقاومة في المنطقة، متمردة على حظائر التبعية والارتهان. سوريا وإيران وحزب الله واليمن على قاعدة العلاقات الإنسانية التحررية الندية في مواجهة الاستكبار والهيمنة الإمبريالية والمصالح المشتركة..  يؤكد الرئيس الصماد بالقول: لدينا ارتباطاتنا بمحور المقاومة..
وتحدث سماحة السيد حسن نصر الله عن رسالة قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي التي يعد فيها بالمشاركة بالرجال والعتاد إلى جانب محور المقاومة في أية حرب قادمة مع الكيان الصهيوني. وقبل ذلك، صرح أن اليمن جزء من محور المقاومة.. وفي وقت سابق، قال قائد الثورة: على إسرائيل أن تحسب اليمن في أية حرب قادمة ستشنها على لبنان.. بطبيعة الحال، تعمل الإدارة الأمريكية منذ نعومة أظافرها في المنطقة، أن تجعل من العالم العربي والإسلامي جزراً معزولة عن بعضها، لصالح دمجها في شبكة المصالح الاستعمارية الأمريكية الغربية، ولذا - مثلاً- كانت العلاقات العربية التجارية والاقتصادية مع إيران الثورة في أسوأ أحوالها لأسباب سياسية هي الانحياز للمشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة.
فرص مهدرة
وعلى الرغم من الفرص الاستثمارية والتجارية الرابحة التي توفرها البيئة الإيرانية نجد عزوفاً عربياً عنها، وبعد الاتفاق النووي الإيراني ورفع الحصار اتجهت القوى الاقتصادية في أنحاء العالم لاسيما الغربي والآسيوي إلى الاستثمار في ومع الاقتصاد الإيراني.. يتوافد الجميع إلى طهران لعقد الصفقات التجارية والاستثمارية ما بعد الاتفاق النووي، فمع إلغاء العقوبات تذهب بعض التوقعات إلى أنه سيتم الإفراج عن 100 إلى 140 مليار دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في البنوك العالمية. ويأتي ذلك في وقت خططت فيه إيران لتحديث بنيتها التحتية والصناعية في إطار مشاريع كلفتها مئات المليارات على مدى السنوات الـ10 القادمة. ويبرز من بينها شراء أكثر من 100 طائرة ركاب من شركة (إيرباص) الأوروبية وبناء 6 مناطق صناعية حرة على الساحل الشرقي للخليج و12 مطاراً جديداً. وعلى ضوء ذلك يتوقع شركاء تقليديون لإيران، مثل ألمانيا، مضاعفة التبادل التجاري إلى أربعة أمثاله بحلول عام 2020، بحيث يرتفع من 2.4 إلى 10 مليارات يورو.
وتعد السوق الإيرانية أحد أكبر أسواق الشرق الأوسط بعدد مستهلكين يصل إلى 80 مليون نسمة. وتذهب غالبية التقديرات إلى أن إيران بحاجة إلى استثمارات تزيد قيمتها عن 250 مليار دولار خلال السنوات الـ10 القادمة من أجل تحديث اقتصادها الذي عانى من العقوبات على مدى 3 عقود ونصف العقد.
وفي ما يبدو، ستتصدر إيران، عما قريب، سوق الغاز، لاسيما في المنطقة، إذ تمتلك ثاني أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم -بحجم 33 تريليون متر مكعب- بعد روسيا التي تمتلك أكثر من 49 تريليون متر مكعب.. إضافة إلى بيئة وإمكانيات وبنية تحتية من مطارات وموانئ وطرق...، جاذبة للاستثمارات وواعدة بانتعاش ضخم للأطراف المستغلة لهذه الميزات.
وأمام ذلك كله أين العرب من فرص التجارة والاستثمار والمنافع المتبادلة التي يسابق إليها العالم في إيران؟! علما أن معظم الاستثمارات العربية لاسيما الخليجية تكمن معظم أنشطتها في الغرب وبالمقدمة أمريكا، وبرؤوس أموال تقدر بمئات المليارات من الدولارات الخاضعة في حركتها لشروط الدول الاستعمارية والواقعة تحت طائل القرصنة والابتزاز الأمريكي، كما حدث عقب الأزمة المالية أو مع قوانين تعويضات أحداث 11 سبتمبر.
فعلياً، لم تكن هناك دوافع عربية للاستفادة التجارية والاستثمار مع إيران برغم ما تقدم من فوائد، إذ تعيش السوق العربية حالة تبعية كاملة للسوق الدولية التي تحتكرها (منظمة التجارة العالمية) المهيمن عليها أمريكياً وغربياً, وغرقت في فخاخ سياساتها التي جعلت منها دولاً/ أسواقاً استهلاكية بامتياز لصالح المنظمة، وأساس ذلك كله هو العمالة السياسية للقادة العرب والولاء لمنظومة الاستكبار.
وطبقاً للمعلومات، فقد استغلت الإمارات فترة العقوبات لتتحول إلى أهم منطقة للتبادل التجاري مع إيران. إذ تشحن معظم الشركات الأجنبية البضائع الموجهة إلى الأسواق الإيرانية عبر إمارة دبي، ومن هناك تتم إعادة تصديرها إلى إيران، بسبب منع تجارة الكثير من السلع الأجنبية معها بشكل مباشر إبان الحصار.. وتقدر نشرة مؤسسة التجارة والاستثمارات الألمانية (Germany Trade& Inve) أن أكثر من 50% من الواردات الإيرانية، التي بلغت قيمتها 65 مليار دولار، عام 2014م، تمت عن طريق الإمارات، وفي إطار هذه الفوائد المتحققة يوجد فيها جالية بنحو مليون شخص. وهناك ما يقرب من 6500 شركة إيرانية تعمل في الإمارات، فيما بلغت الأموال التي أدخلها مستثمرون إيرانيون إلى دبي وحدها أكثر من 200 مليار دولار عام 2005م، مع قرابة 300 مليار دولار في 2006م. وخوفاً من فقد هذه الاستثمارات أو تضاؤلها، إلى جانب التوجه الإيراني لإنشاء مدن حرة تجارية وصناعية في شواطئ الخليج الفارسي، والتي ستكون منافسة للموانئ الإماراتية، تبدو أبوظبي من القوى الأساسية العاملة لإبقاء إيران تحت وطأة الحصار والعقوبات.

حدود الحصار على إيران
بعد أكثر من 35 عاماً من الحصار والعقوبات على إيران، صارت الأخيرة دولة نووية بجدارة وصلت إلى الاكتفاء الذاتي بإنتاج اليورانيوم والبلوتونيوم والماء الثقيل وتصنيع أجهزة الطرد المركزي المتطورة، وناصية تكنولوجيا وتقنية متقدمة ومنافسة، فضلاً عن اقتصاد صناعي قوي مستقل، فشلت كل العقوبات في الوقوف بوجهه، لتجبر أميركا على إعادة القراءة في سياستها تجاه إيران والتوصل إلى تسوية معها.. فالحصار على إيران، إلى جانب كونه محاولة لإنهاكها وصولاً إلى تدمير الإنجازات الثورة في شتى المجالات، فهو عملية عزل لقوة تحررية في المنطقة من أن ترتبط بالقوى التحررية الأخرى، لاسيما في سوريا ولبنان، ومؤخراً العراق واليمن. ومن أن تمد إيران وكافة محور المقاومة، جسور العلاقات إلى دول المنطقة لتعزل عن محيطها وتمنع التبادل لاسيما المعرفي والتكنولوجي والحربي.
ولا غرابة أن أحد المطالب الرئيسية التي قدمتها دول الحصار من ضمن المطالب الـ13 لقطر، أن تعلن الدوحة رسمياً خفض التمثيل الدبلوماسي مع إيران وإغلاق البعثات الإيرانية الرسمية لديها مع الاحتفاظ بتبادل تجاري تحت المراقبة..
وكانت الرياض إثر الأحداث التي آلت إليها عملية إعدام العالم الشهيد نمر النمر، قطعت العلاقات الدبلوماسية كافة مع طهران.

محور المقاومة
دشنت دول محور المقاومة علاقات منافع متبادلة في التجارة والصناعة والمعارف والتكنولوجيا والبعثات الثقافية والعلاجية، إذ شهدت الصناعات الإيرانية مؤخراً رواجاً في الأسواق العراقية والسورية، قابلها استثمارات إيرانية صناعية وتكنولوجية خاصة سوريا. ودخلت الأخيرة حرباً كونية مع القوى الدولية الطامحة بالفتك بالدولة السورية ونظامها وجيشها، كانت خلالها طهران حليفاً استراتيجياً لدمشق عتاداً وعديداً ومعلومات وتقنية، ولعبت دوراً هاماً في الانتصار على تحالف داعش الإمبريالي.
وتعليقاً على الفوضى التي شهدتها إيران مؤخراً بتدبير استخباراتي أمريكي صهيوني، علق ترامب بأن (التظاهرات في إيران طالبت بقطع العلاقات مع سوريا والعراق وحزب الله)! ويأتي ذلك باتساق مع المشروع الذي يصارع لعزل دول المقاومة عن بعضها وضرب إنجازاتها.
ويخشى تحالف قوى العدوان الأمريكي، من أن تلج اليمن هذا المحور عملياً من حيث انفتاح العلاقات والثمار التي ستتحقق منه اطراداً مع الخسائر التي سيحققها التحالف مع إنجاز معركة التحرر اليمنية.
يقول بن سلمان: لن نسمح بوجود حزب الله آخر في اليمن. مُعبراً هُنا لا عن إرادة سعودية أكثر منها صهيونية سبق لمسؤوليها الإفصاح العلني عنها في الفترات الأولى من العدوان على اليمن.
العلاج بين سوريا والأردن وأمريكا
يتطلب الذهاب للعلاج إلى الأردن (فيزا) دخول وتكاليف ضخمة، بينما لا ضمانات أو تعويضات للمرضى إذا فشل علاجهم أو تعرضوا لانتكاسات أخرى، خاصة مع سوء المعاملة الشهيرة التي يتعرض لها المرضى اليمنيون هناك من العاملين في المستشفيات إن لم يكونوا ميسوري الحال. وفي أمريكا وإلى جانب (الفيزا) يتطلب العلاج فيها أن يكون لدى المرضى (تأمين صحي) كضمانة على تحمل تكاليف العلاج، إذ إن العلاج هناك هو تجارة لا خدمة إنسانية.. وبالمقارنة مع محور المقاومة، سوريا أنموذجاً، فإن التطبيب يعد أكثر نجاعة وتطوراً من جارتها الأردن، ولا يتطلب الدخول إليها (الفيزا) أو تكاليف باهظة، انطلاقاً من وعي الأخوة العربية والإنسانية. بيد أن الذهاب إلى سوريا للعلاج أقل بكثير جداً عن الأردن، كمفارقة تدل على مدى عمل الاستعمار لعزل هذه البلدان التحررية.
 
اليمن وإيران والمنطقة
في اجتماع للغرفة التجارية بمحافظة تعز ما بعد 2012م، أقر أن على المستوردين جلب السلع التركية وإن كانت رديئة وغالية الثمن، وتهميش السلع الإيرانية حتى وإن كانت أكثر جودة وأقل ثمناً!
ويفترض أن العلاقات بين البلدان قائمة على المصالح والمنافع المتبادلة، لكن ذلك ما لا يحدث.
ووقعت اليمن إبان حكم صالح اتفاقية للتبادل التجاري والثقافي مع إيران، لكنها ظلت مجمدة حتى العالم 2014م.
ولربما كانت تحويلات المغتربين في السعودية بالدرجة الأولى، مصدراً للدخل القومي اليمني، إلا أن القابعين هناك من اليمنيين يرزحون في أوضاع مأساوية من المهانة والخوف والاستغلال والظلم. ويفتقد المقيم اليمني أبسط الحقوق الإنسانية المكفولة في كل الشرائع، حيث يمنع اليمني من العلاج في المستشفيات الحكومية السعودية، بينما العلاج في المستشفيات الخاصة باهظ الكلفة. كما يمنع المقيمون اليمنيون من الالتحاق بالجامعات السعودية بأشكالها. والحال مشابه كثيراً في الإمارات. ومنذ بداية العدوان على اليمن، اشتدت شراسة التعسف والظلم للمغترب اليمني، وتم ترحيل المئات وسلبهم ممتلكاتهم ومصادرة أوراقهم، علاوة على رفع قيمة (الكفالة) وتعقيد إجراءاتها.

التبادل الثقافي مع إيران
توفر إيران سنوياً مئات المقاعد الدراسية المجانية في شتى المجالات لمختلف أبناء العالم العربي، وحازت اليمن على نصيب كبير منها على الرغم من تنصل الحكومة من دفع نفقات المعيشة.
ووفقاً للمعلومات التي حصلت عليها (لا) من مصادر عدة، فإن إيران تهدي في المتوسط 30 مقعداً مجانياً لليمنيين كل عام، معظمها من فئتي (أ: توفير سكن ومبلغ شهري رمزي) و(ب: توفير سكن).. وبحسب المعلومات التي حصلت عليها (لا)، فقد قطعت  حكومة (الوفاق) بعد صعودها النفقات عن الطلبة اليمنيين في إيران عمداً، ابتزازاً لهم كي يغادروها، لكنهم تمكنوا من الحصول على عمل هناك ومتابعة تعليمهم.