قصص من دهاليز المستشفى العسكري
جرحى الجيش واللجان: معنوياتنا فوق السحاب ولن ننتظر أن تلتئم جراحنا

كبرياء بلد وشموخ لا يصد ولا يرد يجسده أبطال الجيش واللجان الشعبية بثبات وعزيمة لا مثيل لهما في مواجهة أعتى قوى الشر العالمية على ساحات الشرف والبطولة. . عندما تلتقي بجرحى أبطال الجيش واللجان الشعبية فإنك تشاهد أمامك الصورة الحقيقية لمعنى التحدي والصمود، رجال هاماتهم شامخة كالجبال، لا يأبهون لجراحهم مطلقاً، فهم يصرخون في وجه العدو حتى وقت الألم، وبالرغم من إصاباتهم إلا أنهم يتمتعون بمعنويات أكثر من عالية، يخشاهم الموت الذي يعشقونه في سبيل الوطن والعزة والكرامة.
جروحهم التي تحكي بطولاتهم العظيمة تضمد جراح الشعب، وتمده بالعزيمة والأمل، يتحرقون شوقاً للجبهات من جديد. . إنهم يرسمون بدمائهم حلم كل اليمنيين بالحرية والاستقلال، فترى فجر اليمن المشرق يبزغ من جباههم المتوجة بالصلاة والصمود والنصر المبين. . صحيفة (لا) تروي تفاصيل زيارتها لجرحى الجيش واللجان الشعبية في المستشفى العسكري بصنعاء ومعنوياتهم العالية التي تنطق بها أرواحهم المتوقدة قبل أفواههم، وتنقل صورة المشهد الأسطوري الذي يجسده رجال الرجال في تغلبهم على الجراح والألم.  

الاشتياق 
إن قصص البطولة الحقيقية لا تتكرر كثيراً إلا في هذا البلد الطاهر، رجالاً، شباباً وشيوخاً، ومن مختلف الفئات العمرية، تركوا أهلهم وملذات الدنيا ومغرياتها، حفاة عراة يتسابقون لنيل الشهادة في سبيل الله والوطن، سلاحهم الإيمان والإرادة، وقضيتهم تحقيق الحرية والعدالة في زمن يسير فيه كل شيء بالمقلوب. 
(أبو علي) بطل من أبطال الجيش واللجان، ترك زوجته وأولاده الأربعة ذاهباً للدفاع عن كرامة البلد وأبنائه، أصيب 4 مرات في جبهات عدة، وما يلبث أن يتعافى من إصابته في كل مرة حتى ينطلق إلى ميادين العزة والكرامة من جديد. التقت به صحيفة (لا) في زيارتها الميدانية لجرحى الجيش واللجان، بدت على وجهه ملامح الضيق، وفي سؤالنا عن السبب؟ أجاب أنه متضايق من نصائح الطبيب الذي قال له إن عليه أن يأخذ أسبوعاً إضافياً للراحة حتى يتعافى كلياً من إصابته. (وأنا أشتي أروح الجبهة، مقدرش أجلس هنا، ما يجي لي نوم) بهذه الكلمات أكد الجريح البطل أن بقاءه في المستشفى يشعره بالذنب بعيداً عن رفاقه الذين يخوضون معركة الكرامة ضد العدو الأمريكي السعودي. 

فرسان المعركة 
للمتأمل فإن جرحى الجيش واللجان في سباق عصري مع الزمن، فهم لا يريدون أن يفرطوا بلحظة واحدة من حياتهم خارج أرض المعركة، إنهم نتاج زمن طويل من المعاناة والمظلومية، وتلك ليست بمفارقة أن يصبحوا اليوم فرسان المعركة. 
الجريح البطل دارس أحمد هبة أصيب بشظية في ظهره خلال المعارك الأخيرة في مديرية نهم، وفي حديثه لصحيفة (لا) يصف تلك المعارك بالضارية التي تكبد العدو خلالها خسائر بشرية فادحة.
وبالرغم من إصابته البالغة إلا أنها لم تقف عائقاً أمام عزيمته الشديدة والحماس الذي يبديه شوقاً للجبهات هو الآخر.. يقول الجريح البطل لصحيفة (لا): لا أستطيع أن أبقى في المستشفى طويلاً، سأجري عملية جراحية في الظهر غداً، وبعد غد سأكون في الجبهة.

شجاعة الرجال
الشجاعة فطرة مزروعة في قلوب كل أبطال الجيش واللجان، فهذا الجريح البطل أمين قائد حيدر الذي أصيب في منطقة ثعبان بقطاع عسير، يحكي لصحيفة (لا) تفاصيل إحدى العمليات الهجومية التي نفذها الأبطال في نجران، قائلاً: (في إحدى المرات قمنا بالهجوم على أحد مقرات الجيش السعودي في نجران، وكان عدد الجنود يتجاوز الـ50 فرداً، بينما نحن 3 أفراد فقط، وقمنا بطريقة عسكرية مذهلة حتى تمكنا من الالتفاف عليهم، وعندما بدأنا بالزحف لمحنا أحد المرتزقة الجنجويد، فترك سلاحه وفر هارباً وهو يصرخ). وفي حادثة إصابته يقول: (عندما أصبت كنا في مكان وعر وضيق وجبال شاهقة تحيط بنا وطائرات الاستطلاع تحلق فوقنا وأخرى تقصف بشكل كثيف، فقلت لزملائي أرجوكم لا تسعفوني وتعرضوا حياتكم للخطر، فواحد منا يستشهد أفضل من 4، إلا أنهم أخذوني وسافروا بي على ظهورهم لمدة 3 أيام حتى وصلت إلى مكان آمن).
إذا ما تمعنا في التضحيات التي يقدمها رجال الرجال من دمائهم وأرواحهم دفاعاً عن البلد والأرض والإنسان، فإن السؤال يطرح نفسه لمن لا زال مقعداً في بيته ولم يلتحق بالجبهات: إذا لم ندافع عن الوطن اليوم فمتى إذن؟!
وهذا أبو محمد جريح آخر يوجه رسالة عبر صحيفة (لا) لجميع المتخاذلين، مفادها أن العار سيلاحقهم جيلاً بعد جيل، مؤكداً أنه (مهما تخاذلتم لن نسمح أبداً بأن يبقى العدو على أرض البلد، ولو بقي منا رجل واحد).

شرف المشاركة 
في مجمل ما تحدث به الجرحى عن إصاباتهم فإن كيفية إسعافهم تحتاج للمغامرة لشدة مخاطرها، فهذا أبو أحمد يروي لصحيفة (لا) تفاصيل إسعافه بعد إصابته قائلاً: (كنت و5 من زملائي في مهمة اقتحام لأحد مواقع العدو في جيزان، وإذا بطائرة العدوان تطلق صاروخاً على مكان تواجدنا، فاستشهد على إثره 2 منا، وتعرضت للإصابة في ساقي، فقام أحد الأبطال بحملي على ظهره بيد، ويده الأخرى تطلق النيران باتجاه مرتزقة الجيش السعودي، وظل البطل يمشي بي مسافة كبيرة جداً ووعرة، وتسلق بي الجبال حتى أوصلني إلى مكان آمن).
هذا المشهد البطولي ليس في أفلام هوليوود أو بوليود، بل هو مشهد بطولي حقيقي يدونه أبطال الجيش واللجان في جبهات الشرف.
وإذا ما نظرنا لتلك الروح القتالية العالية التي يتمتع بها الجرحى وهم يتحدثون بشغف عن جبهات الشرف، فإن الجميع بحاجة لأن ينالوا شرف المشاركة في جبهات العزة والكرامة التي تجعل الإنسان أكثر قوة وعزة بنفسه، هكذا كما رأيناها في وجوه جرحى الجيش واللجان. 

فوق السحاب 
بدا المقاتل اليمني شبح الموت الأحمر الذي يلاحق مرتزقة العدو السعودي وفلوله أينما ذهبوا، فقد أحدثت الضربات المتوالية للجيش واللجان فجوة عميقة في أذهان مرتزقة العدو، وبثت الرعب في قلوبهم.
(المعنويات عالية فوق السحاب، ولن ننتظر أن تلتئم جراحنا) بهذه الكلمات صرخ الجريح البطل عبدالإله محمد النجوة، أحد الجرحى الأبطال الذين أصيبوا خلال التقدم الذي أحرزه أبطال الجيش واللجان في مديرية المصلوب بمحافظة الجوف، الشهر الماضي.
وخلال حديثه لصحيفة (لا) أكد الجريح البطل أن مرتزقة العدو السعودي يتهاوون شيئاً فشيئاً، وأنهم غير قادرين على المواجهة. ويصف الجريح النجوة خوف وذعر المرتزقة قائلاً: (كلما اقتربنا من مرتزقة العدو اطمأننا، وكلما وصلنا نصرخ فقط ونراهم يفرون كالجرذان).

تحرير الأمة 
معنويات عالية وهمة تجسد عمق المسؤولية التي يتحملها كل مقاتل من أبطال الجيش واللجان الشعبية، ومستوى الوعي بالمؤامرات التي يعدها أعداء الأمة. 
الجريح البطل المقدم منصور أحمد عوض، أركان حرب كتيبة الدبابات في اللواء 101، وأحد خريجي كتائب الشهيد الملصي، والذي أصيب في هجوم على مواقع المرتزقة في قرية الصيار بمديرية الصلو، والتي انتهت بسيطرة كاملة لقوات الجيش واللجان، يصف مجريات المعركة قائلاً: (نحن نواجه أحدث التقنيات العسكرية جواً وبحراً وبراً ومرتزقة من مختلف الجنسيات بعتاد متواضع، لكننا نحصد النصر دائماً). وعن الأسباب يقول الجريح البطل: (الإيمان الوثيق بالله سبحان الله تعالى وتأييده لنا، ولدينا قضية عادلة، ونحمل هم أمة، وقد اصطفانا الله لتحريرها من التجبر الصهيوني الأمريكي).

التأييد الإلهي 
لا يبدو الحديث عن التأييد الإلهي بعيداً عن الواقع، فما من أمة تقاتل عن شرفها وكرامتها وحقوقها المشروعة، إلا كان الله معها وناصرها.
وفي حديثه لصحيفة (لا) يصف الجريح البطل عوض، العدو بأنه أصبح مادة للسخرية والتندر، قائلاً: (العدو يبرر هزائمه المتواصلة بأن قوات الجيش واللجان الشعبية تستخدم السحر، وهذا هروب من حقيقة واضحة مفادها أن هناك تأييداً إلهياً يرافقنا منذ بدء دوراتنا العسكرية وحتى ميدان المواجهة).
ويروي الجريح عوض تفاصيل إحدى الهجمات التي قام بها هو ورفاقه، قائلاً: (متعارف في التكتيك العسكري أن المهاجم يخسر دائماً، إلا أننا في الجيش واللجان أثبتنا عكس ذلك، فنحن نهاجم ونكبد العدو خسائر فادحة، وفي مرة قمنا بهجوم واسع على مواقع المرتزقة في الساحل الغربي لمحافظة تعز، وتقدمنا، وعندما اقتحمناه لم نكن نتجاوز 10 أفراد في مقابل مئات من المرتزقة).
ويختم الجريح البطل على لسان رفاقه الأبطال قائلاً: انطلقنا من أجل رفع الوصاية الأمريكية على البلد، ونقول للعالم أجمع إنه مهما حشدتم فإنكم لن تستطيعوا أن تحققوا أي نصر على أرض نبذت كل الغزاة على مر التاريخ. 

حاضرون 
جرحى الجيش واللجان حاضرون في ميدان المعركة حتى وهم في أسرَّة العلاج، فهم ليسوا بعيدين عما يحدث، إذ يوجد في كل غرفة شاشة تلفزيون لمتابعة أخبار الجبهات ومشاهدة كلمات قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي. الجريح البطل عيسى منصور صالح، من جبهة المخا، أصيب بلغم أثناء إمداد المقاتلين بالغذاء، أكد في حديثه لصحيفة (لا) أن مندوباً ثقافياً من الجيش واللجان يوافيهم بجميع الصحف والمنشورات بشكل أسبوعي.

مستقبل مشرق يلوح في الأفق 
قصص بطولية كثيرة تخلدها بندقية أبطال الجيش واللجان في جبهات القتال في الشجاعة والتعاون والأخلاق، تفاصيل صغيرة تدونها طلقة بندقية صوب خاصرة العدو، وطلقة أخرى في الهواء تتيح له الأمان عند فراره.. حكايات شاهدة على العصر والتاريخ لا تحدث إلا مرة واحدة وفي بلد واحد اسمه اليمن السعيد قوامه سواعد الرجال وركائزه البأس والإيمان.
إذا ما تأملنا جيداً في تلك الوجوه التي تشع أملاً ووعداً بالنصر، فإن خلف كل بطل حكاية تحدٍّ وصمود، وخلف كل قطرة دم سالت من أجسادهم الطاهرة مستقبلاً مشرقاً يلوح في الأفق، وإلى ذلك فإن سواعدهم لا تكل ولا تمل في الدفاع عن الوطن حتى آخر قطرة من دمائهم، حنينهم إلى جبهات الشرف شعور يلازمهم في كل لحظة، فما تلبث جروحهم أن تلتئم حتى يتسابقوا للعودة إلى ساحات القتال.
وبدلاً من أن نمدهم بالمعنويات فقد خرجنا بعد زيارتنا وهم يرفعون معنويات شعب بأكمله، ويؤكدون أن النصر قادم لا محالة.