قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إنّ "الإرهاب والتطرف توأمان ولدا بسبب عدم نجاعة الوضع الدولي الحالي" وأشار إلى أنّه "لا يمكن مواجهة الإرهاب والتطرف في منطقة محددة فقط وبالاتكاء الصرف على الآلة العسكرية".
وقال ظريف في مقالة له إنّ "اقتلاع المنظمات المتطرفة الإرهابية من جذورها بشكل حقيقي هو ضرورة ملحة اليوم لكنه خطوة أولى نحو جهد أكبر" مضيفاً إنه "يمكن فهم لماذا وكيف وصلت الأمور إلى طريق مسدود من خلال قول مستشار الأمن القومي لإحدى دول المنطقة بأن "المتطرفين والقوات المسلحة السورية سيقتلون بعضهم بعضاً" وهو ما ترافق مع تسليح وتوفير الدعم المالي للمجموعات المتطرفة كداعش وجبهة النصرة لخوض حروب الوكالة في سوريا والعراق وغيرهما، لافتاً إلى "أنّ ما أرادوه لم يتحقق".
وتحدث وزير الخارجية الإيراني عن ثلاثة تصورات خاطئة يجب إصلاحها هي النهج الغالب المصوّر عن الإرهاب في أميركا وبقية الدول هو لاستغلاله سياسياً والاستفادة منه داخلياً، و"اتهام الغرب من قبلنا واتهام الغرب لنا"، ووجود علاقة بين الديكتاتورية والإرهاب وأن الديمقراطيات لا تقاتل بعضها بعضاً.
ولفت ظريف إلى أنّ "الأوضاع التي نعيشها أسوء من أن نضيع الوقت بلوم بعضنا البعض رغم وجود اتهامات عديدة ممكنة لكن علينا ترك عادة إلقاء الكرة في ملعب بعضنا البعض" مشدداً على ضرورة أن تقبل "جميع القوى الإقليمية بسمة المرحلة الحالية وهي عدم نجاعة الإخضاع والهيمنة والسير مع إيران".
ورأى أنّ بعض الحكومات ترتكب خطأً قاتلاً من خلال كيل الاتهامات وحرف الغضب المجتمعي نحو عدو وهمي خارجي للقضاء على التهديد الداخلي و الوجودي الذي تواجهه.
من جهة ثانية قال ظريف إنّ "سقوط صدام حسين وظهور حكومة منتخبة في العراق خلقا قلقاً لدى بعض دول المنطقة من تغير الموازين في غرب آسيا لصالح إيران وتحول الأمر إلى رعب بعد سقوط حكومات صديقة لها في شمال أفريقيا وثورة اليمن". 
ونوّه إلى أنّه "لا يمكن إغفال الدعم الواضح لبعض دول المنطقة الحليفة للغرب لقاعدة العراق بقيادة الزرقاوي من خلال شراكة مع بقايا حزب البعث وبعد ذلك داعش والمجموعات المشابهة".
وأكّد وزير الخارجية الإيراني أنّ طهران "مؤمنة بضرورة مواجهة الإرهاب بشكل حاسم وشامل وترى أنّ القضاء عليه رهن بمشاركة جميع اللاعبين على المستويين الإقليمي والدولي" آملة أن تكون "جميع دول الخليج قد فهمت درس حرب الثماني سنوات التي فرضها نظام صدام حسين على إيران وأنّ عليهم عدم فرض نزاع عسكري مجدداً وأنّ الرعب الذي خلقوه من عدو وهمي "تحول إلى كابوس لهم".  
وتابع ظريف "إنّه توجد ضرورة لإيجاد آليات لأمن المنطقة وهذا مدرج ضمن البند الثّامن لقرار مجلس الامن الدولي رقم ٥٩٨ الذي أنهى الحرب الايرانية العراقية" معتبراً أن إعادة السلام والاستقرار إلى المنطقة خصوصاً الخليج تستوجب "القبول بقواعد مشتركة لتحقيق تعاون أمني إقليمي جماعي" على حد قول ظريف.
وبهدف التغلّب على الفرقة والتوتر، يشير ظريف إلى آلية عمل "تبدأ بمجمّع حوار إقليمي قائم على قواعد عامة محدّدة وأهداف مشتركة تضمن احترام السيادة ووحدة أراضي واستقلال جميع الدول وعدم تغيير الحدود الدولية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين والحل السلمي للخلافات ومنع التهديد والدعوة للسلام والاستقرار والتقدم في المنطقة".
وقال وزير الخارجية الإيراني إن وجود هذا المجمع سيؤدي إلى تحقيق توافق حول جملة من القضايا ومن ذلك "اتخاذ تدابير بناء الثقة و ضمان الأمن" إضافةً إلى محاربة الإرهاب والتطرف وضمان حرية الملاحة وجريان النفط والحفاظ على البيئة. وفي النهاية يمكن لهذا المجمع أنّ يؤدي إلى توسيع التعاون الأمني، لافتاً إلى أنه "لا يوجد حلّ وسط في معادلات العالم اليوم فإما سيناريو "خاسر - خاسر" أو سيناريو "رابح - رابح".
وحول وجود حلّ عسكري في العراق وسوريا واليمن والبحرين نفى ظريف الأمر، قائلاً إنّ "الحل السياسي لا يلغي أو يهمش أيّ لاعب باستثناء من يدعم التطرف ويقوده".
وتوقف وزير الخارجية الإيراني في مقالته عند التطورات الإيجابية في لبنان والتي أدّت إلى انتخاب رئيس بعد سنتين من النزاع السياسي، والتطور في منظمة أوبك الذي أنجز اتفاقاً يضمن مصالح الجميع. وقال إنّ التطورات الإيجابية "قد تكون دروساً سياسية بسيطة ومهمة ومنها هنا يمكن التفاؤل في مناطق أخرى تحديداً في سوريا واليمن من خلال عملية سياسية تتضمن مصالحة واسعة وتعاملاً ثنائي الطرف". 

المصدر: IRANIAN REVIEW OF FOREIGN AFFAIRS