خليل نصر الله

خليل نصر الله / لا ميديا -
أقمار اصطناعية، مسيّرات، سطع جوي، استنفار كامل لسلاحي الجو الأمريكي و«الإسرائيلي»، ولـ»قبب» واشنطن الدبلوماسية... والهدف التقاط أي إشارة أو معلومة أو صورة وتحليلها لاكتشاف موعد ردّ حزب الله على عملية اغتيال الشهيد القائد فؤاد شكر. مع ذلك كله، نجح حزب الله بتجاوز هذه المنظومة الرادارية الاستطلاعية جميعها، ونفذ ردّه بنجاح، متجاوزاً أيضاً المنظومة الدفاعية «الإسرائيلية» المطورة أمريكياً، ومحققاً الهدف بإصابة قاعدة «غليلوت» السرية التابعة للوحدة 8200.
ليس خافياً حجم الدعم الأمريكي لكيان الاحتلال الصهيوني، وبمختلف السبل. واشنطن نفسها تعلن صراحة دعمها لما تسمّيه «أمن إسرائيل»، وتوفر لها الموارد، عسكرياً وأمنياً واستخباراتياً، كما حصل ليل الثالث عشر من نيسان/ أبريل الماضي، حين تولى الأمريكيون وغربيون مهمة التصدي للمسيّرات الإيرانية. وفي لبنان لم يُسجل، في السنوات الأخيرة، أن نفذ الأميركيون عملاً عسكرياً، بشكل مباشر، دفاعاً عن «إسرائيل»، مع العلم أن استخباراتهم كانت وما تزال بتصرف الصهاينة.
فجر يوم الأحد الماضي، ومع تنفيذ جيش العدو غارات موسّعة، وصفها بالضربة الاستباقية، سارع الأمريكيون بعد وقت وجيز إلى نفي أي مشاركة مباشرة لهم في الغارات «الإسرائيلية»؛ لكنهم لم يتطرقوا إلى أي شيء آخر.
النفي الأمريكي حمل في طياته تأكيداً على مشاركة من نوع آخر، على صعيد المعلومات والاستخبارات والاستطلاع الجوي. وهذا ما تأكّد رسمياً في اليوم التالي للردّ، على لسان المتحدث باسم «البنتاغون»، والذي قال: «قدمنا لإسرائيل معلومات استخبارية واستطلاعية؛ لكنّنا لم نشارك مباشرة في الضربات». هذا الاعتراف الواضح يعني أن الأمريكيين يعملون استطلاعياً واستخبارياً في الأجواء وعلى الأراضي اللبنانية لمصلحة العدو «الإسرائيلي»، ما يعدّ عدواناً واضحاً وصريحاً له تبعاته.
هذا ما يعيدنا للسؤال عن عمليات «السطع الجوي» التي نفذتها طائرات عسكرية أمريكية في الأجواء اللبنانية، قبيل اغتيال السيد شكر بأسبوع، فضلاً عمّا تغصّ به أجواء الجنوب من مسيّرات وأقمار صناعية «إسرائيلية» وأمريكية وبريطانية، تعمل بشكل مشترك في خدمة العدو ورصد وتأمين أهدافه على الأرض، ما يدلل على حجم الانكشاف الأمني للبنان ومدى تعرّض أبنائه للتجسس والرصد، وأمور أخرى لا تقوم بها «إسرائيل» فقط، إنما عدة دول، وعلى رأسها واشنطن.
من ناحية المقاومة، لم يكن خافياً عليها أن ثمة مشاركة أمريكية، ولو كانت لم تعبّر بشكل واضح عنها، وهي تقدر حجم المقدرات الاستطلاعية والاستخبارية، فضلاً على الدعم العسكري الذي يقدم للصهاينة في ما يتعلق بالجبهة اللبنانية. فقد تكون إشارة أمين عام حزب الله، سماحة السيد حسن نصر الله، سابقا إلى مسألة القواعد في قبرص رسالةً موجهةً إلى دول أخرى تعتدي على لبنان، وليس للكيان فقط، وتالياً إعداد المقاومة قد يكون حاكى مختلف هذه السيناريوهات.
في المحصلة، برهنت واشنطن مرة أخرى أنها تضع لبنان ضمن خانة «الأعداء»، بخلاف ما تبديه لبعض «السياديين الجدد» ممن يسيرون في ركبها لمخاصمة المقاومة. ويصمتون وكأنّ على رؤوسهم الطير إزاء هكذا إعلان أمريكي خطير يتعلق بأمنهم القومي وانكشافه، ما يضع هؤلاء «السياديين» ضمن دائرة الشبهة والعمل لمصالح أمريكية بحتة وليس لبنانية.
ممّا لا شك فيه أن المقاومة على دراية بكل ما يجري، وهي تتقن التعاطي مع كل تطور وفقاً لظروف هذه الحرب ومساراتها. وهي حتى الآن تعطيل مساعي الأمريكيين كافة، فيما يتعلق بجبهة لبنان، ومحاولة تحييدها، وما المشاركة الأمريكية المباشرة إلا دليل على العجز عن ليّ ذراع المقاومة ودفعها إلى التراجع، كما عجزت بـ«حارس ازدهارها» عن إيقاف جبهة مساندة اليمن لغزة.
 كاتب لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات