حاوره:يحيى الضلعي / لا ميديا -
رغم عمره، الذي لم يتعدَّى الثامنة عشرة، إلا أنه استطاع أن يفرض نفسه كبيراً على بساط التايكواندو، في بشارة بولادة لاعب جديد سيكون له شأن كبير في المستقبل القريب، شريطة أن تحظى موهبته بالاهتمام المطلوب.
إنه البطل الذهبي الموهوب زكريا جمعان، النجم الذي تلألأ خلال السنوات الأخيرة في سماء التايكواندو، والذي أحرز مؤخراً الميدالية الذهبية في بطولة قطر الدولية وقدم مستوى رائعاً لفت أنظار الجميع.
النجم زكريا جمعان لاعب نادي شرارة لحج والمنتخب الوطني للتايكواندو، وواحد من النجوم الذين ينبغي أن نفتح لهم مجالاً أوسع للصقل حتى يأتي المردود إيجابياً وتثمر الزهور مبكراً، فهو نجم واعد ومشروع حقيقي في التقدم للأمام من أجل الظفر والفوز بألقاب وبطولات لا تأتي إلا من خلال الجهد العالي والتخطيط السليم والإصرار على الفوز ورفع اسم اليمن عالياً.
وأمثال البطل زكريا يحتاجون فقط لنصف ما يتحقق لغيرهم في بلدان مجاورة، حتى يحققوا المزيد من الإنجازات والنجاحات، فهو واحد من عشرات الموهوبين؛ لكننا لا نحب التعب ولا نود البحث والتنقيب عن شباب يمزقون صفحات ماضينا التعيس بالإنجازات ويسطرون صفحات جديدة ناصعة البياض للرياضة اليمنية.
"لا الرياضي" التقى النجم زكريا جمعان وأجرى معه هذا الحوار الذي كشف فيه الكثير من تفاصيل مشواره مع معشوقته رياضة التايكواندو، معرجاً على مشاركته الأخيرة في بطولة قطر الدولية وجملة من الطموحات التي يرنو إلى تحقيقها مستقبلاً، والكثير من القضايا المتعلقة بهذه اللعبة القتالية، فإلى الحصيلة.
 متى بدأت تمارس لعبة التايكواندو؟
- في العام 2019 كانت البداية، في محافظة لحج. وشغفي المتأصل بالرياضة عموماً وبفنون القتال خاصة كان له بالغ الإسهام في دوام متابعتي لكل جديد في الواقع الرياضي داخل نادي شرارة لحج.
 لماذا اخترت هذه اللعبة؟
- اخترت التايكواندو لأن والدي شجعني على مزاولتها، خاصة بعد أن راقبت تدريبات اللاعبين بالنادي لأكثر من يوم وأبهرتني رشاقة تحركاتهم من جهة وحسن تعاملهم واحترامهم فيما بينهم من جهة أخرى، وشدني ذلك بقوة للانضمام إليهم من غير إبطاء.
 ماذا أضافت لك التايكواندو؟
- أولاً وجدت نفسي في رياضه التايكواندو رائعاً متواضعاً، فقد علمتي الأخلاق قبل أن تعلمني فنونها، كما أنها منحتني جسماً رياضياً متناسقاً.
لقد أضافت لي أيضاً نكهة خاصة في حياتي اليومية، فقد رفعت شأني أمام المجتمع ومنحتني شهرة واسعة في الوسط الرياضي وخارجه، وحسنت جدولي اليومي وجعلتني لا أضيع وقتي بل أستثمره في تطوير نفسي ومهاراتي في اللعبة. التايكواندو أضافت لي الكثير بمرور الوقت، بعد أن تعلمت أنها أكثر من مجرد رياضة بدنية، فهي بحق أسلوب حياة عماده النظام وأساسه الاحترام.
 ما هي أفضل الإنجازات التي حققتها داخلياً وخارجياً؟
- بفضل الله وتوفيقه حققت وبمجهودي أربعة إنجازات خارجية وثلاثة داخلية، وكان أفضل إنجاز حققته هو ذهبية بطولة قطر الدولية وذهبية بطولة مصر السابعة الدولية.
 مؤخراً حققت ذهبية بطولة قطر الدولية. كيف جاءت مشاركتك في هذه البطولة؟
- نعم حققت الميدالية الذهبية والمركز الأول في بطولة قطر الدولية بفضل الله ثم بمجهودي الخاص، بعد أن واجهت الكثير من المصاعب، وحينها عرفت وأيقنت أن ذلك هو طريق النجاح، لأن النجاح لا يأتي من طريق مفروش بالورود أو مرصع بالحظوظ، بل محفوف بالمصاعب، وواجهت كل ذلك بعزيمتي وإصراري، وكانت النتيجة هي كما توقعت، وإثر النجاح الذي حققته تلاشت عندي كل الصعوبات والعراقيل التي رافقتني قبل خوض البطولة عندما طعمت لذة الفوز وطعم الانتصار.
 هل صحيح أنك شاركت في بطولة قطر على نفقتك الخاصة وبعت دراجتك النارية من أجل المشاركة؟
- بالفعل، شاركت على نفقتي الشخصية وبعت كل ما أملك من أجل هذه المشاركة والتواجد في هذا المحفل الرياضي المهم؛ لأن لديّ أحلاماً وطموحاً، فكان لا بد لي أن أقوم بكل شيء بغية المشاركة، وعملت حينها بكل الوسائل والطرق لأتمكن من السفر والتواجد في هذا التظاهرة الرياضية للعبة التايكواندو؛ لأنه بغير ذلك لم أكن أستطيع المشاركة في هذه البطولة.
 لماذا لم تدعمك وزارة الشباب والرياضة؟
- لا أدري ما سبب عدم قيام وزارة الشباب والرياضة في عدن بدعمي، ولا ما هو سبب تجاهلها لي، وهي مناسبة أن أسأل عن عدم دعمي والوقوف إلى جانبي؛ هل هناك عدم ثقة بأنني لا أستطيع تحقيق النجاح؟ أم أن هناك أشخاصاً أفضل مني يستحقون الدعم؟ أم أنه والعياذ بالله يعملون وفق العنصرية؟ أم أنهم يظنون أن والدي تاجر أو صاحب منصب في الدولة لكي يسفرني على حسابه الخاص؟ أم ليس لديهم القدرة الكافية لدعمي؟... فأنا مازلت محتارا في ذلك، رغم حسن ظني تجاه المسؤولين في الوزارة والمعنيين، ورغم كل هذا فأنا لن أيأس، فربما أجمل أيام الحياة لم تأتِ بعد!
 كم عدد مشاركاتك الخارجية؟
- حتى الآن خمس مشاركات خارجية، حيث شاركت في بطولة خريف ظفار الأولى في سلطنة عُمان، وفي بطولة الفجيرة الدولية التي كانت بدعم من الشركة الوطنية للأسمنت، وشاركت في بطولة مصر الدولية، وشاركت أيضاً في بطوله عُمان الثانية المفتوحة، ومؤخراً شاركت في بطولة قطر الدولية المفتوحة.
 ما الوزن الذي تلعب فيه؟
- ألعب حالياً في وزن 45 كجم.
 ماذا ينقص لاعب التايكواندو اليمني؟
- دائماً ما نتحدث عن نصف الكأس الفارغة؛ لكن دعنا هذه المرة نبدأ بالحديث عن أهم مقوم أساسي للعبة التايكواندو، وهو توفر الكادر المؤهل في هذه اللعبة، سواء على صعيد المدربين أم على صعيد الحكام والفنيين وعلى صعيد اللاعبين بفئاتهم المختلفة، وهذا أمر لا يجوز لنا نكرانه، فالكادر اليمني موهوب بحق، وما ينقصه في حقيقة الأمر هو الدعم المادي، والدعم المادي فقط. وما يؤكد كلامي هو أنه رغم شحة بل وانعدام الإمكانات أحياناً، إلا أن اللعبة آخذت في التوسع والانتشار وتحقيق النجاحات على الصعيدين المحلي والخارجي، بفضل جهود المدربين واللاعبين العاملين في الميدان. أضف إلى ذلك أن لاعب التايكواندو في اليمن خلال السنوات الأخيرة يعاني من نقص أبسط الأشياء التي يحتاج إليها في تطوير مهاراته، وأبرز ما يفتقد إليه اللاعب اليمني هو غياب البطولات المحلية.
 ما هي الصعوبات التي تواجهك وتواجه لاعبي التايكواندو في الوطن؟
- الصعوبة الحقيقية التي تواجهني وتواجه كل لاعب تايكواندو في حقيقة الأمر هي كثرة الصعوبات ذاتها، فلاعب التايكواندو يواجه صعوبات كثيرة بمفرده؛ لكنه بإصراره قادر على تخطيها، وحينما تتكالب عليه الظروف والصعوبات فهي ستصيبه بالإرهاق حتماً، وكما يقولون الكثرة تغلب الشجاعة، وإذا تحدثنا بإيجاز عن أبرز الصعوبات التي تواجه لاعب التايكواندو والرياضيين عموماً فلديك أولاً الوعي الاجتماعي المحدود تجاه الرياضة والرياضيين، ويأتي بعد ذلك الصعوبة التي يواجهها الرياضي في التحصيل العلمي إما بسبب عدم قدرته على التوفيق بين الجانبين وإما بسبب انعدام التخصصات التي تتماشى مع توجهاته الرياضية، فعدد كليات التربية الرياضية في البلد محدود جداً، وآخر الصعوبات هو أولها كعَودٍ على بدء، وهو المشكل المادي وضائقة العيش التي تهدد الرياضي وتقض مضجعه ليل نهار ولا تكاد تفلته إلا على أبواب الحدود كمهاجر غير شرعي في دول الجوار أو فوق إحدى البسطات يمارس رياضة الجري مع البلدية، أو كمتسابق مع الموت فوق إحدى الدراجات النارية.
 يقال إن ثمة إصابة تعرضت لها. ما نوع هذه الإصابة؟
- تعرضت لإصابة في سنة 2021 حينما كنت أستعد للمشاركة في بطولة الفجيرة الدولية في إصبعي البنصر وأدت حينها إلى كسر إصبعي وكانت تحتاج إلى عملية، ولكني حتى الآن لم أقم بإجراء العملية.
 كيف وجدت نفسك في نادي شرارة لحج؟
- تايكواندو شرارة لحج حيث الحب قبل الاحترام، كانت البداية جيدة لي في نادي الشرارة، الذي حظيت فيه بالاهتمام والتدريب منذ بداية مشواري مع اللعبة؛ غير أن الاهتمام تلاشى في السنوات الأخيرة للأسف الشديد.
 وماذا عن الاتحاد العام للتايكواندو؟
- أراه اتحاداً ناجحاً ويسعى جاهداً لتطوير اللعبة والاهتمام باللاعبين وتطوير مستوياتهم، وفي تقديري أن اتحاد التايكواندو لم يحظَ بالدعم المطلوب من وزارة الشباب والجهات المختصة، فنجاح اللاعبين من نجاح اتحاد اللعبة والعكس صحيح.
 ما هي طموحاتك للمستقبل؟
- طموحي كبير كأي بطل يريد تحقيق النجاحات والإنجازات على المستويين الداخلي والخارجي، وأمنيتي أن أكون بطلاً أولمبياً.
 هل تشعر بالندم أنك عشقت لعبة التايكواندو؟
- هذا السؤال سابق لأوانه، فقصة الحب بيني وبين التايكواندو مازالت في ذروتها، فأنا حتى الآن سعيد للغاية وسأواصل مسيرتي بإذن الله.
 من هو أفضل لاعب تأثرت به؟
- هناك عدد كبير من اللاعبين والأبطال اليمنيين في لعبة التايكواندو الذين تأثرت بهم ويعجبني فيهم أخلاقهم وتألقهم وثقتهم بأنفسهم وخبرتهم وذكاؤهم وقدراتهم ومهاراتهم، وكلٌّ منهم له طابعه الخاص الذي يتحفنا به؛ لكني لا أخفي سراً إذا قلت إني تاثرت كثيراً على المستوى الخارجي بالبطل الأولمبي الأردني أحمد أبو غوش والبطل الكوري ليداي هون.
 كلمة تود تقولها في هذا الحوار؟
- أريد أن أقول لكل رياضي: لا تنتظر من أحد أن يطورك، اجتهد وطور نفسك بذاتك فلكل مجتهد نصيب، والشكر موصول لكم على هذا اللقاء.