تقرير / لا ميديا -
امتلأت المقابر فما عادت قادرة على استيعاب تدفق جثامين، بعضها غادر أصحابها حاملاً هويته، فيما غيب الانتفاخ ملامح أخرى، ولم تتبقَّ سوى الهوية الفلسطينية وأسماء على أكفان تحوي أشلاء جُثث مزّقتها الغارات الصهيونية. لليوم الثامن عشر على التوالي، واصل كيان الاحتلال، اليوم، قصفه العنيف على قطاع غزة، موقعاً مئات الشهداء والجرحى، جُلهم من النساء والأطفال.

مع دخول العدوان الصهيوني على قطاع غزة أسبوعه الثالث، سمحت سلطات الاحتلال بمرور أول قافلة مساعدات إغاثية تضم 20 شاحنة فقط، نقلتها الأمم المتحدة عبر معبر رفح جنوب القطاع، تلا ذلك دخول دفعتين، ليصل إجمالي شاحنات المساعدات «الإنسانية» إلى 50 شاحنة فقط، في حين أن المعبر ذاته كان يشهد يومياً دخول 100 شاحنة، قبل العدوان على غزة.
ووفقا لوسائل إعلام ومواطنين في غزة، فإن الكثير من الشاحنات التي دخلت القطاع ضمت «مستهلكات طبية موجهة لأقسام الاستقبال والطوارئ، إضافة لكمامات واقية، وقفازات طبية، وقطع شاش للجروح، وأكفان للموتى، وأكياس بلاستيكية لجثث الضحايا، وخيام للنازحين».
وتناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي من أهالي غزة، مقاطع فيديوهات لأمهات فلسطينيات ينددن بالموقف العربي من الإبادة الجماعية لأبناء غزة، وما تضمنته شاحنات المساعدات، حيث صرخت إحدى الأمهات أُصيبت طفلتها في القصف الصهيوني لمنزلهم، قائلة: «العرب مش حاسين فينا؛ أرسلوا لنا خيم وأكفان!»، فيما ظهرت فلسطينية أخرى وهي تصيح بحرقة وألم، بعد أن سقط معظم أهلها شهداء، وتساءلت: «أين العرب من المجازر التي تحدث لنا؟! أين العرب؟! بيبعتوا لنا أكفان من شان يكفنونا! حسبنا الله ونعم الوكيل عليكم يا العرب! بدل ما توقفوا معنا بتبعتوا لنا أكفان!».
وأثارت هذه المساعدات سخرية واسعة بين أوساط الناشطين على منصات التواصل الاجتماعي، خصوصاً وأنها تأتي فيما يقوم العدو بتوزيع الأسلحة والذخيرة على مواطنيه في الأراضي المحتلة.
وتساءلوا: «ما هو المغزى من إرسال الأكفان والخيام إلى أهالي غزة المكلومين في هذا التوقيت بالذات؟! هل يخدم ذلك مخطط الكيان للاستمرار في الإبادة الجماعية للمدنيين، وتهجير من نجا منهم؟!».
وتناقلوا فيديو لإحدى الشاحنات التي دخلت غزة باعتبار أنها محملة بالمساعدات الطبية، ليتضح أنها لا تحمل سوى خمسين كرتوناً من الحجم الصغير تحتوي على حُقن ليست ذات أولوية، علماً بأن تلك المساعدات لا تمر إلا بعد خضوعها لتفتيش دقيق من قبل السلطات المصرية والصهيونية.

إعلام العدو يواصل التحذير من الدخول البري ويؤكد:المقاومة أعدّت نفسها عسكرياً بشكل جيد
واصلت، اليوم، وسائل إعلام عبرية، وأخرى أمريكية، التحذير مما وصفته بـ»المغامرة الانتحارية» التي ينوي جيش الاحتلال الصهيوني تنفيذها في قطاع غزة، من خلال الزحف البري الذي يتوعد به للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية «حماس».
وفي هذا الصدد، نقلت «القناة 7» العبرية عن اللواء احتياط في قوات الاحتلال الصهيوني، إسحاق بريك، أنه إذا دخلت القوات غزة الآن فستواجه تآكلاً في قدراتها، لأنّ حركتي حماس والجهاد الإسلامي أعدّتا نفسيهما عسكرياً جيداً.
وأضاف بريك: «لقد أعدّت حماس والجهادي الإسلامي، منذ وقت طويل قبل مهاجمة غلاف غزة، عبوات جانبية وعبوات أرضية وأحزمة ألغام وفخاخاً ونيرانا مضادة للدروع على الطرق»، مشيراً إلى أن «السيناريو الذي يحلم به كبار قادة حماس هو الغزو الإسرائيلي لغزة»؛ لأن المقاومة الفلسطينية خططت لذلك، واستعدت لمواجهة توغل بري يمتد لسنوات.
من جهته قال محلل الشؤون العسكرية في «القناة 13» العبرية، ألون بن دافيد، إن الهجوم البري «غير سهل، وطويل ومستمر ومؤلم، وليس شيئاً سريعاً، ليوم أو يومين».
بدوره، قال المراسل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرنوت» يوسي يهوشع، إنّ «حماس» هي من يقود وتيرة الأحداث الجارية اليوم، وليست «إسرائيل»، معتبراً أن ذلك «سيئ جداً بالنسبة للإسرائيليين، ويطرح الكثير من الأسئلة». وفي الصحيفة ذاتها، أكد الصحفي والمحلل الصهيوني آفي يسخاروف، أن المقاومة الفلسطينية في طريقها لتحقيق النصر.
وقال يسخاروف: «بعد 17 يوما من الهجوم على غلاف غـــزة، يجـــــب قـــول الحقيقة، والتــــي سيكون سماعها ثقيل علــى الأذن الإسرائيليـــة: حماس في الطريق لتحقيق انتصار، والمقصود ليس فقط أحداث السابع من أكتوبر: 1400 قتيل، وأكثر من 220 أسيرا، لا؛ بل النقطة التي وصلت لها هي: إسرائيل ممزقة ومتضاربة ومنقسمة».
وفي السياق نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن مسؤولين أميركيين كبار، اليوم، أن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، تشعر بالقلق من أن قوات الكيان ليست مستعدةً بعد لشن هجوم بري ضد قطاع غزة، ولا تمتلك أي خطة لهزيمة حماس.