حاوره:طلال سفيان / لا ميديا -
كما كان لاعبا خلوقا ونجما لا يشق له غبار، ها هو هيثم يعود اليوم من الملعب نفسه. هو اللاعب في المنتخب الوطني للناشئين، منتخب الأمل وصيف آسيا 2002 وممثل اليمن والقارة الصفراء في مونديال العالم 2003، والمدرب المساعد مؤخرا لمنتخبنا الوطني للناشئين في محفل العرب بالجزائر ونهائيات آسيا تحت 17 عاما في تايلاند.
أثبت هذا النجم السابق لنادي وحدة صنعاء والمنتخبات الوطنية كفاءة وجدارة مذهلة منذ ولوجه عالم التدريب، وكللها بالحصول على الرخصة الآسيوية (A) بتفوق كبير.
صحيفة "لا" أجرت مع الفارس الكروي النبيل هيثم الأصبحي حواراً تحدث فيه عن ذكريات مشواره لاعبا مع وحدة صنعاء ومنتخب الأمل، حتى الوصول إلى المربع الفني للملعب وتأثره بعملاق التدريب الوطني محمد حسن البعداني.

 بداية كيف تقيم مشاركة منتخب الناشئين في كأس العرب ونهائيات كأس آسيا؟
- أولا أشكر صحيفة "لا" على إتاحة الفرصة بهذا الحوار.
المشاركة في كأس العرب كانت ممتازة، بلغنا نصف النهائي وخرجنا أمام المنتخب المغربي القوي. استفدنا كثيرا منها وكانت من أفضل فترات التأهيل للمنتخب لخوض التصفيات الآسيوية، وهذا يحسب للاتحاد؛ لأننا نتيجة المشاركة في كأس العرب استطعنا في التصفيات أن نخطف بطاقة التأهل لنهائيات كأس آسيا من منتخب بنغلادش صاحب الأداء القوي والذي يديره طاقم تدريبي إنجليزي عمل على إعداده بشكل محترم. بعدها وعندما لعبنا في نهائيات كأس آسيا، وسأكون صادقاً معك، خسرنا مجموعة من اللاعبين أثناء فترة فحوصات السن ولم نستطع تعويضهم. حاولنا بقدر المستطاع توظيف اللاعبين المتواجدين معنا في المنتخب، ولن أظلم هؤلاء اللاعبين فقد أدوا ما عليهم وزيادة؛ لكن الخبرة والتجانس التي مثلها اللاعبون المستبعدون كانت تفرق كثيرا؛ لأن اللاعب موهوب ويحتاج فترة من المباريات الودية حتى يقوى عوده. وكان معظم لاعبي منتخبنا يخوضون أول مباراة لهم، وأين؟! في نهائيات كأس آسيا وأمام منتخبات تعتبر هي صفوة القارة الآسيوية.

 هل تعتبر مشاركة منتخبنا في نهائيات كأس آسيا وبلوغ الدور الثاني إنجازا مع أن منتخباتنا في فئة الناشئين وصلت إلى أبعد من هذا الدور في الاستحقاقات الآسيوية؟
- كأس آسيا لا يستهان به، ولا بالمنتخبات التي تحقق إنجازات فيه، فعندما تتواجد في النهائيات وترى أسلوب اللعب والتكتيك ومشوار المنتخبات في الإعداد سترى شيئاً مذهلاً. منتخبنا أداؤه كان محترما وبلغ الدور الثاني وقابل إيران وخرج بركلات الترجيح، الفارق فقط خسارتنا لكثير من اللاعبين الذين لعبوا أساسيين واندمجوا في التشكيلة من بطولة غرب آسيا في السعودية وحتى وقت البطولة الأهم وهي النهائيات الآسيوية وخسرناهم؛ كان هذا أكثر ما أثر على المنتخب. كان أملنا كبيرا أن نحقق الإنجاز مرة أخرى ونتأهل لكأس العالم؛ لكن قدر الله وما شاء فعل، وهذا حال الرياضة، ونتمنى من الله أن تحقق المنتخبات القادمة الإنجاز مرة ثانية كما حققه منتخب الأمل.

 شكلت مع المدرب محمد حسن البعداني ثنائياً متناغماً ومتفاهماً... هل هذه الحالة تتواجد في الأجهزة الفنية أم هي حالة منفردة؟
- للفترة التي عملت فيها مع الكابتن محمد حسن البعداني أعتقد أنني كنت محظوظاً جدا، وأنا أقول إنها نتيجة دعوة الوالدة الله يحفظها. هذا الرجل جمائله لن أنساها، فقد كان تعامله معي راقيا جدا؛ لأنه توجد مشكلة كبيرة وللأسف هي ثقافة موجودة عند المدربين أن مساعد المدرب هو العدو الأول للمدرب، وهذه الكارثة يعاني منها المدربون في اليمن. أنت كمدرب لا بد أن تبحث عن المدرب الكفؤ الذي يساعدك في الملعب، وليس فقط المدرب الذي يؤدي المهام البسيطة، ولا بد أن تتيح الفرصة للمساعد وتثق به. هناك مدربون ينفردون بالعمل ويحبون الاستحواذ على الوحدات التدريبية. قد تكون هناك حالات لمدربين مروا بتجارب سيئة مع مساعديهم؛ ولكن هذا لا يعني أن كل من يعمل كمساعد سيئ, ولا يتوجب أن يظلم المدرب مساعده أو يختار فنيا المساعد الأضعف. لكن بالنسبة للمدرب محمد حسن البعداني هو شخص آخر، قوي وواثق من نفسه، كان عندما يدير الوحدة التدريبية يشاطرني بها، ولم أشعر أني مساعد مدرب معه والثقة التي أعطاني إياها يشهد الله أني أشكره عليها إلى أبعد حد وأقدرها له، وبنفس الوقت عملت جهدي معه بالشكل الذي يرضي أرحم الراحمين.

 أيضا البعداني يشيد بك ويقول إنه استفاد منك...؟
- الحقيقة أنا استفدت من الكابتن محمد حسن البعداني ومن خبرته التي أفتقدها. أنا كنت مدرب فئات عمرية في نادي الوحدة، بينما هو درب العديد من أندية الدرجة الثانية والدرجة الأولى وخبرته كبيرة جدا. والثقة التي منحني إياها فاجأتني، أنه ما زال يوجد مدربون في بلادنا يفكرون هذا التفكير ويتيحون للمساعد الفرصة بهذا الشكل! لقد كان يقول لي: أريد أن أساعدك وأقويك. وفعلا خرجت بفائدة كبيرة بعد أن عملت مساعدا له في المنتخب الوطني للناشئين.

 خلال نزولكم الميداني للمحافظات لاختيار اللاعبين وضمهم للمنتخب، هل وجدتم صعوبة؟ وما هي المناطق الأفضل التي وجدتم بها اللاعبون المطلوبون؟
- أنا نزلت للمحافظات الشمالية، والكابتن محمد حسن البعداني نزل للمحافظات الجنوبية. وكان مشوار الكابتن البعداني شاقاً جدا، وبالذات قطعه مسافات طويلة من المهرة حتى سيئون ثم مارب وأبين ولحج، بل وقد حدث لهم حادث خطير في إحدى الطرق ولطف بهم الله. بالنسبة لي لم أواجه صعوبات في التنقل للمحافظات التي نزلتها؛ لكن لاحظنا أن هناك محافظات تأثرت كثيرا من الحرب، وأكثر محافظة أجمعنا أنها تأثرت هي تعز، عندما نزلتها فوجئت بمستوى اللاعبين، فبعد أن كانت تعز غنية بمواهب كرة القدم ورافدا كبيرا للمنتخبات وبالذات الناشئين والشباب ومن أندية كبيرة كأهلي تعز والصقر وبالذات أهلي تعز الذي كان له نصيب الأسد بتصدير اللاعبين، فوجئنا خلال نزولنا إليها لرؤية اللاعبين بوجود فجوة كبيرة. اللاعبون المميزون وجدنا أنهم يلعبون ضمن الفرق الأولى بأنديتهم، وشعرنا بالفارق الكبير بينها وبين المحافظات الأخرى، بينما أفضل محافظة نزلت لرؤية اللاعبين فيها واختيارهم كانت محافظة الحديدة، والتي أيضا تجمعها ضم لاعبين من محافظة حجة، وجدنا مواهب ممتازة في الحديدة؛ لكنهم أقل من السن المطلوبة.

 لماذا تركت تدريب نادي وحدة عدن؟
- تم استدعائي للعمل ضمن الجهاز الفني لمنتخب الناشئين في بداية تعاقد وحدة عدن معي. أكن لإدارة وحدة عدن الكثير من الاحترام، وبالذات الدكتور وسام معاوية، رئيس النادي، على تفهمه لمهمتي الوطنية وإعطائه الفرصة لشاب في بداية مشواره التدريبي مع المنتخبات. لم يتعاقدوا مع مدرب آخر إلى بعد ضمان تأهل منتخبنا للنهائيات الآسيوية وانشغالي مع المنتخب، فتم التعاقد مع الكابتن خالد الزامكي. وسام كان لاعب كرة قدم، وهذا الفارق بينه وبين من يتولون إدارات الأندية الأخرى.

 كابتن هيثم، دعنا نرجع لنقطة بداية مشوارك مع الكرة والوحدة...؟
- طبعا بدأت اللعب في الحارة والمدرسة، ثم التحقت بنادي وحدة صنعاء وتدربت على يد الكابتن عادل هاشم لفترة قصيرة، ثم تدربت على يد الكابتن عبدالوهاب الحواني، وجاءت الفرصة عندما تولى الكابتن أمين السنيني تدريب الفريق الأول بالوحدة، وكان مع الوحدة مشاركة في البطولة الآسيوية مع فريق الشرطة العراقي، ورغم أني كنت قد تدربت لفترة قصيرة مع الفئات العمرية بنادي الوحدة ولم أكن قد شاركت حتى في أي مباراة، طلب الكابتن أمين أن يضم من الفريق الثاني بعض اللاعبين للتقسيمة، بسبب النقص في الفريق الأول، فقام الكابتن الحواني بترفيع 4 لاعبين كنت أحدهم. واستمررنا مع الفريق الأول، ثم استدعانا الكابتن أمين لمعسكر الفريق وسافرت معهم إلى العراق، وكانت أول مباراة ألعبها ضد الشرطة العراقي في استاد الثورة بصنعاء، نتيجة أن فريقنا كان فيه نقص باللاعبين بعد الهزيمة من الشرطة في العراق. وفي مباراة الإياب بصنعاء أمسك بالفريق الكابتن عبدالوهاب الحواني، وقام بإنزالي للعب في الشوط الثاني. بعدها شاركت مع منتخب الناشئين عام 2002/ 2003، وكما تعرف وصلنا لنهائيات كأس آسيا وأحرزنا المركز الثاني وتأهلنا لكأس العالم.

 لكنك لم تشارك في نهائيات كاس العالم بفنلندا عام 2003، بسبب توقيفك مع بعض زملائك بسبب مخالفة السن القانونية...؟
- نعم، تم توقيفي مع زملائي جمال العولقي ورياض النزيلي والحارس حافظ محمد.

 كيف كان شعورك بعد استبعادك من المشاركة في نهائيات كأس العالم؟
- أكيد كلاعب شاركت منذ البداية في التصفيات والتأهل لنهائيات كأس آسيا وإنجاز الوصافة والتأهل لكأس العالم، وعندما يتم استبعادك من هذه البطولة الأغلى، بصدق كانت ثقيلة علينا، وما حز في النفس أكثر هو تعامل الاتحاد معنا في تلك الفترة بعد أن اجتمعوا وتم الاتفاق على أن نسافر نحن الأربعة مع المنتخب لحضور كأس العالم كضيوف شرف ونعامل كلاعبي المنتخب، تكريماً على الإنجاز الذي حققناه مع المنتخب، لأننا لعبنا من أول مباراة في التصفيات حتى آخر مباراة في بطولة كأس آسيا. لكن ما إن تم التوقيف ألغي كل شيء، حتى أنه تم استبعادنا من التكريم بقطع أراضٍ من الرئيس السابق علي عبدالله صالح. لكن الأستاذ علي الأشول رحمة الله عليه تابع لنا هذا الأمر واسترجع لنا هذا الحق الذي كان الاتحاد العام وللأسف قد استبعدنا منه.

 وكيف مر بعد ذلك مشوارك مع المنتخبات؟
- تم استدعائي لمنتخب الشباب وكان باقي فترة قصيرة لانتهاء فترة التوقيف، وحاولوا أن يقلصوا هذه الفترة التي كانت بحدود ثلاثة أشهر. لكن للأسف لم يوجد تجاوب من الاتحاد الآسيوي. وبعد انتهاء فترة توقيفي كان منتخب الشباب قد أنهى مشاركته خلال الفترة تلك. بعد ذلك لعبت مع المنتخب الأولمبي والمنتخب الوطني الأول، وكانت آخر فترة لي في اللعب مع المنتخب الأول في البطولة العربية التي أقيمت بجدة.

 أنت من اللاعبين الذين واكبوا أو لحقوا آخر فترة جيل وحدة صنعاء الذهبي. لماذا لم تحققوا الإنجازات كما حققها جيل الوحدة السالف؟
- أنا لحقت الجيل الذهبي لنادي وحدة صنعاء، وكانت الفترة قصيرة، لأنه وللأسف معظم هذا الجيل الذهبي اتخذوا قرارا مفاجئا بالتوقف عن الرياضة، وكان تأثير توقف هذا الجيل كبيرا على النادي، حيث حصلت فجوة نتيجة عدم وجود مردود من الفئات العمرية التي ترفد وتغطي النقص في الفريق الأول الذي تركه لاعبو الجيل الذهبي. طبعا هذا الجيل كان طفرة, تخيل أنهم كانوا في التشكيلات الأساسية لكافة المنتخبات الوطنية. وبعد هذا القرار مررنا في الوحدة بفترة قاسية جدا، الهبوط ومشاكل إدارية عصفت بالنادي. ومن آثار الانقسامات في الإدارة تم الاستغناء عن المدرب العراقي باسم قاسم والفريق متصدر الدور الأول للدوري بفارق كبير من النقاط. وفي الموسم الثاني هبطنا ثم عدنا وهبطنا من جديد. بصراحة أنا جئت في فترة كارثية. في الوقت الحالي النادي مستقر ماديا، بينما في تلك الفترة عانينا حتى أن النادي في مرحلة عجز عن توفير المياه للاعبين أثناء التدريبات.

 هل أنت مع عودة منافسات الدوري؟
- نعم ومليون نعم، مهما كانت الظروف السيئة التي ينتقدها الكثيرون، سواء في عمل الاتحاد أو في إدارات الأندية نفسها، فإن توقف الدوري ضحيته الأولى هم اللاعبون والمدربون. بالله عليك، لاعب كرة قدم بدون إقامة دوري رسمي ما الفائدة التي سيجنيها؟! أندية عدن بعد التوقف وعملية تهبيطها تأثرت بشكل كبير. أتمنى أن الرياضة تعود لدورانها وأرى وحدة عدن والتلال ووحدة وأهلي صنعاء وشعب المكلا وبقية الأندية الكبيرة كلها تشارك في صنعاء وفي عدن وفي كل ملاعب الوطن. والله هذا الجيل ظُلم ولا نزيد نوقف المتنفس الوحيد المتبقي لنا كرياضيين ويتم تجميد الكرة اليمنية. البطولات التنشيطية حاجة جيدة؛ لكنها لا تفي بالغرض.

 برأيك هل ستتفق الأندية مع الاتحاد لحلحلة هذا الجمود؟
- أتمنى من كل العقلاء أن يقدموا مصلحة البلاد قبل كل شيء. وأكيد أن كل مشكلة ولها حل. كما أتمنى التقدير للدور الذي يقوم به الاتحاد في ظل الظروف الصعبة هذه. الشيخ أحمد صالح العيسي يدير الكرة اليمنية بمجهود ونشاط شخصي لا تتوقعه، ومن الصعب أن يخسر كل الأندية حتى يمرر الذي في رأسه فقط. صحيح أن هناك خلافات تجاه تقصير عمل الاتحاد، لكن كان أولى بالأندية أن تقعد على الطاولة وتطرح كل المشاكل وفي الأخير سيخرجون بحلول أو سيتضح للشارع الرياضي من المقصر ومن المخطئ ومن يريد أن يطور كرة القدم بشكل صحيح أو يبقيها على حالتها المؤسفة. الاختلاف بين الشخصيتين الرياضيتين الداعمتين، أمين جمعان وأحمد العيسي، ليس لصالح الرياضة اليمنية بقدر ما يشتتها أكثر. نتمنى منهما أن يتفقا؛ كونهما أكثر شخصيتين مؤثرتين في الكرة اليمنية.