مارش الحسام / لا ميديا -
تماشيا مع الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة والهادفة للخروج من عنق الوصاية وتحقيق الاكتفاء والاعتماد الذاتي لبلد يرزح تحت وطأة العدوان وتبعات حصاره التي لم تله العقول اليمنية عن الضرورة التي هي أم الاختراع وحافز البحث عن البديل المحلي، تمكنت مهندسات يمنيات من ابتكار جهاز آلي لفصل الحليب وتحضير السمن أتوماتيكياً مع نظام مراقبة عن بعد، هذا الابتكار الثوري، وباعتباره حاجة ملحة لدعم الاكتفاء في إنتاج مشتقات الألبان وتحسين الاقتصاد المحلي، حاز على المركز الأول في مسابقة رواد المشاريع الابتكارية في موسمها الخامس.
صحيفة «لا» التقت المبدعات الفائزات بالجائزة الكبرى، وأجرت معهن حواراً كانت المتحدثة فيه المهندسة مرام الجرموزي بالإنابة عن زميلاتها في المشروع الابتكاري.

  في البداية نريد أن نُعرف القراء من هي المهندسة رنا علاء والمهندسة مرام الجرموزي؟
مرام ورنا مهندستا ميكاترونكس خريجتا جامعة صنعاء، نعمل ضمن فريق مكون من ست مهندسات: ملاك أمين، نجوى خالد، غادة الكبسي، فائزة الجبلي.

  هل هذا يعني أن المشروع يخص 6 مهندسات وليس كما أعلنت عنه الجائزة فوز مرام ورنا؟
نعم، المشروع يخص ست مهندسات، والمسابقة تذكر الممثلين للفريق، ولكن خلال حلقات المسابقة وفي استمارة التسجيل تم ذكر أعضاء الفريق بالكامل.

دعم الاكتفاء الذاتي
  هل يمكن أن تعطينا نبذة مختصرة عن المشروع؟
المشروع عبارة عن جهاز آلي لفصل الحليب وتحضير السمن بشكل كامل، وذلك بنظام تحكم ومراقبة عن بعد، وتحسين جودة المنتج وزيادة كفاءة الإنتاج وتقليل الوقت والجهد اللازمين، كما يهدف إلى دعم الاكتفاء الذاتي في إنتاج مشتقات الألبان وتحسين الصحة العامة.
  كيف جاءت الفكرة؟
جاءت فكرة المشروع بعد النزول الميداني للعديد من مزارع الأبقار ومعامل إنتاج مشتقات الألبان، ووجدنا أن الطرق المستخدمة لإنتاج الحقين والسمن مازالت طرقا بدائية ونصف أوتوماتيكية، ففكرنا بعمل جهاز يعتمد الطرق الآلية في هذه الصناعة الغذائية لزيادة الإنتاج ولضمان جودة وسلامة المنتج بعيدا عن أي تدخل يدوي، خصوصاً أن مادة الحليب تعد بيئة خصبة لنمو البكتيريا، لهذا لا بد من جعل عمليات الإنتاج بعيدة عن التدخل اليدوي.

أتمتة
  هل يعتبر مشروعكن فكرة جديدة؟
المشروع فكرته جديدة، فهو يعتمد في عمله على الأتمتة في جميع مراحل الإنتاج عن طريق التحكم عن بعد بواسطة برنامج على اللابتوب وهذا ممتاز بالنسبة للصناعات الغذائية.

يتفوق على المستورد
  وما الذي يميزه عن الأنواع الأخرى المنافسة؟
يتميز هذا الجهاز على منافسيه المستوردة بأنه أرخص ثمناً وأكفأ أداءً ومتكامل، بينما الأجهزة المستوردة هي نصف أتوماتيكية وتقوم بمهمة واحدة.

تغلب على الصعوبات
  هل وجدتن صعوبات في إنجاز هذا المشروع؟ وما أبرزها إن وجدت؟
هذا شيء مؤكد، مررنا بالعديد من الصعوبات منها صعوبة توافر بعض القطع وضرورة استيرادها من الخارج، وهذا الأمر يأخذ وقتا، ففكرنا باستخدام قطع محلية بديلة تلائم وتؤدي الغرض، كذلك من الصعوبات التي واجهتنا صعوبة الحصول على المعلومات حول نظام التحكم عن بعد، ولكن تم الاستعانة بمهندسات سابقات والبحث الجاد إلى أن تم الوصول إلى المعلومات وعمل النظام.

مُجرب
  هل تم تطبيقه على أرض الواقع، أم مازال في الطور النظري؟
بكل تأكيد، فقد تم تجربته أكثر من مرة.

تحسين الاقتصاد
  بماذا سيفيد اليمن هذا الابتكار؟
معامل صناعة الألبان ومزارع الأبقار ستستفيد من استخدامها للجهاز، لأنه يوفر الوقت والجهد والمال، ونظافة وجودة ما ينتجه، لأنه يعتمد على الأتمتة أي التشغيل عن بعد.
والجهاز سيسهم في توفير فرص عمل جديدة في مجال صناعة الأجهزة الزراعية والغذائية، وتحسين الاقتصاد المحلي.
كما أنه سيوفر عملة صعبة إن تم إنتاجه على نطاق تجاري بدلا من استيراد أجهزة مماثلة من الخارج لا تتوفر فيها ما يتوفر في جهازنا، إضافة إلى ذلك فالجهاز قابل لإضافة مرحلة تغليف، كما يمكن استخدام فكرة الجهاز في الكثير من الصناعات الغذائية.

قابل للتطوير
  هل هو قابل للتطوير والتحديث؟ وهل تفكرن في تطويره؟
نعم، مشروعنا قابل للتطوير ولدينا خطط في هذا الجانب، ونأمل الحصول على ممولين من أجل تمويله وحتى نتمكن من تطويره أيضاً.

تنافس كبير
 كيف تصفن مشاركتكن في المسابقة؟ وهل كنتن تتوقعن حصول مشروعكن على المركز الأول؟
التنافس كان كبيرا بين المشاريع التي تقدمت للمسابقة ومع ذلك كنا على درجة عالية من الثقة بمشروعنا وفوزه بالمركز الأول، لأنه تميز عن غيره بدمج التكنولوجيا والبرمجة والميكانيك مع حاجة السوق المحلي له.

وسام شرف
  ماذا يعني لكن حصول مشروعكن على المركز الأول في المسابقة وفوزكن بالجائزة الكبرى؟
وسام شرف نعتز به وحافز لنا في توجهاتنا المستقبلية.

سيارة واحدة لست فائزات
  لو كانت الجائزة مالية كان سيتم تقسيمها بالتساوي وكل مشاركة ستضمن الحصول على نصيبها منها، ولكن باعتبار أن الجائزة هي سيارة واحدة والفائزات 6، هل يمكن أن تكون الجائزة بحد ذاتها مشكلة؟
أكيد، لأنها لو كانت مبلغا ماليا كان سيتم تقسيمه بالتساوي بين الفائزات، لكن لأن الجائزة هي سيارة فمن الطبيعي أن يتم تثمينها ويأخذها أحد أعضاء الفريق مثلاً.

اهتمام
  كيف تصفن اهتمام الحكومة والهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار بالمبتكرين؟
واضح أن هناك رؤية عند أصحاب القرار، وأهم ما يميز هذه الرؤية التركيز على الجانب الإنتاجي، أي دعم الإنتاج في جميع القطاعات الاقتصادية، وهذا يبدو جلياً في المجال الزراعي ودعم الابتكار كي لا نبقى كشعب عالة على الخارج وتابعين للسوق العالمية، ولذا نتقدم بالشكر الجزيل لهم على الاهتمام الواعي بالإبداع والابتكار وسيأتي اليوم الذي نجني فيه كشعب ثمار هذا الاهتمام الذي نأمل أن يتصاعد ويستمر.

أولويات واتجاهان
   هل تأملن أن يخرج مشروعكن إلى النور كمشروع إنتاجي؟ وهل تبحثن عن ممول لتمويله؟ وما هي أولوياتكن أو خططكن القادمة؟
الآن، الآلة عملت بكفاءة، وهذا ثبت من خلال التشغيل الفعلي، وأمامنا كفريق أولويات، وفي مقدمتها حفظ حقوق الملكية الفكرية، وذلك بتسجيلها لدى الجهات المختصة وسنقدم المخططات والتصاميم المطلوبة لذلك.
والمهمة الثانية هي الحصول على تمويل كي نتمكن من الإنتاج التجاري، وفي ما يخص الإنتاج التجاري أمامنا اتجاهان: الأول، إنتاج الحجم الكبير، وهو الذي تم تجربته ويعتبر مناسبا لمعامل الألبان ومزارع الأبقار، الاتجاه الثاني، إنتاج حجم منزلي من الآلة، أي تصغير الآلة لتكون مناسبة للأسر الريفية التي تمتلك بقرة أو اثنتين.

مشروع ناجح بحاجة لمستثمر
 هل يمكن اعتبار مشروعكن كمشروع استثماري ناجح في حال تبنيه؟ ما المانع من تمويله أو تبنيه؟
نعم، هو مشروع استثماري ناجح، ولهذا نقلناه من فكرة في رؤوسنا إلى منتج، لأننا اخترنا فكرة المشروع بعد أن قضينا فترة ليست بالهينة ونحن نستعرض أفكاراً لمشاريع كثيرة، حتى استقررنا على هذا المشروع، وحالياً أهم عقبة تواجهنا هي التمويل، وفي هذه النقطة بالتحديد نطلب من الجهات المختصة كوزارتي الزراعة والصناعة والغرفة التجارية المساعدة في عرض المشروع للمستثمرين.

الظروف تغيرت
 طيلة السنوات الماضية والمشاريع الابتكارية تكاد تكون حكراً على الذكور دون الإناث اللاتي ظللن حتى وقت قريب بعيدات تماماً عن هذا المجال، وحتى اليوم مازال حضورهن محدودا، برأيك ما هو السبب؟
في السابق كانت الفتيات يدرسن في تخصصات فرضتها ظروف المرحلة، وكانت من قبل مشاريع الإناث محدودة، كون التخصصات التي يلتحقن بها تخصصات بعيدة عن الجوانب التصنيعية والابتكارية، بينما الآن، الظروف تغيرت وبالذات مع استحداث أقسام علمية وهندسية جديدة، وصارت كثير من الفتيات يلتحقن بكلية الهندسة، ولا سيما هندسة الميكاترونكس، وأصبح هناك العديد من الطالبات في هذا القسم، وهذا الأمر يشجعنا نحن الإناث على المواصلة رغم صعوبة التخصص وتحدي الصعاب فيه، لنفكر من خلاله هندسيا كيف يمكن أن نساعد في النهضة الاقتصادية لبلدنا، وكيف نسخر ما تعلمناه لنسهم ونساعد في بناء دولة قوية مكتفية ذاتياً، لنتجه انطلاقا من هذا الجانب إلى جانب الابتكار والتصنيع والإنتاج.

فوز لكل الفتيات
  هل يمكن أن يشكل فوزكن بالجائزة حافزا لاقتحام المرأة اليمنية مجال الابتكار؟
فوزنا بالجائزة الكبرى هو فوز لكل الفتيات اليمنيات، لأننا من خلال فوزنا أثبتنا أن المرأة اليمنية قادرة على تحدي الصعاب ومواجهة المستحيل لتصل عالياً ولتسهم وتساعد في نهضة اقتصاد هذا البلد.

رسالة عبر “لا”
  كلمة أخيرة..؟
هي كلمة شكر للقيادة الحكيمة وللمجلس السياسي الأعلى ولتلك الأيادي التي تحمي، والذين لولاهم لما استطعنا أن نبني، والشكر للهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار التي أتاحت لنا هذه الفرصة من خلال المسابقة الوطنية لرواد المشاريع الإبداعية والابتكارية، والتي من خلالها أوصلنا أهمية مشروعنا وقدراتنا في التصنيع لأصحاب المزارع والمعامل والصناعات الغذائية وكذلك للمستثمرين ولكل فئات المجتمع.. وكذلك الشكر لجامعة صنعاء وكلية الهندسة قسم الميكاترونكس ولدكاترتنا المشرفين ولكل الذين ساعدونا في الوصول لما وصلنا إليه، ولأهالينا الداعمين لنا والمساندين.
كذلك الشكر لصحيفة “لا” على اهتمامها المستمر بالمبتكرين ومن خلالها أوجه رسالة إلى الجهات المختصة كوزارتي الزراعة والصناعة وكذلك الغرفة التجارية، أطلب منها مساعدتنا في عرض مشروعنا للمستثمرين لتبنيه وتمويل إنتاجه تجارياً، لنوصل مشروعنا إلى غالبية المزارع ولنتمكن من تطويره واستمرارية إنتاج أجهزة مماثلة للمساهمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي محلياً ووصولا إلى تصديرها للخارج إن شاء الله.