خاص / لا ميديا -
على موعد الفجر، حيث صنعاء استعدت منذ وقت مبكر لاستقبال المحررين الأبطال في مشهد احتشدت له دموع سنوات هيأت فرحها وادخرته لهذا اليوم، تتويجا لسنوات من الصبر والانتظار.
ازدحم الطريق إلى المطار منذ ساعات الفجر بآلاف المواطنين الذين واصلوا سهرهم ولم يعبأوا بأي إرهاق قد يعتريهم.
أكثر من سبع ساعات ضج بها المطار الذي أراد له العدوان أن ينطفئ طيلة السنوات السابقة، ليفتح أبوابه أمس أمام الآلاف من المواطنين وأسر المحررين، بالرغم من الإجراءات المنفرة التي لم تكن تليق بحدث يحمل كل تلك المهابة. لكن يغفر لتلك الإجراءات العشوائية وغير اللائقة، خصوصا مع الإعلاميين أن الحدث نفسه سينسيهم كل عناء، وهم يسمعون حناجر الأمهات اللواتي احتشدن لاستقبال أبنائهن بالزغاريد. "هذا يوم مولد أبطالنا من جديد"، تقول إحدى الأمهات وهي تتلهف متى ستصل الطائرة.
وعند الحادية عشرة والثلث تماما وصلت طائرة الدفعة الأولى من المحررين الأسرى، والتي تتضمن 116 منهم، لتصطف الحشود رسمية وشعبية، يتقدمهم رئيس الجمهورية المشير الركن مهدي المشاط بالإضافة إلى أسر الأبطال المحررين.
عزفت الفرقة العسكرية النشيد الوطني والأناشيد، وقرعت أصوات البرع ابتهاجا وتدافع المواطنون محيطين بالطائرة.
صحيفة "لا" التقت في باحة مطار صنعاء الدولي عددا من الأبطال المحررين الذين عبروا عن سعادتهم الغامرة بعودتهم إلى أرض الوطن وإلى ذويهم، ساجدين على أرضية المطار شكرا لله، بعد سنوات من الأسر في غياهب سجون دول العدوان ومرتزقته متعرضين لكل ألوان وأصناف العذاب التي يتفنن بها العدو. آثار التعذيب بادية على وجوه وأجساد المحررين، بعضهم تم إنزاله محمولا عبر أفراد الهلال  والصليب الدوليين، ومع ذلك كانوا قد نسوا كل شيء ولم تعد إعاقة بعضهم أو آثار التعذيب على جسده تعوقه عن أن يحلق فرحا وهو يعانق أحبته.
لحظات إنسانية لا يمكن للغة وحدها التعبير عنها. تحول كل أب يستقبل ابنه إلى يعقوب يشم ريح يوسف، فيعود إليه بصره. لحظات العناق الطويلة مصحوبة بزغاريد الأمهات كانت كفيلة بأن تصعد إلى السماء لتتحول إلى غيمة تعم صنعاء بأكملها.

من لديه قائد بحجم قائد الثورة لا يمكن أن يتسلل إليه اليأس
البطل المحرر بدر شاكر حسين، من محافظة عمران، تحدث إلى صحيفة "لا" بالقول إنه يتوجه بالشكر الجزيل لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي لم يأل جهدا في تحرير الأسرى لدى قوى العدوان وإعادتهم إلى وطنهم مكرمين معززين.
وأكد بدر أنه كان على ثقة تامة وهو في سجون مرتزقة العدوان في الساحل الغربي طيلة ست سنوات بأن الله سيعيده سالما معافى إلى أهله، "لأن من لديه قائد بحجم قائد الثورة لا يمكن أن يتسلل إليه اليأس".
وأضاف: "بالرغم من المعاملة القاسية والمهينة وتعرضنا لأصناف العذاب، وبالرغم من بقائي طيلة ست سنوات في الأسر لدى مرتزقة العدوان في الساحل الغربي، لم تهن عزيمتي أو تضعف على الإطلاق ثقة بالله".

فرحة لا توصف
البطل المحرر محمد أحمد حسن، الذي أمضى ست سنوات في الأسر، وتم أسره في جبهة الضالع، يقول لـ"لا" إن هذا اليوم يمثل له مولدا جديدا لا توصف فرحته وقد عاد إلى أهله ووطنه وسط كل هذا الاحتفاء الذي تم استقبالهم به، فيما يؤكد زميله علاء عبده أحمد المسمري أن ست سنوات وأربعة أشهر مضت من عمره في سجن العدوان ومن المعاملة القاسية لن تزيده إلا إصرارا على المضي في خط الجهاد لتحرير كل ذرة تراب من أرض الوطن.
الأسير المحرر أبو هاشم الكحلاني، من محافظة حجة، بدوره، أكد لصحيفة لا، أكد أن فترة السنة والنصف التي قضاها في سجون مرتزقة الاحتلال في الساحل الغربي، جعلته يتعرض لشتى أنواع الإهانات والمعاملة القاسية من قبل مرتزقة العميل طارق عفاش.

ولدت من جديد
الأسير المحرر بشير أحمد محمد المقدم يقول في تصريح لصحيفة "لا": معنوياتي فوق السحاب وأشعر اليوم كأنني ولدت من جديد وأحمد الله الذي أخرجنا من الظلمات الى النور.
وأضاف: "أقول بأننا قادمون في جميع الجبهات.. خض بنا يا سيدي أعماق البحار لن نكل ولن نمل حتى يختار لنا الله النصر أو الشهادة".
وأوضح أنه تم أسره في الوازعية محافظة تعز في العام 2018، مشيرا الى أنه لم يكن يتوقع الخروج من سجن المرتزقة.

ثمانية أشهر من التعذيب المتواصل
الأسير المحرر حسن هبة من أبناء محافظة الحديدة مديرية الدريهمي يقول لصحيفة "لا" إنه تم أسره في تموز/ يوليو 2018 في جبهة الدريهمي.
وأكد هبة أنه تعرض للتعذيب والضرب والتجويع لمدة ثمانية أشهر متواصلة من قبل ضابط إماراتي يدعى محمد أبو خليفة.
ولفت الى أن المرتزقة لم يكونوا يسمحون لأسرى الجيش واللجان بالتواصل مع أسرهم.

لا تذكر الحزينة بالبكاء
الأسير المحرر أكرم محمد صغير الذي تم أسره في العام 2017 في جبهة الهاملي بمحافظة تعز، يقول لصحيفة "لا" إن شعوره اليوم لا يقدر على وصفه.
وبشأن ما إذا كان قد تعرض للتعذيب من قبل المرتزقة يقول: "خليها على الله ما عاد نحتاج نتكلم.. ما خفي أعظم.. لا تذكر الحزينة بالبكاء".
وأكد أكرم: سنعود للجبهات فمشروعي مجاهد في سبيل الله حتى الموت.

350 أسيرا سيصلون اليوم
من جانبه قال رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى عبدالقادر المرتضى إن الدفعة  الثانية من الأسرى المحررين ستصل اليوم إلى صنعاء من السجون السعودية والساحل الغربي.
وقال  المرتضى في تغريدة له: "بعون الله وتوفيقه استقبلنا اليوم (أمس) في مطار صنعاء الدولى الدفعة الأولى من (صفقة رمضان) عدد 250 من أبطالنا المحررين".
وأضاف: "غداً بإذن الله سبحانه ستصل الدفعة الثانية عدد 350 من أبطالنا الكرام في سجون السعودية والساحل الغربي".