ضربت زلازل يوم الاثنين العنيفة كلا من تركيا وسورية بقوة بلغت 7.9 درجة على مقياس ريختر، مخلفة مأساة مهولة في ما يزيد عن 17 مدينة سورية وتركية.
وعلى إثر ذلك هرعت عشرات الدول العربية والغربية لمساعدة تركيا ومد الجسور الجوية إليها بينما لم تتلق سورية الجريحة من الحروب الغربية والحصار أي مساعدة بحجم الكارثة سوى مساعدة محدودة من بعض الدول العربية وإيران وروسيا.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تبجح بأن أكثر من 70 دولة مدت يد العون لتركيا خلال ساعات من حدوث الكارثة.
عشرات الدول حتى الآن تساعد تركيا أو تعرض مساعدتها حتى “الكيان الصهيوني” وسلطة عباس من فلسطين المحتلة، وبسبب هذه الهبة السخية المنحازة من دول العالم لتركيا لا شك زادت فرص نجاة المئات ممن مازالوا تحت الأنقاض في المدن التركية المدمرة بعكس السوريين الذي لايزال معظمهم تحت أنقاض منازلهم والذين تجاهلتهم الهبة الغربية والعربية ووصل الأمر في المدن السورية المدمرة أن الأهالي هم من يوفرون الوقود للجرافات لكي تواصل العمل والبحث عن ناجين.
وبرغم أن مركز الزلزال كان في تركيا التي طال 10 محافظات منها الجزء الأكبر من الدمار حيث كان مركز الزلزال الأكبر على عمق نحو 17.9 كيلومترا بالقرب من مدينة غازي عنتاب التركية، إلا أن حصيلة الضحايا في المدن السورية بلغت رقما كبيراً يساوي نصف ضحايا المدن التركية، وبينما يزيد الناجون من المنكوبين الأتراك تزيد الوفيات والمصابين من المنكوبين السوريين.
السبب أن كارثتي الحرب العدوانية الغربية على سورية والزلازل العنيفة اجتمعتا لتزيدا من ألم الشعب السوري الذي يعاني منذ عام 2011.
لم تتلق سورية المساعدة المطلوبة برغم أن مأساتها لا تقل عن المأساة التركية حيث شهدت سورية عاصفة باردة خلال الساعات التي لحقت بالزلزال، الأمر الذي زاد من مصاعب عمليات الإنقاذ وفرق الطوارئ المتواضعة أصلا، كما زاد من سوء الحالة الصحية للناجين والمشردين والعالقين تحت الأنقاض.
الأجندات السياسية للدول الغربية والعربية، مازالت عدوانية ضد سورية حتى في هذه الظروف الإنسانية القاهرة، وتسببت العقوبات الدولية بعرقلة جهود المساعدات الإنسانية وفاقمت عدد الضحايا.
اللافت أيضا أن أمريكا و”إسرائيل” والدول العربية حاولت استغلال كارثة الزلزال سياسيا وعسكريا لتمرير الدعم للجماعات التكفيرية والتخريبية التابعة لهم في سوريا.
حيث طالبت أمريكا والغرب سوريا بالسماح لهم بالوصول إلى بعض المناطق المنكوبة التي تقع تحت سيطرة العصابات التكفيرية المرعية من أمريكا والغرب والكيان الصهيوني.
ولعل تصريح رئيس وزراء الكيان الصهيوني يوضح بشكل جلي حقيقة كذب مساعي الدعم والإغاثة المزعومة، حيث قال بنيامين نتنياهو اليوم الأول إن “إسرائيل” تلقت طلبات من جهات سورية لتقديم المساعدات للمتضررين من الزلزال دون أن يوضح ما هي هذه الجهات.
لكن من جهة أخرى، هناك دول وقفت إلى جانب الشعب السوري، وقدمت الدعم في عمليات الإنقاذ والبحث وإيصال المساعدات برغم وضع تلك الدول الاقتصادي والسياسي الصعب وغير المستقر مثل لبنان والعراق والجزائر وإيران.
ووصلت طائرة جزائرية اليوم على متنها أكثر من 100 فرد تابعين للحماية المدنية الجزائرية للمساعدة في عمليات البحث والإنقاذ في سورية.
كما انطلقت بعثة لبنانية للإنقاذ من بيروت، إلى سورية للمشاركة في عمليات الإنقاذ.
كما وصلت إلى مطار دمشق الدولي طائرة مساعدات إيرانية محملة بمواد طبية وغذائية وإغاثية.
أيضا حطت طائرة من طراز “إيل 76” تابعة لوزارة الطوارئ الروسية في سورية على متنها فريق إنقاذ وكلاب مدربة ومعدات خاصة.

الاكتفاء بالتعزية
سلطنة عمان والبحرين والإمارات اكتفت بالاتصال وتقديم التعازي في الضحايا.
كما لوحت تلك الدول دون أفعال جادة أو نوعية بتقديم كافة العون والمساعدة الإغاثية الممكنة في هذا الصدد إلى سورية.
ويبدو أنه بينما يسابق العالم الزمن لانتشال الضحايا الأتراك من تحت الأنقاض ومعالجة الجرحى، يترك الضحايا السوريين تحت الأنقاض والمصابين لمواجهة الموت في كارثة كبيرة للغاية وأكبر من قدرة الدول التي مدت يدها لتساعد اليد السورية المتعبة. فزلزال من هذا النوع يسبب دمارا مهولا لا يستهان به حيث تسبب في صدع يمتد طوله لما يزيد على 100 كيلومتر بين الصفيحة الأناضولية والصفيحة العربية.
واعتبرت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية هذه الكارثة الطبيعية هي الأعنف منذ العام 1822 حيث تعرضت المنطقة لزلزال بقوة سبع درجات وهي أقل من الزلزال الأخير بعدة درجات مما أدى إلى مقتل نحو 20 ألف شخص في ذلك العام المكنوب.
وتجاوزت حصيلة الوفيات والإصابات جراء الزلزال الذي ضرب يوم الاثنين جنوب شرق تركيا وشمال سورية حتى مساء اليوم أكثر من 42 ألف شخص، في حصيلة غير نهائية.
وحسب ما أكدته إدارة الكوارث والطوارئ التركية فقد بلغ عدد قتلى الزلزال أكثر من 5500 شخصا والجرحى 31 ألفا و780، فيما قالت المصادر السورية إن عدد القتلى في سورية وصل الى 1840، تزامنا مع سقوط 3750 مصابا في مختلف مناطق البلاد.