محمد أبو راس

محمد أبو راس / لا ميديا -
في البداية لا بد من الإشارة إلى أن الشأن الذي يدور على طاولة المفاوضات في القاهرة سينتج عنه وضعيات عسكرية، أمنية وسياسية ستترك آثارها الواضحة على مصير العدوين «الإسرائيلي» والأمريكي في كل غرب آسيا.
هناك في القاهرة، على طاولة المفاوضات غير المباشرة بين المقاومة الفلسطينية والعدو «الإسرائيلي»، توجد ملفات كثيرة معقدة، متداخلة، متشابكة، حيث يجلس المفاوض الفلسطيني ويحمل كل هذه الملفات، فملف الإبادة الجماعية في غزة ليس الوحيد على الطاولة، بل توجد ملفات مرتبطة أخرى تتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية التي أصبحت في صدارة القضايا العالمية، وكذلك اليوم يطرح بقوة مصير هذا الكيان الصهيوني «اليوم التالي لوقف العدوان»، وكذلك مستقبل الهيمنة الأمريكية في غرب آسيا.
وبالعودة إلى السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، يظهر واضحا أن العدو الأمريكي قد فشل في ضبط إيقاع هذه الحرب، وظهر عاجزا عن تقدير مواقف الفاعلين مع عدم نفي حجم تأثيره فيها، حيث فشل في تقدير مستوى تفاعل الرأي العام العالمي والتطور الأخير في الجامعات ما دفعه إلى وضع حقوق الإنسان والديمقراطيات جانبا والإفراط في استخدام القوة، ما يدل على حجم التأثير الذي يتركه هذا الحدث، وكذلك ظهر في شكل واضح فشلهم في تقدير فعل ورد فعل اليمن الذي تحدى إرادتهم وكسر قرارهم وضرب مدمراتهم في مشهد لم تعهده أمريكا منذ الحرب العالمية الثانية.. وصولا إلى فشلهم في تقدير موقف الجمهورية الإسلامية في إيران وانتقالها من الصبر الاستراتيجي إلى الردع الاستراتيجي في لجم «الإسرائيليين» ومعاقبتهم في ليلة الرابع عشر من نيسان/ أبريل الماضي، وكذلك جبهة لبنان التي بلغت مبلغاً متقدّماً في احتمال تحوّلها إلى حرب شاملة كبرى، وأيضا فشلهم في تقدير صمود غزة الأسطوري التي فاجأتهم باستمرارها في القتال وتحقيق الانتصارات تحت أعين المتابعين وعدسات الكاميرات وعلى مسمع ومرأى العالم أجمع.
المفاوضات في القاهرة مازالت تجري تحت ضغط الحديد والنار، وهناك المزيد، ومعركة رفح تأخذ مسارا أكثر جدية للتنفيذ وحيث كل التحضيرات الميدانية تشي بذلك، وإن كان لا حسم في القرار لحين كتابة هذه السطور، وهنا اليمن أعلن «بدء تنفيذ المرحلة الرابعة من التصعيد من خلال استهداف كافة السفنِ المخترقة لقرار حظر الملاحة الإسرائيلية والمتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة في البحر الأبيض المتوسط وفي أي منطقة تطالها أيدي القوات المسلحة اليمنية التي هددت أنه في حال اتجه العدو الإسرائيلي إلى شن عملية عسكرية عدوانية على رفح، فإن القوات المسلحة اليمنية ستقوم بفرض عقوبات شاملة على جميع سفن الشركات التي لها علاقة بالإمداد والدخول للموانئ الفلسطينية المحتلةِ من أي جنسية كانت وستمنع جميعَ سفن هذه الشركات من المرور في منطقة عمليات القوات المسلحة اليمنية وبغض النظر عن وجهتها».
إذن العدو الأمريكي يفاوض على مصير العدو الصهيوني ومستقبل هيمنته في غرب آسيا، ولكن التكاليف كبيرة، و«إسرائيل» أضحت عبئا استراتيجيا عليها غير قادرة على الدفاع عن نفسها وفشلت مرتين في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وفي الرابع عشر من نيسان/ أبريل الماضيين، والإقليم كله يهتز والأحداث متسارعة والتطورات مفاجئة وغير متوقعة ومن خارج استعدادات العدو الأمريكي.
ومن هنا تحديدا يدرك المفاوض الفلسطيني موقعه جيداً ويعرف أن كل ملفات الإقليم مرتبطة به، وهذه المفاوضات تعتبر مدخلاً أساسياً لحلها ويعلم أن ما تم وضعه من ثوابت لا تراجع عنها، فمستقبل القضية الفلسطينية ومستقبل غرب آسيا مرهون على دوره في الميدان وكذلك ثباته في موقفه على طاولة المفاوضات.

 برنامج «بيت العنكبوت» على قناة الساحات اليمنية

أترك تعليقاً

التعليقات