حاوره:طــلال سفيـان / لا ميديا -
يمكن توصيفه بأنه صانع المواهب الكروية ودينامو أنشطتهم. مثابر وعنوان للتحدي.
عبدالوهاب الحواني، حارس مرمى وحدة صنعاء في السابق، والحامل بكالوريوس تربية بدنية من الجزائر، مدرب الفئات العمرية في الزعيم الأزرق، وعضو الفريق الفني لمدرسة الموهوبين، ومدير النشاط الرياضي النوعي بوزارة الشباب والرياضة... في حوار مستفيض وشجاع مع صحيفة "لا".

 نبدأ من النقطة الأولى لانطلاقتك في عالم الرياضة...؟
- منذ الصغر كنت محبا وشغوف بلعبة كرة القدم، وارتبطت بها لعبا في المدرسة من الابتدائية حتى الثانوية، إلى أن التقيت المدرب يحيى القيل والشيخ صالح، وتم دفعي لنادي الوحدة، فريق 16 سنة، كلاعب وسط، وتدرجت للشباب، ومعهم غيرت مركزي إلى حراسة المرمى، نتيجة عدم وجود حارس للفريق في تلك الفترة، وأحرزت مع الوحدة بطولة الشباب بركلات الترجيح أمام شعب صنعاء. هذه كانت بداية الانطلاقة، وبعدها كان هناك توجه أن أبدأ مرحلة التدريب مع الفريق الأول، وفعلا بدأت مع الفريق الأول لوحدة صنعاء في عامي 1986 و1987، كحارس ثالث احتياطي، وفي الوقت نفسه كنت أدرب فرق الفئات العمرية بالنادي.

 هل واصلت مع الفريق الأول؟
- كنت أتمنى أن تتاح لي الفرصة ضمن القائمة الأساسية؛ لكن نتيجة وجود صلاح سالم في قمة مستواه وخالد عائض، بقيت حارسا ثالثا؛ إلى أن تركت التدريب وسافرت للجزائر ضمن منحة لدراسة التدريب. بعدها عدت لنادي الوحدة، وكان يدرب الفريق الأول العراقي عبده كاظم، حينها دربت فريق شباب الوحدة، وكان فريقي الرديف قويا جدا، وقام عبده كاظم باختيار فريق الشباب بالكامل وضمهم للفريق الأول، وطلب أن أكون مساعداً له. طبعاً عبده كاظم كان له بصمة كبيرة في الوحدة، وبعد أن غادر اليمن، تولى أمين السنيني تدريب الوحدة، واستطاع أن يحرز معهم 3 بطولات دوري متتالية، وشاركت معه كمساعد في البطولة العربية. كما توليت تدريب الوحدة بعد اعتذار الكابتن أمين عن مواصلة تدريب الوحدة بعد عودتنا من العراق، وقدت الفريق في مباراة الإياب أمام الشرطة العراقي في صنعاء، وهذه من أجمل ذكرياتي التدريبية، أني قدت الوحدة في ظل نجوم كبار كجمال الخوربي وعادل التام وسعيد الخليدي وسعيد علي وغيرهم من لاعبي الوحدة في زمنه الرائع.

 هل دربت أندية أخرى؟
- دربت فريق الأمن المركزي في الفترة 2006 - 2008 بعد الاعتراف به، وصعدنا من الدرجة الثالثة إلى الثانية في تصفيات ذمار، وتركتهم نتيجة الضغوط والتدخلات في الأمور الفنية، والتي لم أكن أقبل بها كمدرب. طبعا انسحبت بهدوء وتركت فريق الأمن المركزي وهو في المرتبة الثانية خلف التلال بقيادة المدرب أمين السنيني، وكان متبقياً له أربع مباريات ضمن دوري الدرجة الثانية التي لم يتوفق بالصعود فيها للدرجة الأولى.

 حاليا تدرب فريق الشباب بنادي الوحدة. كيف هي أوضاع ناديكم اليوم؟
- وحدة صنعاء النادي الأول على مستوى الجمهورية من حيث البنية التحتية وما صاحبها من إنجاز. وهذا يرجع طبعا للأستاذ أمين جمعان، رئيس النادي، كذلك لمن سبقوه، حتى لا نكون مجحفين، فالوحدة لم يكن مرتبطا بشخص بعينه، فقد قاد هذا النادي رؤساء عظماء، من أبرزهم الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي.

 وبالنسبة لأوضاعكم التدريبية للفئات العمرية...؟
- إذا أردت أن تبني ناديا على مستوى بطولات يجب عليك أن تهتم بالفئات العمرية. وكمدرب لهذه الفئات أقولها بكل شجاعة وتحمل للمسؤولية، هناك بعض الإهمال للفئات العمرية، قد يكون بقصد أو بدون قصد؛ لأنه إذا لم يكن اللاعب يمتلك حذاء لا يكلف 10 آلاف ريال، ولاعب لا يساوي 100 ألف ريال ويحسب على النادي لاعبا محترفا، لماذا لا نهتم بابن النادي الذي يمكنه أن يعايش الوضع معك ويقبل بالإمكانات التي تساعده في متطلبات التدريب؟! لكننا في الوقت الحاضر نعيش لحظات تفتقد للبرامج والاستراتيجيات التدريبية. نمتلك خمس فئات عمرية بينما كرة القدم في هذه الفئات ترتكز على فريق للبراعم وفريق للناشئين وفريق للشباب. أصبح عندنا توسع في الفئات والأعمار متقاربة. كما أن التخبط في الأندية وعدم إقامة دوريات للفئات العمرية جعل من الصعوبة اكتشاف اللاعب الموهوب رغم الطفرة في المواهب. لاحظ تفوق منتخباتنا الناشئة؛ وهذا لأن اللاعب لديه اندفاع ورغبة.

 هل هذه الإشكاليات في الأندية تتجاوزونها في مدرسة الموهوبين التي تقومون عليها...؟
- مدرسة الموهوبين كانت بصمة تأسيسها لوزير الشباب والرياضة الشهيد حسن زيد في 2017 و2018، بعد اتخاذه قرار إنشائها واختيار نموذج من المدربين الوطنيين. وضعنا استراتيجية عمل في اجتماع فني. وهنا نشكر الكابتن محمد سالم الزريقي، صاحب النظرية في إعداد التصور الكامل لمدرسة الموهوبين. وللأمانة لم نوفق في وضع الأهداف المحددة لمدرسة الموهوبين، نتيجة تداخلات الأمور، فهناك من يسعى لإفشال هذا العمل من خلال القول بأن هذا من اختصاص اتحاد كرة القدم، وهذا من اختصاص الأندية... وأصبح العمل الوطني والتطوعي فيه تخصصات، وهذا غير صحيح. يجب علينا أن نسعى لتطوير الموهبة. إذا لم نستطع إيجاد الموهبة ورعايتها صحيا وتربويا ورياضيا سنظل عاجزين أمام طموحنا بإيجاد شيء لهذه الموهبة، وسيكون عملنا محصورا في إطار العجز.

 كم عدد المحافظات التي يشملها عملكم؟
- قرار الوزير الشهيد حسن زيد شمل 8 محافظات. وفي ظل الظروف السائدة أصبحت مدرسة الموهوبين في المحافظات تقوم بخدمة نفسها بنفسها. طبعا إنشاء مدرسة الموهوبين في أمانة العاصمة صنعاء كان له انطلاقة لفترات متقطعة، نتيجة وجود الدعم من قبل وزارة الشباب والرياضة وصندوق النشء. كما أننا في مدرسة الموهوبين أصبحنا ننظم أنشطة مؤقتة مع خروج قسط أو مبلغ مالي. لقد أصبحت المعاملات الروتينية مملة جدا، وهناك من لا يتفهم طبيعة عملك للأسف الشديد. لكن نستطيع القول بأن المدارس التي تم إنشاؤها في المحافظات تعتمد على نفسها في إقامة البطولات والأنشطة، من خلال دعم بعض التجار وبعض المحبين. وعلى سبيل المثال في مديرية دمت بمحافظة الضالع هناك من يرعى مدرسة الموهوبين أيضا في البيضاء، وفي الحديدة هناك توهج. وللأسف الشديد دائما تبقى أنشطتك الرياضية خاضعة لتوفر المادة. وما نقدر أن نوفره للموهبة هو وسيلة المواصلات والتدريب وتوفير الكرة.

  ما هي أبرز المعوقات التي تقف أمام عملكم في مدرسة الموهوبين؟
- أكبر إشكالية نواجهها هي الجانب المالي. استشهاد الوزير حسن زيد كان له أثر صادم لنا جميعا كفريق فني في مدرسة الموهوبين. ومازلنا كفريق عمل متماسكين؛ لأن مدرسة الموهوبين مشروع دولة، وليس مشروع أشخاص، ليس مشروع علي النونو ولا عبدالوهاب الحواني أو محمد سالم وسعيد العرشي... هناك من سيأتي بعدنا ويكمل مسيرة المدرسة.

 وماذا عن دعم وزارة الشباب وصندوق رعاية النشء؟
- الوزارة والصندوق أصبحت لهما إشكالية كبيرة؛ بحيث أنهما ملزمان بمبالغ محددة لوزارة المالية، والمالية لا تعطي الأنشطة الرياضية الحد المعقول من المال لتحريك فعالياتها، حتى أن الأنشطة بقيت بشكل روتيني رتيب، فممكن أن تقيم نشاطا في أي لعبة وتنام بعدها لأشهر طويلة.
نحن مدربون في الميدان ونواجه المشككين في أعمالنا. مواهب كرة القدم تمارس نشاطها في الحارة وفي المدرسة؛ لكن مدرسة الموهوبين تشكل لهم إضافة من خلال البطولات المختلفة وعلى مستوى المديريات والمدارس والحارات تحت شعار "الرياضة صحة". لدينا خمسة مراكز فعالة في العاصمة صنعاء، ويا وزارة الشباب ويا معنيين في قطاع الرياضة، اتركوا الفريق الفني يشتغل، أو اشتغلوا أنتم بدلا عنهم، تعالوا وخذوا المخصص المالي وانزلوا للمراكز، وإذا كانت هذه المراكز غير موجودة بإمكانكم إلغاء المدرسة.
أنا لاقيت محاربة عشوائية من كل الجهات؛ لكني ما زلت مستمرا في مسيرتي الرياضية، ولن يضرني شيء، إلا ما كتبه الله لي.

  ما هي خارطة أنشطة مدرسة الموهوبين القادمة؟
-أعددنا بطولة في العام الماضي؛ لكن تم تأخيرها، نتيجة أن الموازنة لم توزع بالشكل المطلوب، ووعدنا بإقامتها خلال المرحلة القادمة، أي المشاركة مع بداية عامنا هذا الجديد، وهي المهرجان الأول على كأس القدس تحت اسم "فلسطين قضيتنا الأولى"، ونسعى بكل جهد للعمل مع وزير الشباب والرياضة، محمد حسين المؤيدي، الذي أصدر توجيهاته، وكذلك تعاون المدير التنفيذي لصندوق النشء، عبدالحميد المغربي. للأمانة هناك اهتمام من الأخ الوزير، والبطولات ستقام إذا تم لها الترتيب الجيد، ونحن نتواصل لإقامتها في ظل رعاية الوزارة والصندوق.
ونعود للبطولة التي نسعى أن تكتمل، وهي مهرجان القدس التضامني مع القضية الفلسطينية، والتي ستجمع 10 محافظات، وتقام في العاصمة صنعاء، وستكون على شكل مجموعتين، كل مجموعة خمسة منتخبات، وهو العمل المتوهج لمدرسة الموهوبين بهذا الجمع، إضافة لكونه تحدياً لكسر الحصار، ورسالة صمود للاعبينا الموهوبين في ظل ظروف استثنائية فرضها العدوان وتدميره وتعطيله للمنشآت الرياضية، ونثبت من خلالها صمود وشكيمة اليمني في كافة الجبهات ومنها الجبهة الرياضية.

 هل ستشاركون في الملتقى الشتوي الذي سيقيمه وحدة صنعاء؟
- نحن دائما نشارك في ملتقيات الوحدة، وبدعوة كريمة من الأستاذ أمين جمعان. وفي الملتقى القريب سنشارك بفرق من الأحياء لم يسبق لها المشاركة في الملتقيات السابقة، وذلك من أجل أن يكون هناك تجديد ومنح فرص لفرق الأحياء للتشجيع والرعاية.

 مدرسة الموهوبين أمام الأندية وانتشار الأكاديميات... كيف هي كفة ترجيح المعادلة؟
- مدرسة الموهوبين عملها هو اكتشاف اللاعبين صغار السن في الحواري والمدارس، من سن 9 إلى 12 سنة. بعد هذه المرحلة يكون تركيزنا على اللاعبين الموهوبين الذين باستطاعتهم الالتحاق بالأندية القريبة من مساكنهم، بحيث يكون لنا بصمة في مدرسة الموهوبين كرافد للأندية والمنتخبات الوطنية. لكن للأسف المنظومة التدريبية في بعض الأندية غير تربويين وغير مؤهلين علميا، وأصبحت الأندية محتكرة على أشخاص معينين، وهم من يضعون الاقتراحات ويقدمون اللاعبين الجاهزين.
بالنسبة للأكاديميات، الأكاديميات لغتها مادية استثمارية بحتة، أنا أراها هكذا، وهناك من يرى أن لها دورا كبيرا. بالنسبة لرأيي بالأكاديميات هي لا تمتلك هذا الدور ولا يليق بها حمل اسم أكاديمية. الموهبة تولدها المعاناة والعوز في الكثير من الأحيان، بينما الأكاديمية تبحث عن اللاعب القادر على دفع الرسوم دون النظر لموهبته الفطرية. الموهبة ليست سلعة لكسب المال، بل هي اكتشاف وصناعة وصقل ومساعدة ورعاية. كما أن كل من لديه مساحة في أرض أو مدرسة قام يؤسس أكاديمية لكرة القدم بهدف الاستثمار!

 هل فكرتم بإنشاء بنية تحتية لمدرسة الموهوبين؟
- كان الشهيد حسن زيد قد كلف المهندس أحمد التويتي بالشروع في بناء ملعب لمدرسة الموهوبين داخل نادي بلقيس بالعاصمة؛ لكن المشروع رغم تجهيز دراسته لم يكتمل بعد رحيل الوزير زيد. المدرسة تحتاج للمنشأة بدلا من التنقل والتدرب واللعب في ملاعب الأندية والأكاديميات والملاعب الحكومية غير الصالحة بسبب العدوان والحصار وعدم التأهيل.

 كيف ترى الموهبة الكروية اليمنية مقارنة بقرينتها في الدول الأخرى؟
- لدينا في اليمن أفضل المواهب في كرة القدم، وهي تمثل الطفرة في نخبة نجوم اللعبة، وتنقصنا الاهتمامات بها. كما قلت سابقا نفتقد للآلية والبرنامج والاستراتيجية. خذ مثلا مواهبنا تحترف خارجيا كمحمدوه في العراق وحمزة الريمي في ليبيا وأحمد السروري في بلجيكا والبرازيل... بينما أنديتنا تحتاج إليهم وتقدر أن تدفع بزيادة عما يستلمونه هناك؛ لكن الأندية والرياضة اليمنية متوقفة عن الأنشطة، والرياضة المدرسية أصبحت معدومة. كما أننا بخصوص المواهب نفتقر للأساسيات، المناهج والخطط والتربية والثقافة الرياضية والفحوصات الطبية للنشء والدوريات لهذه الفئات...
خلال دراستي التدريب في الجزائر نزلت في تربص لعملية تدريب الفئات العمرية في أحد الأندية، وكان يوجد مع الفريق مدرب وطبيب ومسؤول خدمات. هذا ما أحاول شرحه عن أهمية التصحيح والاهتمام والعناية بكافة الأمور تجاه الموهبة.

 هل افتقادنا للأنشطة هو العلة الأساس؟
- أنا أتحدث عن المسابقات الرسمية للاتحادات؛ لكن في المقابل هناك أنشطة تقوم بها الأندية والمؤسسات ومكاتب الشباب.
اليوم نشهد إقامة بطولة كروية في العاصمة صنعاء تجمع منتخبات الكثير من محافظات الجمهورية شمالا وجنوبا، لدينا زخم رياضي وملاحم كروية ورياضية في عدد من الألعــاب، ولدينا جيل رياضي يواجه بكل عنفوان العدوان والحصار على البلاد.

 كلمة الختام كابتن عبدالوهاب...؟
- أشكـــرك علــى هــذا الحـــوار. وكما أنصفتنـــي بهـــذا اللقـــاء، أنا أنصـفـك أنــك مــن الإعــــلاميين المـثابــــريــــن والباحثين عن الوجـــوه الرياضية في الوطن التي لم تأخذ حقهـا. وإن شاء الله نحن إلى خير ومنتصرون.