تقربر / لا ميديا -
حملة يائسة دشنها تحالف الاحتـــلال، ووراءه أمريكا وبريطانيا، ومن ورائهم خونج التحالف، تتحدث عما تسمى «دولة حضرموت». هكذا تصبح الأوطان عرضة لنزوات كائنات طفيلية طارئة تحاول أن تغيظ كائنات طفيلية أخرى. ففيما يسعى مرتزقة الإمارات إلى فصل جنوب الوطن عن شماله، يأتي مرتزقة السعودية في صيغة جديدة تنادي بفصل حضرموت عن الجسد اليمني وإعلانها «دولة مستقلة». بريطانيا حاضرة هنا باعتبارها ذات خبرة في سلطنات الماضي، والتغني باستعمارها القديم أصبح نبرة في خطاب اليمين واليسار على حد سواء.

حملة إعلامية ممنهجة تتحدث عن «دولة حضرموت» وانفصالها عن اليمن، في إطار المحاولات اليائسة التي يقوم بها خونج التحالف بعد أن سلموا جنوب الوطن للمحتل السعودي والإماراتي، ومعهم ما يسمى المجلس الانتقالي، ليتم اختيار الـ20 من كانون الأول/ ديسمبر «يوماً وطنياً» لحضرموت، وسط دعوات بانفصال المحافظة عن اليمن، شمالاً وجنوباً، وإعلانها «دولة مستقلة».
الفعالية التي دعا إليها ما يسمى حلف قبائل حضرموت، الذي يرأسه المرتزق عمرو بن حبريش، طالبت تحالف الاحتلال بـ«مشاركة أبناء المحافظة لاستكمال ما يطالبون به»، بحسب ما جاء على لسان بن حبريش، مثنياً على ما سماه مواقف ومساندة الاحتلال لهم، فيما تحدث المرتزق عصام الكثيري، القيادي في ما يسمى الحراك الشعبي الحضرمي، بأن «حضرموت ستكون دولةً مستقلة بحدودها وعلمها ونشيدها الوطني»، حسب قوله.
ورغم أن بن حبريش لا يعبر عن أبناء حضرموت قاطبة، وما قاله لن يصبح بحال من الأحوال أمراً واقعاً، إلا أن ذلك يعبر عن توجه خطر مدعوم خارجياً، وقد يكون الخيار الأوحد حتى لا يحظى اليمن باستقرار، ولم يعد السؤال عمن يغذي هذه النزعات الانفصالية، بل لماذا حضرموت بالتحديد؟!
حملة المناداة بانفصال حضرموت وجعلها دولة مستقلة ليست وليدة اللحظة، حيث شهدت مدينة سيئون، منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، دعوات لفصل حضرموت وإعلانها دولة مستقلة، وذلك بعد التفاهمات الأخيرة مع الجانب الأمريكي والبريطاني، فضلا عن السعودي والإماراتي، يجمعهم ما تسمى الرباعية الدولية، بعد أن مكّنت فصائل ومليشيات منقسمة عمودياً ومتشظية أفقياً في تلك المحافظات، من عدن إلى حضرموت والمهرة وشبوة ومأرب، وصولاً إلى تعز والساحل الغربي.
أوكلت المهمة على ما يبدو للمرتزق صلاح باتيس، القيادي الخونجي، لكونه أحد أبناء المحافظة، حيث بدأ الحملة بالحديث عن دولة حضرموت وعدم الاعتراف بالشمال أو الجنوب، وهو الذي تغنى لسنوات بالوحدة واليمن الكبير.
باتيس، الذي يسكن حاليا في العاصمة المصرية القاهرة، غرد على «تويتر» قائلاً: «نحن الحضارم قلناها ونكررها وسنستمر: نحن لسنا شمالا ولا جنوبا، نحن شرق ‎اليمن، لن نقبل التبعية والظلم»، حد قوله.
وبحسب مراقبين، فإن تصريح باتيس وبقية سياسيي الخونج يأتي بضوء أخضر من الاحتلال السعودي، حيث نجحت رباعية العدوان والاحتلال في إيقاظ شياطين «المناطقية السياسية» وإنعاش «النزعات الانفصالية» و«الهويات الصغيرة القاتلة»، وأعادت إلى أدوات الاحتلال والفصائل المتناحرة أحلام الماضي والحنين القديم إلى السلطنات والكنتونات. وأكدوا أنّ هناك تقاسم أدوار بين أطراف الرباعية (أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات)، من خلال دعم فصائل المرتزقة في الداخل، سواء اتفقت الأجندة الخارجية أم اختلفت؛ لكن خلاصة ما يجري هو تهديد خطر للوحدة اليمنية، مشيرين إلى أنه بعد محاولات الاحتلال الإماراتي الدفع بـ«الانتقالي» إلى إعلان «الحكم الذاتي» غير مرة، يحاول الاحتلال السعودي الأمر نفسه عبر الخونج، وما يسمى حلف قبائل حضرموت الجامع، برئاسة بن حبريش، وهو تجمع مالي وهابي يضمّ أصحاب رؤوس المال الحضارم وتحتضنه وتدعمه السعودية منذ أمد بعيد، حتى إن هذا التجمع بات يلبس «البشت» و»العقال» السعوديين، وقد هرب أصحاب رؤوس الأموال إلى السعودية بعد استحكام قبضة الحكم الماركسي جنوباً، أي بعد الاستقلال عن بريطانيا.
وكانت السعودية عمدت، قبل سنوات، إلى توقيع وثيقة مع التجار الحضارم للدفع بانفصال المحافظة، لأطماع سعودية باتت معلومة لدى كثيرين.
وأكدوا أنه إلى جانب السعودي أيضاً، فإن الأمريكي والبريطاني والفرنسي يدفعون بهذا الاتجاه؛ ذلك أنَّ «اليوم الوطني لحضرموت» الذي رأينا فيه علماً غير العلم الجمهوري، وسمعنا نشيداً غير النشيد الوطني، ودعوات صريحة بأن حضرموت «دولة»، ولم تعد تقبل حتى أن تكون إقليماً ضمن الدولة اليمنية، جاء بعد زيارات متكررة لسفراء الدول الغربية ووفودها، وفي مقدمتها الأمريكية.
وأوضح المراقبون أن التطور الخطر في حضرموت جاء، من ناحية التوقيت، بعد 3 زيارات نفذها السفير الأميركي ستيفن فاجن في غضون 6 أشهر، وبعد زيارات نفذها السفير الفرنسي جان ماري صافا مطلع تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، فضلاً عن زيارات وفود عسكرية أميركية للمحافظة.
ولم يعد خافياً أن الولايات المتحدة اتخذت من مطار الريان قاعدة عسكرية لها، وبات أفرادها يتجولون في شوارع حضرموت من دون أدنى حرج.
الجدير بالذكر أن تكثيف الزيارات إلى حضرموت، وتعزيز الحضور العسكري الأجنبي فيها، يؤكدان بما لا يدع مجالاً للشك أنَّ ما يدفع باتجاه فصل حضرموت عن الجسد اليمني أجنبي بامتياز (أمريكي فرنسي بريطاني خليجي). الأمر لا يحتاج إلى تأويل وتفسير، فحضرموت أكبر المحافظات اليمنية مساحة، ومن أغناها بالثروات النفطية والمعدنية، ومن أهمها في الموقع الجغرافي، لإطلالتها على البحر العربي المفتوح على أعالي البحار، وسبق أن قال أحد سفراء أميركا لدى اليمن قبل سنوات: «إن حضرموت تتمتع بكل مقومات الدولة»، وهذا يعني أن مشروع التقسيم وتعزيز نزعات الانفصال قديم ويتجدد، من محاولة فرض الأقاليم و«الدولة الاتحادية»، إلى مبررات «ملاحقة القاعدة ومكافحة الإرهاب»، وصولاً إلى التطور الخطر بمحاولة إعلان الانفصال في حضرموت.