حاوره: أنور عون / لا ميديا -
إذا سألت أي رياضي من زمن الفن الكروي الجميل عن شفيق الكحلاني، ستأتيك الإجابة سريعا: أحد أساطير شعب صنعاء والمنتخبات الوطنية في السبعينيات والثمانينيات. لا يختلف اثنان على نجوميته وأخلاقه. قوي في التحامه، شديد الحسم، يجيد التسديد من أي مكان داخل الملعب، ومدافع يتميز بالنزعة الهجومية.
توج سنوات عطائه مع "الفتيان" ببطولات ومشاركات مع المنتخب الوطني، وظل اسمه متوهجاً حتى اعتزاله في العام 1987.
ابتعد عن الرياضة والإدارة فترة من الزمن، وعاد مؤخرا للإدارة في لجنة شكلها وزير الشباب لقيادة النادي.
الملحق الرياضي لصحيفة "لا" اختار محاورته ونبش ذكرياته، فتحدث بشفافية... وإليكم التفاصيل:

 شفيق الكحلاني نجم كبير يقف على مشوار حافل بالعطاء في ملاعب الكرة. سعداء بقبولك الحوار معنا، فبماذا تحب أن نبدأ؟
- كل الشكر لصحيفة "لا" وملحقها الجميل الباحث دائما عن النجوم السابقين لتذكير الناس بهم، وهذا يعكس مهنية وصدق القائمين عليها.

 الخطوات الأولى لميلاد عشقك الكروي أين كانت؟
- طفولتي كانت في عدن بالطويلة بجانب الصهاريج، وتحديدا في حافة حسين بكريتر. كنت ألعب في الحواري وأذهب إلى ملعب الحبيشي أشاهد المباريات بين الفرق الكبيرة، وكان يعجبني فريق الأحرار.

 وهل لعبت لأحد فرق عدن؟ ومتى لعبت لشعب صنعاء؟
- لا، لم ألعب مع أي فريق في عدن؛ لأني كنت صغيراً، كما أنني سافرت إلى صنعاء أواخر العام 1966، بسبب الأوضاع السياسية في عدن. أحببت أن أذهب لأدرس في صنعاء، عند ابن عمي اللواء يحيى الكحلاني، ودرست في مدرسة العلفي بالقاع، وحالت الظروف دون استمراري في العاصمة، التي تعرضت حينها لحصار السبعين، فعدت إلى أسرتي في عدن ومكثت حتى مطلع العام 1970، ورجعت إلى صنعاء ولم أجد مدرسة، واتجهت إلى الحديدة والتحقت بمدرسة الثورة.
ولأنني كنت شغوفاً بكرة القدم، ذهبت إلى نادي الجيل ولعبت معهم مباريات ودية؛ لأنه لم يكن هناك بطولات، واستفدت فعلا من تجربتي مع الجيل لوجود نجوم كبار أمثال محمد الجهمي، البناء، عبده حماكي، عبدالله عبده سعيد، أحمد محرز، علي مسعد، ومحمد فتيني. وبعد عام تقريبا عدت إلى صنعاء ودرست في مدرسة جمال عبدالناصر، وتألقت في بطولة المدارس، ثم التحقت بنادي شعب صنعاء، نظرا لوجود اللواء يحيى الكحلاني أحد مؤسسي ومسؤولي النادي. حينها وجدت فريقاً مذهلاً، مكوناً من علي الورقي وجواد محسن وعادل مقيدح وسالم عبدالرحمن وعلي العرشي ومحمد حسن الكالة وقاسم منصر وخالد محمد ناجي.

 في السبعينيات كيف كانت البطولات والمنافسات؟
- كانت البطولات تقام بطريقة أبطال المحافظات. وكان الشعب وأهلي صنعاء والوحدة وأهلي تعز والجيل هي الفرق الأقوى. وأذكر أن موسم 73/ 74 كان الأكثر إثارة، فقد وصلنا نحن وأهلي تعز والجيل للتصفيات النهائية كأبطال المحافظات، شعب صنعاء فاز على أهلي صنعاء 5/1، وعلى الوحدة 3/1، وقابلنا الجيل وتفوقنا عليهم ذهابا وإيابا 1/ صفر و4/ صفر، وأهلي تعز فاز على الجيل ذهابا وإيابا، لنلعب في النهائي مع أهلي تعز وكان أقوى نهائي، فزنا ذهابا في تعز 1/ صفر، وخسرنا إيابا في صنعاء بالنتيجة نفسها، لنحتكم لمباراة فاصلة، قرر مسؤولو اللعبة أن تكون في صنعاء، وطلب نادي الشعب أن تقام في تعز.

 لماذا طلبتم إقامتها في الحالمة وجمهوركم في العاصمة؟
- كنا نتفاءل بملعب الشهداء في تعز، إلى جانب أن لدينا قاعدة جماهيرية في تعز أكثر من صنعاء.

 ومن فاز بعدها في ذلك اللقاء النهائي؟
- نزلنا إلى الحالمة وامتلأ الملعب بالجماهير، وكانت مباراة لا تنسى أبدا، تسيدناها طولا وعرضا، ووقف لنا حارس الأهلي عبدالملك فوز سدا منيعا، أنقذ أهدافا لا تصد، وخسرنا في النهاية بهدف نظيف.
نقطة أخرى أدت لخسارتنا، وهي رفض لاعبنا خالد ناجي اللعب في مركزه الأصلي الظهير، وفضل أن يكون مدافعا، فما كان من المدرب إلا أن أشرك المدافع جواد محسن كمهاجم.

 متى بدأ الدوري الشامل؟ ومن حقق أول لقب؟
- بدأ عام 1978، والجيل هو أول بطل دوري شامل، وحللنا نحن وصيفا.

 ومنافسات الثمانينيات كيف كانت؟
- معظم الفرق كانت قوية جدا، كل فريق مستواه يفوق الوصف، لما لديه من لاعبين متميزين؛ لكن فريقنا كان الأفضل: عزيز الكميم، طاهر البراق، زين السقاف، سالم عبدالرحمن، مفضل أحمد مفضل، محمود أبو غانم، سعيد حميقاني، شكيب البشيري، فياض بغدادي، عوض عبود، صالح ثابت، وعبدالرقيب العزعزي، وقد حققنا بطولة الدوري بعد أن قهرنا كل الفرق، بما فيها حامل اللقب الجيل، حيث فزنا عليه 6/ صفر، وفي الموسم التالي حققنا البطولة أيضا وكدنا أن نحقق الدوري للموسم الثالث على التوالي لولا قرار اتحاد الكرة بمنع لاعبي المنتخب من المشاركة مع فرقهم.

 هلا توضح أكثر؛ من كان رئيس الاتحاد حينها؟ ولمن ذهبت البطولة؟
- رئيس الاتحاد كان حسين الأهجري، والبطولة ذهبت لأهلي صنعاء، والقصة برمتها: تم استدعاء لاعبي المنتخب، واختاروا من الشعب حوالى 8 لاعبين، ومن بقية الفرق المنافسة اختاروا 3 - 4 لاعبين، واستمر المنتخب في معسكره ومشاركته إلى نهاية الموسم، فطار منا اللقب، لأن الفريق ينقصه أعمدته الأساسية؛ ومع هذا كنا الوصيف.

 لكن فريق شعب صنعاء الرهيب هبط في عز قوته؛ لماذا؟
- قبل هبوطنا حققنا الدوري للمرة الثالثة بعد أداء ومستويات كبيرة أشاد بها الجميع. وبالنسبة للهبوط، نحن لم نهبط لسوء النتائج، وإنما لخلافات بين إدارة النادي والاتحاد العام. لا أتذكر بالضبط الأسباب؛ لكن القرار قضى بهبوط الشعب وأهلي الحديدة. وعدنا في الموسم التالي وحققنا كأس الجمهورية بعد فوزنا في النهائي على المجد.

 ما هي العوامل التي أدت إلى نجاح وتفوق الشعب تلك الفترة؟
- المنظومة الإدارية وجيل ذهبي من اللاعبين وجدوا دعما غير عادي وتذللت أمامهم الصعاب. إدارة كان يقودها داعم لا يتكرر، هو محمد عبده سعيد، الداعم السخي الذي وضع مجدا حقيقيا بدعمه وتعامله الراقي. وإلى جانبه عمالقة أمثال يحيى الكحلاني وأحمد محمد ديربة وعبدالكريم الخميسي وعبدالرحمن بجاش وعلي سيف قحطان. لقد كانوا كفاءات إدارية لا تتكرر أبدا.

 دعنا نعرج قليلا على مشاركاتك الخارجية مع النادي والمنتخبات الوطنية...؟
- مع شعب صنعاء شاركنا في العام 1976 في دورة ودية نظمها نادي الرياض السعودي، ولعبنا أمامهم وأمام الهلال والاتفاق، وطعمنا فريقنا باللاعبين صالح الوسع ويحيى جلاعم ومضر السقاف.
وأيضا بعد فوزنا بكأس الجمهورية منتصف الثمانينيات استضفنا فريق الوحدة السعودي بكل نجومه وعلى رأسهم كابتن المنتخب السعودي معتمد خوجلي، وهزمناهم في صنعاء 3/ صفر، وشاركنا في بطولة الأندية العربية أمام الترسانة المصري والعباسية السوداني والاتحاد السعودي.
بالنسبة للمنتخب، شاركت أمام المنتخب الصيني عام 1976، ومع المنتخب المدرسي في ليبيا في العام نفسه، وكان معي مجموعة من اللاعبين الكبار: جمال حمدي ومحمد سلطان ومحمد الآنسي ومضر السقاف. وعسكرنا عام 1982 في الاتحاد السوفييتي (روسيا) استعدادا لدورة فلسطين في المغرب؛ لكنها ألغيت. وفي العام نفسه ذهبنا إلى الدوحة للعب مباراة مع المنتخب القطري، وكان منتخب قطر يقوده المدرب البرازيلي الشهير ايفرستو، وتعادلنا 1/1، ولعبنا أفضل منهم وهذا أغاظهم فتحول الملعب إلى حلبة عراك بيننا وبينهم، وبرز في تلك المباراة نجوم رائعون أمثال خالد الناظري ومهدي الحرازي وطارق السيد وخالد العرشي وجمال حمدي.
أيضا لعبنا مباريات ودية في صنعاء أمام المنتخب الليبي وفزنا 2/0، وأمام المريخ السوداني وفزنا 1/0، وخسرنا من المنتخب الصيني 2/1.

 لو سألناك من أفضل لاعب يمني شاهدته خلال مسيرتك الكروية؟
- اثنان لا ثالث لهما، علي الورقي أسطورة بكل معنى الكلمة، وفعلا كان لاعباً متكاملاً، إلى جانب المايسترو عبدالعزيز القاضي.

 كابتن عدت للعمل الإداري مع ناديك، كيف وجدت الوضع؟
- الوضع سيئ؛ كمن ينحت في الصخر، عراقيل لا حصر لها، وشحة مالية كبيرة أربكتنا.

 لكن نسمع أن لدى النادي استثمارات كبيرة...؟
- عن أي استثمارات تتحدثون؟!، لدينا 20 محلاً وكل محل جئنا وهو مؤجر بمبلغ 40 ألف ريال، رفعناه إلى 55 ألفاً، احسبوا كم بايطلع المجموع! الهنجر والحوش تم تأجيرهما لإخوان ثابت بعقد مدته 15 سنة، ابتداء من 2009، تخيلوا كم قيمة العقد؟! طبعا 400 ألف ريال تزيد كل خمس سنوات بنسبة 20%. أليس هذا مجحفاً بحق النادي وشبابه؟!

 نفهم من كلامك أن وراء الأكمة ما وراءها...؟
- لا أدري، لا أعلم. أنتم احكموا على هذا العقد المجحف.

 بصراحة نسمع أن لجنة إدارة نادي الشعب فشلت لأن رئيس اللجنة (مفضل) يمارس الدكتاتورية، وهو من يقوم بكل شيء بعد أن همش زملاءه، والدليل استقالة نائبه يحيى شيبان والمشرف الرياضي حمادي الغيل...؟
- كلام غير صحيح. الكابتن مفضل يعمل بشفافية وتفانٍ من أجل الشعب. ومع احترامي ليحيى شيبان، أراد أن يأخذ أكبر من صلاحيته المحدودة كنائب للرئيس. أما بالنسبة لحمادي الغيل فلم يستوعب دور منصب المشرف الرياضي.
هذا كل ما في الأمر، ولا داعي للمزايدات والاصطياد في الماء العكر الذي يقوده البعض ضدنا. نحن سنواصل عملنا ولن نلتفت لمثل هكذا عراقيل، وهدفنا الأسمى هو إعادة الفريق الأول بنادي الشعب إلى الأضواء وإلى سابق مجده. فقط ننتظر دعم وزارة الشباب والرياضة. ولا نشك أبدا في معالي الوزير؛ لأنه يريد مصلحة الرياضة اليمنية.

 كلمة الختام متروكة لك!
- لا شيء يمكن قوله بعد هذه الأسئلة.