تقرير: نشوان دماج / لا ميديا -
لا يهم إن كان هناك إصابات في صفوف المدنيين في الاشتباكات التي حدثت الأحد المنصرم بين مرتزقة الإمارات بمدينة عدن المحتلة؛ المهم أن الاشتباكات حالت دون وصول طائرة أممية تحمل فريق كشف عن السجون السرية التابعة للاحتلال الإماراتي، كان من المقرر وصولها في اليوم ذاته الذي اندلعت فيه، فيما أمهات 54 مخفياً قسراً و 51 معتقلاً تعسفاً في سجن بئر أحمد سيئ السمعة، تماماً كالمحتل ومرتزقته، ناهيك عن عشرات السجون الأخرى في عدن، يبحثن في آهاتهن عن عزاء لم يجدنه في لافتات ينصبنها كل ثلاثاء هنا وهناك، ليُصدمن بما قيل إنه انتحار أحد أبنائهن داخل أحد السجون، في حين تدور أحاديث عن أنه قضى تحت التعذيب. 
كشفت مصادر مطلعة في مدينة عدن المحتلة أن الاشتباكات الأخيرة التي شهدها عدد من المديريات بين مرتزقة الإمارات، الأحد المنصرم، كانت مفتعلة بهدف منع وصول فريق أممي لزيارة السجون السرية التابعة للاحتلال الإماراتي في المدينة.
وقالت المصادر إن الاشتباكات اندلعت بالتزامن مع وصول طائرة أممية إلى مطار عدن تحمل على متنها فريق كشف للسجون السرية التابعة للاحتلال الإماراتي في عدن، ومنها سجن بئر أحمد سيئ السمعة، مشيرة إلى أن المواجهات خُطط لها أن تتوجه إلى محيط المطار للحيلولة دون هبوط الطائرة الأممية، وهو ما حدث بالفعل، حيث تم إيقاف الحركة الملاحية وعادت الطائرة أدراجها من حيث أتت.
وكانت مديريات خور مكسر والمنصورة والمعلا شهدت، الأحد 6 شباط/ فبراير الجاري، مواجهات بين ما تسمى قوات الطوارئ والدعم الأمني التي يقودها المرتزق صامد سناح، وما تسمى قوات العاصفة بقيادة المرتزق محمد حسين الخيلي، وكلا الفصيلين تابع لمرتزقة ما يسمى «الانتقالي»، الموالي للاحتلال الإماراتي. 
حينها تم الحديث عن أن الاشتباكات بين فصيلي الارتزاق جاءت على خلفية المرتبات، وهو ما نفته المصادر مؤكدة أن قوات الاحتلال الإماراتي وقيادة مرتزقتها هي التي دفعت صامد والخيلي لهذه الأحداث المفتعلة، بهدف إفشال زيارة ميدانية لوفد أممي قدم لتفتيش السجون السرية التي يشرف عليها الاحتلال ومرتزقته.
ولا تزال العديد من التساؤلات مفتوحة دون إجابات عن دوافع الاشتباكات الحقيقية، فهل كانت فعلاً على خلفية خلافات حول رواتب ما تسمى قوات الطوارئ التي يقودها سناح كطرف و«قوات العاصفة» التي يقودها الخيلي كطرف آخر، أم أن وراء المواجهات مغازي سياسية وسيناريو أعد مسبقاً لإفشال مساع حقوقية هادفة إلى كشف السجون السرية الإماراتية والتي يديرها «الانتقالي» في المحافظات الجنوبية المحتلة؟!
هذه المواجهات التي استخدم فيها الطرفان الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وأثارت موجة سخط شعبي وأوقفت الحركة الملاحية في مطار عدن الدولي، أدت إلى منع طائرة أممية من الهبوط وأجبرتها على العودة من حيث أتت. 
وهنا قد يكون لغز هذه المواجهات المسلحة، إذ لم يعلن فيها أي من الطرفين مقتل عنصر واحد من مرتزقته، باستثناء الإصابات التي لحقت بخمسة مواطنين «عَرَضاً»، كما قيل حينها. 
اللافت في الأمر، بحسب مراقبين، أن المواجهات التي شهدتها منطقة خور مكسر، وتحديداً جزيرة العمال، بين فصائل المرتزقة على خلفية ما قيل إنه خلاف على المرتبات، انتهت عقب مغادرة الطائرة الأممية. كما أنه لم يتم التدخل معها كما حدث أثناء المواجهات التي جرت مع قوات المرتزق إمام النوبي في كريتر أواخر العام الماضي، لـ«تحرير» جزيرة العمال، رغم اتهام صامد سناح بالانتماء لحكومة العميل هادي وقيامه بتفجير الوضع بضوء أخضر من قبل وزير داخلية الأخير إبراهيم حيدان، المحسوب على خونج التحالف؛ لكن مهمة سناح والخيلي انتهت بإزالة الشبهة التي كانت تحملها اللجنة الدولية ضد الاحتلال الإماراتي؛ وهو ما يؤكد بحسبهم أن أحداث الأحد المنصرم في عدن كان مخططاً لها من قبل الاحتلال نفسه، أي أن الهدف من المواجهات التي خاضها طرفا صراع ينحدر أحدهما من الضالع والآخر من ردفان كان في النهاية إفشال لجنة أممية قدمت إلى عدن بهدف تفتيش وزيارة السجون السرية التابعة للاحتلال ومرتزقته في المدينة، وفي بقية المحافظات الجنوبية المحتلة، فاضطرت للعودة تحت ضغط المخاوف من تعرضها للخطر.

«انتحار» معتقل في سجن للاحتلال الإماراتي 
وعلى صعيد ما يتعرض له مئات المعتقلين في سجون الاحتلال السرية، أقدم، أمس الأول، أحد المعتقلين على الانتحار داخل سجن بئر أحمد بمدينة عدن المحتلة.
وقالت مصادر إن الشاب فهد العزاني، المعتقل منذ سنوات في سجن بئر أحمد سيئ الصيت، أقدم على الانتحار، وسط أنباء عن أنه قضى تحت التعذيب.
وأضافت المصادر أن رابطة أمهات المختطفين وجهت نداء استغاثة إلى كافة وسائل الإعلام والصحفيين والناشطين لمساعدتهن في كشف حقيقة مقتل الشاب العزاني في السجن ذاته الذي كان من المقرر أن يزوره الفريق الأممي، وكذا إنقاذ أبنائهن وإخراجهم من سجون الإمارات السرية.
يشار إلى أن دعوات متصاعدة وجهها ناشطون ومنظمات مجتمع مدني، وحقوقيون في عدد من دول العالم، تطالب الأمم المتحدة بتشكيل فريق كشف للاطلاع على السجون السرية التابعة للاحتلال الإماراتي في مدينة عدن وبقية المحافظات الجنوبية المحتلة.
وكانت وسائل إعلام عالمية كشفت عن سجون سرية في مدينة عدن منذ العام 2015، تديرها الإمارات ومرتزقتها ويمارسون فيها أبشع صنوف التعذيب بحق المعارضين للتواجد الإماراتي وممارسات الفصائل الموالية له في المدينة والمحافظات الجنوبية عموماً.
من جهتها طالبت رابطة أمهات المختطفين، الثلاثاء المنصرم، أدوات الاحتلال الإماراتي بالكشف عن مصير المخفيين قسراً في معتقلاتهم دون محاكمة.
وقالت الرابطة، في بيان خلال وقفة احتجاجية، أمام قصر معاشيق بعدن، للمطالبة بالكشف عن المخفيين قسراً وتنديداً بمماطلة الإجراءات القانونية بحق معتقلي سجن بئر أحمد، إنها «وثقت 54 مخفياً قسراً منذ ستة أعوام و51 معتقلاً تعسفاً في سجن بئر أحمد».
وحملت رابطة أمهات المختطفين في عدن، إدارة سجن بئر أحمد مسؤولية سلامة المعتقلين الذين يعانون من تدهور شديد في حالتهم الصحية، خاصة مع انتشار الأمراض والحميات والأوبئة المعدية منها، وتردي الخدمات الصحية داخل السجن، ومنع أهاليهم من زيارتهم.