حاورته بشرى الغيلي / لا ميديا -

أذللتَ حُبا للحياة ونزعةً                ووهبتَ طوعا عن دياركَ تدفعُ
ظَمئت جراحكَ للعُلا فسقيتها          نبلا ومجداً بالشهادة يُترعُ!
وحدهم الشهداء من تُخلد أسماؤهم في حدقات الوطن، وتقلد نياشين شرف وعزّة بذاكرة التاريخ الخالدة. من دمائهم الطاهرة نبتت شجرة الحرية التي ترفض الوصاية للأجنبي كائنا من كان. لم تغرهم الدنيا ولا قصورها ولا مناصبها. غادروا إلى ساحات الوغى موقنين بقضيتهم العادلة والدفاع عن كرامة وطن تكالبت عليه 17 دولة بعدتها وعتادها، إلا أن أولئك الحفاة صنعوا بطولات أسطورية وتركوا خلفهم أُسرهم وأطفالهم. ومن هنا كانت مؤسسة الشهداء لرعاية وتأهيل أسر الشهداء اليد التي تواسي وتدعم وتقف معهم وتخفف معاناتهم في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة. عن أنشطتها وما تقدمه لأسر الشهداء، والكثير من المحاور التي التقت "لا" الأستاذ/ طه أحمد جران، المدير التنفيذي لمؤسسة الشهداء...

تخفيف معاناة
• القارئ والمتابع لأنشطة المؤسسة يود معرفة أهداف ونشاطات مؤسسة الشهداء!
- عند الحديث عن دور مؤسسة الشهداء لا يعد ذلك مَنّاً ولا تفضلا على أعز الناس وأكرمهم، وأكثر الناس عطاءً هم الشهداء وأسر الشهداء، وكل ما يقدم من أنشطة ومشاريع بسيطة ومتواضعة ليس ثمنا، وما ثمنها إلا الجنة ورضوان الله. ومؤسسة الشهداء مؤسسة خيرية إنسانية ذات قيمة أخلاقية أتت من قيم ومبادئ وأخلاق مسيرتنا القرآنية المباركة، ومن قيم قيادتها المباركة وأمتها لتقوم بالدور المناط بها تجاه أسر الشهداء، ولديها أهداف تسعى لتحقيقها في ظل مسيرتها العملية، والتي أبرزها: تقديم الرعاية الشاملة بما يكفل لهم العيش الكريم وتخفيف معاناتهم، وأعباء المعيشة الصعبة. ومن أهدافها أيضا تخليد ذكرى الشهداء العظماء بإحياء وإقامة الفعاليات والأنشطة التي تخلد مآثر الشهداء ومواقفهم وتقدم الصورة واضحة كيف كانوا في إيمانهم وأخلاقهم وصبرهم. كذلك من أهداف المؤسسة تمثيل أسر الشهداء وتقديم معاناتهم وهمومهم لكافة الجهات الرسمية والشعبية، والعناية بتقديم الخدمات الصحية، والتربوية، والتعليمية، والاجتماعية... وغيرها. كل ذلك من أهم الأهداف التي نشأت من أجلها مؤسسة الشهداء.

تثبيت الراتب الشهري
• ما هي لائحة الخدمات المقدمة لأسر الشهداء؟
- هناك العديد من الخدمات التي تقدم لأسر الشهداء، أبرزها ما يتعلق بتثبيت الراتب الشهري لكل أسر شهداء الواجب المقدس، الذين استشهدوا في ميادين العزة وهم يذودون عن الأرض والعرض. هذا الراتب تم استكمال تعزيز إجراءاته من وزارة المالية وأصبحت الأسماء مثبتة إداريا وماليا في وزارات الدفاع، والخدمة المدنية، والمالية، على أمل بعد أن يكشف الله الغمّة أن يتم صرف هذا الراتب بصورة مستمرة، وإن كان يتأخر بين فترة وأخرى فهذا نظرا للوضع العام الذي تشهده البلاد بسبب العدوان الغاشم والحصار الاقتصادي المفروض على بلادنا. ثانياً: في الجانب المادي لدينا برنامج إحصاء لكفالة الأيتام. هذا البرنامج واحد من أهم البرامج التي تنفذها مؤسسة الشهداء، ويعنى بفئة الأيتام كأهم فئة في أسر الشهداء، وهم أمانة الله في أعناقنا جميعاً. وتحت كفالة هذا البرنامج 28 ألف يتيم حتى الآن يتم صرف رعاية لهم كل شهرين بواقع 20 ألفاً لكل يتيم، بإجمالي عام 120 ألف لليتيم الواحد في السنة. وهذا البرنامج يشهد تصاعدا مستمرا مع تزايد أعداد الكافلين الذين يكفلون أيتام الشهداء، وعلى رأس الجهات الكافلة وزارة الدفاع والهيئة العامة للزكاة، وما يتعلق بالجانب الخدمي كالخدمات الصحية التي تقدمها مؤسسة الشهداء بواسطة إدارة صحية وكادر متواجد على مستوى المراكز والفروع في المحافظات. هذه الإدارة تقدم العديد من الخدمات بالتنسيق مع وزارة الصحة والجهات التابعة لها، والهيئات، والمستشفيات الحكومية، وأيضا بالتنسيق مع المستشفيات والمراكز الخاصة، وتقدم الخدمات المجانية بواسطة هذه المستشفيات والتنسيق المستمر مع كافة الجهات ذات العلاقة بهذا القطاع الحيوي الهام، ويتم ذلك وفق قاعدة بيانات دقيقة وإرساليات، كذلك تقدم في هذا الجانب المساعدات المالية للأسر التي دخلت على حسابها الشخصي في المستشفيات الخاصة، أيضا تقدم الأدوية المجانية من الصيدليات المتواجدة في أمانة العاصمة وبعض المحافظات لأسر وأقارب الشهداء من الدرجة الأولى، وهم: الأب، والأم، والابن، والأرملة. أما في الجانب التربوي والتعليمي فتحفل هذه الإدارة بالعديد من الأنشطة كالحقيبة المدرسية بداية كل عام دراسي لكافة أبناء الشهداء الملتحقين بالتعليم الابتدائي والأساسي والثانوي. كذلك يتم التنسيق مع وزارة التربية والتعليم، والتعليم الأهلي، والمدارس الأهلية، لاستيعاب أبناء الشهداء، وتقديم المنح المجانية لهم، وتم إدراج ما يقارب 4 آلاف ابن وبنت شهيد في المدارس الخاصة وإعفاؤهم من الرسوم. أيضا هناك تنسيق مع التعليم العالي، والتعليم المهني والفني لاستيعاب أبناء الشهداء وتقديم المنح المجانية لهم، وكذلك أرامل وإخوة الشهداء أيضا الملتحقــــــــون بالجامعات هناك مبالغ تربوية تصرف لهم شهريا. كذلك ما يتعلق باستقبال الشهداء الذين يسقطون يوميا في جبهات العزة والكرامة والقيام بمراسيم التشييع والحفر والدفن، وطباعة الصور، وتقديم المواساة لكل أسرة شهيد يسقط. أيضا الأنشطة الإغاثية الطارئة التي ترعى أسر الشهداء فيما يتعلق بمسألة البناء، حيث أسهمت المؤسسة بدور كبير وتسهم بمبلغ معين لكل من يرفع مذكرته أو يردنا طلبه، ويشجع بقية المساهمين وفاعلي الخير على التعاون في هذا الجانب.

عبر دائرة المعلومات
• كيف تسير آلية عمل رعاية أُسر الشهداء وأبنائهم ماليا، وتربويا، وصحيا؟
- رعاية أسر الشهداء تتم عبر دائرة المعلومات، وهي الركيزة الأساسية، وتغذي بقية الفروع والإدارات، وتقدم الرؤى لقيادة المؤسسة للقرارات والمشاريع المزمع تنفيذها، وكل مشروع يتم تنفيذه عبر هذه الدائرة، وبفضل الله أنهينا مشروع المسح الميداني لبيانات الشهداء وأسرهم، كالبيانات الشخصية والأسرية والتعليمية والصحية والاقتصادية وغيرها. ولدينا أيضا رمز وباركود لكل شهيد يتم بواسطته استكمال المعلومات، فيتم تنفيذ المشاريع بكل سلاسة وسهولة. ما يتعلق بالمرتب يتم عبر البريد اليمني، وأسر الشهداء يعرفون آلية الصرف وطريقة الصرف، وتصلهم رسائل نصية بشكل سلس ومباشر. وما يتعلق بالكفالة يتم صرفها في معظم محافظات الجمهورية عن طريق حوالات إكسبريس، وتصل إلى كل ابن شهيد رسالـــة نصيــــــة بالكفالة ومبلغها وتتم الأمور بشكل سلس بما يتعلق بهذين المشروعين. وأما ما يتعلق بالسلة الغذائية والتكريم المعنوي وتقديم الهدايا الرمزية المعبرة عن وفائنا لهؤلاء الأسر، فيتم بواسطة شبكة مندوبين على مستوى محافظات الجمهورية، ويوجد لدينا 17 فرعا، في سبعة عشر محافظة، هـــذه الفـــــروع تدير عمليات التوزيع والرعاية والمتابعة بواسطة مندوبي امتدادات في المديريات والعزل، والقرى، والأحياء، والحارات، إلى أدنى مستوى وصولا إلى أسر الشهداء، ويوجد شبكة عاملين، والأمور تتم بشكل سلس بفضل الله تعالى. وأحيانا قد يشوب هذه العملية صعوبات فيما يتعلق بمسألة الانتقالات والنزوح من منطقة إلى أخرى، فقط هي فترة حتى يتم ترتيبها وتتم هذه العملية باستمارات نقل من منطقة إلى أخرى، والحمد لله رغم شحة الموارد وصعوبة وقلة الإمكانات إلا أن هناك كفاءة لدى العاملين فيما يتعلق بذلك.

الوضع العام للبلد  حكومة وشعبا
• وما أسباب عدم انتظام الرعاية المالية لأسر الشهداء؟ 
- الرعاية المالية لأسر الشهداء، المقصود بها الراتب، وهو فعلا أحيانا يتأخر صرفه لشهور، وأعتقد أن تأخره أحيانا هو بسبب الوضع العام للبلد حكومة وشعبا، وذلك بفعل العدوان الظالم، والحصار الاقتصادي المفروض على شعبنا. تلك الأسباب هي التي تعيق انتظام صرف الراتب الشهري، حيث كنا في الفترة 2018/2019 نصرف 6 مرتبات في السنة، الآن تقريبا من 3 إلى 4 مرتبات في السنة. ومن منبر صحيفة "لا" نقدم اعتذارنا بشدة عن تأخير صرف المرتبات ونؤكد أن ذلك بسبب الوضع العام للبلد وشحة الإمكانات، وشحة الإيرادات، وأيضا ضخامة الالتزامات، وكذلك الالتزامات الكبيرة المفروضة على قيادتنا فيما يتعلق بمحاور القتال باعتبار أن لدينا أكثر من 40 محوراً قتالياً، يقارع العدو. كل هذا وأكثر سبب تأخير صرف المرتبات لهذه الأشهر العديدة، ونكرر اعتذارنا لأسر الشهداء لهذا التأخير، وندرك أن أسر الشهداء أكثر وعيا بظروف المرحلة وصعوبة الوضع على كل المستويات.

أمانة بأعناقنا
• لا شك أن أي مؤسسة تواجه إشكاليات. ما هي الإشكاليات التي تعيق تطور نشاط المؤسسة؟
- بالتأكيد هناك إشكاليات وصعوبات تحول دون التقدم الملحوظ واللازم في مجال الرعاية والتكريم لأسر الشهداء. ويعود ذلك لأسباب أهمها وأبرزها استمرار العدوان الغاشم على بلدنا العزيز، واستمرار الحصار الاقتصادي المفروض على شعبنا. أضف إلى ذلك أن استمرار العدوان على بلدنا يضيف يوميا على الحمل السابق على مؤسسة الشهداء حملا إضافيا يوميا على مدار اليوم وشعبنا يقدم كوكبة وقوافل الشهداء يوميا، مواكب من الشهداء يسقطون يوميا في جبهات العزة وفي سبيل الله، وفي ميادين الجهاد، وهذه أيضا تضيف أعباء وأحمالاً فوق مؤسسة الشهداء وتتطلب تضافر جهود الجميع، الرسمي والشعبي، لرعاية أسر الشهداء. أيضا ما يتعلق باستمرار الإجراءات التعسفية بحق بلدنا والتي أضرت بشعبنا إلى أقصى حد وهي من أبرز ما يعيق تطور ونشاط المؤسسة، حيث إن ذلك يعيق تقديم الخدمات اللازمة. وشحة الإيرادات، وشحة الإمكانات لدى الدولة كذلك عائق كبير في عدم انتظام الرعاية وعدم انتظام صرف الراتب، وتقديم الخدمات اللازمة واللائقة بالشهداء العظماء. أيضا الحمل الكبير الذي على مؤسسة الشهداء كل هذا يذكر الجميع، ويجب أن يكون هناك تعاون ورفد لمؤسسة الشهداء تجاه رعاية أسر الشهداء، ورفد مشاريعها حتى تستطيع أن تقوم بالحد الأدنى من الواجب تجاه أسر الشهداء باعتبار المسئولية جماعية تقع على الجميع، لأن أسر الشهداء هم أمانة في أعناقنا جميعا، لذلك يجب أن تتضافر جهود الجميع وأن نكسر كل القيود والإشكالات ونحول تلك الصعوبات والمعوقات إلى فرص من خلالها نستطيع أن نقدم العديد من الخدمات والمشاريع لأسر الشهداء.

ليس هناك مورد ثابت
• ما هي الموارد المالية الحالية للمؤسسة؟
- ليس هناك مورد ثابت لمؤسسة الشهداء على الإطلاق، إنما ما يأتي من هنا وهناك، إلا ما يأتي من الجانب الرسمي، على سبيل المثال: الذكرى السنوية للشهيد، موسم شهر رمضان، عيد الأضحى المبارك، إعانات تقدم لأسر مؤسسة الشهداء وإن كانت موسمية، ولا يوجد تحديدا مورد مالي ثابت، ولا موازنة ثابتة، على الإطلاق، إنما يأتي من هنا وهناك بحسب المشاريع والمواسم المزمع تنفيذها. وهناك فعلا وقفة جيدة وملموسة من القيادة السياسية وبرعاية كريمة من السيد القائد لرفد مؤسسة الشهداء بمبالغ مالية تتفاوت بين فترة وأخرى، وتسهم معنا أيضا الهيئة العامة للزكاة في العديد من المشاريع وتسهم وبنسب كبيرة جداً وعالية تصل في بعض المشاريع إلى 70% وأحياناً 100% لتمويل بعض المشاريع، كمشروع الحقيبة المدرسية، ومشروع كسوة العيد، ومشروع العيدية النقدية التي تقدم لأبناء الشهداء، ومشروع الكفالة، ودور الهيئة كبير جداً وفاعل في كل هذه المشاريع وأكثر منها لرعاية أسر الشهداء، وهنا نتقدم لهم بخالص الشكر والعرفان على جهودهم وعطائهم المتواصل تجاه أسر الشهداء، وعلى أمل المزيد، فالحمل كبير ويتطلب ويستدعي تضافر الجميع. كذلك وزارة الدفاع لديها أيضا باع في هذا الجانب، وهي متعاونة في برنامج "إحسان لكفالة الأيتام"، أيضا تسهم معنا بين فترة وأخرى في الذكرى السنوية للشهيد، أيضا تسهم في مشاريع رمضان بمبلغ معين. وهناك العديد من الجهات ومؤسسات القطاع العام، وصناديق القطاع العام، والخيرون والمتعاونون، لأن مجتمعنا مجتمع معطاء وكريم ونحن نلمس بركة إلهية كبيرة جدا فيما يتم رفد مؤسسة الشهداء به لغرض رعاية أسر الشهداء، وإلا فالحمل كبير والالتزامات كبيرة جداً. ورغم ذلك نستطيع أن نقدم مشاريع واسعة وكبيرة بفضل الله سبحانه وتعالى، وبرعاية كريمة ومباشرة من السيد القائد والتي يستنهض فيها جهود الجميع رسميا وشعبيا، وأيضا اهتمام وعناية القيادة السياسية جيد وملموس وإن كان لحظيا أو آنيا، أو مرتبطاً بمناسبة معينة، إلا أننا نستطيع القول إن هذا في ظل الوضع الراهن شيء جيد وإيجابي وعلى أمل المزيد من الجهود.

الكل دورهم عظيم
• بإمكانكم أن تذكروا نماذج استثنائية من أمهات وآباء الشهداء الذين قدموا أرواحهم في الميادين...
- غير مناسب منّا كمؤسسة تعنى بالجميع أن نُشيد بأحد دون آخر، فالكل دورهم عظيم، وهناك عشرات الأسر قدمت من ثلاثة وأربعة وخمسة إخوة، كل تضحياتهم قمة في الكرم، وفي منتهى السخاء والعطاء والبذل.

برنامج "إحسان لكفالة الأيتام"
• هل تستهدفون الفئات المستحقة، الأكثر فقراً، من أُسر الشهداء؟
- فعلا نحن نحرص ونشدد ونوصي دائماً بأن يكون هناك أولوية واعتبار أكثر لأسر الشهداء الفقراء، فيما يتعلق بصرف الراتب نحن نهتم بالجميع دون استثناء، فقير أو ميسور الحال، إلا أننا فيما يتعلق بكثير من المشاريع والأنشطة نركز فيها على أسر الشهداء الفقراء، باعتبار الفقير والمسكين هو معيار قرآني ومنبعه قرآني دائما، حتى في مسألة الزكاة يؤكد القرآن الكريم "إنما الصدقات للفقراء والمساكين"، فنحن نعنى بهذا المعيار القرآن ونهتم به، ونوصي فروعنا وعاملينا بأن يكون هناك أولوية لأسر الشهداء الفقراء، ففيما يتعلق ببرنامج "إحسان لكفالة الأيتام" نحن نركز فيه على الفقراء ونضيف ونزيد كفالاتهم، ونكفل من بعض الأسر اثنين أول ثلاثة أيتام، وبعض الأسر نغطي كل أبناء الشهداء بالكفالة، كونهم فقراء جدا ولا يستطيعون أن يعيلوا أنفسهم. كذلك فيما يتعلق بالمشاريع الصحية والتربوية، والمساهمات الطارئة، مساهمات البناء والزواج، نحن على معيار الفقر ونعطيه أولوية واعتباراً أكثر من غيره.

لا داعي للتفاصيل...!
 هناك حالات لأصحاب مال تكفلوا برعاية بعض أُسر الشهداء
هذا السؤال إجابته تفصيلية ولا داعي لذكرها. ونحن تتوفر لدينا بيانات البعض، كذلك نحن لا نحصر رعاية أسر الشهداء علينا، ونقول بأنهم موجودون في مناطق الجمهورية اليمنية، وبإمكان كل مؤمن منتم لقيم الإسلام أن يقدم خدماته لأسر الشهداء. نحن فقط فيما يتعلق بالمشاريع المهمة والكبيرة يتم التنسيق فيها معنا من قبل مؤسسات وجهات وغير ذلك، لذلك لا داعي للتفاصيل.

تشكيل لجنة من وزارة الدفاع
 ما دور مؤسسة الشهداء في متابعة تسوية أوضاع المجاهدين الذين تم اعتمادهم ضمن كوادر القوات المسلحة والأمن، فعلى سبيل المثال استشهد بعضهم وهم برتب عسكرية وأمنية. تم اعتمادها صوريا، لكنها لم تُعتمد رسمياً ضمن كشوفات الدفاع والأمن، ولم يحالوا إلى التقاعد وفق النظام والقانون؟
ما يتعلق بتسوية الشهداء من منتسبي القوات المسلحة الذين قضوا واستشهدوا في ميادين الجهاد ثم بعد استشهادهم مُنحوا رُتباً عسكرية لم تكن موجودة لديهم أثناء حياتهم في ميادين الجهاد، هذه المستويات القيادية تم تشكيل لجنة من وزارة الدفاع ومن ضمنها بعض المسؤولين في شؤون الضباط، وشؤون الأفراد ومن ضمن هيئة القوى البشرية على أساس معادلة المستويات القيادية بحسب أعمال وتصنيف كل قيادة عسكرية. أما ما يتعلق بموضوع الشهداء ككل حتى أفراد الجيش واللجان الشعبية تتم معالجة وتسوية أوضاعهم ضمن القوات المسلحة، ويتم استكمال إجراءاتهم عبر وزارة الدفاع ومنها إلى وزارة المالية ووزارة الخدمة المدنية، لكافة الملتحقين بالجبهات، سواءً كانوا أساسيين ضمن قوة وزارة الدفاع أم لم يكونوا كذلك كأفراد اللجان الشعبية، أما منتسبو وزارة الداخلية فيتم تسوية أوضاعهم داخل مؤسساتهم. وأما ما يتعلق بمسألتي الراتب والرعاية فإن مؤسسة الشهداء تُعنى بجميع الشهداء من منتسبي كافة الوحدات الإدارية والقوات المسلحة والأمنية ونحوها، واللجان الشعبية أيضا.

280 ماكينة خياطة لأرامل الشهداء
 ما الجديد الذي ستقدمه مؤسسة الشهداء هذا العام عدا معارض الشهداء، وإحياء فعاليات أسبوع الشهيد؟
هذه المناسبة تحفل بالكثير من المشاريع والأنشطة، منها ما يتعلق بزيارات أسر الشهداء، وتقديم الهدايا الرمزية المعبرة عن وفائنا، ووفاء شعبنا وأمتنا لهؤلاء الشهداء العظماء. وقد تم إعداد الهدايا في وقت مبكر وتوزيعها على كافة مناطق الجمهورية. وقد دشن زيارات أسر الشهداء، وبعض المحافظات تم الصرف والتوزيع لها عينا، وبعض المحافظات تم تحويل المبالغ بواقع عشرين ألف ريال نقدا، وتحول حوالات اكسبريس إلى رقم المعيل لأسرة الشهيد. هذان المشروعان تم تنفيذهما في الأسبوع الماضي بفضل الله وبتعاون الخيرين والجهات الداعمة، على رأسهم هيئة الزكاة وهيئة الأوقاف، وبواسطة المجلس الإنساني، وسيتم إن شاء الله تعالى خلال هذا الأسبوع صرف راتب ونصف لكل أسر الشهداء دون استثناء (تم الصرف ابتداء من الأسبوع الماضي) وهذا في ظل الوضع الراهن يعتبر شيئاً إيجابياً وجيداً، مقارنة بالوضع العام الذي تعانيه حكومتنا وبلدنا، وأيضا سيتم صرف الكفالة لعدد 28 ألف مكفولين ضمن برنامج «إحسان لكفالة الأيتام» هذا الأسبوع بإذن الله، وأيضا سيتم تمكين ما يفوق 200 أرملة من أرامل الشهداء بماكينات خياطة بعد أن تم تدريبهن لمدة شهرين، وهن 280 أرملة شهيد في سبع محافظات الجمهورية: أمانة العاصمة، وصنعاء، وصعدة، وعمران، وحجة، وذمار، وإب. والخريجات سيتم تمكينهن بإذن الله بتمويل وتعاون الهيئة العامة للزكاة خلال هذا الأسبوع. وغيره من المشاريع التي ينفذها الخيرون، والسلطات المحلية والمكاتب الإشرافية على مستويات المديريات والمحافظات والعزل ونحوها. وهذه المناسبة محطة نستذكر فيها الواجب، ونذكر الآخرين بالواجب تجاه أسر الشهداء.

جهات أخرى تُعنى برعاية الجريح
 ما هو وضع الجرحى وتعامل المؤسسة معهم ومع كثير من الحالات التي يقال إنها لا تحظى بالاهتمام والرعاية الشاملة، طبية أو مادية؟
الجرحى فعلا الحق لهم كبير جدا، ولو نظرنا لأعداد الجرحى وما يترتب على بعض الجراح من إعاقات فالعدد كبير جداً، والنشاط مختلف كليا عن نشاط مؤسسة الشهداء. ونحن في المؤسسة نعنى برعاية أسر شهداء الواجب المقدس، وأيضا هناك جهات أخرى تعنى برعاية الجريح وتقديم الرعاية اللازمة للجريح، منها على سبيل المثال: دائرة الخدمات الطبية، الإسعاف الحربي، مؤسسة الجرحى، وزارة الصحة لها دور من خلال الهيئات والمستشفيات، وصندوق المعاقين، ونحن نشاطنا يختلف عن نشاط مؤسسة الجرحى لأننا نرعى أسر شهداء، ونحن نعتذر لهذه الشريحة المهمة باعتبار أن لها جهاتها ومؤسساتها الخاصة والمعنية برعايتهم.

شهداء منسيون.. حتى إشعار آخر
على مدى سبعة أعوام وطيران العدوان لم يترك مكانا مدنيا إلا وقصفه، ويتعمّد استهداف تجمعات المدنيين في أفراحهم وأتراحهم، وحتى أسواقهم، ومشافيهم، ومدارسهم، وحافلاتهم... هذه المجازر تخلف الكثير من الشهداء والجرحى. وعند كلمتي «شهداء وجرحى» نتوقف، فهؤلاء الشهداء يظلون طي النسيان، ولم يتم إلحاقهم بكشوفات شهداء الوطن الذين قضوا في الجبهات. وهنا تعرض «لا» ما يؤكد هذا، فضمن ملف سابق أعدته «لا» بعنوان: «مجزرة ضحيان.. 
صحفية «لا» تجمع أشلاء الحقيقة في ملف صحفي خاص.. زيارة جديدة لحافلة الملائكة»، وهو ملف نُشر على حلقات في الأعداد (711، 712، 713) ونُشرت رسالة أهالي شهداء مجزرة حافلة ضحيان بتاريخ 7 يوليو 2021. العدد (713). وأثناء لقاء الزميل/ عادل بشر بأهالي ضحايا المجزرة وجهوا عبر صحيفة «لا» هذه الرسالة التي نعيد نشرها ضمن فعاليات أسبوع الشهيد والتي حملت عنوان «رسالة حافة»:

إلى القيادة الثورية والسياسية
بعــــد التحيــــــة
شهداء داخل الحافلة خارج مؤسسة الشهداء
خلال تواجدنا في روضة الشهداء، طلب منا بعض الأهالي إيصال شكاواهم ومناشداتهم عبر صحيفة «لا» إلى قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، والرئيس مهدي المشاط، وعضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، أن يتم النظر في أحوال أهالي الشهداء والجرحى من أطفال الحافلة، حيث يعيش الكثير من الأهالي أوضاعاً معيشية صعبة، وخصوصاً أهالي الجرحى ذوي الإعاقات والجروح البليغة. 
وفي هذا الصدد يطالب ممثل أهالي الشهداء والجرحى، زيد طيب، قائد الثورة وقيادات الدولة باحتساب الأطفال «شهداء الحافلة» ضمن كشوفات شهداء الوطن، قائلاً بأن قدمه حفيت ذهاباً وإياباً إلى مؤسستي الشهداء والجرحى للمطالبة بالاهتمام بأسر الشهداء والتعامل معهم على أنهم جميعاً شهداء دون تمييز بين شهيد وآخر، وكذلك رعاية الجرحى ومد يد العون لأسرهم، نظراً لحالتهم المادية الصعبة. «ذهبت لزيارة أحد الجرحى فإذا بالدود يخرج من الجرح الذي في قدمه، ومؤسسة الجرحى قالوا: هؤلاء مش محسوبين علينا، فرجعت أجمع فلوس من الناس، أشحتها شحت، لأجل أشتري بها عسلاً وزبيباً للجرحى». وأضاف زيد طيب: «أسر الجرحى فقراء جداً، تجد الجريح وإصابته بليغة يأكل خبزاً وسحاوق فقط». 
من خلال نص الرسالة أعلاه يتضح أن الشهداء الذين يتعرضون للقصف ويقضون نتيجة الغارات الهستيرية في مختلف مناطق الجمهورية يعاني أهاليهم من بعد فقدهم عوائلهم الذين كانوا يعيلونهم معاناة وصعوبة المعيشة، ولا يتم اعتماد أسماء أسرهم ضمن ملفات المؤسسة، طبعا هذا حسب ما ورد في نص الرسالة أعلاه الموثقة بالتاريخ والعدد، لذلك نأمل ألا تمر هذه السطور على مؤسسة الشهداء مرور الكرام، وأن يتم إعادة النظر في ذلك، كون تلك الأسر تحتاج هي أيضا لمن يعيلها ويخفف معاناتها في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، ولأن جهود المؤسسة واهتماماتها كبيرة وملموسة، فنأمل أن تجد لها حلولا تساعد أسر شهداء القصف والمجازر في مختلف المحافظات. 

مجازر خارج الذاكرة والاحتفاء
أفراحٌ تحوّلت إلى مآتم. نساءٌ كُنّ على بُعد خطوة من الفرح الذي اغتالته طائرات التحالف ولم تفرّق بين مدني وعسكري. مجزرة «عُرس سنبان بذمار» شاهدٌ على وحشية وهمجية المدرسة الصهيونية التي يطلق عليهم اسم التحالف العربي»، أو أنه أحد تلاميذها. العُرس الذي راح ضحيته 51 شهيدا، و30 جريحا، جلهم نساء وأطفال، وأسواقٌ كانت تجمع بضائعها للمتسوقين والزبائن ليتحولوا بقصف طائراتهم إلى جثث محروقة. مجزرة «سوق مستبأ بحجة» خير شاهد أيضا على وحشيتهم التي فاقت كل شيء، وبلغ عدد ضحاياها 120 شهيداً. ومجزرة منطقة «صالة بتعز» والتي كانت حصيلتها 65 شهيدا، و50 جريحا. كذلك مجزرة القاعة الكبرى وكان ضحاياها 126 شهيدا، و6 مفقودين. لكن الأخيرة، أي مجزرة القاعة الكبرى، هي فقط من يتم الاحتفاء بها بصورة لافتة ومنتظمة، بينما المجازر الأخرى والتي هي بنفس الأرقام أو تفوقها تبدو خارج الذاكرة والاحتفاء، وكأن من قضوا واستشهدوا في تلك المجازر لا يعنون أحدا، وصار شهداؤها في طي النسيان. وهنا بمناسبة أسبوع الشهيد نذكر الجهات المختصة ونلفت انتباهها إلى أن تجعل تلك المجازر الوحشية ضد المدنيين كذكرى لمن ينسونها، أو يتناسونها وجعلها مثل ما يتم التذكير به لتصبح وصمة عار في جبين المتشدقين بالقوانين الإنسانية والدولية.
ومن عام لآخر تتغير أعداد الضحايا اليمنيين تصاعديا، بينما مواقف المجتمع الدولي والأمم المتحدة ثابتة وصلبة تساند دول العدوان، عدا بعض بيانات الشجب والتنديد بجرائم العدوان السعودي الأمريكي المستمرة للعام السابع تواليا، في محاولة لإثبات حسن نوايا كاذبة تجاه المجازر المروعة، ليصنع المجتمع الدولي بهذه المواقف كارثة إنسانية صنعتها أيادي البشر وكارثة بكل المقاييس والمعايير: تقتيل وتجويع وقصف طيران ونقص غذاء ودواء وحصار خانق لا غاية منه سوى إبادة جماعية لشعب اليمن، ومجتمع دولي منافق ودول عظمى تدعي أنها رائدة حقوق الإنسان في العالم.

«لا» بالقرب منهن
عظيماتٌ على امتداد الحقول والسهول. يستمدون القوة من شموخ وعظمة تضحيات الشهداء. في كل بيت أم لشهيد، أو زوجة لشهيد، أو أخت لشهيد، أو بنت شهيد... تجدهن يتركن أوجاعهن ويكن أكثر وعيا بحمل أعباء المسؤوليات الكبيرة الملقاة على عواتقهن من خلال تربية أطفالهن، وزراعة حقولهن، لأنهن يصبحن هن العائل والمعيل والمربي ليواجهن كل صعوبات الحياة. من هنا وجدت مؤسسة الشهداء لتكون رفيقتهن والتخفيف من معاناتهن اقتصاديا وصحيا وتعليميا... خدمات تقدم بحسب إمكانيات المؤسسة، حسب أحاديثهن لـ»لا»، من خلال السلال الغذائية التي تقدم كل شهرين، أو المساعدات المالية، وغيرها من الخدمات. بدورها صحيفة «لا» توقفت معهن وتلمّست ذلك عن قرب.

كثّر خيرهم
وبدورها خنساء اليمن (أم الشهداء الأربعة) سيدة اللاحجي تقول لـ«لا»: «كثر الله خيرهم في المؤسسة ما بيقصروا معنا سواءً بالسلال الغذائية، أو المعاشات الشهرية، وأول أمس تم تكريم عيال الشهداء في المدارس بمناسبة أسبوع الشهيد».
وتختم: «الأسر كثيرة وفي كل أنحاء اليمن، وقدهم يحاولوا جهدهم توفير الاحتياجات حسب الوضع والحصار الذي تعيشه بلادنا».

التواصل عبر مندوبات المؤسسة
بداية تحدثت لـ»لا» أم صادق (زوجة شهيد وأم لثلاثة أطفال) قائلة: «استشهد زوجي قبل سنة ونصف تقريبا في مأرب، فتابعنا مؤسسة أسر الشهداء من أجل الراتب وكل حقوق الشهيد، فتم التواصل عن طريق المندوبات والمندوبين التابعين للمديرية، حيث يتم تحديد مندوبين لكل مديرية وما علينا كأسر شهداء إلا أن نعرض طلبنا أو احتياجاتنا إلى المندوبات والمندوبين، ويطلبون منا الوثائق المطلوبة فيتم تجهيزها وتسليمها للمندوبين والمندوبات وعن طريقهم يتم التواصل بالمؤسسة ومتابعة الطلب حتى يتم تثبيته».
تضيف أم صادق: «وللأمانة برغم الظروف التي تعانيها بلادنا والحصار والحرب، إلا أنهم يبذلون معنا أقصى جهودهم لتوفير جميع احتياجاتنا، كالمنح الدراسية المجانية، وكسوة العيد، وأضحية العيد، والسلال الغذائية، ومشروع كفالة اليتيم، وغيرها من المشاريع».
تختم أم صادق: «باسمي كزوجة شهيد أشكر مؤسسة الشهداء على جهودها الملموسة، قال تعالى: «ومن يتوكل على الله فهو حسبه»، فنحن ضحينا بأغلى ما نملك من أجل الوطن ولأجل إعلاء كلمة الله، فأرحم الراحمين لن ينسانا وسيهيئ لنا جميع لأسباب لنعيش كالبقية».
أم الشهيد الحسين الكبسي أكدت أيضاً ما قالته أم صادق.

منسيات في دروب المعاناة
وبعد أن توقفت «لا» مع أسر الشهداء المقيدين ضمن كشوفات المؤسسة، لم تنسَ التوقف مع أسر شهداء المجازر الإجرامية المنسيين في دروب المعاناة التي يواجهونها دون أن يجدوا من يواسيهم أو يخفف معاناتهم. كانت البداية مع أم نهلة (نازحة من مدينة حرض الحدودية، تلك المدينة التي صارت أثرا بعد عين) تقول: «نزحنا إلى العاصمة أنا وأطفالي الأربعة بعد أن كنا نملك مزرعة وبيتا لكن تم تدمير كل شيء واستشهد أبو أطفالي وهو بالمزرعة أثناء حراثة الأرض».
تضيف: «حاولت أن أصل للمهتمين بشؤون النازحين ولم أتمكن من ذلك، ولم يكن أمامنا سوى أن نبيع المناديل الورقية في الأماكن العامة حتى لا نمد أيدينا للآخرين، وحتى يفرج الله عنّا ونعود لمدينتنا».
خديجة (أم لطفلين) تقول: «استشهد زوجي في قصف على مصنع أسمنت عمران. وبعد أن فقدنا عائلنا حاولت أن أتعلم أي شيء يعود علينا بدخل يجعلنا نستمر بالعيش أنا وأطفالي».
تختم: «أقوم بمساعدة صديقتي الخياطة بالتطريز، أو أي شيء يتطلب مني مساعدتها فأحصل على أجر زهيد بالكاد يكفينا. وعبركم أتمنى أن نجد من يهتم بمن فقدن عائليهن في المجازر الوحشية لطيران العدوان وأن يتم النظر في أوضاعنا كأسر الشهداء».
بدورنا في «لا» ننقل تلك المعاناة وبمناسبة أسبوع الشهيد نذكُر المؤسسة بهؤلاء المنسيين وبأنهم بلا عائل ويحتاجون من يواسيهم ويخــــفف معاناتهم أيضا.