طلال سفيان العامري / لا ميديا -
مديرية الدريهمي تعود للحياة ولحضن الوطن, كل شيء يقول ذلك، فرحة الناس البسطاء ونسمات البحر وحفيف النخيل.
يوم انسحاب مرتزقة العدوان منها في الـ 12 من تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، كان يوما مغايرا في حياة الناس, عاد الأمن والأمان وتحركت الدورة في قلب المديرية.. الأسواق مزدحمة والمطاعم مفتوحة وسيارات الغذاء والأدوية تنتشر في مدن النخيلة والشجير والطائف وتمر إلى الجاح والفازة في التحيتا.
أهلا برجال الرجال، هكذا استقبلنا الشاب الصغير يونس عامل الشاي في مطعم الهديش أشهر مطاعم الدريهمي والمقام على طريق النخيلة المنطقة الساحلية الخلابة ذات المليون نخلة كما يصفها السكان هناك.
في مدينة الطايف عاد الأطفال للعب كرة القدم، وفي الشجيرة ومن سوق النخيلة كنا نرى تحرك الصيادين نحو البحر.
قبل الوصول إلى الدريهمي كان بدر البحري العامل كسائق في دائرة النقل بوزارة الدفاع، يقول لي وبكلمات تدل على الفخر: «كنت أقوم بإنزال المواد الغذائية والقات إلى الحديدة ليقوم الجيش واللجان الشعبية بتوصيلها لأبطالنا المحاصرين في مدينة الدريهمي، وكنت في أحيان كثيرة أقترب من تلك المنطقة».
حكايات وقصص عن بطولات فتيان مجاهدين في سبيل الله واليمن كما يصفها المجاهد الشاب سليمان الزاهري ابن مديرية الزيدية الذي قاتل في صفوف الجيش واللجان الشعبية في الدريهمي وكيلو 16, وهو يرافقنا في الزيارة, كما تطل الفرحة من عيون عادل الأهدل ابن الدريهمي وهو يرى مسقط رأسه وقريته تتنفس حرية وتغتسل من آثار الأقدام الوسخة التي لوثت مديريته وبقية مناطق الساحل الغربي.

مساعدات ومطالب
لحظة وصولنا إلى سوق الدريهمي في منطقة النخيلة، تجمهر حولنا عدد من المواطنين وبدأوا يسألون: هل أنتم صحفيون؟ فأجبناهم: نعم. ليبدؤوا بالتعبير عن سخطهم من بقاء العملة (القعيطية) التابعة للعدوان سارية في أيديهم.
يقول أحد المواطنين: نناشد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، والرئيس المشاط أن يهبوا لنجدتنا وسحب هذه العملة حق المرتزقة من التداول بها في الدريهمي، صاحب المحل وصاحب اللحمة ما يرضوا يأخذوها أو يتعاملوا بها، أعطونا بدلاً منها، عملة صنعاء، نحنا نشتي نفتت أبوها عملة الدنبوع». كان هذا يوم الثلاثاء الموافق 23 نوفمبر الفائت أثناء زيارتي للدريهمي، وقبل يوم من نزول اللجنة الاقتصادية إلى هذه المديرية وبقية المناطق التي انسحب منها مرتزقة العدوان، وتبديلها للمواطنين بالعملة الوطنية الصادرة من البنك المركزي في العاصمة صنعاء.
الحركة هنا حثيثة، مطبخ مجاني وسط سوق الدريهمي عمله محافظ الحديدة محمد قحيم بالتعاون مع بعض تجار الحديدة، الهيئات الإغاثية والإعانية الوطنية تقوم بمساعدة الناس، حيث قام حتى يوم زيارتنا للدريهمي، كل من المجلس الأعلى لتنسيق الشئون الإنسانية ومؤسسة الشعب بتقديم 2000 ناموسية و2000 قنينة مياه صحية، وقدمت هيئة الزكاة مبالغ ما بين 20000 إلى 30000 ريال للمستحقين، و2000 سلة غذائية في الدريهمي، وإجمالي 40 ألف سلة غذائية للدريهمي والتحيتا ومنطقة كيلو 16 بمديرية الحالي، ومازال العمل الإغاثي جارياً.
الإعانات وصلت للمواطنين مزارعين وصيادين وآخرين متضررين ومنهكين من العدوان، حتى الملابس والأدوات الرياضية وصلت إلى أطفال وشباب الدريهمي، وقدمت من مكتب الشباب والرياضة بمحافظة الحديدة وبدعم من وزارة الشباب والرياضة، وبدأت البطولات الرياضية تنظم في ألعاب عدة في مدن الطايف والنخيلة والشجيرة في الدريهمي.

وقفات وجلسات تحت ظلال النخيل
وقفات جماهيرية وجلسات شعرية جمعت مواطنين ومجاهدين وشعراء من تهامة وآخرون زائرين للدريهمي تعبيراً عن شد العضد وإبداء الفرحة بعودة المديرية إلى حضنها الطبيعي.
تحت ظلال «النخيل» يلقي أسد باشا أبياتاً عن تحرر الدريهمي والتحيتا من مرتزقة العدوان، وبعده يرتجل الشاعران يونس أبو الحياة ومحمد البجلي قصائد الحماسة والنصر.
إبراهيم المنصور المشرف العام لمديرية الدريهمي يؤكد لصحيفة «لا» أن الحياة عادت إلى المديرية بشكل جيد بعد انسحاب جحافل مرتزقة تحالف العدوان الأمريكي الصهيوني السعودي الإماراتي على اليمن.
بعد اتصالات عديدة من جهازه لقوات الجيش واللجان الشعبية العاملة على تطهير مدينة الدريهمي من الألغام والمفخخات التي زرعها مرتزقة العدوان هناك، يعتذر الرجل منا بكل أدب ويقول: «لا يمكن أن نصطحبكم إلى مدينة الدريهمي، لأن العمل من قبل فرق تفكيك الألغام مازال مستمراً فيها، وهي مغلقة، وأنتم تعرفون كم عانت هذه المدينة من دمار وتخريب، وكم بقي أبطالنا المجاهدون فيها مرابطين ومحاصرين ومواجهين لجحافل العدوان».
ويشير لنا المشرف المنصور: «منذ اللحظات الأولى لخروج هؤلاء المرتزقة المجرمين من مديرية الدريهمي، بسط المجاهدون من أبطال الجيش واللجان شعبية سيطرتهم وأعادوا انتشارهم على كافة مناطق المديرية، وكذلك الحال في كافة المناطق المنسحب منها مرتزقة الإمارات من تكفيريين وتابعين للمجرم طارق عفاش، ولن يعودوا إليها بإذن الله لأن رجال الرجال لهم في المرصاد».

الموساي.. مدير الدريهمي
مدير مديرية الدريهمي الشيخ محمد الموساي، يقول: «مناطق قضبة والنخيلة والطايف وغليفقة وعدد من المناطق الساحلية تحررت بعون الله تعالى وبقوة الجيش واللجان الشعبية، وعاد الناس إلى قراهم وعزلهم آمنين مستبشرين، وعادت الحياة إلى طبيعتها في الدريهمي».
ويضيف الموساي: «نحن طاردناهم وطردناهم من مديريتنا في حرب استنزاف بعد أن عاثوا ظلماً وفساداً في حق المواطنين. لقد قام هؤلاء المرتزقة بمنع أبناء الدريهمي من الاصطياد والزراعة ودمروا مساكنهم، وعندما توكلنا على الله ووثقنا به ووقفنا مع رجال الرجال المجاهدين نصرنا الله عليهم وطردناهم من منظر إلى قببة وإلى النخيلة والطايف حتى غليفقة والجاح ومن التحيتا والحيمة حتى مدينة الخوخة، وكذلك سنطردهم من الخوخة وحيس والمخا ومن كل شبر في أرض بلادنا الغالية». 

الأهدل.. مواكبة إعلامية للنصر
يقول أكرم الأهدل، مدير مكتب الإعلام بمحافظة الحديدة: «واكبت طواقم الإعلام عملية انسحاب مرتزقة العدوان من كيلو 16، ومن مديريتي الدريهمي والتحيتا والأجزاء التي كانت تسيطر عليها من مديرية بيت الفقيه، ونحن بدورنا في إعلام الحديدة عملنا على توجيه الإعلاميين لتسليط الضوء على هذا الحدث، وتوحيد الخطاب في التعاطي مع هذا الانسحاب وتطمين المواطنين حول فتح الخطوط أمامهم وسلامته».
ويضيف الأهدل: «بعد ذلك واكبنا نزول اللجنة الرئاسية الخاصة بمعالجة الأوضاع في محافظة الحديدة وغطينا أنشطتها، كما نسقنا للقنوات الإعلامية للنزول إلى المناطق المحررة وتغطية هذا الحدث وتوثيق الحالات الإنسانية في تلك المناطق وحجم معاناتهم من العدوان وأدواته الارتزاقية خلال سيطرتهم على تلك المناطق، وحالات السلب والتدمير والقتل التي عمل المرتزقة على تنفيذها خلال السنوات التي كانوا يسيطرون فيها على أجزاء واسعة من الساحل الغربي».
ويتابع: «وجدنا نهباً وتدميراً واسعاً من قبل هذه الأدوات للبنى التحتية وكل المنشآت الرسمية من صحية وتعليمية في كيلو 16 والدريهمي والتحيتا، وكان للإعلام الوطني دور كبير في تغطية هذه الحالات والصوت الذي وصل للجميع، وهو من نقل حالات الفرح والبهجة في عيون الناس والاستبشار بهذا النصر والانفراج بعد معاناة في كل النواحي».
ودعا الأهدل كل الوسائل الإعلامية اليمنية والعالمية إلى النزول للمناطق المحررة في محافظة الحديدة لتغطية البسمة والفرحة بهذا النصر، وتغطية الجرائم التي ارتكبها العدوان ومرتزقته بحق السكان في الدريهمي والتحيتا والأجزاء التي احتلوها في مدينة الحديدة، والمعاينة لكيفية إصلاح حكومة الإنقاذ للأوضاع مباشرة في هذه المناطق.