تقرير: نشوان دماج / لا ميديا -
لم يعد معروفاً إلى أين يتجه بنك الارتزاق في سياساته الكارثية، بدءاً بإفراطه غير المحسوب في طباعة عملة جديدة دون أي غطاء، ثم بإعلانه منتصف الشهر الماضي طرح مزادات لبيع العملة الصعبة، وهي الخطوة التي وصفت من قبل اقتصاديين بالفاشلة وغير المجدية، وسط تدهور شديد لقيمة العملة المحلية ليصل سعر الدولار الواحد إلى 1724 ريالاً وتوقعات بوصوله إلى 2000 ريال، فيما يكون البنك مع كل إخفاق جديد قد شن حربه على شركات الصرافة متهماً إياها بالمضاربة في سعر الصرف.
 اتخذ بنك الارتزاق في عدن، أمس الأول، إجراءات تعسفية جديدة ضد شركات الصرافة، بالتزامن مع تسجيل العملة المحلية المزيد من الانهيار أمام الدولار الذي قفز إلى 1724 ريالاً، إثر آخر مزادات البنك التي طرحها -الأربعاء- متجاهلاً التحذيرات من تداعياتها السلبية.
وبرر مركزي عدن الحملة التي أغلق خلالها العديد من محال الصرافة في المدينة المحتلة، بتسببها في تدهور العملة المحلية، واتهمها بالمضاربة في أسعار الصرف.
وهدد مركزي عدن بسحب تراخيص مزاولة عمل شركات الصرافة واتخاذ إجراءات صارمة ضد تلك الشركات في مخالفة توجيهات البنك.
وارتفعت قيمة الدولار في المناطق المحتلة بشكل متسارع منذ منتصف الأسبوع الماضي، حيث وصل سعر الدولار الواحد بمدينة عدن، الخميس، 1724 ريالاً، الأمر الذي جعل الكثير من الخبراء الاقتصاديين يرجعون تهاوي العملة المحلية إلى الإجراءات التي يتخذها البنك، ومنها مزادات بيع العملة الصعبة وتسريبها إلى خارج البلاد.

مزادات بيع العملة الصعبة
في 10 نوفمبر/تشرين الثاني، قام بنك عدن بطرح أول مزاد له عبر منصة "Refinitiv 10" لبيع 15 مليون دولار أمريكي، وحدد حينها سعر صرف أدنى للعطاء لبيع الدولار الأمريكي مقابل الريال اليمني بـ1411 ريالاً لكل دولار، وبهامش 50 ريالا عن سعر الصرف في السوق.
وقال البنك، الأربعاء، إنه باع 15 مليون دولار للبنوك التجارية والإسلامية في مزاد رابع عبر منصة إلكترونية، ليبلغ إجمالي ما باعه حتى الآن 51.909 آلاف دولار، فيما كان يهدف إلى بيع 60 مليون دولار، وهذا رابع تدخل للبنك لما قال إنه دعم لسعر صرف العملة المحلية المنهارة مقابل الدولار وبقية العملات الأجنبية من خلال مزادات أسبوعية لبيع النقد الأجنبي من احتياطاته المتناقصة إلى البنوك.
وتجري عملية بيع وشراء العملات الأجنبية عبر منصة رفينيتيف العالمية التي تتولى عملية المزاد وتنظيم عمليات البيع والشراء للنقد الأجنبي، للبنوك المشتركة بالمنصة. أما البنوك غير المشتركة بها فسيقوم البنك المركزي بتقديم العطاءات نيابة عنها بطلب رسمي مقدم للبنك عبر البريد الإلكتروني المخصص لذلك.
وتشير المعلومات التي نشرها البنك إلى أن 5 بنوك "يمنية" تقدمت بثمانية عطاءات، وبمبلغ إجمالي 8.75 مليون دولار، بعد أن رست على سعر صرف 1411 ريالاً مقابل الدولار الأمريكي، رغم وجود سعر صرف أعلى من هذا، وهو 1447.

خبراء: مزادات البنك زادت من تدهور قيمة العملة المحلية
أثار بدء البنك مزادات لبيع النقد الأجنبي إلى البنوك، أسئلة عدة حول جدوى هذه الإجراءات، التي لم توقف نزيف الريال المستمر.
وقال خبراء اقتصاد ومال محليون إنه على الرغم من زعم البنك بأن الإجراءات والتدخلات التي اتخذها هي من أجل دعم العملة المحلية وتحسبا لانهيارها، إلا أن تدخله الأخير ببيع النقد الأجنبي للبنوك منذ منتصف نوفمبر الماضي، زاد من تدهور قيمة العملة لمستويات قياسية بدلا من تحسن قيمتها، مما يهدد بانهيار العملة تماماً، مشيرين إلى أن انهيار العملة المحلية أمام الدولار يعني استمرار الزيادة في أسعار المواد الغذائية المرتفعة أصلا مما يفاقم أوضاع الناس السيئة بالفعل مع تضاؤل قيمة مرتبات الموظفين إلى أدنى مستوى لها.
وأرجع الخبراء إقدام مركزي عدن على إغلاق محال الصرافة إلى محاولة التغطية على تسبب إجراءاته في الدفع بأسعار العملة إلى الأسوأ، وتحميل الصرافين المسؤولية عن أخطائه، كما يفعل كل مرة.

"الوديعة" على وشك النفاد
فيما يواصل بنك الارتزاق مزاداته لبيع النقد الأجنبي، يواصل الريال اليمني تهاويه مقابل العملات الأجنبية وسط توقعات بوصوله إلى 2000 ريال للدولار الواحد.
وبخصوص ما تسمى "الوديعة السعودية" التي تم تقديمها عام 2018 وبلغت ملياري دولار، أكدت مصادر مطلعة أن البنك استهلك معظم تلك الوديعة، بحيث لم يعد منها سوى ما نسبته 5% لا أكثر.
وقال مسؤول في البنك رفض الكشف عن اسمه: "ما تبقى من الوديعة السعودية لا يزيد على 100 مليون دولار.. ولكن لا يمكن استخدامها إلا بعد الحصول على إذن مسبق من الحكومة السعودية لإنفاقها".
ويبدو أن هذه الإجراءات الأخيرة التي اتخذها بنك الارتزاق في عدن (سواء منع إغلاق شركات صرافة ثم فتحها أو إعلان مزادات لبيع العملة الصعبة)، كلها إجراءات وهمية لا تسمن ولا تغني من جوع، حيث يتردى الريال إلى الأسفل وتهبط قيمته أكثر، ويصر تجار العملة على فتح محلات جديدة حتى غدت محلات الصرافة مثل البقالات في كل ركن وشارع.
ونتيجة لكل ذلك العبث المقنن، تزداد معاناة المواطن في المحافظات المحتلة، ويسوء حاله، وتشتد وطأة الفقر والعوز والحاجة في ظل إثراء مسؤولي حكومة الارتزاق وهوامير الفساد.