دمشق/ أحمد رفعت يوسف / لا ميديا -
مداولات المحكمة الدستورية السورية بعد دراستها طلبات المرشحين الـ51 لانتخابات الرئاســة وفــق قوانين ومواد الدستور السوري، على قبول طلبات ثلاثة مرشحين، وهم بحسب ترتيب المحكمة: عبدالله عبدالله، الدكتور بشار الأسد، ومحمود مرعي.
وتنص مواد الدستور السوري على شرط حصول أي مرشح لمنصب الرئاسة على موافقة 35 عضواً من أعضاء مجلس الشعب على الأقل لقبول ترشيحه.
وبحسب تركيبة أعضاء مجلس الشعب المكون من 250 عضواً، وانتماءاتهم ين الأحزاب والمستقلين فإن من الصعب حصول أكثر من ثلاثة مرشحين على ترشيحات من أعضاء المجلس، ذلك أن حزب البعث العربي الاشتراكي وحلفاءه في قائمة "الوحدة الوطنية" يمتلكون 177 مقعدا من أصل 250 مقعدا عدد أعضاء مجلس الشعب السوري، وهؤلاء حكماً سيرشحون الأمين العالم لحزب البعث الرئيس بشار الأسد، وما تبقى من الأعضاء من أحزاب مختلفة ومستقلين لا يملكون العدد الكافي لترشيح أكثر من شخصين لانتخابات الرئاسة.
وفي قراءة لهوية وتاريخ وانتماءات المرشحين الثلاثة، يلاحظ وجود تنوع في انتماءاتهم الحزبية والسياسية والجغرافية.
ووفق ترتيب قرار المحكمة الدستورية للمرشحين فالسيد عبدالله عبدالله الذي كان أول المترشحين وأول المقبولين، هو قيادي في "حزب الوحدويين الاشتراكيين" وهو من أقدم الأحزاب السورية وانضم مع "حزب البعث" في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي ليشكلا معاً "حزب البعث العربي الاشتراكي"، لذلك يعتقد أعضاء الحزب أن حزبهم يشكل الأساس التاريخي لحزب البعث.
ومع قيام الوحدة السورية المصرية عام 1958، وقبول حزب البعث العربي الاشتراكي شرط الرئيس جمال عبدالناصر حل الحزب لنفسه كشرط لقبوله الوحدة، رفض عدد من قادة حزب البعث هذا الإجراء وانشقوا عن الحزب ليعودوا إلى حزبهم السابق "حزب الوحدويين الاشتراكيين"، رغم أن قرار الانشقاق لم يكن احتجاجاً على الوحدة التي لقيت تأييدهم، لكن الاحتجاج كان على مبدأ حل حزب البعث العربي الاشتراكي لنفسه، وهو الموقف الذي اعتبره معظم قادة حزب البعث خلال المراجعات التي كانت تجري لتقييم تجربة الوحدة مع مصر بأنه كان خاطئاً.
وبعد الحركة التصحيحية التي قادها الرئيس الراحل حافظ الأسد عام 1970 أعلن الحزب تأييده للحركة وللرئيس الأسد، وانضم فيما بعد إلى الجبهة الوطنية التقدمية التي ضمت حزب البعث والأحزاب الحليفة، والتي بقيت تحكم سورية حتى التعديل الأخير للدستور الذي جرى في العام 2012، وهذه الجبهة لاتزال قائمة ومهيمنة على الحياة السياسية في سورية ولا يزال "حزب الوحدويين الاشتراكيين" الذي ينتمي إليه المرشح عبدالله عبدالله ناشطاً في الساحة السياسية السورية حتى الآن، ويتولى فيه المرشح عبدالله منصب عضو المكتب السياسي للحزب.
والمرشح عبدالله من مواليد عام 1956 وينحدر من مدينة أعزاز في شمال محافظة حلب، وكان في السابق، عضواً في مجلس الشعب عن الدور التشريعي 2012-2016، وشغل سابقاً منصب وزير الدولة لشؤون مجلس الشعب أيضاً.
المرشح الثاني المقبول ترشيحه بحسب قرار المحكمة هو الرئيس بشار الأسد، وهو أمين عام "حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ" الحاكم في سورية، ويتولى منصب الرئاسة منذ العام 2000، وقاد سورية في أصعب مراحلها منذ مجيئه إلى منصب الرئاسة، التي بدأت مع أحداث 11 أيلول/ سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم غزو أفغانستان والعراق، والتهديد الأمريكي بغزو سورية الذي نقله إلى الرئيس الأسد وزير خارجيتها كولن بأول، إلى تداعيات مقتل رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري، ولاحقاً بأشرس عدوان تعرضت له سورية في تاريخها منذ العام 2011 ولا يزال.
المرشح الثالث وهو المحامي محمود مرعي، الذي ينحدر من بلدة تلفيتا بريف دمشق، ويبلغ من العمر 64 عاماً.
ينتمي مرعي إلى المعارضة الوطنية التي بقيت تعمل وتمارس نشاطها من داخل سورية، ومارس نشاطه السياسي عضواً بارزاً في التيّار الناصريّ، الذي كان يقوده جمال الأتاسي، وكان التيار عضواً في الجبهة الوطنية التقدمية التي تشكلت بعد الحركة التصحيحية التي قادها الرئيس الراحل حافظ الأسد عام 1970، لكنه انسحب من الجبهة فيما بعد، وتعرض إلى الانقسام وبقي جناح منه ضمن الجبهة، فيما بقي الأتاسي وتياره يعمل بصيغة معارضة سلميّة، رغم أنّ القوانين السورية لم تكن تسمح بذلك.
بعد وفاة الأتاسي قاد هذا التيار المحامي حسن عبدالعظيم، وبقي كذلك حتى بدء العدوان الأمريكي الصهيوني الأعرابي على سورية في العام 2011، حيث انخرط هذا النسق الناصري بقيادة عبدالعظيم مع تحالف العدوان وشكل "هيئة التنسيق السورية" التي ضمت عدة أحزاب وتيارات معارضة ساندت العصابات الإرهابية المسلحة في محاولتها لإسقاط الدولة السورية ومؤسساتها، وأصبح السوريون يطلقون على عبدالعظيم اسم "حسن عبد فورد" تلميحاً إلى السفير الأمريكي في سورية روبرت فورد الذي كان عبدالعظيم يتلقى التوجيهات منه.
كان مرعي قيادياً رئيسياً في هيئة التنسيق، لكنّه اختلف مع قيادتها، وتحديداً مع عبدالعظيم، بسبب مواقف الأخير التي أيد فيها الاستعانة بقوى خارجية، والاستقواء بها على الدولة ومؤسساتها، رغم أنه بقي في الداخل السوري يعمل ويمارس مهنة المحاماة بحماية الجيش والأمن السوريين اللذين دعا إلى إسقاطهما، مما أدى إلى خروج مرعي من "الهيئة" ومشروعها، وتشكيل "جبهة معارضة وطنية"، مع بعض الشخصيات السوريّة المعارضة الأخرى، ولم يزل يعمل من خلالها، كقوّة سياسية معارضة.
ترأس مرعي “المنظمة العربية السورية لحقوق الإنسان” إضافة إلى كونه أمين عام "الجبهة الديمقراطية المعارضة" بعد أن كان أميناً عاماً لـ"هيئة العمل الوطني الديمقراطي”، كما أنه عضو في وفد المعارضة الداخلية إلى محادثات جنيف.
ومن أبرز مواقفه دعوته إلى إجراء حوار بين المعارضة والقيادة في سورية للوصول إلى حل للأزمة السورية، إضافة إلى دعوته إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تقود عملية إصلاح سياسي وإداري تساعد السوريين على تجاوز الأزمة.
وبقراءة لهذه الترشيحات يلاحظ تنوع انتماءات المرشحين لتيارات سياسية مختلفة في سورية ولمناطقها الجغرافية.
أما القراءة الموضوعية لحظوظ المرشحين، فهي تميل بشكل واضح لصالح الرئيس بشار الأسد، الذي يحظى بدعم شعبي كبير ومن مختلف الانتماءات وشرائح المجتمع السوري، خاصة وأن الرئيس الأسد أظهر حكمة وحنكة وجلداً وإرادة قوية وهو يقود الشعب السوري والدولة السورية خلال العدوان الشرس الذي شنه تحالف العدوان الأمريكي الصهيوني الأعرابي عليها منذ العام 2011 ولا يزل مستمراً، مع إدراك الشعب السوري أن صمود الرئيس الأسد شخصياً كان له الأثر الأول في صمود سورية وانتصارها على تحالف العدوان.
أدت هذه المواقف الشجاعة إلى جعل السوريين بمعظم شرائحهم ينظرون إلى الرئيس الأسد كرمز وطني وقومي ضامن لاستقرار سوريّة ووحدتها والانتقال بها إلى مرحلة الإعمار والبناء، مما يجعله يحظى بالفرصة الأكبر للفوز بولاية رئاسية جديدة لمدة 7 سنوات.