#مروان_أنعم / #لا_ميديا -

تتجه مملكة الرمال إلى تسجيل تراجع حاد وعجز متواصل، وللسنة الخامسة على التوالي في ميزانيتها. العجز الحاصل في الموازنة السنوية للأعوام الخمسة الفارطة، ومنذ أن أعلنت السعودية عدوانها على اليمن، يعبر عن مأزق غير مسبوق يهدد بزيادة الدين العام واللجوء للاقتراض، وربما زيادة الضرائب والأسعار.
ورغم العجز المسجل في موازنة المملكة، وتراجع الإيرادات العامة، فإن الملفت زيادة نظام بني سعود الإنفاق العام.
وتبحث السلطات عن أدوات ومصادر أخرى لتعظيم الإيرادات العامة، بعيداً عن المصادر التقليدية المتمثلة في النفط. فاللجوء إلى فرض الضرائب والرسوم على العمالة الوافدة كان أحد أهم الحلول لمحاولة سد العجز المتواصل في الميزانية، إضافة إلى رفع الدعم عن السلع والخدمات.

وتبحث السلطات عن أدوات ومصادر أخرى لتعظيم الإيرادات العامة، بعيداً عن المصادر التقليدية المتمثلة في النفط. فاللجوء إلى فرض الضرائب والرسوم على العمالة الوافدة كان أحد أهم الحلول لمحاولة سد العجز المتواصل في الميزانية، إضافة إلى رفع الدعم عن السلع والخدمات.

«السعودة» غطاء لابتزاز العمالة
السلطات السعودية تحاول أن تضيف الصبغة «الوطنية» لقرار توطين المهن أو ما يعرف بسعودة المهن. مراقبون يرون صعوبة تحقيق ذلك، كون العديد من الوظائف والمهن لم يعمل بها السعوديون حتى الآن، وهو ما يتطلب سنوات من أجل تأهيلهم لها.
وستلعب هذه الخطوة دوراً حاسما في خروج مئات الآلاف من المقيمين، لارتفاع المقابل المالي الذي يصل في بعض الأحيان إلى أكثر من نصف الراتب الشهري؛ ما يعني عدم ادخار المقيم شيئا من راتبه.
والملاحظ، من خلال مصادر عديدة هو أن أرباب العمل يقومون بتوظيف شاب سعودي يتم استدعاؤه فقط عند نزول حملات التفتيش على المحلات؛ بينما يظل العامل اليمني أو الأجنبي هو من يؤدي العمل ويقوم بالتزاماته.
جعلت السلطات السعودية من مسألة توطين المهن (السعودة) غطاء رسمياً لفرض رسوم شهرية كبيرة توفر إيرادات ضخمة من العاملين الوافدين والمرافقين لهم، والذين تتجاوز أعدادهم 13 مليون نسمة حسب الهيئة العامة للإحصاء السعودية لعام 2019.
فالعمالة الوافدة، القادرة على دفع الرسوم والضرائب الضخمة، لا تمانع السلطات من بقائها في أراضيها، بينما يتم ترحيل العمالة صاحبة الدخل البسيط، والعاجزة عن تسديد ما عليها من رسوم للدولة.
في الوقت الحالي يصنف المغتربون اليمنيون ضمن العمالة الأقل أجراً، كون العديد منهم من غير حاملي الشهادات الجامعية والمؤهلات العلمية العليا، ويعملون في المهن والأعمال التي لا تتطلب مؤهلات علمية، ولذلك فإن المغترب اليمني هو الأكثر تضرراً من قرارات رفع الرسوم.

جبايات ورسوم عديدة
في الآونة الأخيرة أصبحت حياة مئات الآلاف من المغتربين اليمنيين في المملكة بمثابة جحيم لا يطاق، بسبب ما فرضته الحكومة السعودية مؤخراً من رسوم وجبايات إضافية على العمالة الوافدة، فضلاً عن الرسوم الخاصة بتجديد الإقامة ورسوم الكفالة، والتي تلتهم النصيب الأكبر مما يجنونه من أجور متدنية أصلا، وهو ما يجعلهم غير قادرين على تأمين متطلبات معيشتهم في بلاد الاغتراب، ناهيك عن عدم قدرتهم على الادخار، وهو الهدف الرئيسي لاغتراب الكثير منهم.
وقد بدأت السعودية بفرض هذه الرسوم الإضافية في العام 2017، وهي رسوم شهرية على العمالة الوافدة ومرافقيهم، بواقع 200 ريال على العامل الوافد، و100 ريال على المرافق الواحد، تتضاعف مع بداية كل عام لتكون في 2018 بواقع 400 ريال على العامل و200 ريال على المرافق.
وفي العام الجاري 2019، فرضت السلطات على العامل 600 ريال وعلى المرافق 300 ريال، وستكون الرسوم الشهرية مع بداية العام 2020 بواقع 800 ريال سعودي على العامل و400 ريال على كل مرافق.
كما أن هناك العديد من الأعباء والرسوم التي يتحملها المغترب شهرياً وسنوياً، فبالإضافة إلى المبلغ الذي يتحصل عليه الكفيل والذي يقدر ما بين 4000 إلى 10000 ريال سعودي سنويا، هناك أيضاً قانون التأمين الصحي الذي يفرض رسوماً جديدة على الوافدين تحت مسمى «تأمين صحي»، تعتمد على الحالة الصحية للمقيم، ففي الحالات الخالية من تاريخ مع الأمراض تتراوح مبالغ التأمين بين 1000 إلى 1500 ريال سعودي سنويا، فيما قد تصل مع الحالات التي تعاني من تاريخ مع الأمراض إلى 5000 ريال سعودي أو أكثر.
وهناك رسوم أخرى يفرضها مكتب العمل والتأمين على السيارات، بالإضافة إلى أعباء تحمل نفقات خدمات المعيشة الأخرى، من كهرباء وماء وإيجار السكن والمواصلات.
وصلت الإيرادات من رسوم العمالة الوافدة في العام 2018 إلى 28 مليار ريال سعودي، بينما وصلت في العام الجاري 2019 إلى 56 مليار ريال سعودي، حسب احصائيات وزارة المالية السعودية.

آهات المغتربين اليمنيين
في منتصف شهر نوفمبر، دشن عدد من الناشطين اليمنيين حملة للتضامن من المغتربين اليمنيين في السعودية على عدد من مواقع التواصل الاجتماعي، وكان الهدف من الحملة تسليط الضوء على الظلم الذي يتعرض له المغترب جراء فرض الرسوم المجحفة والإضافية والحد من فرص العمل.
يقول أحد المغردين إن السعودية لم تكتفِ بتشريد وقتل المواطن اليمني، بل حاربت وتفننت في جعل المغترب اليمني مجرد عامل للخزينة السعودية والمواطن السعودي، ولو كان فيها خير لعملت على تخفيف الرسوم على اليمنيين.
محمد علي يقول في تغريدة له: «المغترب اليمني في حال إن مات تحتجز السلطات السعودية الجثة حتى يتم إرسال رسوم تجديد الإقامة، وبعد ذلك تسلم جثته لأهله». 
العديد من التغريدات كانت قد أوضحت أن إجمالي ما سيدفعه المغترب يتجاوز الـ13 ألف ريال سنوياً، تشمل رسوم القيمة المضافة ومكتب العمل والإقامة والتأمين الصحي.
محمد العديني، أحد الذين تواصلت معهم الصحيفة في وقت سابق، يقول: «المبالغ التي ندفعها شهرياً أصبحت جنونية، خاصة وأنا أعيل أسرة مكونة من سبعة أشخاص كلهم يتواجدون معي هنا في السعودية».
وأضاف العريقي أن الكثير من اليمنيين يلجؤون إلى ترحيل أهاليهم (المرافقين) أو إحضارهم إلى السعودية بفيزة زائر والتي تكلف 100 ريال شهريا للتجديد، ولكن لا يستطيع كل من دخل بفيزة زائر أن يسجل أبناءه في المدارس، فالقانون يمنع تسجيل المقيمين المرافقين ممن دخلوا بفيزة زائر في جميع المدارس الأهلية والحكومية.
وقد حصلت الصحيفة من مصادر خاصة على تعميم يحمل صفة السرية، صادر من وزارة التعليم في السعودية، خص القرار فيه اليمنيين والسوريين بمنع تسجيل الطلاب الحاملين لوثيقة زائر والعمل على إنهاء القرارات السابقة، والتي كانت تسمح بقبول الطلاب والطالبات من جميع الجنسيات في المدارس الأهلية فقط.
 
التقشف في المصاريف آخر الحلول
العديد من المغتربين اتبعوا سياسة تقشف في الصرفيات والحوالات المرسلة إلى أهاليهم في اليمن، كإجراء إجباري لمواجهة التزاماتهم اليومية ولتسديد ما عليهم من تلك الرسوم والتي أثقلت كاهلهم، فالسعودية هي الدولة الوحيدة التي تقايض غربتك بإنسانيتك وقوة عملك بابتزازك، والسجن والترحيل هما مكافأة نهاية الخدمة للمغترب اليمني في مملكة الشر.