الجريمة لم تقتل الروح اليمنية المقاومة بل تقويها وتفتح آفاقاً جديدة للمواجهة مع العدو
الشعب الصامد صمادا

حلمي الكمالي/ لا ميديا
خلفت جريمة اغتيال الشهيد صالح الصماد رئيس المجلس السياسي الأعلى، 
التي نفذها طيران تحالف قوى العدوان الأمريكي السعودي، حالة حزن بالغ في الشارع اليمني المقاوم، فالرئيس الشهيد القريب جداً من آلام المستضعفين ومظلوميتهم، والمجاهد البطل الحاضر في كل الجبهات يشد من أزر المقاتلين للدفاع عن الوطن وسيادته وأمنه، يحظى بمكانة رفيعة لدى الناس.
 الكثير من التساؤلات تدور في أوساط الشارع اليمني والعربي حول ما إذا كانت جريمة اغتيال الرئيس الصماد ستؤثر في سير المواجهة العامة سياسيا وعسكريا بالنسبة للقوى الوطنية بما فيها العمل المؤسسي للدولة، وإلى أي مدى ستؤثر الجريمة على مسار المفاوضات المتوقعة.. 
تساؤلات كثيرة تحاول (لا) مقاربتها والإجابة عليها من خلال جولة استطلاع
 رأي لدى الكثير من المحللين والمفكرين السياسيين.

مجاهد برتبة رئيس جمهورية 
(من الطبيعي أن تُحدث جريمة اغتيال الرئيس في أي بلد يعيش حالة حرب حالة من الإرباك على كافة الميادين السياسية والعسكرية؛ إلا أن ذلك يختلف من بلد إلى آخر). بهذه الكلمات بدأ المحلل السياسي عبدالرحمن سلطان حديثه مع (لا)، مؤكداً أن جريمة اغتيال الرئيس الصماد رغم ما خلفته من حزن عميق لدى الشعب اليمني إلا أنها لن تؤثر فيه، كون هذا الشعب مؤمناً بقضيته ويعرف عدوه تماماً، كما أن جريمة اغتيال الرئيس لا يمكن لها أن تؤثر في العمل المؤسسي للدولة. 
سلطان لفت إلى أن الوضع بعد ثورة أيلول مختلف تماماً عما قبله، فاليوم يتم اختيار الأشخاص المناسبين للأماكن المناسبة، لتأدية مهامهم المحددة وليس لشغر المناصب، وبالتالي فبعد استشهاد الرئيس الصماد انتخبت قيادة المجلس السياسي الأعلى رئيساً جديداً وهو قادر على إدارة الدولة.

مشروع البناء لن يتأثر 
من جانبه يؤكد الناشط السياسي منذر الأصبحي في حديثه لـ(لا) أن واقعة استشهاد الصماد هي درس آخر يثبت اليمنيون من خلاله أن رئيسهم يسقط شهيداً في أرض الجهاد ويلتحق بمواكب المجاهدين الذين مضوا في خط معركة الدفاع عن اليمن.
ويؤكد الأصبحي أن استشهاد الرئيس الصماد لا يمكن أبداً أن يؤثر في مشروع البناء والتصحيح في جميع مؤسسات الدولة، لأن ثورة الـ21 من سبتمبر لم تكن ولن تكون مرتبطة بأشخاص محدودين بمجرد استشهادهم ينتهي المشروع.

مواصلة النضال والتحدي
ويضيف الأصبحي: (الرئيس الصماد أطلق مطلع العام الجاري بداية مرحلة باليستية داخل مؤسسات الدولة شعارها (يد تبني ويد تحمي)، وهذا المشروع سيكون عنوان المرحلة القادمة استكمالاً لما خطه الشهيد الصماد).
إذا توقفنا عند هذه النقطة التي تحدث عنها الأصبحي فإن الاستمرار في تفعيل مؤسسات الدولة في إطار المواجهة وخدمة الشعب ستظل قائمة، حيث أكد الرئيس مهدي المشاط في كلمته أثناء تأديته اليمين الدستورية أمام مجلس النواب أن عنوان المرحلة القادمة سيكون (يد تبني ويد تحمي) الذي وضعه الرئيس الشهيد. 

وأد الحلول السياسية 
وبشأن العمل السياسي والحديث عن سير المفاوضات يشير منذر الأصبحي إلى أن جريمة اغتيال الشهيد الصماد اغتالت في الوقت نفسه أي حلول سياسية قادمة، ولا يمكن أن يكون هناك حوارات في المرحلة القادمة.

الفشل الذريع للعدو 
يؤكد كثير من المراقبين أن جريمة اغتيال الشهيد الرئيس الصماد تحمل بصمات أمريكية بهدف إحداث ثغرة في جبهة الساحل الغربي تمكنهم من السيطرة على الحديدة، حيث أن تحركات الصماد الأخيرة في المناطق الساحلية أقلقتهم كثيراً وخفضت من آمالهم. ورغم جريمة اغتيال الشهيد وأهدافها ومراميها فقد جاء رد الحديدة قوياً، حيث خرج عشرات الآلاف من أبنائها الأربعاء الماضي في مسيرة البنادق ليؤكدوا إصرارهم على مواجهة العدو والتصدي له، ووفاءً للشهيد الرئيس الذي دعا في يوم استشهاده إلى مسيرة البنادق. 

سنزداد قوة
الحقوقية وفاء الظفري أكدت في حديثها لـ(لا) أن جريمة اغتيال الرئيس الصماد لن تؤثر بأي شكل من الأشكال في استراتيجية المواجهة وخاصة العسكرية، بل إن من شأنها تقويتها أكثر.
وقالت الظفري إنه عندما استشهد قائد المسيرة القرآنية السيد حسين بدر الدين الحوثي ظن الجميع أنها ستنتهي ولن تكون قادرة على الوقوف، إلا أن توقعات الجميع كانت خاطئة، فقد أدت حادثة استشهاد قائد المسيرة إلى تعاظمها وانتشارها وقفزها فوق الجغرافيا بزمن قياسي حتى صارت قضية كل حر في المنطقة. 

دماء متجددة 
فائد اليوسفي (أكاديمي) يرى أيضاً أن جريمة اغتيال الصماد لن تؤثر في سير معركة المواجهة أو المفاوضات، وذلك لأن حركة أنصار الله ديناميكية وتجدد دماء قياداتها باستمرار، ورئاسة المجلس السياسي الأعلى حُسمت بكل سهولة ويسر. ويضيف: (القوى الوطنية أثبتت شجاعتها في خوض العركة، إلا أن توخي الحذر أمر لا بد منه، والمطلوب من هذه القوى المزيد من الحذر، خاصة في حضور المهرجانات أو دورات التدريب).

تطاول العدو يدفع 
بتطور خيارات الردع 
إن استمرار العدو في التطاول على الشعب اليمني لا يقتل روح المقاومة بل يغذيها ويدفع الشعب إلى تطوير خيارات الردع والمواجهة. 
تهاني الحمادي، شاعرة وسياسية، أكدت في حديثها لـ(لا) أن استشهاد رئيس الجمهورية سيمثل الدافع القوي لكافة القوى الوطنية إلى أن تسير على نفس الدرب النضالي الجهادي الذي سار عليه الشهيد، بل سيحفز القوى الوطنية إلى تطوير قدراتها وخاصة في مجال التصنيع العسكري وإيصال رسائلنا الصاروخية إلى عواصم دول العدوان.

ورقة ضغط ضد العدوان 
وبشأن سير العملية التفاوضية تشير الحمادي إلى أن الجريمة وما تحمله من أهداف سياسية هي محاولة لإركاع اليمنيين، غير أنها على العكس من ذلك، ستكون ورقة ضغط ضد دول العدوان.
وتضيف الحمادي قائلة: (لا يعرف العدو الغبي أن استشهاد هذا اليماني البطل والشامخ تحول إلى بركان في صدور كل اليمنيين، وزادت مصداقية هذه المسيرة وحضورها في وجدان كل الأحرار في العالم).

الغباء المفرط للمرتزقة 
تحالف قوى العدوان الأمريكي السعودي عبر عن فرحته بارتكابه جريمة اغتيال الرئيس الصماد، وشرع الأغبياء من مرتزقته بالقول بأن عملية اغتياله تمثل نكسة لأنصار الله ستقود إلى انهيار في الجبهات. هذا الطرح يصفه الباحث السياسي محمد باشيخ بـ(الغباء المفرط)، حيث يشير باشيخ إلى أن الرئيس الشهيد صالح الصماد كان صاحب مبادرات كثيرة مع المرتزقة وقدم الكثير من الفرص للمغرر بهم للعودة إلى جادة الصواب دون اتخاذ أية عقوبات بحقهم. ويضيف باشيخ أن المرتزقة بذلك فقدوا يداً كانت تصفح وتعفو وتصالح من أجل استقرار البلد.

دفعة كبيرة من الصمود
الحديث عن تأثير عميق في سير عمل الجبهات العسكرية كما يروج العدوان إثر استشهاد الرئيس بعيد كل البعد عن الواقع، حيث يؤكد كثيرون أن هذه الجريمة ستعطي اليمنيين دفعة كبيرة من الصمود والتحدي، خصوصاً المقاتلين في صفوف الجيش واللجان لمواجهة العدو وضرورة استئصاله من كل بقاع الجمهورية.

آفاق جديدة في المواجهة 
على عكس توقعات العدو فإن جريمة اغتيال الرئيس صالح الصماد فتحت باب جنهم عليهم وعلى مرتزقتهم. وبحسب المراقبين فإن خطاب النعي الذي قدمه قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي أكد أن الجريمة لن تمر مرور الكرام، في إشارة إلى أن الحرب دخلت مرحلة جديدة ووفق قواعد اشتباك جديدة ستكون كارثية على دول العدوان. 

شريان الحرية 
إن شريان الحرية الذي يجري في جسد البلد الطاهر مستمر في السريان دون توقف. وخلال السنوات الأخيرة والثلاث منها في ظل العدوان أثبت اليمنيون أنهم أقوى من كل مؤامرة، فخلف الصماد ألف صماد، وخلف أبوحرب الملصي ألف أبوحرب، ومع إشراقة فجر كل يوم جديد يولد من أرحام اليمنيات أبطال يرسمون أحلام شعب ويسطرون مجد أمة.