بشرى الغيلي/ لا ميديا 

البقالات الصغيرة هي أهم مصدر تمويني غذائي يومي للمواطن، فعلى مستوى الحارة الواحدة توجد بقالتان 
أو 3 على الأقل، لكن ما نسبته 60 % من تلك البقالات تبيع خارج التسعيرة الرسمية، وتزداد شكاوى المواطنين 
من الارتفاع المبالغ في الأسعار، دون أن يكون هناك رقابة لوزارة الصناعة والتجارة، لتحمي المواطن 
من الجشع الجنوني لأصحاب تلك المحلات. (لا) التقت بعض مواطنين تحدثوا عن الارتفاعات السعرية،  وما يعانونه بشكلٍ يومي، وبعض أصحاب تلك البقالات، ونقلت معاناة المواطنين إلى منذر الشرجبي، وكيل التجارة الداخلية، 
الذي أكد أنهم لن يسمحوا بالزيادة المفتعلة من قبل التجار، وأن الوزارة ستضبط كل متلاعب، وستحيله إلى النيابة.

نسبة الفقر
يرى مراقبون اقتصاديون، أن ارتفاع أسعار السلع الغذائية رافقته زيادة في نسبة الفقر، لتصل إلى 85% من إجمالي السكان البالغ عددهم 27.4 مليون نسمة، وأن ارتفاع أسعار السلع وصل إلى 60% خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ورافق ذلك تردي الوضع الإنساني، لا سيما في ظل عدم تسليم مرتبات الموظفين الذين لا يجدون مصدر دخلٍ غيره، وتسبب العدوان منذ مارس 2015 في تهاوي قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية واستنزاف احتياطي البلاد من النقد الأجنبي وركود النظام المصرفي، نظراً لإقبال عملاء المصارف على سحب الودائع، الأمر الذي أدى إلى عدم الاستقرار النقدي، ليكون أحد العوامل المولدة للضغوط التضخمية منذ فترة مبكرة، وما يترتب عليها من أثر سلبي على تآكل الدخول الحقيقية للناس، فضلاً عن تهديد بيئة الاستثمار.
رغم كل المؤشرات أعلاه، إلا أن الزيادة السعرية التي طرأت على بعض المواد الاستهلاكية اليومية، وتفاوتها بين المحال التجارية الصغيرة التي تبيع في الحارات والأزقة، لا يعطيها أي مبررٍ للمبالغة في رفعها للأسعار، خاصة أن المواطن يتعامل معها مباشرة، وتكاد تكون الرقابة معدومة.

نشتري مكرهين..!
لأن الوضع الاقتصادي لا يسمح بالتسوق من السوبر ماركت، كون الأسعار فيها تكون معقولة نوعاً ما فيها، ولكن في ظل انقطاع المرتبات، والدخل المحدود، نضطر للشراء بشكل يومي من بقالات الحارة مكرهين، هذا ما تحدثت به سارة محمد (ربة بيت وأم لـ4 أطفال)، وتضيف: الـ100 الريال صارت لدى بعض البقالات لا تكفي لـ3 حبات بيض، فبعضهم يبيع حبتين ليعيد 10 ريالات، والـ100 لم تعد تُسكت طفلي من بكاه، فقد كان يشتري بها أكثر من قطعتين، بينما وزارة التجارة لا تحرك ساكناً، فالمتلاعبون صاروا يتلذذون بتعذيب المواطن يومياً، ولا أحد يسمع استغاثاته.

ابتسامة هازئة...!
كنتُ أشتري بالــ500 حاجيات تكفي لوجبتي الغداء والعشاء، واليوم صارت بالكاد تكفي لعلبة زبادي وخبز ومياه الشرب، هذا ما قاله معتصم جار الله (29 عاماً)، الذي التقيناه يشتري في إحدى البقالات الصغيرة، وأضاف وهو يرفع الكيس، مشيراً للبائع بابتسامةٍ هازئة: حتى يراجع هؤلاء ضمائرهم فينا، فقد صرنا نشتري (مغصوبين).

الدولار مرتفع..!
نزلت (لا) إلى بعض البقالات لتستطلع أسباب رفعهم الأسعار بطريقةٍ جاوزت الربح، ودخلت في الربا والجشع، فكان رد بائعي تلك المحلات وحجتهم الكبيرة أن الدولار مرتفع، وأنهم يخسرون الكثير حسب أحمد عبدالقوي (صاحب بقالة)، حيث قال: الدولار مرتفع، والذي يرفع الأسعار هو التاجر الكبير الذي نشتري منه، نحن نخسر كلما رفعوا الدولار، ولسنا من يرفع الأسعار... فيما قاطعته: لكنكم تبالغون في رفع السعر، فالبقالة المجاورة تبيع 3 حبات بيض بـ100 ريال، بينما أنت تبيع (حبتين) وتعيد 10 ريالات، أليست هذه مبالغة؟  فأجاب: إذن كيف نعيش؟ كلهم يرفعون الأسعار، ونحن ندفع إيجارات المحل ونقل البضاعة، و...و..
أدخلنا ذلك البائع في متاهة أجوبته، وهو ليس إلا نموذج لتلك البقالات التي تمارس نفس الأسلوب، ونتمنى من وزارة الصناعة والتجارة أن تضع حداً لاستهتار المتلاعبين، لا تقديم مجرد وعود قد لا يلمسها المواطن.

ضبط المخالفين 
وإحالتهم للنيابة 
مع ارتفاع الأسعار، وتزايد شكاوى المواطنين، في ظل أزماتٍ متعددة يعاني منها المواطن، ومنها المبالغة السعرية لدى البقالات الصغيرة في الحارات، توجهت (لا) بطرحِ تساؤلاتها لمنذر الشرجبي، وكيل وزارة الصناعة للتجارة الداخلية، الذي أكد أن من ضمن أولويات الوزارة ومكاتبها التنفيذية في الأمانة والمحافظات، توفير المواد الغذائية الأساسية والاستهلاكية، وضمان انسيابها إلى الأسواق التجارية، ولن تسمح بالارتفاعات غير المبررة للأسعار أو الاحتكار والغش التجاري.. وسيتم ضبط كل من يتلاعب في قوت المواطن كائناً من كان، وإحالته للنيابة.

لن يفلتوا...!
وعن الزياداتِ السعرية التي طرأت على بعض السلع الأساسية، خاصة في بقالاتِ الحارات، وهي أكثر الأماكن التي يشتري منها المواطن قوته اليومي، سألنا الشرجبي: أين رقابة الصناعة والتجارة مما يحدث؟ هل تقومون بأي دور لحماية المستهلك؟ فأجاب بالقول: الزيادات التي تفتعلها بعض المحلات المنتشرة في الأزقة والحارات لن تفلت من المساءلة القانونية. مضيفاً: ندعو جميع الجهات المسؤولة على الرقابة، وخاصة المجالس المحلية، إلى أن تضبط المحلات التجارية التي ترفع الأسعار بزيادة على أسعار السوق السائدة، وإبلاغ غرفة العمليات المركزية عن أية مخالفات سعرية أو غش تجاري أو احتكار، على الرقم الساخن 174.

منعطف أخير..
الجميع ممن التقتهم (لا)، أثبتوا أن الرقابة من قبل وزارة الصناعة والتجارة على مثل هذه المحلات التجارية، لا وجود لها، وطالبوا بمضاعفةِ الجهود، وكشف المتلاعبين، الذين يمارسون ابتزازهم على المواطنين، خاصة في ظل وضع اقتصادي لا يحتملُ الكثير من المعاناة، جراء انقطاع المرتبات، والحصار الذي يفرضه العدوان للعام الرابع على التوالي.