خاص/ لا ميديا

فيما كان الأمريكيون يتذرعون بالحرب على القاعدة كحصان طروادة لإعادة إنتاج شرق أوسط جديد، كانت وجهة حربهم الحقيقية في مكان آخر: (استهداف حركات الإسلام الثوري التحرري).
قائد القوات المركزية الأمريكية جون أبي زيد دشن الحرب الأولى على صعدة وأشرف على مجرياتها والتي أفضت إلى استشهاد السيد القائد المؤسس حسين بدر الدين الحوثي.
وكان بدأ ذلك بسلسلة زيارات أبرزها زيارته إلى صنعاء في 20 مارس 2004.
وأوردت وكالات الأنباء ووسائل الإعلام المحلية والدولية خبر الزيارة باحتفاء شديد، وذكرت أنها تضمنت لقاءات مع كبار المسؤولين من بينهم الرئيس اليمني الأسبق علي صالح ووزير الخارجية حينها أبو بكر القربي، وناقشت سبل تأمين الملاحة البحرية والموانئ والمنشآت النفطية اليمنية، وهي المواضع الاستراتيجية الحساسة في الخارطة التي كرس لها الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي جزءاً كبيراً من محاضراته للتحذير من النشاط الأمريكي فيها بذريعة مكافحة الإرهاب تحت عنوان التدخل الأمريكي في اليمن.
زيارة أبي زيد في مارس 2004 لم تكن مقطوعة الصلة بالزيارات اللاحقة التي توجت بزيارة في سبتمبر من العام نفسه وبالتزامن مع نهاية الحرب الأولى على صعدة واستشهاد السيد القائد حسين بدر الدين الحوثي. الكثير من وسائل الإعلام الإقليمية الناشطة بفضاء المصالح الأمريكية لم تخفِ حينها حقيقة المصلحة الأمريكية في خوض الحرب ضد جماعة (الشعار المعادي صراحة لأمريكا والمندد بهيمنتها على المنطقة كأسباب مباشرة للحرب على الجماعة وتصفية مؤسسها).
في زيارة سبتمبر أشاد جون أبي زيد بالجهود الرسمية للسلطات اليمنية في (الحرب على الإرهاب) في وقت كانت فيه السلطات تجند كل عتادها الحربي والبشري وتعبئ الشارع إعلاميا ودينيا في المعركة ضد جماعة الشعار وتوزع الرتب والامتيازات على رموز ما يسمى تنظيم القاعدة في أبين وأرحب والبيضاء، وتتحالف معه كرأس حربة في عدوانها على صعدة. 
السجون والمعتقلات كانت مكتظة بآلاف المعتقلين على ذمة ترديد الصرخة في مساجد صنعاء وغيرها من محافظات شمال الشمال. واعترف علي صالح لاحقا في أكثر من لقاء متلفز بأن حربه على أنصار الله كانت على خلفية الصرخة كدافع محوري لشنها.
وكان جون أبي زيد الأداة التنفيذية العسكرية الرسمية الأمريكية لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد بدءاً من أفغانستان ثم العراق. وانتقد القائد الأمريكي من أصول لبنانية في فبراير 2016 تقاعس واشنطن في رسم خريطة شرق أوسطية جديدة قائلاً إن الولايات المتحدة تراجعت في المعركة ضد التطرف الإسلامي. وتابع في مقابلة مع (وست بوينت): (لسوء الحظ خسرنا المعركة مع مرور الوقت)، مركزا على حملة كبيرة تشنها بلاده على ما يسمى داعش في العراق وسوريا، والتي تكشف لاحقا أنها لم تكن سوى معركة عاثرة لتقسيم البلدين العربيين، لاسيما بعد نجاح سوريا وحلفائها بمحور المقاومة في تقويض خرافة داعش، الأمر الذي فقدت معه أمريكا ذريعتها المثلى وعبرت صراحة عن غضبها لهذه النتائج.
تلقى مشروع الشرق الأوسط الجديد الاستعماري ضربتين موجعتين أصابتاه في مقتل، الأولى عندما أطلق الشهيد القائد السيد حسين صرخة رفض الهيمنة الأمريكية وصولا إلى عجز أدوات المشروع المحلية في إجهاض هذه المسيرة حتى بعد استشهاد قائدها، والأخرى في حرب تموز 2006 التي انتصرت فيها المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله على إسرائيل واعترفت حينها وزيرة خارجية واشنطن كوندليزا رايز بأن الهدف من تلك الحرب (ولادة مشروع شرق أوسط جديد) أجهضته بسالة المقاومة وأعاقت الاستمرارية فيه لتعاود الولايات المتحدة تمريره تحت مسمى ثورات الربيع العربي.
كان الصراع ولايزال، وفق مقاربة السيد القائد الشهيد حسين، مع أمريكا كمركز للمشروع الاستعماري الذي يخوض اليوم عدوانا مباشرا على سوريا ثأرا لأدواته المحلية والإقليمية بعد انقشاعها في الأرض السورية تحت ضربات دمشق وحلفائها من محور المقامة. وفي اليمن شن التحالف الأمريكي السعودي عدوانه بعد نجاح ثورة أيلول في تقويض أدواته الرسمية والقاعدية التكفيرية الحاكمة بالإنابة عن المشروع الأمريكي الاستعماري.