الأديب الصحفي والمحلل السياسي أحمد الحسني:
فشل تحالف العدوان السعودي ولم يبق من المعادلة إلا هزيمته


يتميز بدقة الملاحظة وقوة الذاكرة وعمق التفكير وسعة الخيال، كما يتميز بنفس إبداعي لافت للانتباه، امتلك الموهبة في التعبير وانسجم مع ذاته في نقل كل ما يشعر به، إنه مدرسة في الصحافة اليمنية، وفي كتابة المشهد اليمني، إنه قامة لها وجودها الراسخ في الوسط الإعلامي، نراه في كتابته يعبر ويوضح ويرفض العيش تحت هاجس الغزاة وعفونة المرتزقة.. يتضح لنا كذلك أنه ذو ثقافة واسعة زادت من قوة كتابته الصحفية التي ستظل خالدة خلود الكلمة في لوح الوجود.
إنه القادر دون سواه على نقل أوجاعنا بلغة حادة ثاقبة تذهب لعمق الجرح بسرعة لأنها تحمل الروح الجديدة الحية والنفس المختلف للكتابة الصحفية.. إنه الكاتب والمثقف والمحلل السياسي أحمد الحسني.
 ظهرت كشاعر في منتصف التسعينيات، لماذا غاب أحمد الحسني عن كتابة الشعر؟
لعل القصيدة هي من غادرني إلى أكفائها غيري، وبدوري احترمت قرارها مفضلاً الاكتفاء بعشقي بعيداً عن مزاحمة فرسانها بعكازي.

 هل تجد نفسك في كتابة المقال أكثر من كتابة القصيدة؟
أجدني في القصيدة، لكنها أميرة مترفة، والمقال صديق بسيط.

 العين الثابتة في صحيفة اليمن اليوم، هل ترى من خلالها كل شيء؟
هي عين اليمنيين اليوم، ترى الكثير، لكنها تنقل القليل الأهم.

 أنت مؤتمري، وفي إعلام المؤتمر منذ 20 عاماً تقريباً، لكن الكثير يصفونك حوثياً.
أشكرهم.

 لماذا؟
لأنهم لم يصفوني بشيء مشين.

 أقصد لماذا يصفونك حوثياً؟
ورافضياً وملكياً وفارسياً وحتى مجوسياً عند بعض ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي، لدرجة أن أحدهم دعا لأحد جيراني قائلاً: (عصم الله دينك من هذا الخبيث). والسبب الرئيسي وراء هذه التصنيفات بحسب ما بلغني من إجاباتهم، هو أن اسمي أحمد الحسني، هذه يا عزيزي حالة عته جماعي عند أصحاب الفرز وببغاوات الخطاب الطائفي الذي أصبح موضة ما بعد حرب يوليو 2006م. وفي البداية كان نسبك الهاشمي وراء هذه التصنيفات، ثم توالت بعدها أسبابهم، إعجابك بالسيد حسن نصر الله، اعتراضك على حروب صعدة، احترام السيد الحوثي، ثناؤك على الشهيد المحطوري، تألمك لاغتيال الشهيد جدبان أو الشهيد أحمد شرف الدين، وسخطك على حميد الأحمر وعلي محسن، ثم أصبح كل من يرفض العدوان السعودي ويقف في وجه همجيته، أو لا يعترض على إقامة المولد النبوي الشريف، أو حتى من لم يرَ في حمود المخلافي بطلاً قومياً، فإنه حوثي إمامي ورافضي مجوسي فارسي يسب الصحابة ويقذف أمهات المؤمنين، ويريد إعادة الحكم الإمامي وولاية الفقيه، ومشرك بالله ويقول بتحريف القرآن، ومن كلاب النار إلى آخر خلطة أوصافهم وتصنيفاتهم العجيبة. وبالتالي فأنا وأنت وهو وذاك حوثيون، تسعة أعشار المؤتمر حوثيون، بمن في ذلك رئيس المؤتمر وأقاربه والأمين العام للمؤتمر والدكتور القربي وفايقة السيد، كلهم حوثيون وروافض... إلخ، وليس فقط أحمد الحسني.

 في ظل هذا الحصار والعدوان، إلى أين تتجه اليمن في اعتقادك؟
إلى النصر.

 إجابة طوباوية..؟!
إجابة واقعية، لا بد لكل حرب من نهاية بانتصار طرف وهزيمة آخر، أو بتسوية سياسية مرضية للطرفين. لقد فشل تحالف العدوان في تحقيق النصر، ولم يبقَ من المعادلة إلا هزيمة العدو أو جلوسه إلى طاولة تسوية ترضي اليمنيين، وكلاهما نصر.

 ولماذا لا يؤدي استمرار المعركة إلى خسارتنا نحن؟
قوة العدو تضعف كل يوم على الصعيد العسكري، قصف العدوان كل ما أمكنه من الأهداف العسكرية في الأيام الأولى للعدوان، ومنذ ذلك الوقت وهو يقصف أهدافاً مكررة أو أهدافاً مدنية، ما يعني أنه أصبح عاجزاً عن إحراز أي تقدم عسكري يمكنه من حسم المعركة لصالحه، وما تقوم به ترسانته العسكرية هو فقط التهام عشرات المليارات من الدولارات من خزينته العامة، وما تقصفه من أهداف مدنية لا يخدمها في المعركة، وإنما يضاعف السخط عليه في المحافل الدولية، ويزيد الضغوط لوقف الحرب، ما يعني ارتفاع شراء المواقف والتحالفات دون أن يحصد العدو منها غير المزيد من فواتير التعويضات التي سيتعين عليه سدادها لاحقاً، وبمقابل ذلك كله تحقق قواتنا والجيش واللجان كل يوم تقدماً في كل الجبهات الداخلية ضد مرتزقته، أو داخل أراضيه من خلال حرب عصابات يمكننا من خلالها استنزافه لسنوات طويلة بكل سهولة، إضافةً إلى استهداف العشرات من قواعده العسكرية بمخزوننا الاستراتيجي من الصواريخ البالستية. إطالة أمد المعركة لن تكون بالنسبة للعدو غير خسارة المزيد من الحلفاء والمؤيدين، وتآكل اقتصاده، وفتح أبواب الصراعات الداخلية، وكل ذلك قد بدأنا مشاهدة بوادره.

 لكن ما زال يسيطر على معظم أراضي الجنوب وتديرها مرتزقته، ألا تعتقد أننا خسرنا الجنوب في هذه الحرب وأصبحنا عملياً دولتين؟
تحالف العدوان في الجنوب ليس تحالفاً، وإنما تحالفات صراع لا يمكن تجانسها، الأول (أمريكي) تمثله السعودية وقطر ويتبعهما مجموعة التنظيمات الإرهابية ومليشيات الإخوان والسلفيين ومليشيات هادي، إضافةً إلى وحدات رمزية من المرتزقة السودانيين والجيش السعودي. الثاني (بريطاني) تمثله الإمارات ويتبعها بعض فصائل الحراك الجنوبي المسلح ومجموعة مرتزقة الـ (بلاك ووتر). والصراع بين الطرفين على أشده، والانفجار الكبير على وشك الحدوث، ومن سوء حظ تحالف العدوان أن الطرف الأقوى والأقدر على حسم المعركة لصالحه هو تحالف المملكة والمليشيات الإرهابية التابعة لها، هذا الطرف لا يحمل مشروعاً، ولا ينسجم مع أيديولوجيته المدنية، وغير قابل لأن يكون مشروع دولة مستقبلية لعدم القبول به داخلياً وخارجياً. وهذا باختصار يعني أن الطرف المرشح للانتصار في الجنوب هو الطرف غير القابل للبقاء، وستعزز مواجهته وحدة اليمنيين في معركة القضاء عليه، وبالتالي فشل مخطط تقسيم اليمن.

 خسرنا الكثير في هذا العدوان، من سيحاسب العدو على جرائمه؟
لم تكن هذه الحرب خيارنا، وإنما غطرسة شوالات دولارات النفط من صبية الخليج. أما من سيحاسب العدو على جرائمه فهو نحن أولاً من سيفعل، ربما سيشاركنا العالم، وقد يشاركنا أشقاؤنا من شعوب الخليج، وقد سبقنا إلى ذلك عقلاء في الأسرة الحاكمة، من يدري هل تحب أن أقسم لك إنهم سيحاسبون..
إيقاع خطى القديسين بجوف العتمة فوق صخور الخوبة ينبئني
أشلاء صغاري تحت حطام الكوخ المترف بالحب وبالعزة يقسم لي.

 عدنا إلى الشعر، بالمناسبة من الشعراء الذين تأثرت بهم؟
أنا من أنصار النص، حيثما وجد وجد شاعري المفضل. أجده في يتيمة ابن زريق (لا تعذليه)، ولا أجده في ديوان الحسن بن سهل كاملاً، وهناك أسماء تحتلني كالمتنبي ,والبردوني وإبراهيم ناجي وأمل دنقل ومظفر النواب والفضول ومطهر الإرياني وعلي صبرة.
وكنت أريد أن أورد اسم صديقي الحميم الراحل نبيل السروري، لكنني تذكرت أنه لم يكن شاعراً، وإنما كان قصيدة وقلباً تشظى مرة في الماء فاخضرت عيون الخلق واخضر الكلام.
أحمد الشرعبي هو أول شاعر عرفته شخصياً، وحرصت على حفظ قصائده. وفي الساحة اليوم شعراء يذهلونك يقودهم الشاعر الرائع معاذ الجنيد وكم أتمنى لو كان بالإمكان أن أسطو على قصائد صلاح الدكاك، وأفر بها بعيداً.

 ما هو الشيء الذي تمنيته ولم يتحقق؟
أن ندرك أهمية الزمن في صناعة التغيير.

 ماذا يعني لك علي عبدالله صالح وعبدالملك الحوثي؟
داهية، ونبيل.

 كلمة أخيرة في نهاية الحوار..
أشكرك، وأتمنى أن أرى (لا) التي انطلقت رصاصة في وجه العدوان، أن تكون غداً مطرقة ومنجلاً في كف البنيان.