مروة عثمان| موقع “آر تي الروسي” الناطق بالانجليزية:
تتم عملية إبادة جماعية في اليمن على يد تحالف من الدول العربية بقيادة المملكة العربية السعودية وبدعم من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، في حين أصم العالم أذنيه تجاه صراخ وبؤس الأطفال اليمنيين.
كمدرسة جامعية في الدراسات الإعلامية، دائما الفت اهتمام طلابي على الموضوعية الصحفية كمبدأ كبير للمهنية الصحفية. أعلمهم عن العدالة، عدم التحيز، وعدم التحزب، وكيف يشمل كل هذه الصفات في القطعة الصحفية حتى لو كانت افتتاحية.
ومع ذلك، أجد نفسي اليوم مضطرة إلى اتخاذ موقف عندما أكتب عن اليمن. كيف يمكن لصحفي أو كاتب سياسي أن يكون موضوعيا عند الكتابة عن الأطفال الموتى؟ الأطفال الذين تعرضوا للقصف عمدا في المنازل والمدارس والأسواق في حين أن العالم ليس فقط أعمى  بل يختار أيضا تجاهل حقيقة أن الحرب على اليمن هي حرب إبادة جماعية.
الآن نحن معتادون على عدم مبالاة العالم عندما يتعلق الأمر بالفظائع التي ارتكبت من قبل القوى الاستعمارية باسم الديمقراطية في الشرق الأوسط. ومع ذلك، كأم أولا وكاتبه سياسية ثانيا لا يمكنني أن أظل صامته بشأن اليمن. الصمت هو التواطؤ في اليمن. لا يسعني إلا أن أكون بصف المدنيين اليمنيين الذين هم ضحايا حملة مستمرة من القتل العشوائي المستمر منذ عامين وحتى الآن، في حين تتحمل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة جزءا كبيرا من المسؤولية.

لا يعتبر التحطيم على أساس يومي على مدى العامين الماضيين مع القصف الجوي من قبل قوات التحالف الذي تقوده السعودية، جنبا إلى جنب مع الحصار السعودي المفروض البداية لتغطية الوضع في اليمن. أحدث جرائم الحرب التي ارتكبتها غارات جوية سعودية استهدفت سوقا في العاشر من  مارس بالقرب من الخوخة جنوب مدينة الحديدة الواقعة غرب اليمن. الغارة قتلت 22 مدنيا على الأقل وجرح العشرات من الناس الذين تصادف وجودهم هناك للتسوق.

انتهاكات القانون الدولي في اليمن:

وفقا لتقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، تشير تقارير مقلقة للغاية أنه تم استهداف المدنيين والمنشآت المدنية، في انتهاك للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان خلال شهر يناير  2017، في جنوب غرب المخا الساحلية بمحافظة تعز في اليمن.

حظر استخدام القوة هو واحد من المبادئ الأساسية التي تم تأسيسها من قبل القانون الدولي. وفقا للمادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة، يمتنع جميع الأعضاء في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة.

ووفقا لإعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول الذي اعتمدته الجمعية العامة في 24 أكتوبر 1970 (القرار 2625) “الحرب العدوانية  تشكل جريمة ضد السلام، والتي يترتب عليها المسؤولية بموجب القانون الدولي “.

ووفقا للإعلان، “من واجب الدول الامتناع عن الدعوة إلى الحروب العدوانية … [و] على كل دولة الامتناع عن التهديد أو استخدام القوة لخرق الحدود الدولية القائمة لدولة أخرى.”

على الرغم من أن الإعلان ليس ملزما من الناحية القانونية، إلا أنه وثيقة مهمة لتفسير القواعد ذات الصلة من ميثاق الأمم المتحدة. ولذلك، فإن استخدام القوة لتعزيز السياسات الوطنية وكذلك عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، يؤدي إلى انتهاك للمبادئ الأساسية للقانون الدولي.

على هذا النحو، يبذل النظام السعودي كل ما في وسعه لضمان أن الشعب اليمني ليس لديه وسيلة للبقاء على قيد الحياة أو القوت في ظل الحصار الخانق الذي بدأ منذ بدء الحرب العدوانية ضد اليمن. الحصار الذي تم التعبير عنه بـ “الأسف والشجب والإدانة” من قبل المجتمع الدولي الذي يتوارى خلف خطاب مألوف في حين يضمن تدفق الأسلحة دون عوائق إلى مستودعات الأسلحة السعودية.

هذا البلد حيث لا يتلقى الأطفال المعالجة في المستشفيات ما لم يقوم الآباء بتوفير الأدوية الخاصة بهم بسبب الحصار المنظم والهجمات على المستشفيات اليمنية وهذا يعني أن المستشفيات أصبحت خالية من الأدوية.

وفقا لتقرير جديد وحاسم أعدته لجنة من الخبراء المستقلين بتفويض من مجلس الأمن للأمم المتحدة، فان اليمن باتت على مقربة من “كارثة إنسانية وشيكة”. ويتم تسريع ذلك نتيجة إعاقة المساعدات الإنسانية بسبب الحصار السعودي الذي “خفض بشكل ملحوظ توفير المواد والخدمات التي لا غنى عنها لبقاء المدنيين “.

يفاقم الوصول المحدود للرحلات التجارية إلى مطار صنعاء الدولي هذه الآثار. فقد فرضت قوات التحالف الذي تقوده السعودية  القيود في أغسطس، والتي، يوضح الفريق، انها تركت أكثر من 6500 شخص غير قادرين على الحصول على الرعاية الطبية. وهذه القيود لا تزال مفروضة حتى الآن .


ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، فإن أكثر من عشرة آلاف شخص قد قتلوا، وأصيب 43000 في الصراع. ومع ذلك، يبدو أن هذه الأرقام تقديرية فقط حيث قالت منظمة حقوق الإنسان غير حكومية في اليمن أن الحملة  العسكرية كلفت حياة أكثر من اثني عشر ألف مدنيا.

وفي تقرير صدر في 23 فبراير 2017، قال المركز القانوني اليمني للحقوق والتنمية، وهي مجموعة مراقبة مستقلة، ان عدد القتلى المدنيين في البلاد بلغ 12041 شخص. وقال أن عدد القتلى يشمل 2568 طفل و 1870 إمرأه .

وقال مركز حقوق الإنسان أن القصف أدي إلى أصابه 20001 مدنيا، بينهم 2354 طفل و 1960 امرأة، بينما نزح أكثر من أربعة ملايين آخرين.
الغرب متواطئ في المذبحة اليمنية:

مسلحة بالذخيرة الأمريكية والبريطانية والطائرات الحربية الأوروبية وبالأجهزة العسكرية الأخرى المدعومة من الغرب، عاثت المملكة العربية السعودية بالفوضى في اليمن منذ مارس 2015. الهجوم، الذي يزعم أنه يهدف إلى إعادة تثبيت الحكومة اليمنية السابقة ، الحليف الوثيق للرياض ، لم يكن أقل من انتهاكات صارخة لكافة قوانين الحرب وحقوق الإنسان التي يتم التغاضي عنها ودعمها من قبل الغرب.

هذه الحرب التي تدعمها الولايات المتحدة ليست مجرد حالة لإدارة أوباما السابقة التي يواصل حليفها الوثيق موجة مدمرة ذات أبعاد تاريخية. ذلك ان الحكومة كانت وما تزال مستمرة وبنشاط في بيع الأسلحة للسعوديين بمليارات الدولارات. إنهم أيضا يعيدون تزويد الطائرات المشاركة في القصف بالوقود و  “بالمعلومات الاستخباراتية” حول الأهداف التي تقوم  السعودية بضربها.

ووفقا لتقرير نشره موقع جلوبال ريسيرش فقد تم تسجيل استخدام الذخائر العنقودية 56 مرة في اليمن من مختلف المصادر الموجودة على الأرض. حيث يتم توريد هذه القنابل العنقودية في المقام الأول من قبل الولايات المتحدة التي تعتبر غير موقعة على اتفاقية الذخائر العنقودية التي تحظر استعمالها وتخزينها ونقلها.

في التاسع من مارس، اتهمت منظمة العفو الدولية التحالف العربي بقيادة السعودية باستخدام القنابل العنقودية المحظورة في الغارات على المناطق السكنية”. وقالت لين معلوف مدير قسم البحوث بالمكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في بيروت أن التحالف ” يبرر بشكل سخيف استخدامه للذخائر العنقودية من خلال الادعاء أنه وفقا للقانون الدولي، رغم وجود أدلة ملموسة على الخسائر البشرية في صفوف المدنيين المحاصرين في الصراع”.

يخضع التحالف الذي تقوده السعودية أيضا لانتقادات متكررة بسبب سقوط ضحايا من المدنيين في اليمن، وأقر في ديسمبر 2016 أنه استخدم قنابل عنقودية بريطانية الصنع. أحمد عسيري، المتحدث باسم قوات التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، واعترف آنذاك بما يلي: “لقد أصبح من الواضح أنه كان هناك استخدام محدود من قبل التحالف للذخائر العنقودية BL755 المصنعة في المملكة المتحدة في اليمن.”

في تقرير صدر مؤخرا عن هيومن رايتس ووتش  تمت الإشارة إلى أن الغارات الجوية في اليمن نفذتها قوات التحالف الذي تقوده السعودية باستخدام قنابل وصواريخ تم شراؤها من الولايات المتحدة. وقالت تكسترون، الشركة المصنعة لـ CBU-105 ومقرها الولايات المتحدة أنها توقفت عن إنتاج السلاح في أغسطس 2016، ولكن لا توجد تقارير رسمية حتى الآن تصرح بنفس الشيء هذا العام 2017.

الولايات المتحدة هي أيضا متورطة في حرب مباشرة ضد الشعب اليمني. فقد العشرات من المدنيين حياتهم في أواخر يناير 2017 عندما قامت القوات الخاصة الأمريكية بتنفيذ هجوم ضد ما يزعم أنه مقر لمسلحي القاعدة في محافظة البيضاء اليمنية.

تحملت القيادة المركزية بقياده الجنرال الأمريكي جوزيف فوتيل المسؤولية الكاملة الخميس الثامن من مارس 2017، للقيام بعملية إنزال في اليمن والتي أسفرت عن مقتل جندي في البحرية وعشرات من المدنيين اليمنيين.

ومع ذلك، يبقى سؤال مشروع جدا مطروحا: هل سيتحمل قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال جوزيف فوتيل المسؤولية الكاملة عن الغارة في اليمن إذا لم يقُتل جندي البحرية الأميركية في الولايات المتحدة؟ ويهمني أن أقول أن هذه الغارة كانت إحراجا للآلة العسكرية الأمريكية فقط لأنها فقدت واحدا منها وكذلك بعض المعدات الثقيلة.

إضافة إلى الدمار، وافقت وزارة الخارجية في وقت سابق من هذا الأسبوع على استئناف مبيعات الأسلحة إلى السعودية والتي تم تعليقها سابقا من قبل باراك أوباما جراء قلق متعلق بحقوق الإنسان.

الآن نحن ننتظر لنرى ما اذا كان الكونجرس سيستعرض الصفقة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تمرير هذه الصفقة السيئة. هناك العديد من القرارات المروعة تتخذها الولايات المتحدة في اليمن احدها هو السماح بالحصار السعودي بالاستمرار. كما ان تقديم المزيد من الأسلحة للقتال هو قرار سيء في نهاية المطاف. فتزويد الأسلحة يشجع فقط رغبة السعودية في “نصر” غير مشروط ضد أمة تموت بغض النظر عن التكلفة في الأرواح.

الكاتبة مرشحة للحصول على الدكتوراة  في بيروت، لبنان. ومحاضرة في الجامعة اللبنانية الدولية وجامعة المعارف. كاتبه ومعلقة سياسية في قضايا الشرق الأوسط في العديد من وسائل الإعلام الدولية والإقليمية.

ترجمة: جواهر الوادعي: المراسل نت: