تقرير / لا ميديا -
في غزة، لم يعد الموت يختار توقيته عشوائياً، بل يُصاغ بعناية على يد قوة احتلال صهيونية حاقدة جعلت من القتل فعلًا يوميا. ورغم اتفاق وقف إطلاق النار ارتكب العدو الصهيوني خلال الـ24 ساعة الماضية، جريمة جديدة تضاف إلى سجل طويل من المجازر، حين قصف بمدفعيته مدرسة تؤوي نازحين في حيّ التفاح شرقي مدينة غزة، أثناء إقامة حفل زفاف داخلها.
النتيجة كانت مروّعة: ستة شهداء فلسطينيين، بينهم امرأة، وخمسة جرحى، بعضهم في حالة خطيرة، في مشهد يلخّص طبيعة العدوان المستمر على غزة.
المدرسة المستهدفة لم تكن موقعا عسكريا، بل كانت ملاذا اضطراريا لعائلات شُرّدت من بيوتها، واحتمت بما تبقّى من جدران. ومع ذلك، تقدّمت دبابة صهيونية داخل الحي، اقتربت من المدرسة، ثم أطلقت قذائفها مباشرة نحو المكان. القتل هنا لم يكن نتيجة خطأ أو التباس، بل كان فعلًا مقصودًا نُفّذ عن قرب، وبقرار واضح، وفي لحظة كان فيها المدنيون يحتفلون بزفاف، أي بأبسط تعبير عن الحياة في مكان يُراد له أن يكون بلا حياة.
وفق المصادر الفلسطينية، نُقلت جثامين الشهداء والجرحى إلى مستشفى المعمداني وسط غزة، لكن حتى بعد القصف، لم يتوقف السلوك الإجرامي للعدو. حيث منعت قوات الاحتلال طواقم الإسعاف والدفاع المدني من الوصول إلى المدرسة لأكثر من ساعتين، تاركة المصابين ينزفون، والجثث تحت الأنقاض. هذا المنع المتعمد لعمليات الإنقاذ ليس تفصيلًا ثانويا، بل جزء من الجريمة نفسها، إذ يتحول القصف إلى جريمة مركبة: قتل بالقذائف، ثم قتل بالإهمال القسري.

الدفاع المدني في غزة أكد أن معظم من انتُشلت جثامينهم كانوا من الأطفال.
وفي جريمة أخرى، أعلن العدو الصهيوني أمس، قتل فلسطينيين بادعاء عبورهما «الخط الأصفر» وتشكيلهما خطرا على قواته شمالي غزة.
وبالتوازي مع القتل بالقصف، يواصل الاحتلال قتل الفلسطينيين بوسائل أخرى. وزارة الصحة في غزة أعلنت وفاة رضيع يبلغ من العمر شهرًا واحدًا فقط، بسبب البرد الشديد والمنخفض الجوي، لترتفع حصيلة وفيات الأطفال نتيجة البرد إلى 13 حالة. هذه الوفيات ليست كوارث طبيعية، بل نتيجة مباشرة للحصار ومنع إدخال مواد الإيواء، وترك الناس يواجهون الشتاء في خيام مهترئة أو في العراء.
القصف المدفعي لم يتوقف عند مدرسة التفاح. المدفعية الصهيونية استهدفت مناطق واسعة شرقي حيي التفاح والشجاعية، وأطلقت المروحيات النار على الأحياء السكنية، فيما قصفت مناطق شرقي مخيم البريج وسط القطاع. الرسالة واحدة: لا مكان آمنا، ولا وقت آمنا، ولا استثناءات.
أما المناطق التي يُفترض أن الاحتلال انسحب منها، تحولت مجددًا إلى ساحات قصف وإطلاق نار، ما يؤكد أن “الانسحاب” لم يكن سوى إعادة تموضع مؤقت.
وتأتي هذه الجرائم في سياق خروقات متواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. ومنذ ذلك التاريخ، ارتكب الاحتلال مئات الخروقات، قُتل خلالها أكثر من 400 فلسطيني، في دليل قاطع على أن الاتفاق لم يكن سوى أداة لإدارة العدوان، لا لوقفه.

الضفة.. اقتحامات واختطافات
في الضفة الغربية المحتلة، تكتمل صورة الجريمة الصهيونية. اقتحامات، إطلاق نار، اختطافات، واعتداءات بالضرب، في مدن وبلدات مختلفة.
ووفق مصادر فلسطينية أصيب فلسطيني برصاصة في الرأس في قراوة بني زيد شمال غرب رام الله، بينما اعتقل آخرون من منازلهم بعد العبث بمحتوياتها، في سلوك يعكس منطق السيطرة بالقوة والإذلال اليومي.
وأفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بأن طواقمها تعاملت مع إصابة خطيرة لشاب أُصيب بالرصاص في الرأس في بلدة قراوة بني زيد، حيث جرى نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وفي بلدة الزاوية غرب سلفيت، داهمت قوات الاحتلال عددًا من المنازل، وعبثت بمحتوياتها، واعتقلت شابًا، واعتدت بالضرب على آخر.
وبحسب مصادر محلية اعتدت القوات على الشاب، ما استدعى نقله إلى مركز الزاوية التخصصي لتلقي العلاج.
وفي جنوب الضفة الغربية المحتلة، اقتحمت قوات الاحتلال بلدة الكرمل جنوب الخليل، واعتقلت الأسير المحرر، منتصر أبو عرام، بعد مداهمة منزله وتفتيشه. كذلك اقتحمت بلدة دورا جنوب غربي الخليل، واعتقلت شابا آخر، عقب دهم منزله والعبث بمحتوياته، وفق شهود عيان.
وفي طمون جنوب طوباس، اعتقلت قوات الاحتلال، شابا، خلال مروره عبر حاجز عند مدخل مدينة أريحا.