تقرير / لا ميديا -
المشهد القادم من غزة يؤكد أن العدو الصهيوني ليس مجرد طرف يخرق اتفاق وقف إطلاق النار، بل هو قوة احتلال تمارس عدواناً ممنهجاً، وتعيد تدوير سياساتها التوسعية بأدوات أشد شراً: قتلٌ، وتهجيرٌ، واستيطان، وفرض وقائع على الأرض، في إطار مشروع شيطاني لا يعترف بهدنة ولا باتفاقيات.
وبعد 60 يوما من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة يصر العدو الصهيوني، على نسف أي فرصة لاستقرار أو تهدئة في قطاع غزة المدمر.
وواصلت قوات الاحتلال أمس، الثلاثاء، استهداف المناطق السكنية ومخيمات النازحين في مناطق متفرقة من القطاع ما أسفر عن استشهاد امرأة وشابين أحدهما قنصاً، وإصابة ستة نازحين بينهم طفل أصيب برصاص الاحتلال وهو في خيمة. كما شن الاحتلال غارة على منزل في دير البلح، وفق ما أكدته مصادر فلسطينية.
ولم تتوقف الانتهاكات عند ذلك،  حيث واصلت دبابات الاحتلال التوغل شرق دير البلح، مطلقة النيران الرشاشة بكثافة، فيما فجّرت قوات الاحتلال مدرعة مفخخة في حي الشجاعية، وشنت الطائرات الحربية غارات متتابعة على أحياء التفاح والزيتون. ولم تتوقف آلة الدمار عند هذا الحد، إذ نسفت القوات منازل جديدة في شرق خان يونس، فيما أطلقت الزوارق الحربية النيران في عرض بحر خان يونس، في سلوك عدواني ممنهج.
في السياق أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن حصيلة خروقات العدو الصهيوني خلال 60 يوما من وقف إطلاق النار تُظهر بوضوح أن الكيان ماضٍ في سلوكه العدواني دون أي احترام للاتفاق أو للجهات الضامنة له، إذ اقترف 738 خرقا مباشرا أسفرت عن استشهاد 386 فلسطينيا وإصابة 980 آخرين، إضافة إلى 43 حالة اختطاف نفّذها الاحتلال في مناطق متعددة من القطاع.
بدوره كشف المكتب أن الاحتلال واصل التنصل من التزاماته الواردة في الاتفاق والبروتوكول الإنساني، حيث لم يسمح سوى بدخول 13,511 شاحنة مساعدات من أصل 36,000 شاحنة كان يفترض دخولها.

حماس: المرحلة الثانية مرهونة بوقف الخروقات
سياسيا أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس أن بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بات مرهوناً بوقف الخروقات التي يرتكبها العدو الصهيوني بشكل يومي، محملةً العدو المسؤولية الكاملة عن تعطيل تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق. وقال عضو المكتب السياسي في الحركة، حسام بدران، في تصريحات أمس، إن كل الأطراف الوسيطة تدرك جيداً أن «إسرائيل» لم تنفذ التزاماتها، سواء فيما يتعلق بوقف النار، أو بإدخال المساعدات، أو باحترام خريطة الانسحاب المتفق عليها.
وأضاف بدران أن الاحتلال يواصل تقليص شحنات المساعدات، ويمضي في سياسة القتل وهدم المنازل داخل «الخط الأصفر»، وهو ما يعتبر انتهاكاً صريحاً للمرحلة الأولى من الاتفاق. كما اعتبر تصريحات «رئيس أركان الجيش الإسرائيلي»، إيال زامير، بأن الخط الأصفر يمثل «حدود غزة الجديدة» دليلاً فاضحاً على نية الاحتلال تكريس واقع احتلالي جديد بالقوة، في تجاوز صارخ لمبدأ الانسحاب الكامل الذي نص عليه الاتفاق.
وبالتوازي مع ذلك، أعلن الناطق العسكري باسم سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي أبو حمزة أن الحركة أغلقت ملفّ أسرى العدو لديها بعد أن قامت بتسليم آخر جثة يوم الأربعاء الماضي 2 كانون الأول/ ديسمبر 2024 شمال القطاع.
وأضاف أن ذلك تم «ضمن صفقة مشرّفة نتيجة معركة بطولية خضنا غمارها بكل عزة وشرف ووفاء، أكدنا فيها أن أسرى العدو لن يعودوا إلا بقرار من المقاومة، أو في توابيت، وقد لا يعودون أبدا».

الحرب على الضفة... حرق وخطف وهدم
وفي الضفة الغربية المحتلة، الحرب الصهيونية مستعرة على الوجود الفلسطيني، إذ اقتحمت قوات الاحتلال مخيم الأمعري جنوب رام الله وأصابت فتى يبلغ من العمر 13 عاماً وشاباً آخر بالرصاص الحي. وانتشرت القوات المحتلة في أزقة المخيم، وداهمت العديد من المنازل.
وفي السياق ذاته، شنت القوات الصهيونية حملة اختطافات موسعة طالت أكثر من 40 فلسطينياً خلال 24 ساعة فقط، في محافظات الخليل ونابلس وبيت لحم ورام الله وجنين وسلفيت وقلقيلية. وكشف نادي الأسير أن هذه العمليات ترافقها اعتداءات واسعة، وإطلاق نار مباشر، واحتجاز ميداني، واستخدام للمعتقلين كرهائن، وتخريب ممنهج للممتلكات، في سياسة ثابتة تهدف إلى تركيع المجتمع الفلسطيني. ومنذ بداية الحرب على غزة، تجاوز عدد الاعتقالات في الضفة 21 ألف حالة وفق النادي ذاته.
في المقابل، صعّد الغاصبون الصهاينة اعتداءاتهم الإجرامية في الضفة الغربية، حيث شنوا هجمات في بيت لحم ومسافر يطا وشمال رام الله، شملت إحراق منازل ومركبات وخطف مزارعين. ففي بلدة نحالين غرب بيت لحم، اختطف غاصبين المزارع يوسف شكارنة أثناء عمله في أرضه، فيما أشعل آخرون النار في مركبات وممتلكات الفلسطينيين في مسافر يطا، وهاجموا المزارعين لطردهم من أراضيهم. وجرت كل تلك الاعتداءات تحت حماية مباشرة من قوات الاحتلال، في انسجام واضح بين الغاصبين والقوات العسكرية لفرض وقائع استيطانية جديدة.
وفي سياق سياسة التطهير العمراني في القدس، استكمل الاحتلال هدم منازل جديدة في سلوان، بينها منزل لعائلة بدران، بعدما اضطر صاحبه إلى الشروع في هدمه ذاتياً قبل شهر لتجنب الغرامات. وتشير الإحصائيات الفلسطينية إلى أن أكثر من 623 منشأة دمرت في الضفة والقدس منذ بداية العام، ضمن حملة تهدف إلى تهجير السكان الفلسطينيين من المدينة وإحلال الغاصبين مكانهم.
أما في بلدات الضفة الغربية الأخرى، فقد هدمت قوات الاحتلال منزلاً في حوسان غرب بيت لحم، ومنشأة تجارية في شقبا غرب رام الله، بالإضافة إلى ثلاثة منازل مأهولة في خربة «خلة الفرا» جنوب الخليل. ويؤكد السكان أن الهدم يتم في إطار مشروع استيطاني يستهدف آلاف الدونمات من أراضي يطا ومسافرها، التي تضم أكثر من 28 تجمعاً سكنياً.