تقرير / لا ميديا -
في مشهد يومي لأفظع فصول الإبادة المستمرة على قطاع غزة، تواصل آلة العدو الصهيوني ارتكاب جرائمها البشعة، ضاربةً بعرض الحائط اتفاق وقف إطلاق النار المعلن في 11 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.
فخلال الساعات الأربع والعشرين الماضية فقط، أعلنت وزارة الصحة في غزة ارتقاء 57 شهيداً، بينهم 45 نتيجة استهداف مباشر و12 من عمليات انتشال، إضافة إلى 158 إصابة، لترتفع بذلك حصيلة العدوان منذ بدء سريان الهدنة إلى 80 شهيداً و303 إصابات، ناهيك عن انتشال جثامين 426 شهيداً من تحت الركام، في حين ما تزال طواقم الدفاع المدني عاجزة عن الوصول إلى العديد من الضحايا بسبب استمرار القصف الصهيوني.

مجازر جديدة في رفح ودير البلح
لم تمضِ ساعات عقب آخر غارة صهيونية على مدينة رفح حتى شنت المدفعية الصهيونية قصفاً مكثفاً شرقي دير البلح وسط القطاع، في خرقٍ جديدٍ لاتفاق وقف النار. أعمدة الدخان تصاعدت بكثافة، وهرعت طواقم الإسعاف وسط الخطر لإنقاذ من تبقى من أحياء، في مشهدٍ مأساوي يفضح زيف الادعاءات «الإسرائيلية» بالالتزام بالتهدئة.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن إجمالي حصيلة العدوان الصهيوني منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بلغت 68,216 شهيداً و170,361 مصاباً، في أرقامٍ تصف حجم المذبحة التي لا تزال مستمرة تحت غطاءٍ وقف إطلاق النار حالياً.
من جانبه أكّد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن الاحتلال ارتكب 80 خرقاً موثقاً منذ إعلان وقف إطلاق النار، واصفاً ما يجري بأنه «انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني». ورغم هذا التصعيد الدموي، تواصل المقاومة الفلسطينية التزامها بالهدنة وسد ذرائع الاحتلال؛ إذ سلمت كتائب القسام - الجناح العسكري لحركة حماس جثة أحد أسرى الاحتلال للوسطاء بعد استخراجها من داخل القطاع، في موقفٍ يعكس التزام المقاومة بالمسؤولية الأخلاقية رغم المجازر الصهيونية المتواصلة التي تسعى لنسف الهدنة.

تعذيب وحشي للمختطفين في زنازين الاحتلال
وفي جريمة أخرى تُضاف إلى سجل الاحتلال الأسود، استُشهد المختطف المسن كامل محمد محمود العجرمي (69 عاماً) من قطاع غزة، بعد نقله من سجن «النقب» إلى مستشفى «سوروكا» في بئر السبع، متأثراً بالإهمال الطبي والتعذيب. ووفق مؤسسات الأسرى، فإن العجرمي يُضاف إلى قائمة شهداء الحركة الأسيرة الذين ارتقوا نتيجة القتل الممنهج في سجون الاحتلال، والذي تصاعد بصورة غير مسبوقة منذ بدء الإبادة.
ويأتي ذلك بعد يوم واحد فقط من استشهاد المختطف محمود عبد الله من مخيم جنين، ما يؤكد أن العدو الصهيوني دخل مرحلة جديدة من القتل البطيء الممنهج للأسرى، في خرق فاضح لكل المواثيق الدولية.
في الوقت ذاته، تتدهور الحالة الصحية للمختطف المحامي عزمي نادر أبو هليل (31 عاماً)، المعتقل في سجن «عوفر»، والذي يعاني من مرض الجرب «السكابيوس» منذ ستة أشهر من دون علاج. وأفاد نادي الأسير بأن إدارة السجن تتعمد إبقاء الظروف المسببة للمرض قائمة، من خلال نقص مواد التنظيف والمياه وحرمان الأسرى من الاستحمام المنتظم والملابس النظيفة، ما حوّل المرض إلى وسيلة تعذيب جماعي.
وأشار النادي إلى أن حالته تفاقمت بشكل خطير؛ إذ انتشرت الدمامل في جسده وظهرت عليه تشققات وتقرحات واضحة خلال الزيارة الأخيرة له في سجن «عوفر». وأوضح أبو هليل أنه تعرض لعملية قمع، على يد وحدات السّجن خلال شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، بعد أن طالب مرارًا بتلقي العلاج.
وقال نادي الأسير إن «تلك القوات أطلقت الرصاص المطاطي عليه، ما أدى إلى تفاقم وضعه الصحي. وأضاف أنه يعاني اليوم من حكة شديدة وتقرحات مؤلمة تمنعه من النوم، ويُحرم من تلقي أي علاج، فضلاً عن انخفاض حاد في وزنه الذي وصل إلى 49كجم بسبب سياسة التجويع الممنهجة بحقه».

الاحتلال يستهدف الأرض والإنسان في الضفة
وفي الضفة الغربية المحتلة، تستمر جريمة العدو الصهيوني في التهجير البطيء؛ فقد هاجم غاصبون قرية بورين جنوب نابلس وسرقوا ثمار الزيتون من أمام منزل عائلة «أبو أيمن صوفان»، ووضعوا مواد سامة على بوابة المنزل في محاولة لإيذاء السكان وبث الخوف في نفوسهم.
وفي الزويدين شرق يطا بالخليل، أغلق غاصبون الطريق الرئيسي، ما عطّل حركة الطلاب والمعلمين والمواطنين، بينما شرع آخرون في إقامة سياج حول أراضٍ فلسطينية في مناطق سمرة وسهل أم القبا والمرمالة في الأغوار الشمالية، في محاولة جديدة لسرقة الأرض وفرض واقع استيطاني جديد.
أما قوات الاحتلال فواصلت، أمس، إغلاق الحواجز في الخليل، مانعةً الأهالي والتلاميذ من الوصول إلى منازلهم ومدارسهم، ما أدى إلى ازدحام واختناق مروري واحتجاز مئات المواطنين لساعات، في مشهد يومي من الإذلال والعقاب الجماعي.
ووفق هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإن الغاصبين نفذوا خلال العامين الماضيين أكثر من 7,154 اعتداءً على الفلسطينيين وممتلكاتهم، أسفر عنه استشهاد 33 فلسطينياً وتدمير عشرات آلاف الأشجار المثمرة، معظمها من الزيتون الذي يمثل رمزاً للهوية الفلسطينية والصمود.

حوار فلسطيني- فلسطيني
على صعيد الصف الفلسطيني، يزور وفد من حركة حماس القاهرة للقاء مسؤولين مصريين لبحث الحوار الفلسطيني – الفلسطيني المزمع عقده قريباً، والذي يهدف إلى توحيد الصف الفلسطيني ومناقشة مستقبل غزة بعد عدوان الإبادة.
وأكد مصدر مطلع أن الحوار «يهدف إلى توحيد الجسم الفلسطيني ومناقشة القضايا الرئيسية المهمة، بما في ذلك مستقبل قطاع غزة وتشكيل لجنة الكفاءات المستقلة التي ستتولى إدارة القطاع»، مشدداً على أن حماس «تعهدت للوسطاء بتمكين لجنة الكفاءات المستقلة».