سيث جيه فرانتزمان - صحيفة «جيروزاليم بوست» العبرية
ترجمـة خاصة:أقلام عبدالملك مانع / لا ميديا -
اكتسب الحوثيون المدعومون من إيران مزيداً من الجرأة بعد إغراق سفينتين، الأسبوع الماضي، في البحر الأحمر، ومقتل عدد من أفراد طاقم إحداهما. والسؤال الآن: لماذا استهدف الحوثيون هذه السفن فجأةً؟ وهل سيشنون هجمات أخرى؟
يزعم الحوثيون استهدافهم سفناً مرتبطة بـ"إسرائيل" أو رست في موانئها أو سترسو فيها مستقبلاً. إلا أن التنظيم "الإرهابي" استهدف أيضاً أكثر من 70 سفينة منذ بدء هجماته في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، الكثير منها لا علاقة لها بـ"إسرائيل".
كانت السفينة الأولى المستهدفة الأسبوع الماضي هي "ماجيك سي"، وعلى متنها 22 فرداً من طاقمها، وقد تم إنقاذهم جميعاً. هاجمتها زوارق صغيرة وسريعة، ثم طائرات كاميكازي مُسيّرة. لاحقاً، هوجمت سفينة أخرى تُدعى "إترنيتي سي". غرقت كلتا السفينتين. قُتل وفُقد العديد من أفراد طاقم "إترنيتي سي". كان على متنها 25 شخصاً. يبدو أن سفناً أخرى أنقذت 10 من أفراد الطاقم، بينما اختطف الحوثيون آخرين.
وقعت هاتان الحادثتان على بُعد حوالى 51 ميلاً بحرياً من سواحل اليمن، في عرض البحر الأحمر، في المياه الدولية. من الواضح أن الحوثيين خططوا لهذه الهجمات بعيدة المدى؛ إذ كانت زوارق الحوثي الهجومية الصغيرة -وهي زوارق مزودة بمحركات- ستستغرق ساعات للوصول إلى هذه السفن، وذلك حسب سرعتها، كما كان سيستغرقهم أيضاً وقتاً لضبط طائراتهم المسيّرة لشن الهجوم.

لا مساعدة في مواجهة هجمات الحوثيين
صعد الحوثيون أيضاً على متن السفينتين ثم فجّروهما، في مهمة معقدة. ليس من السهل إيقاف سفينة شحن ضخمة تنطلق بسرعة. كما ليس من السهل تعطيلها ثم الاستيلاء عليها. ومع ذلك، استمر هذا الأمر يومين أو ثلاثة أيام، بينما لم تحاول أي وحدة بحرية تقديم المساعدة على ما يبدو.
صحيفة "وول ستريت جورنال" وصفت الهجوم قائلةً: "حاولت سفينتان يائستين صد هجمات الحوثيين. لم تصل المساعدة قط".
يقول الكاتب إن عدوان وكلاء مثل الحوثيين يجب اعتباره هجمات إيرانية مباشرة.
لا يوجد خاتمة أكثر إيلاماً لهذه الكارثة من عنوان صحيفة "وول ستريت جورنال": لماذا لا أحد ساعد هاتين السفينتين؟!
في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، شُكِّل تحالف دولي سُمّي "حارس الازدهار" لمنع هذه الهجمات ومساعدة السفن المنكوبة. كما هاجمت الولايات المتحدة الحوثيين في منتصف آذار/ مارس، في محاولة لوقف هجماتهم. البحرية الأمريكية تمتلك أصولاً ضمن منطقة عمليات القيادة المركزية؛ لكن ماذا عن القوات البحرية الأخرى، مثل البحرية البريطانية والفرنسية والصينية؟! توجد أصول بحرية في هذه المنطقة. هل كان من الممكن أن تصل إلى الموقع في الوقت المناسب؟
عادةً ما تحمل مجموعات حاملات الطائرات الأمريكية الضاربة عدة مدمرات وسفن مرافقة وسفن أخرى. حالياً، يُفترض أن تكون حاملتا الطائرات الأمريكيتان "كارل فينسون" و"نيميتز" في مكان ما في بحر العرب أو المحيط الهندي. ليس من الواضح تماماً مكانهما؛ ومع ذلك، نشرت القيادة المركزية الأمريكية لقطات لـ"فينسون" وهي تُطلق طائرات (إف-18) في 11 تموز/ يوليو. وفي 12 تموز/ يوليو، نشرت البحرية الأمريكية أيضاً صورة لطائرة (إف/إيه-18) تُطلق من حاملة الطائرات "نيميتز".
التقطت القيادة المركزية الأمريكية صوراً لحاملات الطائرات معاً في 8 تموز/ يوليو. عادةً ما تتجاوز سرعة السفن البحرية الأمريكية 30 عقدة، أي أنها تستطيع الإبحار لأكثر من 600 ميل بحري في اليوم. كما تمتلك طائرات يمكنها التحليق بسرعة حوالى 1500 ميل في الساعة.
هذا سيمنح القوات البحرية الأمريكية وغيرها من القوات البحرية القدرة على مساعدة السفن في البحر الأحمر. فلماذا لم يكن هذا أولوية؟! عادةً ما تتواجد في جيبوتي أيضاً أصول بحرية وجوية أجنبية، وهي قريبة نسبياً من المنطقة التي غرقت فيها السفينتان.
بشكل عام، إن عدم مساعدة العديد من دول المنطقة للسفينتين بسرعة لردع الحوثيين يُظهر أن هذا الأمر ليس أولوية. يبدو أن الحوثيين يدركون ذلك، ويشعرون بأنهم يتمتعون بحصانة. السؤال الآن هو: هل سيشعرون بالجرأة لشن المزيد من الهجمات؟!