تقرير / لا ميديا -
انهيار على كافة المستويات وتوقف لمناحي الحياة تشهدهما مدينة عدن المحتلة بعد دخول المدينة في حالة موات تام، حيث لا كهرباء ولا مياه، وحيث تواصل أسعار المواد الغذائية ارتفاعها بشكل جنوني، فيما الدولار يقفز متجاوزا الـ2300 ريال دنبوعي، ليجد المواطن نفسه عالقاً بين موجات الغلاء وانعدام الحلول، في ظل واقع اقتصادي يزداد قتامة، ومستقبل مجهول يلوح في الأفق. ذاك هو المشهد القاتم الذي يسيطر على المدينة المستباحة من قبل الاحتلال وأدواته ومرتزقته، حيث تتوالى الاحتجاجات الغاضبة لليوم الثالث على التوالي وتتسع لتشمل محافظات أخرى تنديدا برئاسي وحكومة الفنادق.
شهدت مدينة عدن المحتلة على مدى الأيام الثلاثة الماضية احتجاجات ومظاهرات غاضبة شارك فيها آلاف المواطنين الذين خرجوا إلى الشوارع منددين بتحالف الاحتلال ومرتزقته، في مشهد يعكس حالة السخط الشعبي المتزايد تجاه انعدام الخدمات الأساسية، وتخلي حكومة الفنادق عن كامل مسؤوليتها في إيجاد حلول لتفاقم أزمة الكهرباء التي أغرقت المدينة في ظلام دامس.
يأتي ذلك بعد دخول مدينة عدن في ظلام دامس وانقطاع تام للتيار الكهربائي منذ منتصف ليل الثلاثاء المنصرم، إثر استنفاد الوقود المشغل لمحطات الكهرباء.
وعاشت مديريات المنصورة والشيخ عثمان وخور مكسر والقاهرة، تظاهرات غاضبة أضرم فيها المحتجون النار في إطارات السيارات التالفة في الشوارع وقطعوا حركة السيارات، فيما علت الهتافات المنددة بفشل رئاسي وحكومة الفنادق مطالبة برحيلهما ورحيل قوات الاحتلال عن مدينتهم.
ورفع المحتجون شعارات تدين تردي الأوضاع المعيشية، وانهيار العملة والارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية، فضلاً عن توقف مياه الشرب في بعض الأحياء نتيجة نفاد الوقود.
إلى ذلك، شنت فصائل انتقالي الإمارات حملة اعتقالات واسعة، لم تستثن حتى الأطفال المتظاهرين، في محاولة يائسة لإخماد صوت لم يعرف الخوف، حيث أكدت مصادر حقوقية أن طفلين تم اختطافهما وإيداعهما في سجن خاص بما تسمى قوات العاصفة في المعاشيق قبل نقلهما إلى التواهي.
كما شنت أطقم عسكرية تابعة لما يسمى أمن عدن، بقيادة المرتزق مطهر الشعيبي، حملة اعتقالات واسعة في مديرية خور مكسر مستهدفة أيضا أطفالاً قاصرين، وسط أجواء من التوتر لدى فصائل الاحتلال حول مآلات هذا التصعيد وانعكاساته على الأوضاع في المدينة.
وخرجت مساء أمس تظاهرات شعبية عارمة شملت كافة مديريات المدينة المحتلة وحملت معها صرخات مدوية ضد الانهيار التاريخي للعملة، حيث وصل الدولار الواحد إلى 2300 ريال، والسعودي إلى 610 ريالات مقابل الريال الدنبوعي، في ظل تدهور مخيف للأوضاع المعيشية والاقتصادية، ورفضًا للحلول الترقيعية.
وبالتزامن مع الاحتجاجات، شهدت عدن ارتفاعًا جديدًا في أسعار المشتقات النفطية، حيث بلغ سعر جالون البنزين (20 لترًا) 31,800 ريال يمني، مما زاد من معاناة المواطنين الذين يواجهون أوضاعًا اقتصادية متردية.
ولم تتوقف أزمة الكهرباء عند إغراق المنازل والمؤسسات في العتمة، بل امتدت إلى تهديد حياة المرضى، إذ حذرت مستشفيات المدينة من كارثة إنسانية وشيكة، بعد توقف الكهرباء عنها، مما يعرض حياة المئات للخطر، خاصة مرضى الغسيل الكلوي.
وكان مرضى الفشل الكلوي في مستشفى الجمهورية بعدن، أطلقوا أمس الأول، نداء استغاثة عاجلاً عقب توقف المركز عن العمل بسبب انقطاع الكهرباء.
وخرجت الكهرباء عن الخدمة بشكل كامل في عدن والمحافظات المجاورة منذ مساء الثلاثاء، بسبب نفاد الوقود في محطات توليد الطاقة وعدم تزويدها بكميات إضافية.
وبعد ساعات من إعلان مؤسسة الكهرباء بعدن الانقطاع التام للتيار الكهربائي ودخول المدينة في حالة موات، أعلنت مؤسسة المياه والصرف الصحي بدورها توقف خدماتها نتيجة تعطل محطات التوليد وعدم القدرة على تشغيل مضخات المياه.
ويرى مراقبون أن أي محاولات لتوفير المشتقات النفطية بهدف تهدئة الاحتجاجات لن تكون أكثر من «مسكنات مؤقتة»، إذ إن المشكلة الحقيقية تكمن في الفشل الإداري والفساد المستشري داخل رئاسي وحكومة الفنادق، بحيث لم يعد السكان يحتملون مزيدًا من المعاناة.
ويؤكد المراقبون أن الأزمة مرشحة للتفاقم في ظل عدم التعاطي الجاد معها، ما يجعل من الصعب التنبؤ بمستقبل الأوضاع في المحافظات المحتلة.
وفي السياق، اتسعت رقعة الاحتجاجات الغاضبة للمواطنين إزاء التردي الاقتصادي والمعيشي وانهيار العملة، حيث لم يعد الغضب محصوراً على مدينة عدن فقط، بل امتدت شرارته إلى عدد من المحافظات الأخرى.
ففي محافظة لحج، خرجت تظاهرة حاشدة لآلاف المواطنين في مدينة الحوطة عاصمة المحافظة، في موجة احتجاجات ليلية واسعة، للتعبير عن غضبهم واستيائهم من التدهور المتسارع للخدمات وانهيار العملة.
وفي مديرية تبن، قطع المحتجون الطريق الرئيسي الذي يريط لحج بعدن، وأشعلوا الإطارات التالفة وسط الشارع وأغلقوه بأكوام من الحجارة.
كما شهدت مدينة الضالع هي الأخرى احتجاجات غاضبة قطع فيها المحتجون الشارع الرئيسي، بإشعال النيران في إطارات السيارات المستخدمة وبراميل القمامة، مطالبين بوضع حد لانهيار قيمة العملة الوطنية وتحسين الخدمات ومنع انهيارها.
وشملت الاحتجاجات محافظات عدن ولحج وأبين والضالع، والتي تشهد انهيارا في كافة مناحي الحياة، حيث توقفت كافة الخدمات، خصوصا الكهرباء والمياه بسبب نفاد الوقود، كما طفحت مياه المجاري في شوارع بعض المدن، ناهيك عما تسجله أسعار العملات الأجنبية من ارتفاع صارخ وصل فيه سعر الدولار مساء الخميس إلى 2300 ريال، واقترب سعر الريال السعودي من 600، ما أدى إلى ارتفاع اسعار السلع، وإغلاق بعض محلات البيع بالجملة أبوابها بسبب التغيير في أسعار الصرف المفاجئة، خوفا من تعرضهم للخسائر.