الأسيرة الفلسطينية المحررة براءة فقهاء تروي لـ«لا» ظروف السجن واللحظات الأخيرة قبل التحرر
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا
سجـون إسرائيل مقابر والأسيرات تعرضـن للسحل
الشكر لصنعاء ولشعبنا اليمني وفضلهم علينا لن ننساه
تعرضنا للتنكيل والمعاملة السيئة وشعور الحرية لا يوصف
حوار/ عادل عبده بشر / لا ميديا -
مُحمَّلة بذكريات قاسية عن معاناة الاعتقال في ظل حالة التنكيل التي تتعرض لها الأسيرات من قبل إدارة مصلحة السجون «الإسرائيلية»، تحررت الأسيرة الفلسطينية براءة حاتم فقهاء من قضبان المعتقل الصهيوني بصفقة «وفاء الأحرار»، ضمن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي بدأ سريانه صباح 19 كانون الثاني/ يناير الجاري.
وتنفست فقهاء هواء الحرية مجدداً، بعد نحو 6 أشهر قاسية قضتها بين حيطان سجن «دامون» الصهيوني، وسط تهديدات الاحتلال بإعادة الاعتقال.
وبراءة فقهاء (25 عاماً) ابنة بلدة كفر اللبد شرق طولكرم في الضفة الغربية، طالبة طب بشري في كلية الطب بجامعة القدس، وتنتمي إلى أسرة فلسطينية مشهودة بالنضال ضد الاحتلال الصهيوني، فوالدها حاتم فقهاء وأشقاؤها قسام ومحمد وآلاء أسرى مُحررون سابقاً.
وحكت الأسيرة الشابة المحررة في لقاء مع صحيفة «لا» عن ظروف اعتقالها وأوضاع الأسيرات الفلسطينيات في السجون «الإسرائيلية» وتعامل السجانين مع الأسيرات في اللحظات الأخيرة قبيل عناقهن للحرية في الدفعة الأولى من المرحلة الأولى لصفقة «طوفان الأقصى» الثانية، التي أصرت المقاومة على تحرير الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال.
وقالت فقهاء: «تم اعتقالي في 14 آب/ أغسطس 2024م على حاجز للاحتلال في طريق عودتي من الجامعة، وتم اقتيادي لمعسكر لجيش الاحتلال وحُكم عليَّ بالسجن 6 أشهر إداريا بدون تهمة واضحة، وتعرضت لمعاملة سيئة وقاسية من جنود الاحتلال».
والاعتقال الإداري هو قرار حبس بأمر عسكري «إسرائيلي» دون توجيه لائحة اتهام، بزعم وجود تهديد أمني، ويمتد إلى ستة أشهر قابلة للتمديد، وتقدم المخابرات الصهيونية إلى المحكمة ما يُسمى ملفا سريا يُمنع على المحامي أو المعتقل الاطلاع عليه.
وقبل الاعتقال، كانت الطالبة براءة عُرضة للاستهداف الصهيوني، حيث سبق أن قام «جيش» الاحتلال بإبعادها عن جامعة القدس مدة تزيد عن 6 أشهر بقرار تعسفي لتعطيل مسيرتها التعليمية: «عام 2023 تم إبعادي عن الجامعة 6 أشهر بحجة تشكيل خطر على أمن المنطقة وبتهمة المشاركة في العمل الطلابي».
ظروف السجن
تستذكر براءة ظروف السجن، فتقول: «ظروف السجن سيئة للغاية ولا تناسب العيش البشري.. التعامل غير إنساني، والإهمال الطبي بشكل كبير».
وعن طبيعة الطعام ونوعيته قالت: «كانوا يقدمون لنا غذاء سيئا وبكمية قليلة جداً ونوعية وجودة رديئة، حتى إن معظم الأسيرات كن يعانين من المشاكل المعوية والأمراض المرتبطة بسوء ورداءة الوجبات».
الإفراج
مرت الأيام الأخيرة ثقيلة على الأسيرات الفلسطينيات داخل السجون الصهيونية، حيث لم يعلمن أنهن على موعد مع الحرية حتى قبل ساعات من الإفراج عنهن، كما تعمّدت إدارة السجون عزل الأسيرات عن العالم الخارجي وقطعت عنهن الأخبار، وتعرضن للتنكيل والمعاملة السيئة للغاية.
وقالت الشابة براءة فقهاء: «كنا منقطعين انقطاعا تاما عن العالم ولا نعرف أي شيء مما يدور في الخارج، سواء أكان ذلك حول الحرب الدائرة في غزة أو ما تتعرض له قرى وبلدات الضفة الغربية من اقتحامات وانتهاكات إسرائيلية لا تتوقف».
وأكدت أن «الأيام التي سبقت الإفراج كانت صعبة، حيث تعرضنا للتنكيل والتفتيش المُهين والمعاملة السيئة غير الأخلاقية واللاإنسانية من قبل السجانين والسجانات الإسرائيليين».
وتحكي براءة فقهاء لـ»لا» اللحظات الأخيرة قبيل الإفراج، وعملية نقل الأسرى والأسيرات من سجن الدامون الواقع في منطقة الكرمل قرب مدينة حيفا المحتلة، إلى معتقل «عوفر» في الضفة الغربية، تمهيدا لتحررهن، فتقول: «طلبوا منا أن نجهز أنفسنا بسرعة وبدون أي مظاهر فرح وبدؤوا بإجراءات الإفراج وجولات التفتيش المقيتة والتنكيل بنا طوال الطريق الممتد من سجن الدامون إلى معتقل عوفر، وبقينا 12 ساعة بدون أن يقدموا لنا أي خدمات ولا حتى الماء أو الطعام أو دورة مياه، تخلل ذلك معاملة سيئة وشتم وسحل الأسيرات على الأرض».
وكغيرها من الأسيرات تعرضت براءة فقهاء لتهديدات أطلقتها المخابرات الصهيونية باعتقالها في حال تم إظهار أي ملامح للاحتفالات: «هددونا لحظة الإفراج بإعادة الاعتقال إذا قمنا بالاحتفال بالتحرر من سجونهم عند وصولنا إلى منازلنا».
شعور العزة والكرامة
الأسيرة المحررة فقهاء، تحدثت في لقاءها مع «لا» عن شعورها لحظة الإفراج عنها وعند الالتقاء بعائلتها، بعد ستة أشهر من التغييب، فتقول: »بصراحة شعور لا يمكن وصفه، مليء بالعزة والكرامة والفرح بالالتقاء بالأهل والفخر بصمود شعبنا الفلسطيني في الضفة وغزة وعلى كامل التراب الفلسطيني».
ورغم هذا الشعور إلا أن أهوال السجن لازالت عالقة في ذاكرتها، ويبدو أنها سترافقها لسنوات طويلة، فتتذكر الشابة براءة بعضاً من المواقف السيئة التي شهدتها أثناء مكوثها في المعتقلات الصهيونية، وتقول بنبرة ألم: «أسوأ شيء حدث في السجن وأثر كثيراً في نفسيتي وسيبقى عالقاً في الذاكرة، هو ما حدث في ذكرى 7 تشرين الأول/ أكتوبر، حيث تعرضت ومعي بقية الأسيرات للقمع والتنكيل بشكل لا يوصف، كما تم منع الشقيقات الأسيرات أو الأم وإبنتها من التواجد في نفس الزنزانة».
وبمقابل الأشياء السيئة التي تعرضت لها الأسيرات في سجون الاحتلال، هناك مواقف ولحظات للأسيرات، أيضاً، ستبقى خالدة في ذاكرة الأسيرة المحررة فقهاء: «هناك مواقف جميلة ومشرفة للأسيرات وأبرزها التعاضد والتكاتف في الفرح والحزن، وهو ما كان يُقلق السجانين ويساهم في صمود وقوة الأسيرات وتحديهن لإدارة وأجهزة السجون».
وأكدت فقهاء أن الأسيرات اللاتي لازلن في سجون الاحتلال يتعرضن لظروف سيئة وبالرغم من ذلك فإن معنوياتهن عالية: «تركناهن لحظة تحررنا، في أوضاع سيئة للغاية، ولكنهن في ذات الوقت صامدات ومعنوياتهن عالية».
سلام لغزة وشكراً لصنعاء
وفي سياق حديثها مع «لا» وجهت الأسيرة المحررة براءة فقهاء رسالة لأبناء غزة، شعباً ومقاومة، قائلة: «سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار»، مضيفة: «آواكم الله وأيدكم وأيدنا جميعاً بنصره العزيز».
وأكدت أنه على الرغم من كل العذاب الذي عاشته في السجن، إلا أن همها الوحيد كان وقف الحرب على غزة.. «كان كل همنا أن تتوقف الحرب على أهلنا غزة، وفضلهم علينا لن ننساه ليوم الدين».
كما وجهت فقهاء رسالة شكر وامتنان لليمن، جيشاً وشعباً وقيادة، ولكل من وقف وساند الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال وما تتعرض له القضية الفلسطينية من تأمر للقضاء عليها.
واختتمت حديثها بعبارة مؤثرة عن السجن قائلة: «السجن هو مقبرة أحياء وخروج جميع الأسرى واجب وطني وإنساني وأسرانا وأسيراتنا أحرار رغم القيد».
وكانت المقاومة الفلسطينية قد وقعت مع الاحتلال الصهيوني اتفاقا لوقف إطلاق النار في غزة، ويسري الاتفاق على ثلاث مراحل، تبلغ مدة كل منها 42 يومًا، حيث دخلت المرحلة الأولى حيز التنفيذ صباح الأحد 19 كانون الثاني/ يناير الجاري.
وشهدت المرحلة الأولى حتى الآن، عمليتين لتبادل الأسرى، أطلقت المقاومة في الدفعة الأولى ثلاث محتجزات «إسرائيليات» مقابل 69 أسيرة فلسطينية و21 شبلا فلسطينيا أسيرا لدى الاحتلال، فيما الدفعة الثانية تمكنت خلالها المقاومة من تحرير 200 أسير فلسطيني بينهم 121 من المحكومين مؤبدات و79 من أصحاب الأحكام العالية، مقابل 4 مجندات «إسرائيليات» محتجزات لدى المقاومة.
وإجمالاً من المقرر أن تطلق المقاومة الفلسطينية في المرحلة الأولى سراح 33 أسيرا وأسيرة «إسرائيليين»، مقابل أسرى فلسطينيين يتوقف عددهم على صفة كل أسير «إسرائيلي» إن كان عسكريا (مقابل 50 أسيرا) أم «مدنيا» (مقابل 30 أسيرا).
ويحتجز الاحتلال في سجونه أكثر من 10 آلاف و400 أسير فلسطيني بينهم 600 محكوم عليهم بالمؤبدات.
وبدعم أمريكي، ارتكبت قوات الكيان الصهيوني على مدى 15 شهراً الماضية إبادة جماعية بقطاع غزة، خلّفت أكثر من 157 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وإحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا