عادل بشرر / لا ميديا -
تحديات عديدة وكبيرة تواجه الكيان الصهيوني في ما يتعلق بالجبهة اليمنية المساندة للشعب الفلسطيني ضد الإبادة الجماعية في قطاع غزة المتواصلة منذ أكثر من عام، حيث يستمر النقاش في الإعلام العبري حول المواجهة مع اليمن، ويرى محللون "إسرائيليون" أن "تل أبيب" تواجه صعوبات كبيرة في الحرب مع صنعاء تجعل من مسألة ردع القوات المسلحة اليمنية، عملية شبه مستحيلة، لاسيما مع اعتراف مسؤولين "إسرائيليين" بأن لدى اليمن قدرات لإنتاج صواريخ وطائرات مسيرة متطورة بكميات كبيرة.
في هذا الصدد تحدث تقرير نشره موقع "واللا"، العبري أمس الأحد، بأن لدى الكيان "صعوبات في استهداف قادة الحوثيين، بينما تضع الهجمات التي يشنّها سلاح الجو الإسرائيلي على مواقع البنية التحتية في اليمن، تل أبيب أمام تحديات متعددة والتي من شأنها أن تطيل المواجهة بين إسرائيل واليمن".
ونقل الموقع عن "جيش الاحتلال" القول إن "بناء بنك من الأهداف لمهاجمة الحوثيين يمثل تحدياً كبيراً لإسرائيل، خصوصا أن قيادة الحوثيين ولا يمكن تعقبها أو جمع معلومات استخباراتية عنها".
وبحسب التقرير العبري فإن العديد من كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية لدى "إسرائيل" تحدثوا في جلسات مغلقة، مؤخراً، عن الصعوبات التي تواجه الكيان الصهيوني في شن هجمات على أهداف ومواقع في اليمن، مرجحين أن "الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد الحوثيين في اليمن ستكون أطول مما كانوا يعتقدون، ولتحقيق الردع هناك حاجة إلى عدة إجراءات، أبرزها تسريع عمليات جمع المعلومات من قبل مختلف أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية عن الحوثيين، وخلق مجال جديد من الخبرة باليمن وجماعة الحوثي" حدّ تعبيرهم.
وذكر ذات الموقع أن "شعبة الاستخبارات العسكرية، أمان، شرعت بالفعل في هذه المرحلة بعدة إجراءات لإنشاء وحدة مستقلة لتجميع المعلومات ورصد تحركات ونشاطات للحوثيين، بما في ذلك جمع المعلومات بمساعدة جيوش وأجهزة استخبارات أجنبية لها مصلحة مشتركة ضد الحوثيين"، مشيراً إلى أن أجهزة استخبارات العدو تجد تقييدات وصعوبات في تحديد ما وصفته "أهداف عالية الجودة في اليمن".
وأكد مسؤولون أمنيون في الكيان، وفقاً لموقع "والا" أن "الحوثيين منظمة مستقلة عن إيران، وقد ثبت مؤخراً أنه حتى عندما تطلب منهم إيران التوقف، فإنهم لا يستمعون".

قدرات كبيرة
في السياق أشار محللون عسكريون "إسرائيليون"، إلى أن الغارات الجوية على اليمن، مهما كانت قوية وشديدة، لن تردع صنعاء على الاستمرار في إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة إلى العمق الصهيوني.
وحسب المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، فإن "إسرائيل" تسعى إلى فرض حصار بحري وجوي على اليمن، للقضاء على ما وصفه بـ"محور التهريب للأسلحة"، لكنه أشار إلى أنه "لاتزال لدى الحوثيين قدرات لإنتاج صواريخ وطائرات مسيرة متطورة"، مضيفاً: "وعلى الجمهور أن يدرك أن بمقدورهم الاستمرار بإطلاق الصواريخ يوميا".
وتابع يهوشواع أنه بعد تصريح وزير الأمن، يسرائيل كاتس، أنه "سنصطاد جميع قادة الحوثيين"، لاتزال هناك "مشكلة توصف بالقدرة العملياتية، فتصفية زعماء مدربين في دولة بعيدة، ليست كنزهة في متنزه".
إلى ذلك نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، عن مسؤول "إسرائيلي" لم يكشف اسمه، أنّ "القوات المسلحة اليمينة في صنعاء أكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية مما يتصوره الكثيرون، ويجب عدم التقليل من شأنها".
وقال خبراء للصحيفة إنّ "مسيّرات صنعاء وصواريخها وقذائفها تمكّنت من الالتفاف على أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية"، متسائلين عن "كيفية هزيمة عدوّ مسلحٍ بمخزون من الأسلحة الرخيصة والمتوافرة".
وقال المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي "الإسرائيلي" والذي يشغل الآن منصب زميل بارز في معهد دراسات الأمن القومي في "تل أبيب" يوئيل جوزانسكي، لذات الصحيفة، إنّ "القوات اليمنية في صنعاء تريد أن تشنّ حرب استنزاف ضد إسرائيل، وتريد مواصلة إطلاق النار".
وأضاف جوزانسكي أنّ تكلفة حرب الاستنزاف، بالنسبة إلى "إسرائيل"، عالية جداً، مقارنة بالطائرات من دون طيار، أو الصواريخ، التي تطلقها القوات اليمنية، والتي لا تتجاوز تكلفتها آلاف الدولارات، في حين أن تكلفة كل عملية اعتراض إسرائيلية عشرات الآلاف من الدولارات، على الأقل.
وأشار إلى أنّ صنعاء قادرة على الانتصار في معركة الاستنزاف ضد "إسرائيل"، ويبقى السؤال: "كيف تتجنب إسرائيل الوقوع في فخ اليمن؟".
قناة i24 News العبرية، هي الأخرى نقلت عن مسؤول "إسرائيلي" القول إن "الحوثيين أكثر تقدمًا من الناحية التكنولوجية مما يُعتقد ويجب عدم الاستهانة بهم"، موضحاً أن "اليمنيين أظهروا إرادة لا هوادة فيها للقتال"، داعياً إلى تشكيل تحالف دولي لمواجهتهم.

قفزة كبيرة
صحيفة "يديعوت أحرونووت" العبرية، ذكرت في تقرير تحليل لها، أمس، أن هجمات صنعاء على "تل أبيب هي بمثابة تدريبات على أهداف أكبر وأكثر إثارة للإعجاب" حدّ وصفها.
أما "جيروزاليم بوست" العبرية فقد أفردت مساحة كبيرة للحديث عما وصفته بـ"التهديد اليمني"، مؤكدة أن "اليمنيين يبتكرون صورايخ جديدة أمام إسرائيل".
وقالت الصحيفة في مقال تحليل لرئيس كلية الهندسة الميكانيكية في الكلية الأكاديمية للهندسة بـ"تل أبيب" يينون يافور: "يبدو أن الصواريخ الباليستية التي سقطت الأسبوع الماضي، في يافا، قد أثارت قلق ليس فقط كبار المسؤولين الدفاعيين، بل وأيضًا عامة الناس الذين اعتادوا على الاعتقاد بأن أنظمة الدفاع الإسرائيلية منيعة تقريبًا".
وأكد يافور أنه "وبدلاً من عزو هذه الحوادث إلى مجرد خلل فني في منظومة الدفاع الإسرائيلية، علينا الاعتراف أن صنعاء حققت قفزة كبيرة في قدراتها الصاروخية".
وأضاف: "يبدو أن أعداءنا يحاولون تعقيد عملية اعتراض الصواريخ الباليستية، من خلال تغيير مسار الصاروخ أثناء طيرانه، الأمر الذي يجعل التنبؤ به أكثر صعوبة، وبالتالي يصبح اعتراضه أكثر صعوبة"، مؤكداً أن القوات المسلحة اليمنية نجحت في تطوير الصواريخ الباليستية بحيث تستطيع "المراوغة" وتجنب الدفاعات الجوية الصهيونية.
وفي تقرير آخر أفادت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن "الحملة الإسرائيلية طويلة الأمد ضد الحوثيين في اليمن قد تكون لها عواقب محتملة، مثل تعطيل الرحلات الجوية الدولية في مطار بن غوريون وزيادة عدد الصواريخ التي يتم إطلاقها من اليمن إلى إسرائيل".
من جهته مركز "شوميريم" العبري للصحافة الاستقصائية، أكد في تقرير له، أمس، أن اليمنيين "أغلقوا باب المندب وجففوا ميناء إيلات، وتسببوا في خسائر بالمليارات حول العالم، وعلى الرغم من الهجمات فإنهم يزيدون بشكل منهجي دائرة النار والتهديد لإسرائيل".
وتؤكد صنعاء أن عملياتها المساندة للشعب الفلسطيني لن تتوقف إلا بتوقف العدوان والحصار عن قطاع غزة.