تقرير: عادل بشر / لا ميديا -
على ما يبدو، فإن جدول أعمال القوات المسلحة اليمنية مزدحم بالعمليات العسكرية النوعية المساندة للشعب الفلسطيني، والتي تأخذ مسارين: الأول قطع طرق الملاحة أمام السفن المتجهة إلى العدو، والثاني استهداف العمق الصهيوني بصواريخ وطائرات مسيرة أثبتت قدرتها على تجاوز الدفاعات الجوية والأنظمة التكنولوجية المتعددة.
 وبعد أن عاش «نتنياهو» نشوة كبرى نتيجة ما اعتبره «انتصارا عظيما» إثر احتلاله مساحات شاسعة في الأراضي العربية السورية، معلناً من قمة «جبل الشيخ» الاستراتيجي أنه ماضٍ في ما وصفه بـ»تغيير وجه الشرق الأوسط»، فقد جاءت الضربات اليمنية المتتالية، لتُبدد نشوة الانتصار المزعومة وتجبره على الظهور مرتبكاً، ومتوعداً باستخدام «ذراع إسرائيل الطويلة»، حدَّ تعبيره، في وقت كان الملايين من المستوطنين يختبئون في الملاجئ المحصنة.
وكثفت القوات المسلحة اليمنية، خلال الأيام القليلة الماضية، من عملياتها الهجومية التي طاولت أهدافاً عسكرية للعدو الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأعلن المتحدث الرسمي العميد يحيى سريع، في بيان تلاه خلال المسيرة المليونية «مع غزة جهاد وتعبئة واستنفار.. وجاهزون لردع أي عدوان» اليوم بالعاصمة صنعاء، أن القوات المسلحة نفذت بالاشتراك مع المقاومة الإسلامية في العراق عملية عسكرية نوعية استهدفت أهدافاً حيوية للعدو «الإسرائيلي» في جنوب فلسطين المحتلة بعدد من الطائرات المسيرة التي حققت أهدافها بنجاح.
وأشار إلى أن سلاح الجو المسير نفذ عملية عسكرية نوعية أخرى ضد هدف عسكري للكيان الصهيوني في يافا المحتلة بطائرة مسيرة أصابت هدفها بنجاح.
وأكد أن القوات المسلحة اليمنية ستتعامل مع أي تصعيد «إسرائيلي» أمريكي على اليمن بتصعيد مماثل، ولن تتردد في استهداف المنشآت الحيوية للعدو «الإسرائيلي» وكذلك التحركات العسكرية للعدو الأمريكي التي تستهدف اليمن.. مشدداً على أن استمرار الجرائم المرتكبة بحق أبناء غزة، لن يؤدي إلا إلى المزيد من الضربات اليمنية التي لن تتوقف إلا بوقف العدوان والحصار على غزة.
وجاء البيان بعد ساعات من بيانين متفرقين للقوات المسلحة، أمس ، أعلنت فيهما تنفيذ عمليتين عسكريتين على أهداف عسكرية نوعية في منطقة يافا المحتلة بصاروخين فرط صوتيين وطائرة مسيّرة.
وذكرت القوات المسلحة أن العملية الأولى التي نُفذت بصاروخين باليستيين فرط صوتيين نوع «فلسطين 2»، حققت أهدفها بنجاح، وتزامنت مع العدوان «الإسرائيلي» على منشآت مدنية في العاصمة صنعاء ومحافظة الحديدة ورداً عليه.
أما العملية الثانية فقد نُفذت بطائرة مسيّرة على هدف في «يافا» المحتلة، محققة الهدف بنجاح.
وأكدت القوات المسلحة اليمنية استعدادها لحرب طويلة مع العدو الصهيوني جهاداً في سبيل الله ونصرة وإسناداً للمجاهدين في غزة ودفاعاً عن اليمن العزيز.

مواجهة مفتوحة
في ضوء ذلك أكّد قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، استعداد صنعاء لمواجهة أي تصعيد «إسرائيلي» في أي مستوى، مشيراً إلى أن اليمن استهدفت الكيان بأكثر من 1100 صاروخ وطائرة مُسيّرة، منذ بداية حرب الإسناد.
وشدد السيد القائد في خطابه الأسبوعي مساء أمس ، أن «صنعاء تعيش في مواجهة مفتوحة مع الكيان، ولن تتوقف عن تنفيذ هجماتها ضده حتى وقف الحرب على غزة». موضحاً أن القوات المسلحة اليمنية أطلقت، الأربعاء، صاروخين باليستيين فرط صوتيين، الأول كان بعد العِشاء، والآخر تزامن مع تنفيذ الطيران الصهيوني الحربي عدواناً على اليمن.
وقال إن أحد الصاروخين أُطلق في اتجاه وزارة الأمن «الإسرائيلية»، بالتزامن مع تنفيذ الطيران «الإسرائيلي» عدواناً على اليمن، الأمر الذي أحدث إرباكاً كبيراً للاحتلال، وأثر في إكماله عدوانه.

شهداء وجرحى
وفي أعقاب الهجوم اليمني، شنّ طيران العدو «الإسرائيلي» سلسلة غارات على العاصمة صنعاء ومدينة الحديدة، نتج عنها استشهاد 9 مواطنين وإصابة 3 آخرين.
واستهدفت الغارات محطتي كهرباء حزيز وذهبان بصنعاء، وميناء الصليف ومنشأة رأس عيسى النفطية في الحديدة، حيث ارتقى 7 شهداء إثر الغارات على ميناء الصليف وشهيدان وجريح نتيجة الغارات على منشأة رأس عيسى.

اعتراف صهيوني
وفي المقابل، اعترفت «إسرائيل» بالهجمات اليمنية؛ وأكّدت وسائل إعلام عبرية حدوث انفجار كبير في وسط «تل أبيب» خلال الساعات الأولى من فجر الخميس، مشيرة إلى أن منظومات الدفاع الجوي فشلت في اعتراض صاروخ قادم من اليمن.
وأفادت بأن الهجوم اليمني الأول بالصاروخ، والذي سبق العدوان «الإسرائيلي»، دفع بالجبهة الداخلية في الكيان إلى إطلاق صفارات الإنذار، ما أدّى إلى هروب أكثر من مليون مستوطن إلى الملاجئ. كما أظهرت صور ومشاهد تمّ تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، دماراً كبيراً لحق بمنطقة رامات غان في منطقة «تل أبيب»، في حين أشار مسؤولون محليون إلى إصابة مدرسة في رامات غان برأس متفجّر أدّى إلى دمار كبير، مرجّحين أن المدرسة بحاجة إلى هدم وإعادة إعمار. وكذلك، سقطت شظايا من صاروخ اعتراضي في باحة مبنى «الكنيست».
وفي السياق تحدثت وسائل إعلام عبرية عن غياب مفهوم «الردع» في القاموس اليمني، مشيرة في الوقت عينه إلى أنّ «الجيش الإسرائيلي غير مستعدّ لخوض حرب في منطقة بعيدة».
وأكد محلل الشؤون العسكرية في صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، يوسي بهوشع، أنّه «من الواضح أن الوضع مع اليمن أبعد ما يكون عن الاطمئنان والهدوء»، لافتاً إلى أنّ الشركاء الذين قاتلوا ضد اليمنيين، حذّروا «إسرائيل» من أن مصطلح «الردع، ليس له مكان في القاموس اليمني.
وقال إنّ المشكلة هي أن «الجيش الإسرائيلي، بعد أشهر من الحرب في الشمال، ليس في مكان جيد بما فيه الكفاية للقتال بكثافة في منطقة أبعد بكثير من لبنان».
وقالت الصحيفة: «عندما كانت الطائرات الحربية في الجو بالفعل لمهاجمة مسافة 2000 كيلومتر من إسرائيل ووضع حد لأسابيع من الذعر بسبب الهجمات المتكررة للحوثيين، جاء التذكير مرة أخرى بأن الحرب لم تختف على الإطلاق، وملايين الإسرائيليين في المركز استيقظت البلاد في منتصف الليل على صافرات الإنذار عقب إطلاق صاروخ من اليمن، والذي فشل بالفعل في إسقاطه»، مؤكدة أن «الحوثيون يواصلون القتال  لمساعدة غزة، التي تتعرض لهجوم من قبل إسرائيل، وأن صعوبة ضربهم تنبع أيضا من نقص القدرات الاستخباراتية، وأن إسرائيل لديها موارد محدودة يمكنها تخصيصها لجمع المعلومات الاستخبارية على مسافة بعيدة حيث يوجد اليمن».
وأفادت بأن الغارات الصهيونية على صنعاء والحديدة، شاركت فيها 14 طائرة مقاتلة، إلى جانب طائرات أخرى مثل طائرات التزود بالوقود وغيرها، واستخدمت في القصف أكثر من 60 قنبلة.


فصائل المقاومة: عمليات صنعاء كشفت ضعف الكيان وأثبتت التطور النوعي في أداء الجيش اليمني
قوبلت الضربات اليمنية للكيان الصهيوني بإشادة ومباركة واسعين من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية وحزب الله، التي أدانت بشدة العدوان «الإسرائيلي» على اليمن.
واعتبر حزب الله في بيان صادر عنه، استهداف العدوان الصهيوني لمنشآت مدنية في صنعاء والحديدة، انتهاكا صارخا لكل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية.. مؤكداً أن «الاعتداء الصارخ على الأراضي اليمنية جاء نتيجة فشل العدو في تحقيق أهدافه الاستراتيجية، على جبهات محور المقاومة كافة، وعجزه عن مواجهة الضربات اليمنية الدقيقة التي كشفت هشاشة منظومته الأمنية والعسكرية».
وجدد حزب الله تضامنه الكامل مع الشعب اليمني، مشدداً على «ثقته الراسخة أنّ هذا الشعب المجاهد والأبي سيواصل طريق الصمود والمقاومة مع قيادته الحكيمة الشجاعة لصد العدوان».
وفي فلسطين اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية حماس أن العدوان الصهيوني الإرهابي على اليمن تصعيدٌ خطير، وامتداد للعدوان على فلسطين والمنطقة العربية.
وقالت حماس: «نؤكد أن العدو المجرم لن ينال من معنويات شعبنا أو شعوب منطقتنا، ولن يكسر عزيمة اليمن أو يثنيهم عن موقفهم الأصيل في الاستمرار بإسناد شعبنا الفلسطيني، والانتصار لمظلوميته، وحتى وقف العدوان الصهيوني عن غزة».
وترحمت حركة حماس على «أرواح الشهداء من الشعب اليمني العزيز الذين ارتقوا على إثر الغارات الصهيونية على اليمن».. مُعربة عن تضامنها «الكامل مع اليمن، ومع الإخوة في حركة أنصار الله في وجه العدوان الصهيوني والأمريكي البريطاني».
من جهته بارك النَّاطق العسكري باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس؛ أبو عبيدة، الهجوم الصاروخي الذي نفذته القوات المسلحة اليمنية باتجاه قلب كيان العدو الصهيوني.
وقال أبو عبيدة: «إننا نشيد بوقوف اليمن الصلب إلى جانب غزة، وندعوهم إلى تصعيد هجماتهم حتى يرضخ الاحتلال ويوقف حرب الإبادة».
حركة الجهاد الإسلامي هي الأخرى أدانت العدوان الهمجي الصهيوني، وقالت: «إننا، في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، إذ نشيد بالبطولات التي يسجلها الشعب اليمني الشقيق وصموده الشجاع في مواجهة العدوان الصهيوني والغطرسة الأمريكية واستمراره في توجيه الضربات إلى الكيان الصهيوني الغاشم متمسكا بواجبه الديني والوطني والإنساني في الدفاع عن أمن أمتنا وشعوبها، فإننا ندعو كل الشعوب العربية إلى التكاتف لوضع حد للعدوان الصهيوني المتمادي».
أما لجان المقاومة في فلسطين فقد اعتبرت العدوان على اليمن «عدواناً على كل مكونات أمتنا العربية والإسلامية». فيما أكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن «استهداف اليمن بصواريخ العدو الصهيوني وغاراته لم يكن ليحدث لولا الغطاء والدعم المباشر من الولايات المتحدة وبريطانيا»، مشيدة بالعمليات اليمنية في العمق الصهيوني «في رسالةٍ واضحة تؤكد قدرة الشعب اليمني العزيز وقواته المسلحة الباسلة على الرد والدفاع عن كرامته وسيادته رغم التحديات والتضحيات والاستمرار في معركة إسناد فلسطين».
وباركت حركة فتح الانتفاضة في فلسطين المحتلة، العملية البطولية اليمنية التي استهدفت عميق كيان العدو الصهيوني في يافا المحتلة. مؤكدة أن هذه العملية «كشفت زيف المنظومة الأمنية والعسكرية عند الكيان الصهيوني وكشفت أيضا التطور النوعي في أداء الجيش اليمني».