قسم التحقيقات / لا ميديا -
يعاني سكان مدينة تعز المحتلة من وجود شبكة ضخمة مكونة من قادة في المرتزقة وسماسرة محترفين، ووسطاء لصوص، وتجار كبار وموظفين فاسدين يحترفون سرقة المساعدات الغذائية للمتاجرة بها في السوق السوداء.
في هذا التحقيق يكشف مراسل صحيفة "لا" في مدينة تعز المحتلة جانبا من متاجرة سماسرة الارتزاق بقوت المواطنين الفقراء والذين يحصلون عليه عبر المساعدات فيأتي هؤلاء السماسرة ليبيعوا تلك المساعدات الإنسانية الغذائية للتجار عبر سوق سوداء/ بيضاء تقام على امتداد المدينة وعلى مرأى ومسمع من سلطات الارتزاق التي هي شريك أساسي في تلك السمسرة.
ومن خلال عملية بحث مكثفة استمرت عدة أيام لتقصي الحقائق، وافق قلة قليلة على الحديث للصحيفة، خوفاً من المحاسبة من قبل سلطات المرتزقة المسيطرة على مدينة تعز المحتلة، فتم حجب أسمائهم الحقيقية واستخدام أسماء مستعارة في سياق هذا التحقيق بناء على طلبهم.

سماسرة بصفة تجار
في حديثه لصحيفة "لا"، كشف التاجر "ع.س" أنه كان في السابق يشتري المساعدات الإنسانية من شخص يدعى "م.ص"، وهو موظف في منظمة أممية ومسؤول عن ثلاثة مراكز توزيع ومراقبتها في المدينة، مشيرا إلى أن هذا الموظف كان يتصل به ليلا فيبيعه أكثر من 10 حصص إغاثية يحملها من بيته ليبيعها له بمبلغ يقدر بـ500 ألف ريال.
وبحسب التاجر فإن هذا الموظف يدعي على الدوام بأنه يحصل على تلك السلال الإغاثية كتعويض عن راتبه الشهري المنقطع منذ أشهر، لتبرير ما يقوم به ولدرء الشكوك.
وعند استفسار سمسار يدعى أبو مصطفى، وهو أحد الباعة الذين يعملون في بيع وشراء حصص المساعدات، عن عدد السلال التي يمكن له أن يقوم بتوفيرها، أكد أنه يمتلك 30 سلة جاهزة، ثم بعد أن أجرى اتصالاً هاتفياً أكد أن بإمكانه تأمين 20 حصة أخرى من مساعدات المنظمة ذاتها، دون أن ينسى الإشارة إلى أنها متضررة "فاسدة".

جولة في الأسواق
وفي المدينة المحتلة تكون أدنى جولة في أسواقها كفيلة بأن ترسم المشهد بتمامه وكماله أمام عينيك، حيث تجد عدداً كبيراً من الباعة المتجولين وعلى البسطات وفي المحال التجارية يبيعون المساعدات الإنسانية علناً ودون أي خوف من رقابة أو مساءلة.
ولكونها أصبحت تجارة رائجة، فإن أشكال الحصص الغذائية تتعدد وتتنوع بحسب المنظمات التي تقوم بتوزيعها في كل منطقة، حيث من المفترض أن تصل إلى مستحقيها، لكن طريق السوق أقرب كما يبدو، فيتم عرضها هنا للبيع.
يقول أبو محسن حيدر، وهو تاجر، إن المواد الإغاثية التي يبيعها في متجره تلقى رواجا بين المواطنين نظرا لسعرها المناسب نوعاً ما مقارنة بالسلع الأخرى التي تضاف إليها رسوم جمركية وما إلى ذلك فيرتفع ثمنها.
ويضيف حيدر أنه يشتري المواد الغذائية الإغاثية من النازحين أو من سماسرة يخرجونها من المستودعات ذات الصلة بمبالغ زهيدة، فيبيع تلك المواد بالتجزئة ليحقق ربحاً يتراوح بين 3 آلاف و5 آلاف ريال يمني مع كل سلة، وهو ما يقوم به أيضاً تجار صغار وآخرون من أصحاب المحلات الكبيرة في المدينة المحتلة وبقية المديريات الخاضعة لسيطرة مرتزقة العدوان.
أما التاجر صالح عبدالله فيقول إنه كان يشتري الحصص الإغاثية من النازحين وأحياناً من مديري المخيمات وأعضاء المجالس المحلية بقيمة نقدية لا تتجاوز 50 ألف ريال يمني.

ممارسة ظالمة في التوزيع
وبشأن هذه الممارسات التي تحف بعملية توزيع المساعدات الإنسانية وآثارها، أكد مسؤول محلي في سلطات الارتزاق اشترط عدم ذكر اسمه، أنه لا يمكن إنكار الفساد المتفشي في المنظمات والجمعيات الإغاثية واللجان المجتمعية، مشيراً  إلى أن "بيع المساعدات لا يمكن إثباته بالدليل القاطع، ولكن يمكن أن يلحظ وجود هذه المساعدات معروضة في الأسواق المحلية وعند تجار المواد الغذائية في كافة المناطق بتعز".
وأضاف أن "بيع المساعدات يؤثر سلبياً على المواطنين بحرمانهم من المواد الغذائية اللازمة، كما أنها توزع لعائلات ليست في حاجة إليها وفق تقييم الاحتياجات الإنسانية فتقوم ببيعها".