تقرير: عادل بشر / لا ميديا -
ركزت وسائل إعلام إسبانية على تنامي القدرات العسكرية اليمنية خلال عام من معركة الإسناد اليمنية للشعب الفلسطيني ضد حرب الإبادة الجماعية التي ينفذها الكيان الصهيوني في قطاع غزة بدعم أمريكي أوروبي فاضح، منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023م.
ففي تقرير نشرته صحيفة "إل موندو EL MUNDO" الإسبانية، بعنوان "جبهة البحر الأحمر المنسية: أكبر معركة بحرية منذ الحرب العالمية الثانية"، أفادت الصحيفة بأنه من بين جميع الجبهات المساندة لغزة، فقد أثبت اليمنيون أنهم "الأكثر قدرة والأقوى وأكثر بروزا مما كانوا عليه في بداية الحرب، واكتسبوا أهمية أكبر مع تقدم الحرب".
وأكدت أن صنعاء باتت لاعباً محورياً في مواجهة النفوذ الأمريكي والصهيوني في البحر الأحمر، وجعل من هذه الجبهة المائية المنسية واحدة من أخطر ساحات الصراع الدولي.
وأشارت "إل موندو" في تقريرها، إلى أنه "منذ 79 عامًا، لم تتعرض أي حاملة طائرات لأي قذيفة معادية: صاروخ أو قنبلة أو طوربيد أو طائرة بدون طيار، لكن اليمنيين وفي خطوة غير متوقعة، تمكنوا من استهداف حاملة الطائرات الأمريكية آيزنهاور" أثناء تواجدها في البحر الأحمر، ضمن التحالف الدولي الذي شكلته الولايات المتحدة حماية للكيان الصهيوني.
وأوضحت: "على الرغم من أنه لم يتم تسجيل إصابة مباشرة، إلا أن الصاروخ اقترب من آيزنهاور على بُعد 200 متر فقط، في حادثة تُعد الأولى من نوعها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية".. مضيفة: "هذه الخطوة تأتي كتحذير واضح للقوات الأمريكية، بأن اليمن يمتلك القدرات اللازمة لتحدي أساطيلهم المتمركزة في البحر الأحمر، الذي يُعتبر شرياناً حيوياً لحركة التجارة العالمية".
وتابعت "إل موندو" في تقريرها: "من المثير للاهتمام، أن الحوثيين في اليمن تمكنوا من فرض حصار فعلي على حركة الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر وقناة السويس، ما أدى إلى تراجع حركة السفن الإسرائيلية بنسبة 90%، الأمر الذي دفع بميناء إيلات إلى إعلان حالة الإفلاس بسبب شبه انعدام النشاط التجاري".
قوة بحرية فاعلة
كما سلطت الصحيفة الإسبانية في تقريرها الضوء على تحول من وصفتهم بـ"الحوثيين" في اليمن إلى قوة بحرية فاعلة، مما يشير إلى قدرتهم المتنامية واستعدادهم لمواجهة أي محاولات تدخل أمريكية أو "إسرائيلية" في المنطقة.
واستعرض التقرير قدرات القوات المسلحة اليمنية في هجماتها البحرية المساندة للشعب الفلسطيني، مشيرة إلى استخدام تكتيكات غير تقليدية تشمل القوارب الانتحارية، والغواصات، والطائرات بدون طيار، وحتى الصواريخ الباليستية المضادة للسفن.. لافتة إلى أن "هذه القدرات المثيرة للقلق بالنسبة لأمريكا وإسرائيل جاءت بدعم تكنولوجي عسكري متقدم، بعضه مصدره الصين".
وقالت "إل موندو": "مع دخول الحوثيين في البحر الأحمر، باتت المواجهة العسكرية التقليدية تتغير بشكل جذري، فهم لا يملكون جيشاً تقليدياً بالمعايير الكلاسيكية، لكنهم يمتلكون إرادة وتكنولوجيا قادرة على تحدي كبرى القوى. وباتت الولايات المتحدة وإسرائيل أمام واقع جديد، حيث أي محاولات للردع قد تصطدم بحائط صلب، فالقدرات المتنامية للحوثيين تجعل من كل حاملة طائرات أمريكية أو سفينة إسرائيلية هدفاً محتملاً".
وأضافت: "نمو قوة الحوثيين وأهميتهم هو قضية لا يمكن الاستخفاف بها. وقد تم تسليط الضوء عليها من قبل المحللين الإقليميين والمراقبين الدوليين باعتبارها واحدا من أهم عناصر حرب غزة".. منوهة إلى أهمية "أن نفهم أن الحوثيين ليسوا مجرد قوة عسكرية. إنهم يمثلون مجتمعًا وثقافة، ونضالهم سياسي وعسكري. لقد أظهروا قدرة ملحوظة على تعبئة الناس ومقاومة الهجمات والضغوط الخارجية".
وتابعت: "من المهم أن ندرك أهمية الحوثيين في سياق حرب غزة. إن نمو قوتها وأهميتها يشكل عنصراً حاسماً في الصراع، ولا يمكن الاستهانة بدورها في المنطقة. لقد أثبتوا أنهم قوة هائلة وقدرتهم وقوتهم تستحق التقدير".

أهمية جديدة
بالتزامن نشرت صحيفة "إل بايس El País" الإسبانية، تقريراً تحليلياً، بعنوان "كيف اكتسب الحوثيون مكانة بارزة في الصراع في الشرق الأوسط".
وذكر التقرير أن اليمن اكتسبت أهمية جديدة، بدخولها الحرب ضد الكيان الصهيوني، إسناداً للشعب الفلسطيني.. لافتاً إلى أن صنعاء "دخلت بسرعة المعركة ضد إسرائيل في أعقاب الهجوم على غزة، وأظهرت مهارة كبيرة في تدويل الصراع من خلال الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، مع تجنب إلحاق أضرار جسيمة بصفوف قواتها، وعلاوة على ذلك، أصبحت مع قصفها لإسرائيل أقوى وأكثر شعبية وتكتسب مكانة أكثر مركزية في التحالف الإقليمي".
ووصف التقرير الهجمات اليمنية في البحر الأحمر على السفن "الإسرائيلية" والمرتبطة بالكيان الصهيوني أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة، والسفن الأمريكية والبريطانية، بأنها "الأفعال الأكثر إرباكاً" التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية.
وأوضح تقرير صحيفة "إل بايس El País"، أن "نشر القوات البحرية في المنطقة، وخاصة من جانب الولايات المتحدة، والقصف الأمريكي والبريطاني لأهداف الحوثيين في اليمن، لم تقلل من وتيرة الهجمات التي تشنها مجموعة استخدمت خبرتها لضبط عملياتها واستخدمت تأثيرها لتوقع قدرتها على الحركة".
ونقلت الصحيفة الإسبانية عن محللين أمنيين مختصين بالشرق الأوسط القول إن "هذا التحول يعكس عقلية عابرة للحدود الوطنية متنامية بين أنصار الحوثيين، الذين يرون الآن الحركة كقوة ذات نفوذ يتجاوز اليمن بكثير". وأضافوا أن "قوتهم العسكرية ووجودهم في المنطقة قد نما بشكل كبير. فقد تمكنوا من الوصول إلى تكنولوجيا وأسلحة جديدة ومتقدمة وقد تم عرض بعضها خلال الهجمات على إسرائيل، كما جندوا آلاف المقاتلين على مدى العام الماضي".
وتساءلت الصحيفة:."إن المواجهة مع إسرائيل تثير تساؤلات حول مدى قدرة اليمنيين على الوصول. فهم يفصلهم عن إسرائيل أكثر من 1240 ميلاً، ويسيطرون على منطقة شاسعة ووعرة، ولديهم عقدان من الخبرة العسكرية المتواصلة تقريبًا، وواجهوا قوى إقليمية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة".
وقال الخبراء الأمنيون للصحيفة الإسبانية: "لقد حولتهم سنوات من الحرب غير المتكافئة مع التحالف الذي تقوده السعودية إلى قوة مرنة ماهرة في تكتيكات حرب العصابات. بنيتهم التحتية العسكرية غير مركزية، مع انتشار مستودعات الوقود في جميع أنحاء شمال اليمن، وتعمل ألويتهم كوحدات متنقلة، وقواعد إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار المنتشرة في مختلف المحافظات، مما يجعلهم رشيقين ويصعب مهاجمتهم".
وأكدوا أن صنعاء أصبحت "لاعبا استراتيجيا في المنطقة، فقد صمدت في وجه الضربات الأمريكية والإسرائيلية، واستجابت على الفور لإسناد غزة، دون مراعاة لعواقب التصعيد، كما أنها على استعداد للانخراط في المزيد من المواجهات"، وأن استعداد اليمنيين للتصعيد "يجعلهم قوة لا يمكن التنبؤ بسلوكها إلى حد كبير"، حد تعبيرهم.