عادل بشر / لا ميديا -
أفصح خبير في تكنولوجيا الدفاع ومسؤول سابق في معهد دراسات الأمن القومي "الإسرائيلي" عن مدى القلق الذي ينتاب الكيان الصهيوني من تصاعد اليمن كقوة إقليمية، وخطورة ذلك على مستقبل الاحتلال ومشاريعه في المنطقة.. معترفاً بنجاح صنعاء في توجيه ضربة قوية للاقتصاد الصهيوني، من خلال قطع شريان الحياة لميناء أم الرشراش "إيلات".
وقال الباحث ورئيس الموظفين السابق في معهد دراسات الأمن القومي (الإسرائيلي) INSS آري هيستين إن سياسة الردع العسكرية المتبعة مع صنعاء، لا تكفي ويجب على "تل أبيب" تحديد اتباع سياسة تدميرية على المدى البعيد تضمن من خلالها القضاء على ما وصفه بـ"نظام الحوثيين".
وأوضح هيستين في مقال تحليلي نشره، أمس، موقع "ذا تايمز أوف إسرائيل" بعنوان "بعد عام من هجمات الحوثيين.. إسرائيل بحاجة إلى نهج طموح"، أن القوات المسلحة اليمنية، ومنذ التحامها بالمعركة إلى جانب الشعب الفلسطيني في تشرين الأول/ أكتوبر 2023م، أطلقت "أكثر من 1000 قذيفة على إسرائيل" والسفن المرتبطة بالكيان أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة، وكذلك السفن الحربية للتحالف الغربي، الذي أقر الباحث الصهيوني بأنه -أي التحالف- جاء إلى البحر الأحمر للدفاع عن "إسرائيل" من الهجمات اليمنية.
وأكد أن ما وصفه بـ"التهديد" اليمني، لا يظهر أي علامة على التراجع، بينما تفتقر "إسرائيل" إلى استراتيجية واضحة ومتماسكة للتعامل مع هذا التهديد.

ضربة مباغتة
هيستين، الذي يعمل، أيضاً، في مجال تكنولوجيا الدفاع لدى كيان الاحتلال، أكد أن صنعاء نجحت في توجيه ضربة مباغتة لـ"تل أبيب" في يوليو/ تموز 2024، عندما اخترقت طائرة بدون طيار يمنية، الدفاعات الجوية الصهيونية ووصلت إلى قلب عاصمة الكيان، في ذروة الاستنفار "الإسرائيلي".
وقال إن "إسرائيل" ردت بضرب ما وصفه بـ"شريان الحياة" في ميناء الحديدة، وكان ذلك، في ذات الوقت، رداً على الحصار البحري الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية على ميناء أم الرشراش"إيلات" منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2023م.. مؤكداً بالقول: "الضرر الأكثر أهمية الذي ألحقه الحوثيون بإسرائيل حتى الآن تمثل في قطع شريان الحياة لميناء إيلات على البحر الأحمر".
ولفت الخبير الصهيوني إلى أن استهداف كيان الاحتلال لميناء الحديدة، في تموز/ يوليو الماضي، لم يمنع القوات المسلحة اليمنية من مواصلة عملياتها المساندة للشعب الفلسطيني، وما كانت "إسرائيل" تعتقد بأنه سيكون بمثابة الردع لصنعاء "تآكل سريعاً" وعادت القوات المسلحة اليمنية لضرب كيان الاحتلال مجدداً، مستهدفة العمق الصهيوني بالصواريخ والطائرات المسيرة، لترد "إسرائيل" بضرب ميناء الحديدة، للمرة الثانية، وكذلك ميناء رأس عيسى، لكن كل ذلك "لم يردع الحوثيين ومازالوا مصممين على مواصلة الهجمات على إسرائيل".
وشدد على أنه مهما كانت الأضرار التي ألحقتها الغارات الصهيونية بالبنية التحتية اليمنية، ومهما كانت النتائج، فإن صنعاء لن تتنازل عن أهدافها المعلنة، وإذا حصل هدوء من جانبها، فإنه سيكون أشبه بفترة راحة مؤقتة.

تأجيل المهمة
وقال المسؤول السابق في معهد دراسات الأمن القومي الصهيوني: "إن الردع في مواجهة الحوثيين، إذا تمكنت إسرائيل من فرضه، سيكون له بعض الفوائد الفورية المهمة، مثل إنهاء إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار على جنوب ووسط إسرائيل، فضلاً عن إعادة فتح ميناء إيلات للأعمال التجارية، ولكنه قد يكون عابراً كما كان الحال في ما يتعلق بحماس وحزب الله".
وفي اعتراف واضح بمدى القلق الذي يشعر به كيان الاحتلال، قال هيستين: "إذا فشلت القوى العالمية والإقليمية المناهضة للحوثيين في تحقيق تفوقها عليهم، مع تعرض محور المقاومة لضعف مؤقت حالياً، فإن ردع صنعاء سيكون بمثابة تأجيل المهمة، إلى وقت آخر، وستستمر القوات اليمنية في بناء نفسها عسكرياً وتطوير قدراتها الحربية، وستكون المواجهات المستقبلية في الزمان والمكان اللذين تختارهما صنعاء، وربما في أسوأ وقت ممكن بالنسبة لإسرائيل".
وخلص الخبير الصهيوني في مقاله إلى أن "الضربات الإسرائيلية للأصول اليمنية، لن تشكل نهجاً شاملاً للمشكلة الاستراتيجية" حد تعبيره.. مشدداً على ضرورة أن يتبع كيان الاحتلال سياسة أخرى على المدى الطويل تهدف إلى "إعادة البيئة الاستراتيجية لليمن، أو إعادة صياغة نظامه السياسي، ومن ذلك معرفة طرق تمويل النظام في صنعاء وآلته الحربية والحاضنة الشعبية التي تتجاوز 20 مليون يمني، والقادة الذين يشغلون مناصب شخصية ضرورية في حركة أنصار الله، وغير ذلك من النقاط الهامة".
واختتم تحليله بالقول: "إذا ظل النهج الإسرائيلي يركز على الردع العسكري باعتباره الحل الأمثل لسياسته تجاه الحوثيين، فإن إسرائيل والشرق الأوسط بأكمله سيستيقظان ذات يوم على كوريا شمالية أخرى تطل على البحر الأحمر".