تقرير/عادل بشر / لا ميديا -
أكدت صحيفة «التليغراف» البريطانية أن القوات البحرية الغربية، بقيادة البحرية الأمريكية، وصلت إلى نتيجة مفادها أنها فشلت فعلياً في هزيمة القوات المسلحة اليمنية، وما تقوم به القوات الغربية في البحر الأحمر طوال 11 شهراً ماضية «لا يُعرف تقنياً إلا باسم الهزيمة».
جاء ذلك على لسان ضابط سابق في القوات البحرية الملكية البريطانية، ويدعى توم شارب، إذ نشرت الصحيفة في عددها، أمس السبت، مقالاً مطولاً له بعنوان «كيف نهزم الحوثيين ونعيد فتح البحر الأحمر؟».
وقال شارب: «في الوقت الحالي، ما نقوم به يُعرف تقنياً باسم الهزيمة»، لافتاً إلى أنه «إذا كان تكرار الشيء نفسه مراراً وتكراراً وتوقع نتيجة مختلفة هو تعريف الجنون، فإن القوات البحرية الغربية -بقيادة البحرية الأمريكية- وصلت إلى هذه النقطة في البحر الأحمر، وفي أفضل الأحوال، سنستمر في الخسارة، وفي أسوأ الأحوال، ستكون هناك كارثة أعظم بكثير من إحراق وإغراق السفن».
ومنذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، تخوض القوات المسلحة اليمنية حرباً مع الكيان الصهيوني، إسناداً للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية في قطاع غزة، بدعم أمريكي بريطاني غربي مكشوف، وتخاذل عربي فاضح.
ونجحت العمليات البحرية اليمنية في حظر الملاحة الصهيونية بالبحر الأحمر، الأمر الذي نتج عنه إفلاس ميناء «إيلات» (أم الرشراش)، وتعرض الاقتصاد الصهيوني لخسائر كبيرة، وعمدت صنعاء إلى استهداف السفن الصهيونية وتلك المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة، عبر مراحل تصعيدية، بدأت بالبحر الأحمر ثم العربي وخليج عدن والمحيط الهندي والأبيض المتوسط، وإلى جانب الملاحة الصهيونية، شملت الأهداف السفن الأمريكية والبريطانية، وذلك بعد عدوان الدولتين على اليمن، حماية للكيان الصهيوني.
وأوضح توم شارب أن التحالف الغربي، بقيادة الولايات المتحدة، شن العديد من العمليات التي وصفها بـ«الدفاعية والهجومية» ضد اليمن، ورغم ذلك فإن 60% من السفن التي كانت تمر عادة عبر البحر الأحمر، وأكثر من 90% من السفن الباهظة الثمن، لم تعد تسلك هذا الطريق، حتى اللحظة.
وأشار إلى أنه وعلى مدى سبعة أشهر من هذا العام، كان هناك من السفن الحربية، بما في ذلك حاملات طائرات أميركية تعمل بالطاقة النووية، ما يكفي لاعتراض صواريخ وأسلحة «الحوثيين، أثناء إبحارها من الساحل؛ لكننا شهدنا تحولات في قدراتهم وتكتيكاتهم».
وأضاف الضابط السابق في البحرية البريطانية: «لقد تطورت تكتيكات الحوثيين على مر الأشهر. فقد زاد استخدام الزوارق الحربية ذاتية القيادة على سطح الماء، وهو أمر مثير للقلق بالنظر إلى الأضرار التي يمكن أن تسببها، كما أظهروا نوعاً جديداً من الهجمات، وتمثل ذلك في الهجوم على السفينة «سونيون»، حيث أعقب الهجوم الصاروخي الأولي، صعود مجموعة من المقاتلين على متن السفينة ووضع عبوات ناسفة على سطحها، وهو نوع جديد من الأحداث».
وذكر توم شارب أنه رغم التنوع الواضح في الأساليب الهجومية للقوات اليمنية، إلا أن تحليلات بيانات شركة «لويدز» البريطانية المعنية بالأمن البحري، أظهرت أن 94% من الهجمات منذ البداية كانت بالصواريخ، وتشكل «الطائرات بدون طيار فقط» 3%.
وأكد أن اليمنيين استهدفوا السفن الصهيونية والأمريكية والبريطانية، وأنهم «يستطيعون اختيار السفينة أو الهدف الذي يطلقون النار عليه، وهم يفعلون ذلك بالفعل، ولا يقتصر الأمر على السفن الإسرائيلية أو الأمريكية أو البريطانية، بل يشمل أي طرف آخر أعلنوه هدفاً لهم».

لم يتغير الكثير
الضابط البريطاني توب شارب أفاد بأنه بعد مرور 11 شهراً على هذا الوضع، لم يتغير الكثير؛ فما زالت السفن تدور حول رأس الرجاء الصالح، وهو ما يكلفها المزيد من المال، ويفرض ضغوطاً على أعداد الأسطول، ويخلق ازدحاماً، ويؤدي إلى تدهور محركاتها وهياكلها بشكل أسرع. وتجني شركات الشحن أموالاً طائلة من هذا في الوقت الحالي؛ ولكن لا أحد منها يريد أن يصبح هذا هو الوضع الطبيعي الجديد. فالأسعار أعلى مما كانت لتكون عليه في المملكة المتحدة وأوروبا وأماكن أخرى تتلقى عادة قدراً كبيراً من التجارة عبر البحر الأحمر وقناة السويس. وفي الوقت نفسه، تطلق السفن الحربية الأمريكية والبريطانية وغيرها، الكثير من الصواريخ الباهظة الثمن وتخوض مخاطر كبيرة، ولا شيء يتغير.
وأكد بالقول: «يُطلق على هذا اسم الهزيمة».

ثلاثة خيارات
وشدد شارب على أن حركة الشحن في البحر الأحمر لن تعود إلى طبيعتها التي كانت عليها قبل تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إلا إذا أوقف اليمنيون عملياتهم المساندة للشعب الفلسطيني.
ورأى أن ذلك «لا يمكن أن يحدث إلا بإحدى ثلاث طرق: الأولى: أن يقرر اليمنيون التوقف من تلقاء أنفسهم»، مستبعداً ذلك.
أما الخيار الثاني فهو: أن يتم إقناعهم بالتوقف، عبر السعي إلى التوصل إلى حل دبلوماسي شامل، مؤكداً أن هذا الخيار لا بد أن يظل يشكل الأساس لأي جهد؛ لأنه على المدى البعيد من المرجح أن ينجح.
الخيار الأخير، وفقاً للضابط السابق في البحرية البريطانية، هو: «إجبار الحوثيين على التوقف»؛ ولكنه أكد أن «هذا ليس بالأمر السهل، وإلا لكان قد تم بالفعل»، لافتاً إلى أن اليمنيين تعلموا الكثير حول التنقل وإخفاء أسلحتهم، ما يجعل من الصعب جداً ضربهم. «إن ضرب الحوثيين من الجو يبعث برسالة؛ ولكن كما رأينا فإن هذا لن يجدي نفعا. وحتى لو أحضر الأميركيون حاملة الطائرات روزفلت من خليج عمان وحركوا عجلة الحرب إلى أقصى حد، فإنني لا أعتقد أن القوة الجوية ستنجح بمفردها».
وقال توم شارب بأن الخيار المتبقي لدى أمريكا والقوات المتحالفة معها ينحصر في القيام بعمليات تنفذها قوات العمليات الخاصة في البحرية الأمريكية ونظيرتها المتحالفة معها، من خلال العمل على الشاطئ، في إشارة إلى إنزال بري أمريكي بريطاني غربي.
وأضاف أنه في حال أرادت أمريكا تنفيذ ذلك، رغم خطورته، فإنها ستحتاج إلى قوات متمركزة في البحر، وأيضاً في المملكة العربية السعودية، وأجزاء من المناطق اليمنية المحتلة الخاضعة لسيطرة مرتزقة العدوان.
وخلص توم شارب إلى أنه «لا شيء من هذا سهل، والحرب ليست سهلة أبداً»، مؤكداً أن الضربة التي قد تصيب صنعاء، ويكون تأثيرها مثل هجوم أجهزة النداء على حزب الله، تتمثل في إيجاد عملاء خطرين لأمريكا وبريطانيا في اليمن.