عاموس يادلين*صحيفة (times of Israel) العبرية
ترجمة خاصة:إياد الشرفـي / لا ميديا -
هناك خيار حاسم: إما قبول الوساطة في صفقة الرهائن وتطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية، وإما تعريض مستقبل إسرائيل للخطر.
«إسرائيل» تأسست لحماية اليهود، وهي المهمة التي فشلت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
كانت الزيارة الأخيرة التي قام بها مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، إلى «إسرائيل» بمثابة رسالة إلى الحكومة، مفادها أنها تقترب من مفترق طرق استراتيجي، مع تضييق نافذة اتخاذ القرار مع اقتراب الانتخابات الأمريكية. يجب على صناع القرار «الإسرائيليين» أن يتحملوا مسؤولياتهم. وبدلاً من تأجيل الأمور على الطريق، يتعين عليهم اتخاذ قرارات استراتيجية من شأنها أن تضمن نصراً تاريخياً لـ«إسرائيل» والصهيونية. وذلك يشمل قبول الوساطة في صفقة الرهائن وتحقيق التطبيع مع المملكة العربية السعودية ودول إسلامية أخرى.
التطبيع سيضفي مزيدا من الشرعية على وجود «دولة يهودية» في قلب الشرق الأوسط، ويحافظ على الدعم الإقليمي والدولي للإجراءات ضد حماس، ويقيد مصادر تمويلها، ويبني تحالفاً ضد إيران. بالإضافة إلى ذلك، سيساعد ذلك في كبح الإجراءات القانونية الدولية ضد «إسرائيل» وقادتها، مع تعزيز مكانة «إسرائيل» عالمياً.
التكلفة السياسية ستكون كبيرة؛ ولكنها أفضل بكثير من البديل الذي يعرض أمن «إسرائيل» للخطر. إن استمرار القتال في غزة دون أهداف سياسية محددة بوضوح يزيد خطر التصعيد على الجبهة الشمالية، وفي الضفة الغربية، ومع إيران، والحوثيين في البحر الأحمر؛ كما يزيد احتمال ممارسة ضغوط دولية على «إسرائيل» لوقف الأعمال العدائية دون تأمين عودة الرهائن أو تحقيق أهداف إقليمية وتعاون دولي لخنق حماس.
الأسابيع المقبلة هي الفرصة الأخيرة أمام «إسرائيل» لتأمين إطلاق سراح 125 رهينة «إسرائيلياً» وغيرهم من الرهائن الذين يقبعون في أنفاق غزة، قبل أن تتحول هذه المأساة إلى أزمة تدوم لسنوات عديدة. لقد تأسست «دولة إسرائيل» لحماية اليهود، وهي المهمة التي فشلت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر. ويجب علينا أن نبذل كل جهد لإعادتهم إلى الوطن، واثقين من أن مؤسستنا الأمنية قادرة على إدارة عواقب أي اتفاق مع حماس. ومن دون عودة الرهائن، فإن النصر الحقيقي يظل بعيد المنال. إن استمرار بقائهم رهائن يلقي بظلاله الثقيلة على المجتمع «الإسرائيلي»، مما يعيق قدرتنا على التغلب على الصدمة الجماعية واستعادة التماسك الوطني والمرونة.
صفقة الرهائن ليست مجرد ضرورة أخلاقية للدولة تجاه مواطنيها؛ فهي تمثل المسار السياسي المحوري اللازم لإخراج «إسرائيل» من مأزقها الحالي. إنها تحمل المفتاح إلى الديناميكيات السياسية اللاحقة، ولاسيما جهود التطبيع، والتحرر من دائرة التصعيد على طول الحدود الشمالية.
وإذا تراجع السنوار عن الاتفاق بعد موافقة «إسرائيل» على وقف الأعمال العدائية مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن، فإن هذا لن يؤدي إلا إلى تعزيز عزيمة المجتمع «الإسرائيلي» والدول المعتدلة في المنطقة على هزيمة حماس. وعليه فإن الحملة المتواصلة ضد حماس ستحظى بدعم الولايات المتحدة لتوسيع العمليات في رفح، وقطع طرق التهريب من سيناء إلى غزة بشكل دائم، وطرد قيادة حماس من قطر، وتنفيذ تدابير أخرى مختلفة. وسوف تستمر هذه الجهود إلى أن يتم استبدال حماس بقيادة محلية معتدلة في غزة ترفض التطرف الديني والأيديولوجية المتطرفة الشبيهة بتنظيم داعش.
وبالإضافة إلى صفقة الرهائن ووقف الأعمال العدائية في غزة، ربما لفترة ممتدة ولكن ليس إلى أجل غير مسمى، سوف تحتاج «إسرائيل» إلى تبني مبدأ الدولتين والالتزام بتعزيزه. وهذا أمر بالغ الأهمية لتعزيز التطبيع. وخلافاً لإطار رئيس الوزراء نتنياهو ذي الدوافع السياسية، فإن هذا ليس خياراً ثنائياً بين «حماستان وفتحستان». من الواضح تماماً لجميع الأطراف، وخاصة بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، أن تحقيق حل الدولتين في المستقبل المنظور، وخاصة من الناحية الأمنية، أمر غير ممكن. لا يوجد زعيم «إسرائيلي» رئيسي على استعداد لمنح السيطرة على غزة والضفة الغربية لكيان فلسطيني في حين يستمر في تمويل الإرهابيين، والتحريض على العنف، والفشل في منع الهجمات الإرهابية من أراضيه. وتدرك إدارة بايدن والمجتمع الدولي هذه الحقيقة.
في نهاية المطاف، فإن الاختيار الذي يواجه رئيس وزراء «إسرائيل» حاسم: إما الاصطفاف مع بن غفير وسموتريتش، والمجازفة بالمزيد من التدهور في أمن «إسرائيل» واقتصادها وعلاقاتها الخارجية، وفي الوقت نفسه تعريض التحالف الحاسم مع الولايات المتحدة للخطر، والذي أصبح الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى؛ وإما تشكيل تحالف إقليمي ودولي لهزيمة حماس ومواجهة المحور الراديكالي الذي تقوده إيران في المنطقة.
«الإسرائيليون» يفضلون الحياة على الموت. إنه مبدأ ثابت يجب التمسك به. الآن هو الوقت المناسب للقادة في «القدس» لاتخاذ قرار حاسم بشأن صفقة الرهائن، حتى لو كانت التضحيات هائلة، والابتعاد عن المأزق الاستراتيجي الذي يتجهون إليه. ويتعين على القادة غير القادرين على إظهار مثل هذه القيادة أو اتخاذ قرارات تخدم المصلحة الوطنية، أن يتنحوا جانباً ويتنازلوا عن زمام الأمور ويعودوا إلى ديارهم.

* اللواء (المتقاعد) عاموس يادلين، 
الرئيس السابق لمديرية الاستخبارات العسكرية 
في «جيش الدفاع الإسرائيلي».