زعماء «الليكود» يسعون لتوريط «إسرائيل» في حادثة تحطم طائرة الرئيس إبراهيم رئيسي
يوسي مليمان- صحيفة «هآرتس» الصهيونية العبرية
ترجمـة خاصة:إياد الشرفي / لا ميديا -
عن تحطم طائرة إبراهيم رئيسي، لا يجرؤ القادة السياسيون في إسرائيل ولا حتى الموساد على التفكير في اغتيال زعيم أجنبي، وبالذات دولة معادية مثل إيران.
أثار مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر يوم الأحد الماضي نظريات "المؤامرة الإسرائيلية". لقد سعى النقاد الذين نصبوا أنفسهم والذين يفتقرون إلى أدنى فكرة، وكذلك المشرعون، مثل تالي جوتليف، زعيم حزب الليكود، لساعات طويلة، إلى توريط إسرائيل في الحادث، وأسقطوا تلميحات كما لو كانوا مطلعين على أسرار الدولة.
لكن أي شخص منخرط في العلاقات الإيرانية الإسرائيلية والقضايا الاستراتيجية الإقليمية، أو يدرسها، سيعلم أن ذلك كان مجرد حادث على الأغلب؛ لم تكن إسرائيل متورطة فيه، ناهيك عن قيام عملاء بتخريب المروحية. في نهاية المطاف، فإن العقوبات الغربية المفروضة على إيران، وخاصة حظر الأسلحة، الذي يجعل من الصعب أيضاً الحصول على قطع الغيار، قد تركت مستوى صيانة الطائرات الإيرانية في حالة فظيعة. لذلك تعاني إيران كثيرا من حوادث الطيران.
ولن تفكر الحكومة الإسرائيلية ولا مسؤولو الدفاع في اغتيال زعيم وطني، ولا حتى زعيم دولة معادية مثل إيران. وكان رئيسي قد اختتم لتوه اجتماعه مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف. وأذربيجان حليف استراتيجي لإسرائيل، رغم أن ذلك لم يمنعها من الحفاظ على علاقات معقولة مع الجمهورية الإسلامية.
وإسرائيل هي المورد الرئيسي للأسلحة إلى أذربيجان. واعترف علييف نفسه، في مؤتمر صحفي عام 2017، بعد لقاء مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في باكو، بأن بلاده اشترت أسلحة بقيمة 5 مليارات دولار من إسرائيل. ومنذ ذلك الحين، تضاعفت تقريباً التجارة المتعلقة بالدفاع بين إسرائيل وأذربيجان.
وكان رئيسي، الوريث المحتمل لخامنئي، أحد أسوأ قادة إيران على الإطلاق بالنسبة لإسرائيل.
تمثل وفاة رئيسي ضربة للنظام الإيراني، لكن حربه بالوكالة ضد إسرائيل لم تنتهِ بعد.
ووفقاً لعدة تقارير في الماضي، فإن أذربيجان بمثابة قاعدة للموساد للعمل في إيران وجمع المعلومات هناك. ووفقا لرئيس الموساد السابق يوسي كوهين، فإن عملاء الموساد -وليسوا بالضرورة إسرائيليين- يعملون على الأراضي الإيرانية. وفي إحدى المهام، تمت سرقة الأرشيف النووي الإيراني من طهران ونقله إلى إسرائيل عبر أذربيجان.
ومن الواضح للجميع أنه لو كان رئيسي قد وقع ضحية عملية اغتيال، فإن المشتبه به الرئيسي سيكون إسرائيل، الأمر الذي سيحرج علييف ويضر بشدة بعلاقات إسرائيل مع حليفتها في القوقاز.
خيالات الانتقام
ليس من عادة أجهزة المخابرات الإسرائيلية اقتراح اغتيال القادة الوطنيين. ليس لدى الموساد والمؤسسة الأمنية الأوسع عقيدة واضحة بشأن متى وكيف وتحت أي ظروف يمكن اغتيال العدو. كان هذا أيضاً هو الاستنتاج الذي توصل إليه تقرير اللجنة الفرعية لمجلس الوزراء الأمني الذي ناقش المحاولة الفاشلة لاغتيال زعيم حماس خالد مشعل في العاصمة الأردنية عمّان عام 1997.
ويعلم مسؤولو الدفاع أيضاً أنه حتى لو كان الإغراء كبيراً، والرغبة في الانتقام قوية، والاستخبارات موجودة والمهمة ممكنة، فإن اغتيال زعيم وطني يمكن التراجع عنه. إن وكالات التجسس في الدول الأخرى، على النقيض من المنظمات الإرهابية التي خططت لقتل زعماء إسرائيليين مثل رئيسة الوزراء جولدا مائير، تستطيع أن تنتقم وتلاحق زعماء إسرائيل اليوم.
ولكن هناك استثناءات. في أواخر حملة سيناء عام 1956، ارتفعت أصوات في المخابرات الإسرائيلية، بقيادة ضابط المخابرات الكبير أبراهام دار، لتفجير شاحنة مفخخة بالقرب من مسرح لردع الرئيس المصري جمال عبد الناصر، الذي كان يعتبر عدواً خطيراً لإسرائيل. لم يأتِ شيء من هذه الفكرة.
وفي عام 1991 كانت هناك خطة مماثلة لاغتيال الرئيس العراقي صدام حسين. كانت الفكرة هي إرسال قوات كوماندوز من نخبة سايريت متكال إلى حفل تدشين جسر على نهر دجلة. ستقتل القوات الدكتاتور بصاروخ. لكن أثناء التدريب على المهمة في قاعدة" تسيليم" في جنوب إسرائيل، وقعت المأساة عندما قُتل خمسة من قوات الكوماندوز بنيران صديقة، وهو صاروخ كان يهدف إلى محاكاة عملية الاغتيال.
كان الهدف حينها هو الانتقام بعد أن هدد صدام بمهاجمة إسرائيل بصواريخ تحمل رؤوساً كيماوية. وفي نهاية المطاف، خلال حرب الخليج في وقت مبكر من ذلك العام، أطلق العراق 40 صاروخ سكود تقليدياً، "فقط". قُتل ثلاثة إسرائيليين في هجمات صاروخية وتوفي 74 آخرون بعد إصابتهم بنوبات قلبية.
لحقت أضرار بعشرات المباني في تل أبيب وحيفا. وسقط صاروخ برأس حربي خرساني، يستهدف على ما يبدو مفاعل ديمونة النووي، على أرض مفتوحة بالقرب من مدينة عراد القريبة.
كانت هذه هي المرة الأولى منذ العام 1948 التي تتعرض فيها الجبهة الداخلية الإسرائيلية لهجمات من جانب العدو. وكانت الرغبة في معاقبة صدّام -بفكرة تنشيط الردع الإسرائيلي- هائلة. ولكن حتى لو تم تنفيذ التدريب، فليس من المؤكد أن وزير الدفاع إسحق رابين، ورئيس الوزراء إسحق شامير كانا سيوافقان على هذه المهمة الخطيرة.
في الواقع، من وقت لآخر، يتلاعب شخص ما في الدوائر العسكرية أو الاستخباراتية بفكرة إيذاء زعيم دولة أخرى. لكن مثل هذه الأفكار يتم حظرها حتى قبل أن تصل إلى مرحلة المناقشة.
إن وفاة رئيسي لا تشكل خسارة للإنسانية. ومن المشكوك فيه أن يكون أحد في الغرب حزيناً على وفاة الرئيس الذي قاد مثل هذا الخط المتطرف ضد الولايات المتحدة والغرب الأوسع، وخاصة إسرائيل.
لكن أي خبير في الشأن الإيراني في الأوساط الأكاديمية أو الموساد أو وكالات الاستخبارات الإسرائيلية الأخرى يعرف أن صلاحيات الرئيس الإيراني تقتصر بشكل رئيسي على الشؤون الاقتصادية والداخلية. وتم تقليص تأثيره على السياسة الخارجية والدفاع.
والمكان الذي يتوقف فيه الدور في كل الأمور، وخاصة القضايا ذات الأهمية الاستراتيجية، هو مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي، يساعده مستشاروه وقادة الحرس الثوري. وقد صرح خامنئي بالفعل أن السياسة الإيرانية لن تتغير بعد وفاة رئيسي. ويدرك المسؤولون الإسرائيليون أيضاً أن النظام، الذي يحاول إحاطة إسرائيل بحلقة نار من كافة الجهات، لن يغير سياسته.
الجانب الإيجابي الوحيد بالنسبة لإسرائيل والغرب الأوسع هو أن رئيسي كان المرشح الرئيسي لخلافة خامنئي، الذي كانت حالته الصحية السيئة موضوع شائعات لسنوات عديدة. والمرشح الثاني هو مجتبى خامنئي، 55 عاماً، نجل المرشد الأعلى. وهو من بين قادة مليشيا الباسيج التابعة للحرس الثوري، وله دور الحفاظ على القانون والنظام وقمع المعارضين والاحتجاجات العامة.
المصدر ترجمة خاصة:إياد الشرفـي / لا ميديا