«الحوثيون» ليسوا وكيلا إيرانيا.. إنهم مستقلون ولهم أهدافهم الخاصة
- تم النشر بواسطة اليمن بالحبر العبري/ لا ميديا
اليمن بالحبر العبري -
يحذر الكثيرون من أن الحوثيين لديهم قدرة عالية على تحمّل الخسائر في مقابل كسب مزيد من النفوذ في مواجهة الولايات المتحدة، مما يجعل التصعيد خطراً بالغاً. ولفهم الحوثيين جيداً والعوامل المؤثرة على الصراع الحالي، تحدث موقع «هاموديع» إلى كريستيان كوتس أولريخسن، وهو زميل في شؤون الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس.
ما أهداف الحوثيين الداخلية؟
حكم الزيديون اليمن لمدة ألف عام حتى عام 1962، ويحاول الحوثيون استعادة هذا الحكم. لكن خطابهم الدعائي يتجاوز ذلك، وشعارهم: «الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود». لقد جعلوا تحديد هوية أعدائهم، بما في ذلك أي شيء يهودي أو أمريكي، أمراً أساسياً في ماهيتهم. لقد استغلوا ذلك لحشد الدعم في بلد يحمل معظمه مشاعر راسخة معادية لأمريكا وإسرائيل.
هل وفر الحوثيون الحوكمة أو الأمن في المناطق الخاضعة لسيطرتهم؟
لقد وفروا مستوى من الأمن بالحفاظ على ثباتهم في مواجهة الجماعات المدعومة من السعودية والإمارات في البلاد. هناك سيطرة أكبر في المناطق الخاضعة للحوثيين مقارنة بمناطق أخرى في اليمن تتنافس فيها القاعدة وغيرها من الجماعات المتطرفة على السلطة. ومن هذا المنطلق، فهي توفر الأمن الأساسي. لكن حكمهم ليس له أي شيء إيجابي. لم يحققوا ما يساعد على تحسين حياة الناس.
ما مساحة اليمن الخاضعة لسيطرة الحوثيين؟ وما مدى إحكام سيطرتهم على السلطة هناك؟
يسيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء والمناطق المحيطة بها، والتي تقع في أغلب مناطق شمال غرب اليمن.
يصعب القول أكثر من ذلك، لأن اليمن مقسم إلى ثلاث مناطق نفوذ مختلفة على الأقل. توجد مناطق تقودها السعودية مرتبطة بالحكومة المعترف بها رسمياً. لديهم مستوى معين من السيطرة في الشرق. وتتمتع الجماعات الانفصالية، المدعومة من الإمارات، بدرجة معينة من القوة في الجنوب.
يتمتع الحوثيون بميزة عن كلتا المجموعتين؛ وهي تقارب المناطق الخاضعة لسيطرتهم. أما الجماعات الأخرى فتستحوذ على مناطق متناثرة هنا وهناك، وكذا أيضاً تلك الأماكن التي تتنازع عليها الجماعات الإرهابية وغيرها من الجهات الفاعلة في اليمن.
ما مدى أهمية الدعم الإيراني لقدرات الحوثيين العسكرية التي تمكنهم من السيطرة على البحر الأحمر وتهديده؟
إن الدعم الإيراني يزيد من قدرة الحوثيين على استعراض أنفسهم خارجياً، ولكن داخلياً، أعتقد أنهم باقون دون الحاجة إلى الدعم الإيراني.
لا يمكن اختزال الحوثيين على أنهم وكيل إيراني. إنهم مستقلون ولهم أهدافهم الخاصة على الصعيد السياسي، والاقتصادي، والأمني. أعتقد أنهم قادرون تماماً على استخدام الموارد المحلية للسيطرة على اليمنيين في منطقة نفوذهم. أما النقطة التي أصبحت فيها إيران أكثر أهمية فتكمن في إتاحة الإمكانات للحوثيين للرد على السعودية، والآن في استهداف الشحن في البحر الأحمر.
ما مدى أهمية إسرائيل وتهديد الولايات المتحدة للحوثيين؟ هل تخدم الهجمات مصالحهم أم أنها غالباً بأوامر من إيران؟
كما هو الحال عندما هاجم الحوثيون السعودية، فإن إيران كانت مسرورة برؤية أعدائها وهم يتعرضون للهجوم بطريقة تمنحهم درجة من الإنكار. لكنني أعتقد أن هذه الهجمات مصدرها الحوثيون أكثر من إيران.
أمضى الحوثيون السنوات العشرين الماضية في حشد السكان المحليين في اليمن قائلين: «الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل». لقد أدركوا الآن أنها فرصتهم لإظهار أن هذه ليست مجرد شعارات؛ إنهم على استعداد لتنفيذها.
إذا كان ثمة شيء، أعتقد أن إيران قد تكون أكثر حذراً في التصعيد من الحوثيين. لا تسعى إيران أو السعودية للتصعيد، وقد تناقشوا كثيراً مؤخراً. وقد نرى حدود النفوذ الإيراني هنا إذا قرر الحوثيون أن تنفيذ هذه الهجمات يخدم مصالحهم.
هل حِرص الحوثيين على إقحام أنفسهم في التوترات المحيطة بالحرب في غزة هو في الأساس وسيلة لحشد الدعم المحلي أم أنه مدفوع أيديولوجياً؟
أعتقد أنه مزيج من الأمرين. لقد أرادوا أن يظهروا أنهم ينفذون شعاراتهم. وإذا لم يتحركوا، أعتقد أن أنصارهم كانوا سينتقدونهم لعدم بذلهم جهوداً كافية لإلحاق أضرار بإسرائيل والولايات المتحدة بعد 20 عاماً من شعاراتهم، التي صنفتهم على أنهم أعداء.
قصف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أتاح للحوثيين نقطة الحشد التي كانوا يأملونها. في الأسابيع الماضية، شهدنا مسيرات حاشدة تدعمهم في صنعاء، لذلك إذا كان هدفهم هو إعادة الناس إلى الدعم الكامل، فقد نجحوا.
ما مدى شعبية الحوثيين في اليمن قبل بدء هذه الهجمات؟
من الصعب الحصول على بيانات جيدة بشأن هذه الأمور، ولكن كانت هناك بعض الدلائل على أن دعمهم كان في تراجع. لم تتحسن حياة الناس خلال السنوات التسع الماضية. وعلى الرغم من توقف القتال بينهم وبين السعودية والقوات الحكومية منذ عام 2022، إلا أن المواطنين لم يشهدوا تحسناً ملموساً في حياتهم. في ظل هذه الظروف، كان من المحتم أن يبدأ الناس في التساؤل عن سبب عدم تحسين الحوثيين لحياتهم. ولكن الآن، مع هذه الهجمات، يبدو أن الناس يلتفون حول قيادة الحوثيين.
السعودية حاربت الحوثيين لسنوات. والآن، هي ليست غائبة عن قتالهم فحسب، بل يقال أيضاً إنها تثني الولايات المتحدة عن اتخاذ إجراء في اليمن. ما سبب هذا التحول؟
في مارس 2022، استضافت السعودية سباق الجائزة الكبرى للسيارات في جدة على خلفية دخان أسود كثيف ناجم عن هجوم صاروخي للحوثيين على مستودع للوقود على بعد أميال قليلة من المسار. لكي تنجح رؤية 2030، يحتاج «ابن سلمان» إلى استثمارات تجارية دولية ضخمة، وملايين من الزيارات السياحية. ولن يتحقق أي من هذين الأمرين إذا اعتقد العالم أن السعودية هدف للهجمات.
يقترب السعوديون من هدفهم لعام 2030 ويحتاجون إلى تحقيق ثمارها. ولهذا السبب فهم عازمون على تهدئة التوترات في جميع أنحاء المنطقة. وتحتاج الرياض الآن إلى التركيز على القضايا المحلية والاقتصادية، ولا يمكنها تحمل التقلبات الإقليمية. ونظراً لعلاقات اليمن مع السعودية، فإن التصعيد هناك أمر يسعون إلى تجنبه بشدة.
هل تعتقد أن الولايات المتحدة قادرة عملياً على ردع هجمات الحوثيين وتأمين البحر الأحمر بالضربات الجوية التي تنفذها؟
إذا كانت الولايات المتحدة لديها معلومات استخباراتية جيدة حول مواقع الإطلاق ومخازن الأسلحة، ويمكنها القضاء على تلك الأهداف المحددة، فيجب عليها تقويض قدرة الحوثيين على مهاجمة السفن. لكن الحوثيين يتعرضون للقصف منذ تسع سنوات. لديهم خبرة حصيفة في إخفاء الأسلحة وتحريكها. لذا، من الصعب رؤية نجاح أي شيء أقل من حملة قصف ضخمة.
ما رأيناه حتى الآن هو تصعيد الحوثيين من وتيرة هجماتهم بعد تعرضهم للقصف. إذا كان الهدف هو محاولة جعل البحر الأحمر آمناً للشحن الدولي، فقد يكون له تأثير عكسي، على المدى القصير.
هل ترى طريقاً لتحييد تهديد الحوثيين للمنطقة؟
يحاول المسؤولون الأمريكيون والبريطانيون إنكار العلاقة بين هذه الهجمات والحرب في غزة. وهذا يؤدي إلى نتائج عكسية، لأنه بغض النظر عن رأي المرء في الحوثيين أو الحرب ضد حماس، فإن الحوثيين أنفسهم يقولون بوضوح إنهم يفعلون ذلك لنصرة الشعب الفلسطيني في غزة. وهذا يتوافق مع 20 عاماً من قول الحوثيين: «الموت لإسرائيل، الموت لأمريكا». وإلى أن يكون هناك حل لوقف الحرب في غزة أو على الأقل المرحلة الحالية من العملية العسكرية هناك، فمن الصعب رؤية ما الذي قد يدفع الحوثيين إلى وقف هذه الهجمات.
رفائيل هوفمان
وكريستيان كوتس أولريخسن
موقع «هاموديع» العبري
المصدر اليمن بالحبر العبري/ لا ميديا