أرنولد سليبر ـ «صحيفة القدس» (jerusalem post) العبرية
ترجمة خاصة:إياد الشرفي / لا ميديا -
بينما نتأمل ما سيحدث «في اليوم التالي»، من المهم أن نفحص الجوانب الدينية للتحالفات التي ساعدت حماس قبل وبعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
إن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني هو في المقام الأول صراع ديني مسيحاني، وليس صراعا سياسيا. ويتجلى هذا بشكل خاص في الحرب الحالية مع حماس.
إلى ذلك، فبينما نتأمل ما قد يحدث «في اليوم التالي»، من الأهمية بمكان أن نفحص الجوانب الدينية للتحالفين القويين اللذين ساعدا حماس، واللذين سيستمران في مساعدتها حتى لو تم إضعافها. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن هذين التحالفين يحملان تناقضات داخلية يمكن، بل وينبغي، استغلالها لإضعافهما.
التحالف الأول الذي يجب أخذه بعين الاعتبار هو التحالف بين حماس ومحور المقاومة، والذي يلتف حول الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ويضم أيضاً حزب الله والحوثيين.

خلفية دينية:
تمثل الطائفة الشيعية الأغلبية في إيران، كما هو الحال بالنسبة إلى حزب الله والحوثيين، والهدف القضاء على «اسرائيل» والديانات التوحيدية الأخرى (اليهودية والمسيحية). كل ذلك سيؤدي إلى يوم القيامة ونهاية الأيام. هناك أيضاً اعتقاد عام بين العديد من المسلمين بأن العصر المسيحاني هو أمر حتمي. ولكي يحدث هذا، لا بد من القضاء على «السرطان» في وسط الشرق الأوسط الإسلامي، أي «إسرائيل».
حماس من المذهب السني في الإسلام، هدفها الرئيسي هو تدمير إسرائيل، كجزء من رؤية مروعة تنطوي على القضاء على يهودها واستبدال دولة إسلامية دينية بها. وكما تنص المادة (35) من المبادئ والسياسات المنقحة لعام 2017 على أن حماس تعتقد أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية.
إن إضفاء الشرعية على الكراهية والإبادة الجماعية للشعب اليهودي، وهو أمر ضروري لتحقيق هذا الهدف، مستمد من حديث بغيض بشكل خاص (الحديث جزء من التقليد الشفهي الإسلامي)، تم اقتباسه في ميثاق حماس لعام 1988. وينبغي ملاحظة جانبها الأخروي (نهاية الأيام):
«لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيختبئ اليهود وراء الحجارة والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي، تعال فاقتله».
إن تركيز حماس الضيق على فلسطين وحدها، مقارنة بالحركات الإسلامية الأصولية الأخرى، مكنها من التحول إلى صوت موحد في العالم الإسلامي. وقد سمح لها ذلك بتعزيز الكراهية الإسلامية لليهود وإسرائيل، حتى أن هذا أصبح الآن الموقف الإسلامي الافتراضي تقريباً، بمن في ذلك المسلمون في الدول الغربية. لا شك أن هناك العديد من المسلمين المقربين الذين يختلفون مع هذا النهج.

دول الشرق الأوسط تفضل نتائج مختلفة
إن التناقض المتأصل فيما يتعلق بتحالف حماس مع محور المقاومة هو أن الخلافة قد تكون سنية أو شيعية؛ ولكن ليس كليهما. لقد كان السنة والشيعة تقليدياً معارضين بعضهم لبعض. ولهذا السبب فإن مصر والعديد من زعماء دول الخليج، بمن في ذلك المملكة السعودية، يؤيدون انتصار إسرائيل على حماس، وهو سبب رئيسي وراء رغبة المملكة العربية السعودية في إبرام اتفاقية دفاع رسمية مع أمريكا وإسرائيل ضد إيران.
إن التحالف بين إسرائيل والسعودية، راعية الأماكن الإسلامية المقدسة في مكة، من شأنه أن يضعف إلى حد كبير التحالف السني والشيعي ضد إسرائيل. ولهذا السبب ستبذل إيران قصارى جهدها لوقف ذلك. ومع ذلك، لا يمكن للسعودية أن تتجاهل سكانها، وبدون بعض الفوائد الواضحة للإسلام، مثل الدولة الفلسطينية، سيكون من الصعب على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تسويق هذا البرنامج لمواطنيه. هل تستطيع السعودية وإسرائيل التعامل مع هذه القضية بطريقة ما؟! سننتظر ونرى.
التحالف الثاني غير المتوقع بشأن فلسطين هو بين المسلمين الغربيين والشباب والطلاب التقدميين. تهيمن على وجهات النظر التقدمية معارضتها للإمبريالية، ورهاب التحول الجنسي، والرأسمالية، وتغير المناخ، وأي شيء له علاقة بالقمع العنصري. لقد أصبح البرنامج المناهض لإسرائيل تقريباً محور هذه الحزمة المتنوعة، ويربطها معاً. لقد أصبح اليهود كلمة رمزية للمستعمرين والمضطهِدين، بسبب معاملتهم المفترضة للفلسطينيين. ولا ينظر التقدميون إلى أبعد من محنة الفلسطينيين في غزة لتأكيد ذلك.
لقد صدّق التقدميون تماماً ادعاء حماس أن «القضية في جوهرها هي قضية أرض محتلة وشعب مهجر»، وأن «المشروع الصهيوني هو مشروع عنصري عدواني استعماري توسعي يقوم على الاستيلاء على ممتلكات الآخرين، معادٍ للشعب الفلسطيني ولتطلعاته إلى الحرية والتحرير والعودة وتقرير المصير» (المادة 14).

صراع ديني وليس سياسياً
إن التحالف غير الرسمي بين التقدميين والمسلمين هو في الواقع تحالف لا معنى له؛ لأنه لا يوجد مصالح مشتركة بينهما بشأن مجموعة من الأمور، بما في ذلك العنصرية والأفراد المثليين. علاوة على ذلك، فإن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني ليس قضية سياسية، بل هو قضية دينية. وكما تعترف حماس: «تؤمن حركة المقاومة الإسلامية بأن أرض فلسطين وقف إسلامي لأجيال المسلمين القادمة إلى يوم القيامة» (المادة 11)، و«لا يجوز المساس أو التنازل عن أي جزء من أرض فلسطين» (المادة 20). وربما تكون السلطة الفلسطينية متفقة مع هذين البيانين، ولهذا السبب لم تكن مستعدة قط لإبرام اتفاق سلام نهائي مع إسرائيل، رغم عرض إقامة الدولة عليها في عدد من المناسبات.
إن المسلمين والطلاب الذين يحتجون دعماً لحماس هم في الواقع يمارسون الضغط من أجل قضيتين مختلفتين، حتى عندما يسيرون في المظاهرة نفسها. يضغط الشباب من أجل تحرير الفلسطينيين من الاستعمار والقمع اليهودي، وحق الفلسطينيين في دولة مستقلة، بينما يتظاهر العديد من المسلمين من أجل هذا بالإضافة إلى فلسطين خالية من اليهود كخطوة نحو سيادة الإسلام والمقدمة المروعة المنتظرة، إلى نهاية الأيام.
ومن الضروري أن نحارب نحن اليهود أفكار التقدميين؛ لأنها تمكن الكراهية الإسلامية لليهود في جميع أنحاء العالم. ويتعين علينا أن نوضح لهم أن هذه الكراهية تمثل بداية انهيار الديمقراطية الليبرالية، واستيراد الأخلاق الإسلامية إلى أوروبا والولايات المتحدة، وخطوة تدريجية في أسلمة أوروبا.
علاوة على ذلك، فإن فكرة الاستعمار اليهودي وقمع وتهجير المسلمين الفلسطينيين هي فكرة مفبركة تماماً. في أواخر القرن التاسع عشر، أثناء الهجرة الأولى، كانت فلسطين العثمانية أرضاً شبه فارغة ومقفرة، جاءت إليها مجموعتان من المهاجرين: اليهود والعرب. رغم كونهم دائماً أغلبية، لم يكن هناك أبداً عدد كبير من السكان المسلمين الأصليين في فلسطين ليتم تهجيرهم. مجموعتان فقط. كان الكثير منهم مهاجرين أو أبناء مهاجرين، لا يحبون بعضهم بعضا، وكانت إحداهما مصممة على التخلص من المشكلة؛ في الغالب لأسباب دينية.
علاوة على ذلك، وبقدر ما يرغب التقدميون في القيام بذلك، لا يمكن للمرء أن يفصل الفلسطينيين عن تحالفاتهم. ويشكل التحالف بين الفلسطينيين وإيران خطرا على أمن العالم الغربي، خاصة وأن إيران تتجه إلى المراحل النهائية من تطوير القنبلة الذرية في إطار مشروعها المسيحاني المجنون للسيطرة على الشرق الأوسط ومن ثم العالم كله.